مرصد حقوقي: إسرائيل تُحول مباني «مجمع الشفاء» إلى مركز للاعتقال والتنكيل

جثث الفلسطينيين مُلقاة على الأرض في ساحة مستشفى الشفاء ومسؤولو الصحة غير قادرين على دفنها بسبب العملية البرية الإسرائيلية (رويترز)
جثث الفلسطينيين مُلقاة على الأرض في ساحة مستشفى الشفاء ومسؤولو الصحة غير قادرين على دفنها بسبب العملية البرية الإسرائيلية (رويترز)
TT

مرصد حقوقي: إسرائيل تُحول مباني «مجمع الشفاء» إلى مركز للاعتقال والتنكيل

جثث الفلسطينيين مُلقاة على الأرض في ساحة مستشفى الشفاء ومسؤولو الصحة غير قادرين على دفنها بسبب العملية البرية الإسرائيلية (رويترز)
جثث الفلسطينيين مُلقاة على الأرض في ساحة مستشفى الشفاء ومسؤولو الصحة غير قادرين على دفنها بسبب العملية البرية الإسرائيلية (رويترز)

قال مرصد حقوقي إن الجيش الإسرائيلي حوَّل مباني «مجمع الشفاء الطبي» في غزة، بعد اقتحامه، اليوم الأربعاء، إلى مركز للاعتقال والتنكيل.

وأدان «المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان»، في بيان صحافي، اليوم، بشدةٍ اقتحام الجيش الإسرائيلي، بتعزيزات عسكرية كبيرة، «مجمع الشفاء»، وتحويله إلى ثكنة عسكرية، ومركز للاعتقال والتنكيل بالمرضى والنازحين، فضلاً عن الأطقم الطبية، وفقاً لما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

وأعرب المرصد عن مخاوفه من «حدوث عمليات قتل وجرائم إعدام، في ظل سماع إطلاق نار متقطع داخل مجمع الشفاء، منذ اقتحامه، على الرغم من أن المجمع لم يشهد أية عمليات إطلاق نار سوى من القوات الإسرائيلية عند اقتحامه».

وقال إن «الجيش الإسرائيلي هو الطرف الوحيد المتحكم في المشهد داخل مجمع الشفاء الطبي، في ظل حجب صوت مسؤولي وزارة الصحة عن الإعلام، وعدم السماح لأي أطراف دولية ثالثة، بما في ذلك المنظمات الأممية، من الوجود، ما يثير شكوكاً مسبقة على أي رواية ستصدر لاحقاً».

وأضاف أن «المزاعم بشأن استخدام مجمع الشفاء الطبي لأغراض عسكرية، لا تحتاج إلى كل هذه الساعات الطويلة للتمشيط والمداهمة من أجل كشفها، ومن ثم فإن طول الفترة الزمنية التي يستغرقها الجيش داخل المجمع يثير مخاوف من إعداد مسرح لمشهد مصطنع».

ولفت المرصد الحقوقي إلى أن الجيش الإسرائيلي «تعمّد، على مدار أيام متتابعة، تضخيم هدف اقتحام مجمع الشفاء؛ لتصويره على أنه إنجاز عسكري، وشحن جنوده بشكل مسبق عن حجم التحريض على المجمع؛ لتهيئتهم على أنهم ذاهبون للسيطرة على موقع عسكري محصّن».

وطالب المرصد الجيش الإسرائيلي بـ«مغادرة مجمع الشفاء فوراً، والوفاء بالتزاماته، بموجب القانون الدولي الخاص بالحروب والنزاعات، الذي يُحتم على أطراف الصراع ضمان حماية العاملين في مجال الإغاثة والصحة ومرافقهم، وعدم تقييد عملهم بأي شكل».

واقتحمت قوات وآليات عسكرية للجيش الإسرائيلي «مجمع الشفاء الطبي» في مدينة غزة، ما قُوبل بتنديد شديد من حركة «حماس».

وصرّح مسؤولو وزارة الصحة في غزة بأن الجيش الإسرائيلي اقتحم مبنيَي الجراحات والطوارئ في «مجمع الشفاء»، ويُجري عمليات تفتيش في عدة أقسام في المجمع بما في ذلك القبو الخاص به.

ووفق هؤلاء، فإن اقتحام المجمع جرى تحت إطلاق نار وقصف مدفعي في حين يجري استجواب الأطباء والعاملين بالمجمع.


مقالات ذات صلة

ميقاتي: الجيش سيقوم بمهامه كاملة في جنوب لبنان بعد الانسحاب الإسرائيلي

المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (رئاسة الحكومة)

ميقاتي: الجيش سيقوم بمهامه كاملة في جنوب لبنان بعد الانسحاب الإسرائيلي

قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، اليوم الاثنين، إن الجيش اللبناني سيقوم بمهامه كاملة في جنوب لبنان بعد انسحاب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية سيارة إسعاف تنقل جرحى إلى المركز الطبي للجامعة الأميركية في بيروت بعد انفجار أجهزة «البيجر» في عناصر من «حزب الله» (أ.ف.ب)

عميلان سابقان بالموساد يرويان تفاصيل جديدة عن تفجيرات «البيجر» في لبنان

أدلى اثنان من عملاء الاستخبارات الإسرائيلية السابقين بتفاصيل جديدة عن عملية سرية قاتلة كانت تخطط لها إسرائيل على مدار سنوات، واستهدفت عناصر «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية جنود من قوات «اليونيفيل» في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يُسلّم «اليونيفيل» 7 لبنانيين كان يحتجزهم

سلّم الجيش الإسرائيلي، اليوم (الأحد)، قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) 7 لبنانيين كان يحتجزهم.

«الشرق الأوسط» (بيروت )
المشرق العربي جريح فلسطيني يتلقى العلاج بمستشفى «كمال عدوان» في شمال قطاع غزة (رويترز)

مستشفى «كمال عدوان» بغزة: الأمر الإسرائيلي بالإخلاء «شبه مستحيل»

أمرت إسرائيل، اليوم (الأحد)، بإغلاق وإخلاء أحد آخر المستشفيات التي لا تزال تعمل جزئياً في منطقة محاصرة في شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

نتنياهو: إسرائيل ستتحرك ضد الحوثيين

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، إن إسرائيل ستواصل التحرك ضد جماعة الحوثي في اليمن، متهماً إياها بتهديد الملاحة العالمية والنظام الدولي.

«الشرق الأوسط» (القدس)

مستشفيات جنوب لبنان تنفض عنها آثار الحرب... وتحاول النهوض مجدداً

عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)
عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)
TT

مستشفيات جنوب لبنان تنفض عنها آثار الحرب... وتحاول النهوض مجدداً

عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)
عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)

نالت المستشفيات في جنوب لبنان، حصتها من الحرب الإسرائيلية، باستهدافات مباشرة وغير مباشرة. ومع دخول قرار وقف إطلاق النار حيز التنفيذ بين لبنان وإسرائيل، ها هي تحاول النهوض مجدداً رغم كل الصعوبات، بينما لا تزال مجموعة منها، لا سيّما الواقعة في القرى الحدودية، متوقفة عن العمل أو تعمل بأقسام محددة، وتحت الخطر.

مستشفى بنت جبيل

في بلدة بنت جبيل، عاد مستشفى صلاح غندور للعمل. ويقول مدير المستشفى الدكتور محمد سليمان: «فتحنا الأبواب في اليوم التالي لإعلان وقف إطلاق النار، بداية مع قسم الطوارئ، الذي استقبلنا فيه حالات عدّة، وقد جرى العمل على تجهيز الأقسام الأخرى، منها قسم العمليات، الذي بات جاهزاً، إضافة إلى قسمي المختبر والأشعة».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «ستتمّ إعادة فتح القسم الداخلي خلال أيام، أما العيادات الخارجية فتحتاج إلى مزيد من الوقت كي تستقبل المرضى، وكذلك الصيدلية».

ويتحدَّث عن أضرار كبيرة أصابت المستشفى، قائلاً: «لكننا نعمل من أجل إصلاحها. قبل أن نُخلي المستشفى كان لدينا مخزون كافٍ من المستلزمات الطبية، وهو ما سهّل عملنا».

ومع استمرار الخروقات الإسرائيلية والمسيَّرات والطائرات الحربية التي لا تفارق الأجواء، يؤكد سليمان أن «المستشفى يعمل بشكل طبيعي، والأهم أن الطاقمين الطبي والإداري موجودان».

وكان المستشفى قد استُهدف بشكل مباشر من قبل الجيش الإسرائيلي، الأمر الذي تسبّب بإصابة 3 أطباء و7 ممرضين في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث تمّ حينها الإخلاء، علماً بأن محيط المستشفى قُصف لمرات عدة قبل ذلك.

لكن مستشفى بنت جبيل الحكومي لم يفتح أبوابه، في حين استأنف مستشفى مرجعيون الحكومي استقبال المرضى اعتباراً من يوم الخميس، 5 ديسمبر (كانون الأول).

مستشفى ميس الجبل

«لم يُسمح لنا بالتوجه إلى ميس الجبل، لذا بقي المستشفى مقفلاً ولم نعاود فتح أبوابه»، يقول مدير الخدمات الطبّيّة في مستشفى ميس الجبل الحكومي، الدكتور حليم سعد، لـ«الشرق الأوسط».

ويضيف: «يقع المستشفى على الحدود مباشرة، أُجبرنا على إقفال أبوابه بعد نحو أسبوع من بدء الحرب الإسرائيلية على لبنان، وقد تمّ قصفه مرات عدة، ونحن حتّى يومنا هذا لم نتمكّن من العودة إليه»، وذلك نتيجة التهديدات الإسرائيلية المستمرة في هذه المنطقة ومنع الجيش الإسرائيلي الأهالي من العودة إلى عدد من القرى، ومنها ميس الجبل.

أما مستشفى تبنين الحكومي، فإنه صامد حتّى اليوم، بعدما كان يعمل وحيداً خلال الحرب، ليغطي المنطقة الحدودية هناك كلها، علماً بأنه استُهدف مرات عدة بغارات سقطت في محيط المستشفى، كما أصابت إحدى الغارات الإسرائيلية قسمَي العلاج الكيميائي والأطفال، وأخرجتهما عن الخدمة.

النبطية

من جهتها، عانت مستشفيات النبطية طوال فترة الحرب من القصف الكثيف والعنيف في المنطقة، والدليل على ذلك حجم الدمار الهائل في المدينة وجوارها؛ ما تسبب في ضغط كبير على المستشفيات هناك.

تقول مديرة مستشفى «النجدة الشعبية» في النبطية، الدكتورة منى أبو زيد، لـ«الشرق الأوسط»: «كأي حرب لها نتائج سلبية، أثرت بنا وعلينا، خصوصاً أننا في القطاع الصحي، نعيش أساساً تداعيات أزمات كثيرة، منذ قرابة 5 سنوات، منها جائحة كورونا والأزمات الاقتصادية والمالية؛ ما منعنا عن تطوير إمكاناتنا وتحسين الخدمات الطبية لمرضانا».

قوات إسرائيلية تتنقل بين المنازل المدمرة في بلدة ميس الجبل في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

أثر نفسي

وتتحدَّث الدكتورة منى أبو زيد لـ«الشرق الأوسط» عن أمور أساسية مرتبطة بتداعيات الحرب. وتقول: «نقطتان أساسيتان، لا بد من التطرق إليهما عند الحديث عمّا أنتجته الحرب الإسرائيلية، الأولى: الوضع النفسي لجميع العاملين في المستشفى، الذين مكثوا داخله طوال فترة الحرب التي استمرّت 66 يوماً على لبنان. وفور انتهاء الحرب، وجد بعضهم منزله مدمراً وأصبحت عائلته دون سقف أو مأوى، وفقد آخرون أحباباً وأقارب لهم».

وعلى خلفية هذا الواقع، لا يزال كثير من الأطباء خارج المستشفى، لإعادة تنظيم حياتهم؛ ما تسبب بنقص في الكادر البشري داخل المستشفى، وفق ما تؤكد الدكتورة منى، التي اضطرت لدمج أقسام وتسكير أخرى.

وعن يوم إعلان وقف إطلاق النار، تروي الدكتورة منى كيف كان وقع عودة الأهالي إلى بلداتهم وقراهم: «استقبلنا 57 مريضاً في اليوم الأول، الغالبية منهم أُصيبت بوعكة صحية جراء رؤيتهم الدمار الذي حلّ بمنازلهم وممتلكاتهم».

معاناة متفاقمة

أما النقطة الثانية التي تطرّقت إليها، فإنها تتعلق بتبعات مالية للحرب أثرت سلباً على المستشفى، إذ «في الفترة الماضية تحوّلنا إلى مستشفى حرب، ولم يكن لدينا أيّ مدخول لتغطية تكلفة تشغيل المستشفى، ومنها رواتب الموظفين» حسبما تقول.

وتضيف: «لدي 200 موظف، وقد واجهنا عجزاً مالياً لن أتمكّن من تغطيته. نمرُّ بحالة استثنائية، استقبلنا جرحى الحرب وهذه التكلفة على عاتق وزارة الصحة التي ستقوم بتسديد الأموال في وقت لاحق وغير محدد، وإلى ذلك الحين، وقعنا في خسارة ولن يكون بمقدورنا تأمين كامل احتياجات الموظفين».

وعمّا آلت إليه أوضاع المستشفى راهناً، بعد الحرب، تقول: «فتحت الأقسام كلها أبوابها أمام المرضى؛ في الطوارئ وغرفة العناية وقسم الأطفال وغيرها».

وتؤكد: «رغم الضربات الإسرائيلية الكثيفة التي أصابتنا بشكل غير مباشر، ونوعية الأسلحة المستخدَمة التي جلبت علينا الغبار من مسافات بعيدة، فإننا صمدنا في المستشفى حتّى انتهت الحرب التي لا تزال آثارها مستمرة».

صور

ولا تختلف حال المستشفيات في صور، عن باقي مستشفيات المنطقة، حيث طال القصف، وبشكل متكرر، محيط المستشفيات الخاصة الموجودة هناك، وهي 3 مستشفيات: حيرام، وجبل عامل، واللبناني الإيطالي، لكنها استمرّت في تقديم الخدمة الطبية، وكذلك المستشفى الحكومي، لكنه يعاني أيضاً كما مستشفيات لبنان بشكل عام ومستشفيات الجنوب بشكل خاص؛ نتيجة أزمات متلاحقة منذ أكثر من 5 أعوام.