رئيس الحكومة اللبنانية مطمئن إلى عقلانية «حزب الله»

مسؤولون كرّروا كلام نصر الله عن معادلة «مدني مقابل مدني»

دخان قصف يتصاعد على الحدود اللبنانية الإسرائيلية الأحد (رويترز)
دخان قصف يتصاعد على الحدود اللبنانية الإسرائيلية الأحد (رويترز)
TT

رئيس الحكومة اللبنانية مطمئن إلى عقلانية «حزب الله»

دخان قصف يتصاعد على الحدود اللبنانية الإسرائيلية الأحد (رويترز)
دخان قصف يتصاعد على الحدود اللبنانية الإسرائيلية الأحد (رويترز)

أثنى رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي على ما وصفها بـ«عقلانية ووطنية حزب الله»، في حين كرر مسؤولون في «حزب الله» ما قاله أمينه العام حسن نصر الله لجهة التمسك بمعادلة «المدني مقابل مدني» في الصراع مع إسرائيل، معتبرين، في الوقت عينه، أن «الكلام للميدان في الحرب مع إسرائيل، والمقاومة هي التي ترسم المراحل المقبلة».

وأكد ميقاتي، في حديث تلفزيوني، «تمسك لبنان بالشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة». وقال: «لسنا هواة حرب، ولن نقوم بأية خطوة لإشعال مزيد من الحروب في المنطقة». وأضاف: «الحذر موجود، ونأمل أن تؤدي الاتصالات إلى وقف إسرائيل إطلاق النار على جنوب لبنان. ما يهمُّني أن يبقى بلدنا بعيداً عن الحرب. نتطلع دائماً إلى الاستقرار، ووضعنا خطة طوارئ لثلاثة أشهر، إذا حصلت أي حرب على لبنان».

ورأى مقاتي أن «حزب الله يتصرف بوطنية عالية»، مشيراً إلى أنه «مطمئن لعقلانية الحزب». وقال: «نحافظ على ضبط النفس، وعلى إسرائيل وقف استفزازاتها المستمرة في جنوب لبنان. من هنا، أطلب من الدول العربية، خصوصاً التي لديها علاقات مع إسرائيل، الضغط لوقف الاستفزازات في الجنوب».

وفي مواقف «حزب الله»، كرّر عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» حسين الحاج حسن، ورئيس «المجلس التنفيذي» للحزب هاشم صفي الدين، ما قاله نصر الله.

وفي كلمة له، خلال لقاء سياسي في البقاع، شرق لبنان، قال الحاج حسن إن «أبطال غزة، اليوم، سجلوا للتاريخ الأسطورة والصمود الكبير، وأكدوا أن المقاومة ما زالت تُمسك بالميدان»، معتبراً أن «الكلام للميدان مع العدو الإسرائيلي، والمقاومة هي التي ترسم المراحل المقبلة».

ولفت إلى أن «نتائج عملية طوفان الأقصى غيّرت كثيراً من الوقائع العسكرية والأمنية، لكن الرد الإسرائيلي باتجاه المدنيين هدفه الضغط على المجتمع لترك المقاومة، لكن شعبنا المضحِّي يدرك أنه لا نصر دون تضحيات».

بدوره أكّد صفي الدين أن «الحزب ما زال ممسكاً بمعادلة: القتل سيقابله قتل مع العدو، والمدني مقابل المدني، والمقاومة مستمرة، وهي حاجة وضرورة، والسلاح باقٍ في أيدينا لمواجهة العدو الذي لا يمكن الاطمئنان له». وأضاف: «المقاومة هي الآن في موقع الفعل والعمل، وستبقى موجودة لحماية الوطن وشعبنا، وما يحصل في غزة يؤكد أنه لا يمكن الركون إلى أية قوة في العالم للحماية؛ لأننا في مواجهة عدو لا يعرف أي قيم، وأنَّ العدو أمّن من الولايات المتحدة الغطاء السياسي لممارسة عدوانه من قتل واستهداف لكل شيء في غزة».

وتابع: «الأمن والأمان يُصنَعان بسلاحنا ودمائنا وبمقدّراتنا، وإذا كان هدف العدو إخافتنا من خلال إجرامه، فعليه أن يدرك أن هذه المشاهد تجعل الناس أكثر تمسكاً بالمقاومة من أجل ردعه، والعدو لن يتوانى عن إلحاق الدمار بلبنان والثأر منه، لكنه مرتدع بسبب معادلات المقاومة».

وأشار إلى أن «تجربة غزة تثبت أن العمل المقاوم هو الأجدى ونردُّ على العدو بتأكيد أننا سنعمل على تحسين مقدّراتنا الصاروخية، ويتوهم العدو ويخطئ إن كان يعتقد أنه يمكنه القضاء على حماس أو غيرها من فصائل المقاومة». وشدّد على أن «المقاومة ازدادت وجوداً وقوة، وتعاظمت، وما يحصل في غزة هو إعادة من قِبل العدو لتجربة بائدة، وحماس ستبقى، والمقاومة ستبقى، والمباني والمستشفيات ستعود أفضل مما كانت، والمقاومة ستصبح أقوى لأنها حقيقية».


مقالات ذات صلة

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال زيارته وزارة الدفاع (حسابه عبر منصة إكس)

ميقاتي: اللبنانيون مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن «اللبنانيين مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين ويظهر الشيخ عبد الله بن زايد وأيمن الصفدي وعدد من المسؤولين خلال اللقاء (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بحث مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي مسيّرة إسرائيليّة من نوع (هرمز 450)

«حزب الله» يعلن إسقاط مسيّرة إسرائيلية من طراز «هرمز 450» فوق الطيبة

أعلنت جماعة حزب الله اللبنانية، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء، أنها أسقطت مسيرة إسرائيلية بصاروخ أرض-جو في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (هرمز 450)
المشرق العربي عناصر من خدمة الطوارئ الإسرائيلية في مكان سقوط مقذوف في حيفا أطلق من لبنان (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: سقوط صواريخ أطلقها «حزب الله» على حيفا وتضرر كنيس

أعلن الجيش الإسرائيلي تضرر كنيس في «هجوم صاروخي كبير» شنه «حزب الله» اللبناني على مدينة حيفا (شمال غرب)؛ ما أسفر عن إصابة شخصين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
TT

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)

أصبح خبر مقتل أطفال في لبنان بشكل يومي في غارات تنفذها إسرائيل بحجة أنها تستهدف عناصر ومقرات وأماكن وجود «حزب الله»، خبراً عادياً يمر مرور الكرام، حتى بعد تحذير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) من أن أكثر من ثلاثة أطفال يقتلون يومياً، ومن أن أكثر من 200 طفل قُتلوا في لبنان، في غضون شهرين نتيجة الحرب المستمرة منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.

وتتعاطى إسرائيل مع مقتل الأطفال والمدنيين على أنه «خسائر جانبية»، فتراها في حال حصلت على معلومات عن وجود شخصية معينة من «حزب الله»، في مبنى معين، تُقدم على نسف المبنى كله، غير آبهة بالمدنيين والأطفال الموجودين فيه.

اضطرابات نفسية

وفي مواقف أدلى بها مؤخراً، استهجن المتحدث باسم «اليونيسف»، جيمس إلدر، من أنه «رغم مقتل أكثر من 200 طفل في لبنان في أقل من شهرين، فإن اتجاهاً مقلقاً يبرز ويظهر أنه يجري التعامل دون مبالاة مع هذه الوفيات من جانب هؤلاء القادرين على وقف هذا العنف».

وبحسب المنظمة الدولية فإن «مئات الآلاف من الأطفال أصبحوا بلا مأوى في لبنان، كما أن علامات الاضطراب النفسي أصبحت مقلقة وواضحة بشكل متزايد».

وتشير الدكتورة باسكال مراد، اختصاصية علم النفس والاجتماع، إلى أن «مغادرة مئات الآلاف من الأطفال منازلهم، وتهجير وتشريد قسم كبير منهم؛ يجعلهم يفتقدون للأمان. كما أن فقدانهم أفراداً من عائلاتهم أمام أعينهم، ومعايشتهم الخطر والدمار والقتل اليومي؛ يترك لا شك تداعيات نفسية كبيرة عليهم يفترض الالتفات لمعالجتها بأقرب وقت».

رجل يخلي طفله من مكان قريب من موقع استهداف إسرائيلي لمنطقة رأس النبع في بيروت (رويترز)

وتشدد باسكال مراد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «من أبرز التحديات عند الأطفال راهناً هي تعليمهم كيفية إدارة انفعالاتهم الصعبة، مثل الخوف والقلق والغضب. فهذه الإدارة إذا لم تتحقق، فسيعاني الأطفال في المستقبل من مشاكل نفسية إذا لم تعالج الصدمات التي يعايشونها»، لافتة إلى أنه «لا يجب أن ننسى أيضاً الآثار الصحية للحرب على الأطفال، خصوصاً التلوث الناتج عن التفجيرات والأسلحة المستعملة، إضافة إلى أنهم سيكونون أكثر عرضة للأمراض والفيروسات في مراكز الإيواء».

ويعاني آلاف النازحين الموجودون في مراكز الإيواء، والعدد الأكبر منهم من الأطفال، من البرد وغياب مستلزمات التدفئة مع حلول فصل الشتاء، كما يفتقرون للملابس الملائمة بعد هربهم من منازلهم من دون التمكن من جمع أغراضهم.

التعليم بطعم الحرب

كما أنه رغم الخطة التي وضعتها وزارة التربية بدعم من «اليونيسف» لإعادة نحو 387 ألف طفل في لبنان تدريجياً إلى 326 مدرسة رسمية، لم يتم استخدامها لإيواء النازحين ابتداء من مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، فإن العام الدراسي لا يسير بشكل طبيعي عند كل طلاب لبنان، بحيث يدرس قسم كبير منهم على وقع الغارات وخرق الطيران الإسرائيلي لجدار الصوت في كل المحافظات كما يجري التدريس على وقع هدير الطائرات المسيرة التي تملأ الأجواء اللبنانية.

وتقول إحدى معلمات صفوف الروضة في مدرسة تقع بمنطقة الحازمية المتاخمة للضاحية الجنوبية لبيروت، التي تتعرض لقصف دائم: «نقول للأطفال إن دوي الانفجارات هو صوت رعد نتيجة حلول فصل الشتاء، ونعمد لوضع أغانٍ تهدئ من روعهم. القسم الأكبر منهم اعتاد الوضع، في حين بعضهم الآخر يجهش بالبكاء كل مرة».

وتشير المعلمة الأربعينية في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «المشكلة الأكبر نواجهها مع الأهالي الذين يتهافتون عند كل غارة لسحب أبنائهم من الصفوف، ما يجعل الوضع التعليمي غير طبيعي على الإطلاق».

وتشدد الناشطة السياسية والدكتورة في علم النفس بالجامعة اللبنانية في بيروت، منى فياض، على أنه «أياً كانت الظروف، لا يمكن وقف التعليم ويفترض على وزارة التربية أن تؤمن التعليم للجميع حتى ولو في خيم».

وعدّت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض التلاميذ الذين لا يستطيعون التوجه إلى المدرسة نتيجة الحرب لا شك سيتأثرون نفسياً إذا رأوا تلاميذ آخرين يداومون بشكل يومي، لكن هذه التأثيرات محصورة بأعمار كبيرة معينة بحيث سيشعر هؤلاء بعقدة نقص وإهمال، وانعدام العناية، لكن الخطورة الحقيقية هي على مستقبل الأجيال، ففي العالم العربي نحو 75 مليون أمّي نتيجة الحروب واللجوء، وكل حرب جديدة ترفع الأعداد مئات الآلاف. من هنا الخطورة على مستقبل العالم العربي ومستقبل لبنان الذي كانت لديه نسبة كبيرة من المتعلمين منتشرة في كل أنحاء العالم بمستويات وخبرات ممتازة».

أطفال فروا من القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان يحضرون ورشة رسم داخل أحد مراكز الإيواء في بيروت (أ.ف.ب)

وتتحدث منى فياض عن «خشية حقيقية من أن يؤدي التسرب المدرسي إلى الانحراف»، مشددة على وجوب القيام بـ«حملات على المؤثرين للضغط والتصدي لسيناريو مثل هذا، وتأمين التعليم للجميع أياً كانت الظروف القائمة».