دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس، خلال افتتاح المؤتمر الإنساني حول غزة في باريس إلى «العمل من أجل وقف إطلاق النار» بين إسرائيل وحركة «حماس».
ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، قال ماكرون: «في المدى القريب، علينا أن نعمل على حماية المدنيين. لهذا السبب، هناك حاجة إلى هدنة إنسانية سريعة ويجب أن نعمل من أجل وقف إطلاق النار». وأضاف: «يجب أن يصبح ذلك ممكناً».
وتستضيف فرنسا «مؤتمراً إنسانياً» لمحاولة توصيل المساعدات إلى غزة، وهو أمر أصبح شبه مستحيل بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل منذ هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول).
وشدّد الرئيس الفرنسي على أنه «من الضروري» حماية المدنيين في قطاع غزة، وعلى أنه لا يمكن أن تكون هناك معايير مزدوجة فيما يتعلق بحماية الأرواح البشرية. وأضاف أن «هذا أمر غير قابل للتفاوض».
وكرّر الرئيس أن لإسرائيل «الحق في الدفاع عن نفسها وواجب حماية مواطنيها»، لكنه لفت أيضاً إلى أن الحكومة الإسرائيلية لديها «مسؤولية كبيرة... تتمثل في احترام القانون وحماية المدنيين». وتابع: «الحرب على الإرهاب لا يمكن أن تستمر من دون قواعد».
وأشار إلى أن الوضع الإنساني يتدهور «أكثر كل يوم» في غزة، داعياً إلى تنسيق المساعدات وتنظيمها بطريقة ملموسة حتى يكون من الممكن نقلها.
وأعلن ماكرون أيضاً أن بلاده ستزيد مساعداتها لقطاع غزة إلى 100 مليون يورو.
ولن تكون الحكومة الإسرائيلية ممَثَّلة في هذا المؤتمر الذي ينظم في قصر الإليزيه، لكن الرئيس الفرنسي تحدث (الثلاثاء) إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وسيتحدث معه مجدداً بعد انتهاء المؤتمر، بحسب الرئاسة الفرنسية.
كذلك أجرى ماكرون (الثلاثاء) محادثات هاتفية مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني اللذين يعد دورهما رئيسياً في أي محاولة لتحسين ظروف توصيل المساعدات إلى قطاع غزة، حيث يعيش 2.4 مليون فلسطيني.
وأوفدت السلطة الوطنية الفلسطينية رئيس الوزراء محمد اشتية، في حين تشارك مصر، التي تدير معبر رفح الحدودي الوحيد المؤدي إلى قطاع غزة ولا تشرف عليه إسرائيل، بوفد وزاري.
وستتابع المؤتمر عن كثب، المنظمات الإنسانية التي تستنكر عدم قدرتها على الوصول إلى غزة، واستحالة تقديم المساعدات ما دام القصف مستمراً على القطاع.
دعوة 13 منظمة
ودعت 13 منظمة غير حكومية (الأربعاء) إلى «وقف فوري لإطلاق النار»، مطالبة «بضمان دخول مساعدات إلى غزة واحترام القانون الإنساني الدولي».
وتقدّر الأمم المتحدة أن سكان القطاع والضفة الغربية المحتلة يحتاجون إلى مساعدة بنحو 1.2 مليار دولار حتى نهاية عام 2023.
ويهدف مؤتمر باريس إلى التوصل إلى تقييم مشترك للوضع، و«تعبئة كل الشركاء والممولين للاستجابة للحاجات»، وفق ما أفاد مستشار لماكرون.
وأشارت وزارة الخارجية الفرنسية إلى أن المناقشات ستتضمّن شقّاً حول المساعدات الغذائية والمعدات الطبية والمحروقات، و«هي مسألة معقدة لأن إسرائيل لا تريد أن يدخل الوقود إلى قطاع غزة».
وستتضمّن المناقشات شقّاً ثانياً يتعلّق بتعهدات بتبرعات وطرق «توصيل المساعدات الإنسانية» إلى المنطقة، وهو أمر معقد أيضاً.
ويأمل الرئيس الفرنسي في «تحقيق نتائج ملموسة»، تشمل خصوصاً ضمان «فاعلية» مختلف المبادرات التي أُعلنت حتى الآن لإيصال مساعدات للقطاع، لكنها بقيت معطلة بسبب الحصار الإسرائيلي وتواصل المعارك.
وقال مارتن غريفيث، مفوّض الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، «نحن في حاجة إلى وقف إطلاق نار إنساني. الأمر يتعلق بإسكات الأسلحة لغرض إنساني».
من جهته، قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال عبر محطة «فرنس 2» التلفزيونية: «لدى إسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، ويجب أن يتماشى ذلك مع قواعد القانون الدولي».
لا إعلان مشتركاً
يخضع القطاع الفلسطيني لحصار، وقصف إسرائيلي جوي مكثف منذ الهجوم الذي نفذه مقاتلون من حركة «حماس» داخل إسرائيل في 7 أكتوبر، ويشهد أيضاً مواجهات برية بين الجيش الإسرائيلي ومقاتلي «حماس».
وأكّد المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني، لإذاعة «فرنس إنتر» العامة، أن «الأمم المتحدة لم يسبق أن سجلت هذا العدد الكبير من القتلى في مثل هذا الوقت القصير خلال صراع».
وأضاف: «سنطالب بإدخال المساعدات إلى غزة، لأنه في الوقت الحالي لا يدخل إلا عدد قليل من الشاحنات يومياً»، مضيفاً أنه سيطلب أيضاً 100 مليون دولار لدفع رواتب 30 ألف موظف في «أونروا».
وتكثفت الدعوات خلال الأسابيع الأخيرة إلى إرساء «هدنات إنسانية» سعياً إلى إعلان «وقف لإطلاق النار» لتسهيل وصول المساعدات، وتحرير 239 رهينة تحتجزهم «حماس».
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي استبعد مجدداً (الأربعاء) أي وقف لإطلاق النار من دون إطلاق سراح الرهائن.
لكنّ أوساط ماكرون أشارت إلى أن «حماس لن تحرّر الرهائن على الأرجح بينما العملية مستمرة بالظروف الحالية. لذلك، نعتقد بأن الهدنة الإنسانية مهمة أيضاً من أجل تحرير الرهائن».
وأوضح المصدر أيضاً أنه لن يصدر عن المؤتمر إعلان ختامي مشترك لتفادي أي «نقاش لا ينتهي حول كلمة أو أخرى».
وأوضح مصدر دبلوماسي أوروبي أن «باريس تلح على الطابع البراغماتي، العملاني والإنساني المحض للمؤتمر، حتى لا يتحول إلى منصة لإدانة إسرائيل».
ويشارك في المؤتمر الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس، الذي يحاول إقامة ممر بحري إنساني بين الجزيرة الواقعة في شرق المتوسط وقطاع غزة المحاصر. وسبق أن تطرق إلى هذا المشروع مع ماكرون قبل أسبوعين في بروكسل.