أول مؤتمر سوري - روسي مشترك حول مناطق خفض التصعيد

أعلن عن قتل 200 إرهابي وإصابة 450 رداً على هجوم الكلية الحربية

دمار خلّفته غارة جوية روسية على مخيم للنازحين بقرية الحمامة بريف إدلب الغربي في أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
دمار خلّفته غارة جوية روسية على مخيم للنازحين بقرية الحمامة بريف إدلب الغربي في أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

أول مؤتمر سوري - روسي مشترك حول مناطق خفض التصعيد

دمار خلّفته غارة جوية روسية على مخيم للنازحين بقرية الحمامة بريف إدلب الغربي في أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
دمار خلّفته غارة جوية روسية على مخيم للنازحين بقرية الحمامة بريف إدلب الغربي في أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

كشف رئيس مركز التنسيق الروسي في دمشق والمنطقة الوسطى، اللواء فاديم كوليت، تنفيذ الطيران الروسي أكثر من 230 غارة جوية، والمدفعيتين الروسية والسورية أكثر من 900 مهمة نارية على مواقع للفصائل المعارضة، ضمن الحملة العسكرية التي بدأتها القوات الحكومية السورية والقوات الروسية في 5 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في مناطق خفض التصعيد شمال غرب البلاد؛ رداً على الهجوم الذي تعرضت له الكلية الحربية في حمص بالطائرات المسيَّرة.

وقال كوليت في مؤتمر صحافي مشترك، مع مدير الإدارة السياسية في القوات الحكومية السورية، اللواء حسن سليمان، عُقد في نادي الضباط بدمشق: إن تلك العمليات قضت على 200 «إرهابي»، بينهم 34 من المتزعمين، و15 خبيراً من جنسيات أجنبية، وإصابة 450 آخرين وتدمير 112 هدفاً.

وتابع رئيس مركز التنسيق الروسي في دمشق والمنطقة الوسطى: «تم تنفيذ الرد المناسب باستهداف نقاط المراقبة ومقرات الإرهابيين بالطيران والمدفعية، وضرب 23 نقطة مراقبة ومعسكرات تدريب و35 نفقاً وملجأً تحت الأرض».

وهذه المرة الأولى التي يُعقد فيها مؤتمر صحافي مشترك لقادة عسكريين ميدانيين سوريين وروس، لإعلان حصيلة العمليات العسكرية المشتركة التي تنفذها القوات الحكومية والقوات الروسية على الأراضي السورية.

عائلات ضحايا بينهم طفلان يرثون قتلى غارة جوية على مخيم للنازحين بريف جسر الشغور غرب إدلب في 24 أكتوبر (إ.ب.أ)

وقال مدير الإدارة السياسية السورية اللواء حسن سليمان: إنه وبالتنسيق مع القوات الروسية العاملة في سورية، تم إطلاق «سلسلة من العمليات النوعية والضربات المركزة التي استهدفت التنظيمات الإرهابية المجرمة التي ارتكبت الاعتداء الإرهابي على الكلية الحربية بحمص في الخامس من الشهر الماضي»، مضيفاً أن العمليات أدت إلى «تدمير جميع المواقع والمقار المستهدفة»، من ضمنها مستودعات الذخيرة والعتاد، والقضاء على مئات «الإرهابيين» التابعين لـ«هيئة تحرير الشام» و«الحزب الإسلامي التركستاني»، وغيرهما من التنظيمات الإرهابية، وفق وكالة الأنباء الرسمية (سانا).

ضحية غارة جوية روسية في مستشفى ببلدة دركوش بإدلب التي تسيطر عليها فصائل معارضة (أ.ف.ب)

وأوضح اللواء سليمان، أن العمليات السورية - الروسية المشتركة، أسفرت أيضاً عن «شلّ القدرات القتالية والتنظيمية للإرهابيين، ومنعهم من إعادة تجميع صفوفهم وخلق حالة من الفوضى والذعر فيما بينهم».

اللواء فاديم كوليت عبّر، عن شعوره بـ«صدمة عميقة» جراء «الاعتداء الإرهابي» الذي حدث بحمص. وقال: «نحن على يقين أن جميع المتورطين في هذه الجريمة سينالون العقوبة التي يستحقونها».

استعراض عسكري في الكلية الحربية بحمص قبل استهدافها بالمسيَّرات في أكتوبر الماضي (سانا)

تجدر الإشارة، إلى تعرض حفل تخريج دفعة من الكلية الحربية بحمص لهجوم بطائرات مسيّرة في الخامس من الشهر الماضي، أسفر عن مقتل 86 شخصاً، معظمهم من أهالي الخريجين وإصابة 277 آخرين. وعلى الفور، بدأت القوات الحكومية والقوات الروسية حملة عسكرية مشتركة في مناطق خفض التصعيد شمال غرب سوريا، حيث تتواجد فصائل معارضة مسلحة.

وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، قد أصدرت تقريراً نهاية أكتوبر الماضي، أفادت فيه بأن ذلك الشهر كان الأكثر دموية خلال العام الحالي، حيث تم تسجيل مقتل نحو 161 شخصاً في مناطق سيطرة النظام ومناطق خفض التصعيد، منهم 34 طفلاً و44 امرأة. وأن 35 في المائة منهم قضوا في محافظة حمص، بعد الهجوم على الكلية الحربية، وهم 86 مدنياً، بينهم ستة أطفال و31 سيدة.

مَركبة مُدمَّرة إثر هجوم صاروخي استهدف مدينة إدلب نهاية أكتوبر الماضي (د.ب.أ)

واتهمت قوات النظام الفصائل المعارضة في غرب سوريا بقتلهم. تليها إدلب بنسبة 30 في المائة من القتلى سقطوا في الحملة العسكرية.

وبحسب الشبكة، تتحمل القوات الحكومية المسؤولية عن مقتل 61 مدنياً، بينهم 23 طفلاً وتسع نساء، والقوات الروسية مسؤولة عن مقتل تسعة مدنيين، بينهم أربعة أطفال وأربع نساء.


مقالات ذات صلة

العملية العسكرية التركية في شمال سوريا تواجه رفضاً روسياً وغموضاً أميركياً

شؤون إقليمية عناصر من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا في شمال سوريا (إعلام تركي)

العملية العسكرية التركية في شمال سوريا تواجه رفضاً روسياً وغموضاً أميركياً

تصاعدت التصريحات التركية في الفترة الأخيرة حول إمكانية شن عملية عسكرية جديدة تستهدف مواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية جولة سابقة لاجتماعات آستانة في كازاخستان (أرشيفية)

اجتماعات تركية - روسية للتهدئة بمنطقة «بوتين - إردوغان»

عقد الجانبان التركي والروسي اجتماعاً في إدلب قبل أيام من الجولة 22 لمسار آستانة للحل السياسي في سوريا، التي من المقرر أن تعقد الاثنين في عاصمة كازاخستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية عناصر من قسد والقوات الأميركية في شمال شرقي سوريا (أرشيفية)

تركيا تواصل التصعيد شمال سوريا وأميركا تؤيد مخاوفها الأمنية

تعرضت قاعدتان عسكريتان تركيتان في شمال وشرق سوريا لقصف من جانب قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والقوات السورية، فيما أيدت واشنطن حق تركيا في حماية أمنها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية قصف تركي على مواقع «قسد» في شرق سوريا (أ.ف.ب)

مباحثات تركية - أميركية على خلفية التصعيد في شمال سوريا ضد «قسد»

بحث وزير الدفاع التركي يشار غولر، مع نظيره الأميركي لويد جيمس أوستن، قضايا الدفاع والأمن، والتطورات الأخيرة في المنطقة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الجيش السوري صعّد من قصفه على مواقع «هيئة تحرير الشام» في شمال غربي البلاد (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

القوات السورية تقصف محيط نقطة تركية... وقتلى بالمواجهات مع «تحرير الشام»

تصاعد التوتر بشدة في مناطق خفض التصعيد بشمال غربي سوريا، في ظل استعدادات «هيئة تحرير الشام» للهجوم على القوات السورية في حلب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة )

مساهمة بريطانية في استحداث مراكز عسكرية للجيش اللبناني على الحدود الجنوبية

رئيس البرلمان اللبناني خلال مناقشته بنود الورقة الأميركية مع الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين (أ.ف.ب)
رئيس البرلمان اللبناني خلال مناقشته بنود الورقة الأميركية مع الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين (أ.ف.ب)
TT

مساهمة بريطانية في استحداث مراكز عسكرية للجيش اللبناني على الحدود الجنوبية

رئيس البرلمان اللبناني خلال مناقشته بنود الورقة الأميركية مع الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين (أ.ف.ب)
رئيس البرلمان اللبناني خلال مناقشته بنود الورقة الأميركية مع الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين (أ.ف.ب)

تصدرت عودة النازحين إلى بلداتهم في جنوب لبنان، خصوصاً إلى القرى الحدودية، أولويات المفاوض اللبناني الذي سعى لإزالة جميع العوائق أمام عودتهم بمجرد التوصل إلى اتفاق لوقف النار، على وقع استعدادات ميدانية تولاها الجيش اللبناني، وضمانات أمنية تشرف عليها الولايات المتحدة، تتيح عودة النازحين من دون عراقيل.

وانتشرت تقديرات عن شروط إسرائيلية لتأخير عودة النازحين إلى قراهم، وضغوط على المفاوض اللبناني لعرقلة هذا الملف الذي يعد حيوياً بالنسبة لعشرات الآلاف الذين خرجوا على دفعتين من منازلهم، منذ 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، ولاحقاً في 23 سبتمبر (أيلول) 2024، كما روجت وسائل إعلام إسرائيلية لذلك، بذرائع أمنية.

وقالت مصادر نيابية مقربة من «حركة أمل» التي يترأسها رئيس البرلمان نبيه بري، لـ«الشرق الأوسط» إنه يصرّ على عودة النازحين بمجرد دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، لافتة إلى أن هذا الملف «في صدارة الأولويات»، وأشارت المصادر إلى أنه «لن يكون هناك أي مانع سياسي من العودة».

الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين خلال اجتماعه مع قائد الجيش اللبناني جوزيف عون (أ.ف.ب)

ويسعى لبنان إلى إدخال تعديلات على المقترح من أجل ضمان انسحاب القوات الإسرائيلية بوتيرة أسرع من جنوب لبنان، ومنح كلا الطرفين الحق في الدفاع عن النفس. ونقلت «رويترز» عن مسؤول لبناني قوله إن «الطرف اللبناني يشدد على ضرورة الانسحاب فوراً فور إعلان وقف إطلاق النار لكي يتسنى للجيش اللبناني أن ينتشر في كل المناطق، ولكي يسمح للنازحين بالعودة فوراً (إلى ديارهم)». وأضاف المسؤول أن موقف إسرائيل هو الانسحاب في غضون 60 يوماً من إعلان الهدنة. وقال إن مسودة الاتفاق الحالية تشير إلى الانسحاب من «حدود لبنانية»، في حين يريد لبنان الإشارة إلى «الحدود اللبنانية» على وجه التحديد لضمان انسحاب القوات الإسرائيلية من الحدود بالكامل وليس بصورة جزئية.

لا عوائق سياسية

تبدد الضمانات الأمنية التي جرت مناقشتها خلال المفاوضات مع الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين، أي عائق سياسي يمكن أن يحول دون عودتهم، باستثناء أن تكون المناطق «آمنة من الألغام والذخائر»، كما تقول مصادر أمنية لبنانية. كما تسهم الإجراءات والاستعدادات العسكرية عبر الجيش اللبناني و«اليونيفيل» واللجنة الخماسية للإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، في إزالة عراقيل عودتهم.

وتتضمن مسودة الاتفاق تعهدات بانسحاب مقاتلي «حزب الله»، وتفكيك مستودعات الأسلحة، إن وُجِدَت، كما ينص على انتشار الجيش اللبناني في المراكز التي يجري إخلاؤها، واستحداث مراكز جديدة تكون مجهزة بمعدات تقنية متطورة، وهو ما سيتولاه الجيش البريطاني الذي سيعمل على تجهيز مراكز جديدة للجيش، أسوة بتجهيزات على الحدود مع سوريا، ويسلمها للجيش اللبناني بغرض تمكينه، حسبما قالت مصادر مواكبة للمفاوضات، لافتة إلى تحديد نقاط للمراكز الجديدة، غير أن مصادر عسكرية أوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن خطة الانتشار في الجنوب، ليست جديدة بل جرى إعدادها في العام الماضي بموازاة الحديث عن مفاوضات لوقف إطلاق النار، وتوسعة انتشار الجيش في جنوب الليطاني. وشددت المصادر على أن المراكز المستحدثة للجيش «لن تكون أبراج مراقبة»، كما يُشاع، بل ستكون «مركزاً عسكرياً محصناً مثل أي مركز عسكري آخر على الأراضي اللبنانية».

وشرحت المصادر أن المراكز الجديدة في الجنوب هي «من ضمن خطة قيادة الجيش التي رفعتها بتكلفة مليار دولار لاستكمال الانتشار جنوب الليطاني، وتشمل بناء وتجهيز المراكز الجديدة». وقالت إن حصة بريطانيا من المساهمة بالخطة ستكون في بناء وتجهيز مراكز محصنة تلبي كل المتطلبات للعسكريين.

وعن آليات التطبيق، شددت المصادر على أن «تنفيذ القرار 1701 بحذافيره، يحتاج إلى قرار سياسي يحدد للجيش مهمته ضمن الـ1701، كون الجيش لن يصطدم بأحد»، مشيرة إلى ضرورة أن تعطي السلطة السياسية الجيش الغطاء وتحديد مهمته، وهو سينفذها.

جندي لبناني قرب موقع استهداف إسرائيلي في صيدا بجنوب لبنان (رويترز)

شروط اسرائيلية

وتصطدم عودة النازحين، بعاملين، أولهما المستوى غير المسبوق من الدمار الذي يتخطى الـ30 ألف وحدة سكنية في الجنوب وحده، على ضوء القصف الجوي المتواصل منذ عام، وتفخيخ وتفجير عشرات المنازل والمنشآت في المنطقة الحدودية، بذريعة وجود أنفاق فيها. أما العامل الثاني فيتمثل في شروط سرَّبتها وسائل إعلام إسرائيلية حول طريقة البناء في أي خطة جديدة لإعادة الإعمار في المنطقة الحدودية، بشكل أن تضمن عدم استخدامها في المستقبل لتخزين الأسلحة.

وتقول مصادر مواكبة للمفاوضات الأخيرة إن النقطة الأخيرة يُفترض ألا تشكل أي عائق، كون تطبيق القرار 1701 سيمنع أي وجود مسلح في جنوب الليطاني، بضمانات أميركية وأممية، إثر مراقبة اللجنة الخماسية (اليونيفيل والجيشان اللبناني والإسرائيلي والولايات المتحدة وفرنسا) لتنفيذ الاتفاق، بما يحول دون تجدد مسببات الصراع في المستقبل، وهي الضمانات وآليات التنفيذ التي وُضعت تفصيلياً بديلاً عن المطالب الإسرائيلية بحرية الحركة، وبما يحفظ سيادة لبنان ضد الاختراقات الإسرائيلية.

لقطة جوية مزدوجة تظهر بلدة مروحين الحدودية بجنوب لبنان قبل وبعد استهدافها بالمفخخات الإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتحظى بنود الاتفاق بدعم دولي، بانتظار موقف إسرائيل منه. وشدد نائب الأميرال إدوارد ألغرين، كبير مستشاري وزارة الدفاع البريطانية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على «دعوة المملكة المتحدة لوقف إطلاق النار الفوري، والتوصل إلى حل سياسي يتماشى مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701».

وأفادت السفارة البريطانية في بيروت في ختام زيارة نائب الأميرال ألغرين، بأنه أكد خلال اجتماعاته «دعم المملكة المتحدة المستمر للقوات المسلحة اللبنانية، بوصفها المدافع الشرعي الوحيد عن لبنان، للمساعدة في بناء الأسس المستقبلية للاستقرار والأمن».