اجتماعات تركية - روسية للتهدئة بمنطقة «بوتين - إردوغان»

تصعيد عسكري قبل «آستانة 22» رغم الحديث عن «تحريك» التطبيع بين أنقرة ودمشق

جولة سابقة لاجتماعات آستانة في كازاخستان (أرشيفية)
جولة سابقة لاجتماعات آستانة في كازاخستان (أرشيفية)
TT

اجتماعات تركية - روسية للتهدئة بمنطقة «بوتين - إردوغان»

جولة سابقة لاجتماعات آستانة في كازاخستان (أرشيفية)
جولة سابقة لاجتماعات آستانة في كازاخستان (أرشيفية)

عقد الجانبان التركي والروسي اجتماعاً في إدلب، قبل أيام من الجولة 22 لمسار آستانة للحل السياسي في سوريا، المقرر أن تعقد الاثنين في عاصمة كازاخستان، آستانة، لمناقشة الوضع الإنساني في سوريا، وخطوات بناء الثقة، وجهود إعادة الإعمار، وشروط عودة اللاجئين، فيما واصلت القوات السورية، بدعم روسي، هجماتها على مناطق التصعيد في شمال غربي سوريا، المعروفة بمنطقة «بوتين - إردوغان»، لا سيما في إدلب في ظل استعداد «هيئة تحرير الشام» لعملية عسكرية واسعة في إدلب وحلب.

وحسب ما كشف «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، السبت، عقد ضباط من المخابرات التركية والروسية اجتماعاً، الجمعة، في النقطة العسكرية الروسية في قرية الترنبة، غرب مدينة سراقب الواقعة على طريق حلب - دمشق الدولب (إم 5) في شرق إدلب، تركز على الوضع في إدلب، وتخفيف التوتر، والعمل على فتح الطرق الدولية والتجارية.

جانب من اجتماعات الجولة 21 لمسار آستانة (الخارجية التركية)

وسبق هذا الاجتماع لقاءات سابقة بين الجانبين، إضافة إلى اجتماعات تركية مع ممثلي الفصائل السورية المسلحة، من بينها «هيئة تحرير الشام»، التي تسيطر على إدلب.

كما عقد الجانبان التركي والروسي منذ يوليو (تموز) الماضي اجتماعات عدة في إدلب، تركزت بشكل رئيسي على التفاهمات العسكرية والسياسية المتعلقة بمنطقة «بوتين - إردوغان»، وتهيئة الظروف اللازمة لفتح الطريقين الدوليين حلب - اللاذقية (إم 4) وحلب - دمشق (إم 5) والطرق التجارية، لكن لم تظهر نتائج بعد لهذه الاجتماعات.

وعقد وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران (الدول الثلاث الضامنة لمسار آستانة)، سيرغي لافروف، وهاكان فيدان، وعباس عراقجي، اجتماعاً على هامش أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر (أيلول) الماضي، تناول التطورات الخاصة بالملف السوري ومساعي تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق.

وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران خلال اجتماع بصيغة آستانة في نيويورك سبتمبر الماضي (الخارجية التركية)

وتشهد مناطق خفض التصعيد (بوتين - إردوغان) تصعيداً على مدى الأسابيع الأخيرة، شارك فيه الطيران الحربي الروسي، في ظل استعدادات «هيئة تحرير الشام» لعملية عسكرية ضد القوات السورية، تبدي تركيا معارضة لها.

واستمراراً للتصعيد، قصفت القوات السورية، السبت، بعشرات القذائف المدفعية والصاروخية، مناطق مأهولة بالسكان في ريفي حلب وإدلب ضمن منطقة «بوتين - إردوغان»، ما أدى إلى نزوح بعض العائلات في ظروف صعبة، بالتوازي مع استهداف تحركات السيارات، وتحليق عدد كبير من الطائرات المسيرة في أجواء المنطقة.

قصف للقوات السورية في إدلب (المرصد السوري)

من ناحية أخرى، تواصل تركيا قصفها على مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال سوريا التي توجد بها أيضاً وحدات من القوات السورية.

وقصفت القوات التركية وفصائل «الجيش الوطني السوري»، الموالي لأنقرة، بعشرات قذائف المدفعية الثقيلة قرية الصافي التي تقع ضمن مناطق سيطرة «مجلس منبج العسكري» التابع لـ«قسد» بريف حلب الشرقي، ما أدى إلى نزوح الأهالي إلى القرى المجاورة.

قصف تركي على منبج (المرصد السوري)

واستهدف القصف نقطة عسكرية تتمركز فيها عناصر من القوات السورية في القرية نفسها.

وأسفرت الاستهدافات التركية عن مقتل 7 جنود سوريين، خلال أسبوع واحد، نتيجة القصف التركي على مواقعهم في محاور التماس مع «قسد» والقوات السورية في أرياف حلب.

يأتي ذلك في الوقت الذي تصاعد الحديث فيه مجدداً عن التطبيع بين أنقرة ودمشق، وإعلان الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أنه طلب من نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، خلال قمة مجموعة «بريكس» في روسيا أواخر أكتوبر (تشرين الأول) التدخل لإقناع الرئيس السوري بشار الأسد بتلبية دعواته المتكررة للقائه من أجل البدء في تطبيع العلاقات بين البلدين.

ولاحقاً، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قبل أيام، أن روسيا مستعدة لبذل جهودها من أجل تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا، لكن الخلاف بين الجانبين على الانسحاب العسكري التركي من شمال سوريا يعرقل استئناف مفاوضات التطبيع.

جانب من لقاء بوتين وإردوغان على هامش قمة مجموعة «بريكس» في روسيا الشهر الماضي (الرئاسة التركية)

ومن المتوقع أن تتطرق جولة آستانة، التي تعقد الاثنين، إلى جهود تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق التي تتوسط فيها روسيا وتدعمها إيران.

وفي إطار التصعيد المستمر بين تركيا و«قسد»، قصفت المدفعية التركية منطقة معبر «عون الدادات» الإنساني، وقرية الدرج شمال منبج بريف حلب الشرقي، ما أدى إلى خسائر مادية.

ومعبر «عون الدادات» من المعابر الإنسانية التي يمر منها النازحون من لبنان للوصول إلى شمال غربي سوريا، بسبب الهجمات الإسرائيلية في لبنان... في المقابل، قصفت «قسد» قواعد تركية في ريف عين عيسى شمال الرقة، ضمن منطقة «نبع السلام»، الخاضعة لسيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها، حسب «المرصد السوري».


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي ينشئ وحدة تدخل سريع على الحدود مع سوريا

شؤون إقليمية دورية إسرائيلية في مرتفعات الجولان (أرشيفية - أ.ب)

الجيش الإسرائيلي ينشئ وحدة تدخل سريع على الحدود مع سوريا

شكّلت إسرائيل وحدة تدخل سريع خاصة في مرتفعات الجولان السوري المحتل، تتركز مهماتها في الجبهة مع سوريا، في حالة اقتضت الضرورة.

نظير مجلي (تل أبيب)
خاص معبر البوعاصي في بلدة الطبقة بريف الرقة شهد ازدحاماً وحركة كثيفة لتوافد نازحين فارين من مناطق حلب (الشرق الأوسط)

خاص «أكراد حلب» يذوقون مرارة التهجير مجدداً

وصل آلاف العائلات الكردية، ممن كانوا يقطنون مخيمات قرى «الشهباء» (حلب) ومناطق بلدة تل رفعت، على دفعات إلى بلدة الطبقة الواقعة في الريف الجنوبي لمحافظة الرقة.

كمال شيخو (الطبقة (محافظة الرقة))
شؤون إقليمية رئيس أركان الجيش محمد باقري (رويترز)

رئيس الأركان الإيراني: يجب على دول الجوار السوري منع حصول المسلحين على دعم

ذكر تلفزيون «العالم» الإيراني اليوم أن رئيس أركان الجيش محمد باقري أكد على ضرورة تحرك الدول المجاورة لسوريا لمنع حصول الجماعات المسلحة هناك على الدعم.

«الشرق الأوسط» (طهران)
المشرق العربي لقاء بين داود أوغلو عندما كان رئيساً لوزراء تركيا والأسد في دمشق عام 2016 (أرشيفية)

«عملية حلب» قلبت الوضع الميداني لصالح تركيا بمواجهة روسيا وإيران

يتفق خبراء ومحللون على أن تركيا تبدو الآن، ومع التغير بالوضع الميداني نتيجة عملية المعارضة المسلحة في حلب، هي اللاعب الرئيسي في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي إردوغان التقى السوداني في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي (الرئاسة التركية)

إردوغان: على حكومة الأسد الانخراط في عملية سياسية جادة

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إنه يجب على الحكومة السورية الانخراط في عملية سياسية جادة لمنع تفاقم الوضع في البلاد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

ترحيب إسرائيلي حار بموقف ترمب بشأن الرهائن

ترمب يتوسط نتنياهو وزوجته سارة (أرشيفية - د.ب.أ)
ترمب يتوسط نتنياهو وزوجته سارة (أرشيفية - د.ب.أ)
TT

ترحيب إسرائيلي حار بموقف ترمب بشأن الرهائن

ترمب يتوسط نتنياهو وزوجته سارة (أرشيفية - د.ب.أ)
ترمب يتوسط نتنياهو وزوجته سارة (أرشيفية - د.ب.أ)

أشاد مسؤولون إسرائيليون، الثلاثاء، بتوعد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بأنه ستكون هناك «مشكلة خطيرة» في الشرق الأوسط ما لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في قطاع غزة قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني). فيما كان رد الفعل في غزة مختلفاً.

وفي منشور على موقع «تروث سوشيال» لم يذكر فيه أي جماعة بعينها، قال ترمب إنه يجب إطلاق سراح الرهائن بحلول موعد تأديته اليمين. وإذا لم تتم تلبية مطلبه فـ«سيتلقى المسؤولون ضربات أشد من أي ضربات تلقاها شخص في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية الطويل والحافل».

واحتجزت «حركة المقاومة الإسلامية» الفلسطينية (حماس) أكثر من 250 رهينة خلال هجومها على إسرائيل في 2023. وأُطلق سراح بعضهم أو تم تحريرهم، لكن لا يزال نصفهم تقريباً في غزة، حيث يُعتقد أن ثلثهم على الأقل لقوا حتفهم.

ووجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وكثير من وزراء حكومته، الشكر لترمب على كلماته القوية.

وقال نتنياهو في بداية اجتماع الحكومة: «ركز الرئيس ترمب كلماته على مربط الفرس، على (حماس)، وليس على الحكومة الإسرائيلية، كما هو معتاد (في أماكن أخرى)».

متظاهرون إسرائيليون داعمون لصفقة تبادل الأسرى مع حركة «حماس» يحتجون في تل أبيب (أرشيفية - رويترز)

وقال وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، إن تصريح ترمب أوضح للجميع من على حق ومن على باطل، وأضاف: «ذلك هو الطريق لاستعادة الرهائن. زيادة الضغوط والخسائر على (حماس) وأنصارها، وهزيمتهم، بدلاً من الاستسلام لمطالبهم السخيفة».

وعبّرت أسر الرهائن عن امتنانها. وقال منتدى عائلات الرهائن: «أصبح الأمر واضحاً للجميع حالياً: لقد حان الوقت. لا بد من إعادتهم إلى منازلهم الآن».

وأجرت إسرائيل و«حماس» مفاوضات متقطعة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لكن بعد إطلاق سراح عدد من الرهائن في نوفمبر (تشرين الثاني)، العام الماضي، لم يتحقق تقدم يذكر، وتبادل الجانبان الاتهام بالمسؤولية عن فشل المفاوضات.

ورداً على منشور ترمب، قال باسم نعيم، عضو المكتب السياسي في «حماس»، إن نتنياهو هدم كل الجهود التي استهدفت التوصل لصفقة تتضمن تبادل الرهائن الإسرائيليين بسجناء فلسطينيين محتجزين في السجون الإسرائيلية.

متظاهرون في تل أبيب يحملون صور الأسرى الإسرائيليين (قيادة عائلات الأسرى)

وقال نعيم لـ«رويترز»: «لذا، نفهم أن رسالة (ترمب) موجهة أولاً إلى نتنياهو وحكومته لإنهاء هذه اللعبة الشريرة».

وقال المحلل السياسي في غزة، رامز مغني، إن تهديد ترمب موجه إلى «حماس» وداعمتها إيران، وحذر من أنه سيشجع إسرائيل على عدم طرد الفلسطينيين من مساحات شاسعة من غزة لكن أيضا ضم الضفة الغربية المحتلة.

وقال مغني لـ«رويترز»: «هذه التصريحات لها انعكاسات خطيرة على الحرب الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية. بمعنى: إسرائيل ستأخذ هذه التصريحات ضوءاً أخضر تمهيدياً من الإدارة الجديدة لفعل كل ما تراه مناسباً لتحقيق أهداف نتنياهو الحقيقية من الحرب، وهي استكمال مخطط تهجير سكان القطاع، وضم الضفة الغربية أو أجزاء كبيرة منها».

واضطر محمد دحلان، مثل مئات الآلاف من سكان غزة، إلى الفرار من منزله بسبب القتال، ويتوق بشدة إلى انتهاء الحرب، لكنه قال إنه شعر بالصدمة من ترمب. وقال: «جاءت تصريحات ترمب بالأمس لتشكل صدمة جديدة لنا هنا في قطاع غزة، وكنا نأمل أن تحمل الإدارة الجديدة معها وفي طياتها انفراجة وحلاً لما يجري هنا في قطاع غزة، من خلال وقف العدوان وإنهاء أشهر الحرب المقيتة التي دمرت كل شيء هنا في قطاع غزة... لكن على ما يبدو أن الإدارة الأميركية جاءت متساوقة تماماً مع الإدارة الإسرائيلية، ومع بنيامين نتنياهو تحديداً، وأن هناك مزيداً من الإجراءات العقابية على ما يبدو ستنتظر قطاع غزة في هذه الإدارة الجديدة».