كيف يمكن ملاحقة إسرائيل عقب تهديدات بضرب غزة نووياً؟

مطالب بتحرك أممي... ومراجعة انضمام الدول العربية لـ«اتفاقية منع الانتشار»

وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو (صحيفة تايمز أوف إسرائيل)
وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو (صحيفة تايمز أوف إسرائيل)
TT

كيف يمكن ملاحقة إسرائيل عقب تهديدات بضرب غزة نووياً؟

وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو (صحيفة تايمز أوف إسرائيل)
وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو (صحيفة تايمز أوف إسرائيل)

ما بين مطالبات بتحرك أممي، ومراجعة انضمام الدول العربية للاتفاقية الدولية لمنع انتشار الأسلحة النووية، برزت تساؤلات حول كيفية ملاحقة إسرائيل دولياً، على خلفية تهديدات أطلقها وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو، بضرب غزة نووياً.

وأثارت تصريحات إلياهو حول إمكانية إسقاط قنبلة ذرية على غزة كـ«أحد الاحتمالات القائمة»، غضباً عربياً واسعاً، فيما رد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، على تلك التصريحات باستبعاد الوزير من اجتماعات الحكومة لأجل غير مسمى.

كان إلياهو قال في مقابلة مع إذاعة «كول باراما»، نقلتها صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الأحد، رداً على سؤال صحافي: «هل ينبغي إسقاط قنبلة ذرية على غزة؟»، فأجاب الوزير: «هذا أحد الاحتمالات، كما أنني أتمنى عودة الأسرى، لكنّ هناك أثماناً في الحرب، هذه طريقة لفحص ما يخيفهم وما الذي سيخلق الردع».

وقال المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي، إن «جميع الدول العربية كانت تعلم يقيناً أن إسرائيل تمتلك السلاح النووي منذ الستينات... ومع ذلك انضمت كلها واحدة بعد الأخرى إلى اتفاقية منع الانتشار النووي، دون أن تشترط انضمام إسرائيل والتخلي عن ترسانتها النووية».

وأشار البرادعي عبر منصة «إكس»، الاثنين، إلى أنه «حالياً بالطبع ترى كل الدول العربية أن استمرار هذا الوضع فيه إخلال بالأمن الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط، وتطالب جاهدة دون جدوى في كل المحافل الدولية، بانضمام إسرائيل للاتفاقية، التي ترى من جانبها أن الحديث عن هذا الموضوع يأتي فقط بعد التوصل إلى سلام شامل في المنطقة».

وبحسب البرادعي، وهو النائب الأسبق للرئيس المصري، فإن «إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل، هو الطريق الوحيدة نحو الأمن المستدام في المنطقة، ويجب أن يكون جزءاً رئيسياً من أي مفاوضات سلام مستقبلية».

فيما عدّ الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية عمرو موسى، تصريحات الوزير الإسرائيلي، «أول اعتراف لأحد كبار المسؤولين بامتلاك إسرائيل للسلاح النووي»، وقال موسى عبر منصة «إكس»، الأحد، إن «ما صرّح به أحد وزراء الحكومة الإسرائيلية من الدعوة إلى استخدام السلاح النووي لإخضاع غزة وحماس، هو أول اعتراف لأحد كبار المسؤولين بإسرائيل بامتلاكها السلاح النووي، ويطرح إمكانية التهديد به؛ بل يقترح على الحكومة المتطرفة القائمة استخدامه».

ودعا موسى، الجامعة العربية، إلى تسجيل التصريح وإبلاغه حرفياً ورسمياً إلى أمين عام الأمم المتحدة، وإلى رئيس مجلس الأمن، تمهيداً لاتخاذ الإجراءات اللازمة إزاء هذا التطور الخطير لدى الأجهزة المختصة بمنع الانتشار النووي ونزع السلاح؛ وفي مواجهة احتمالات تفجر نووي تقدم عليه حكومة إسرائيل المتطرفة.

وعدّ أستاذ القانون الدولي العام، المحاضر بجامعة الإسكندرية الدكتور محمد مهران، التهديدات الإسرائيلية بضرب غزة نووياً، «جريمة حرب»، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذا التهديد يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة، وهو أمر مجرم قانوناً»، وبحسب مهران، «يحق للسلطة الفلسطينية مقاضاة إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية، التي تقوم بالفعل بتحقيقات منذ 2021 في جرائم حرب إسرائيلية محتملة، ويمكن ضم (التهديد النووي) إلى التحقيقات الجارية»، كما أن «القانون الدولي يسمح للضحايا المدنيين والمنظمات الحقوقية باللجوء إلى إقامة دعاوى بجرائم الحرب ضد إسرائيل في دول أخرى، مثل القضاء الإسباني الذي يمتلك صلاحية التحقيق في جرائم الحرب».

وكانت محكمة بريطانية أصدرت مذكرة اعتقال بحق وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني عام 2009، بناء على طلب محامين يمثلون ضحايا فلسطينيين، إلا أنه تم إلغاء المذكرة بعد رد فعل تل أبيب الرافض.

من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور مصطفى كامل السيد، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «رغم أن الوزير الإسرائيلي صاحب تصريح (استخدام النووي في غزة) ليس مخولاً له التهديد بذلك، فإنه يمكن من الناحية السياسية التأكيد على أن حكومة تل أبيب بها وزراء متطرفون، والبناء سياسياً من الدول العربية على ذلك».

وبحسب السيد، فإن «إسرائيل باتت تدرك أن حماس ليست مجرد تنظيم عسكري، بل مقاومة تعبر عن الشعب»، لكن «التحركات السياسية لن تؤثر كثيراً على إسرائيل»، كما أنه «من الصعب على الدول العربية الانسحاب من اتفاقية حظر الانتشار النووي، لأن الوجود بالاتفاقية شرط من شروط الحصول على التكنولوجيا النووية».

وندد المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، الأحد، بمطالبة وزير إسرائيلي بإلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة، وعدّ ذلك دليلاً على مدى «الانحراف والتطرف» الذي لحق بعدد من صناع القرار في الحكومة الإسرائيلية.

ودعا المتحدث المصري، المجتمع الدولي، إلى التصدي بحسم لخطاب العنف والكراهية والعنصرية، وقال: «العالم يتحدث عن نزع السلاح النووي ومخاطره، والبعض متعطش لمزيد من الدمار والقتل».


مقالات ذات صلة

استيطان غزة... هدف لا تُعلنه إسرائيل لكنها تنفذه

شؤون إقليمية صبي فلسطيني ينقذ دراجة هوائية تالفة من بين أنقاض منزل دُمر في غارة إسرائيلية على مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة الأحد (الفرنسية)

استيطان غزة... هدف لا تُعلنه إسرائيل لكنها تنفذه

تشير تصريحات إسرائيلية لمسؤولين حاليين وسابقين وحملات لقادة مستوطنين، إلى احتلال طويل لغزة واستئناف الاستيطان، حتى بات ذلك هدفاً غير معلن للحرب لكنه يُنفذ بدقة.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ) play-circle 01:47

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

تقف يومياً ولساعات طوابير طويلة من الفلسطينيين أمام المخابز للحصول على «ربطة خبز» واحدة تتكون من نحو 22 رغيفاً.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

إسرائيل تواصل غاراتها على الضاحية... ومقتل 10 وإصابة 17 في صور

TT

إسرائيل تواصل غاراتها على الضاحية... ومقتل 10 وإصابة 17 في صور

تصاعد السحب الدخانية نتيجة القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز)
تصاعد السحب الدخانية نتيجة القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز)

أفادت الوكالة اللبنانية اليوم (الأثنين) بمقتل 10 أشخاص وإصابة 17 آخرين في غارات إسرائيلية على صور بجنوب البلاد، فيما تجددت الغارات على ضاحية بيروت الجنوبية بعد إنذارات إسرائيلية للسكان بالإخلاء.

ونقلت وسائل إعلام لبنانية في وقت سابق من اليوم (الاثنين) وقوع غارتين إسرائيليتين على الضاحية الجنوبية في بيروت. وتصاعدت سحابتا دخان وغبار ضخمتان من المنطقة، إثر غارتين على الأقل، بعدما كان الناطق باسم الجيش الإسرائيلي للغة العربية أفيخاي أدرعي حدّد عبر منصة «إكس» ثلاثة أبنية في حارة حريك، طالباً من السكان إخلاءها، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي إن الطائرات الحربية شنت غارات على الضاحية الجنوبية لبيروت مستهدفة ما وصفه بأنه «مقرات قيادة عسكرية تابعة لـ (حزب الله)».

وأضاف في بيان، «تأتي هذه الغارات في إطار ضربات تستهدف قدرات (حزب الله) لتنفيذ مخططات إرهابية ضد دولة إسرائيل، وفي إطار الجهود الرامية لتدمير مواقع الإنتاج ومستودعات الأسلحة التي أقامها (حزب الله) على مدار السنوات الماضية في منطقة الضاحية».

وكان أدرعي قد نشر، في وقت سابق اليوم، عبر موقع «إكس»، إنذاراً بالإخلاء «إلى جميع السكان الموجودين في منطقة الضاحية الجنوبية». وتابع :«أنتم توجدون بالقرب من منشآت ومصالح تابعة لـ(حزب الله) حيث سيعمل ضدها جيش الدفاع بقوة على المدى الزمني القريب».

وكانت بلدات يحمر الشقيف والجبل الأحمر بين حاروف وشوكين وزبدين في جنوب لبنان تعرضت صباح اليوم (الاثنين) لغارات إسرائيلية، بحسب ما أوردته «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية.

وأسفرت الغارات الحربية الإسرائيلية الكثيفة في بلدة يحمر الشقيف، عن تدمير 15 منزلاً. كما سُجلت غارات على أرنون وكفرتبنيت وحرج علي الطاهر ومحيط قلعة الشقيف وعلى مجرى الليطاني بين زوطر وديرسريان وبين شوكين وميفدون وأطراف كفرصير، بالإضافة إلى ثلاث غارات على عين قانا في إقليم التفاح.

من جانبه، أعلن «حزب الله» اللبناني، في بيانين منفصلين، اليوم الاثنين، أن عناصره استهدفت مستوطنة شتولا وتجمعاً لقوات إسرائيلية شرق مدينة الخيام، بـ«صلية صاروخية»، وفق ما أوردته «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية.