الأردن يشدد على وقف النار ورفض التهجير

«الشرق الأوسط» تروي قصة «طائرة كسر الحصار» على غزة

تحميل المساعدات الطبية على الطائرة العسكرية الأردنية قبل رحلتها إلى غزة (القوات المسلحة الأردنية - أ.ف.ب)
تحميل المساعدات الطبية على الطائرة العسكرية الأردنية قبل رحلتها إلى غزة (القوات المسلحة الأردنية - أ.ف.ب)
TT

الأردن يشدد على وقف النار ورفض التهجير

تحميل المساعدات الطبية على الطائرة العسكرية الأردنية قبل رحلتها إلى غزة (القوات المسلحة الأردنية - أ.ف.ب)
تحميل المساعدات الطبية على الطائرة العسكرية الأردنية قبل رحلتها إلى غزة (القوات المسلحة الأردنية - أ.ف.ب)

فيما سيّر الأردن طائرة إغاثية عسكرية من عمّان إلى غزة، محملة بمساعدات طبية للمستشفى الميداني الأردني، توجّه الملك عبد الله الثاني إلى بروكسل، للقاء قيادات الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو) وحكومة بلجيكا، لبحث التطورات في قطاع غزة الذي يتعرض لهجوم إسرائيلي واسع.

وأعلن الديوان الملكي الأردني، في بيان صحافي، أن زيارة الملك عبد الله الثاني إلى بلجيكا تهدف لـ«الضغط على المجتمع الدولي من أجل وقف إطلاق النار»، والسعي «من أجل إدخال المساعدات الطبية والإغاثية (إلى غزة)، بشكل دائم ومستمر». وتابع أن الزيارة تهدف أيضاً إلى «تحذير القيادات العالمية من مخاطر التهجير القسري الذي تسعى إسرائيل إليه في الأراضي المحتلة».

وفي سياق الموقف الأردني الداعم لجهود وقف الحرب على غزة، عقد رئيس الوزراء، بشر الخصاونة، الاثنين، لقاء في مجلس النواب مع رئيس وأعضاء المكتب الدائم ورؤساء الكتل واللجان النيابية؛ لوضعهم في صورة جهود الأردن لوقف الهجوم الإسرائيلي على غزة وإيصال المساعدات الإنسانية بشكل مستدام، مؤكداً أن «كل الخيارات مطروحة على الطاولة بالنسبة للأردن في إطار الموقف المتدرج في التعاطي مع العدوان الإسرائيلي على غزة وتداعياته».

تحميل المساعدات الطبية على الطائرة العسكرية الأردنية قبل رحلتها إلى غزة (القوات المسلحة الأردنية - أ.ف.ب)

وفيما طالب الخصاونة بـ«وقف الحصانة والحماية التي تُعطي لإسرائيل رُخصة لقتل المدنيين الفلسطينيين»، أكد أن «القانون الدولي الإنساني يُحرم ويجرم استهداف المدنيين وقتلهم دون استثناء».

وشدد الخصاونة على أن «الحصانة لإسرائيل والصمت على انتهاكاتها ضد المدنيين الفلسطينيين» يشكلان «ازدواجاً في المعايير يندى له الجبين، والاعتداء الوحشي لم يميّز بين أهداف مدنية وعسكرية، وطال حتى المناطق الآمنة وسيارات الإسعاف»، مؤكداً في الوقت نفسه أن «أي محاولات أو خلق ظروف لتهجير الفلسطينيين من غزة أو الضفة الغربية خط أحمر، وسيعدّه الأردن بمثابة إعلان حرب».

جاء ذلك في وقت سيّر فيه الأردن، فجر الاثنين، طائرة إغاثية عسكرية إلى غزة، محملة بمساعدات دوائية للمستشفى الميداني الأردني. وكانت حمولة الطائرة تشمل الاحتياجات الدوائية التي طلبها المستشفى بـ«شكل عاجل»، خشية توقفه عن استقبال الجرحى والمصابين نتيجة نقص المستلزمات الطبية.

تحميل مساعدات طبية للمستشفى الميداني الأردني في غزة (القوات المسلحة الأردنية - أ.ف.ب)

وكشف مصدر أردني مطلع لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل ما وصفها بـ«رحلة القرار»، قبل «رحلة الطائرة» التي جاءت في ظروف مركبة، ما «اضطرها إلى مناورات صعبة، لتتمكن من إنزال حمولتها في المنطقة القريبة من المستشفى»، إذ تمت عملية الإنزال في ظل «قصف عنيف شهدته المنطقة المحيطة بالمستشفى».

وأكد المصدر أن القرار الأردني بإرسال الطائرة جاء عشية السبت خلال لقاء سياسي - عسكري - أمني، وتم إبلاغ الجانب الأميركي به خلال وجود وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في عمّان. واستقبل العاهل الأردني الضيف الأميركي الذي اجتمع أيضاً بعدد مع نظرائه العرب.

وفي التفاصيل، تحدث المصدر لـ«الشرق الأوسط» عن تقدير أردني بضرورة كسر الحصار على غزة من خلال تقديم المساعدات الإغاثية التي ينادي الأردن بأهمية وصولها بشكل عاجل ومستدام للقطاع. وقد جاءت رحلة الطائرة بعد تنسيق مع وسطاء لأطراف الصراع، «التي يقع على مسؤوليتها تقدير الجهد الأردني وضمان إيصال المساعدات العاجلة إلى الجرحى والمصابين، تخفيفاً لمعاناة أهالي القطاع في ظل الحرب المستعرة»، بحسب قول المصدر نفسه، الذي شدد على ضرورة عدم «تسييس جهود الإغاثة الإنسانية، وعدم حرف القضية عن مسارها في دعم الأشقاء الفلسطينيين بالضفة الغربية وقطاع غزة».

طائرة المساعدات الأردنية قبل رحلتها إلى غزة (القوات المسلحة الأردنية - أ.ف.ب)

وأضاف المصدر أن رحلة الطائرة التي استغرقت ساعتين، جاءت في ظروف صعبة، حيث كثّف الجيش الإسرائيلي من قصفه لمواقع محيطة بالمستشفى، ما دفع بطاقم الطائرة إلى التمهل قبل إنزال المساعدات بالمظلات، ووصول المواد الطبية والدوائية المحصنة بإغلاقات محكمة في النقطة المحددة على الأرض.

ولم يعلّق المصدر في حديثه على طبيعة التفاهمات التي أنجحت المهمة الأردنية في «كسر الحصار»، مكتفياً بالإشارة إلى أن هناك «سلسلة رحلات جوية محملة بالمساعدات المختلفة قد تسيّر من عمّان إلى غزة خلال الفترة القليلة المقبلة»، مضيفاً أن الأردن أنهى الترتيبات لإنشاء مستشفى ميداني في منطقة رفح بالقرب من حدود غزة أمام ضرورة تقديم العلاج المناسب لآلاف الجرحى والمصابين، وازدياد الحاجة لدعم القطاع الصحي في ظل استمرار القصف الإسرائيلي على مناطق واسعة في قطاع غزة.


مقالات ذات صلة

دمشق ترفع الغطاء عن «دوائر الظل المالية»

المشرق العربي جلسة مجلس الشعب السوري الأربعاء (سانا)

دمشق ترفع الغطاء عن «دوائر الظل المالية»

في مفاجأة أخرى من العيار الثقيل، كشفت وسائل الإعلام المحلية عن تصويت مجلس الشعب السوري، الأربعاء، على منح الإذن بالملاحقة القضائية بحق عضوين في المجلس.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الخليج الأمير محمد بن سلمان لدى اجتماعه مع الملك عبد الله الثاني في الرياض أمس (واس)

السعودية والأردن: وقوف كامل مع فلسطين ولبنان

شدد الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، أمس، على «الوقوف الكامل إلى جانب الأشقاء في فلسطين ولبنان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج ولي العهد السعودي يستقبل العاهل الأردني وولي عهده في الرياض (واس) play-circle 00:35

ولي العهد السعودي يستقبل العاهل الأردني في الرياض

استقبل الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، اليوم الثلاثاء، العاهل الأردني عبد الله الثاني بن الحسين، وولي عهده الأمير الحسين بن عبد الله.

المشرق العربي جنود إسرائيليون يقومون بعملية تمشيط قرب منتجع على البحر الميت اليوم الجمعة (أ.ف.ب)

تسلّل «إخواني» يزيد التوتر بين إسرائيل والأردن

رفعت عملية تسلّل لمسلّحَين اثنين جنوب البحر الميت، ومحاولة استهداف جنود إسرائيليين، منسوب التوتر في العلاقات الأردنية - الإسرائيلية، المتأزمة أصلاً على خلفية.

محمد خير الرواشدة (عمّان ) «الشرق الأوسط» (غزة - تل أبيب - واشنطن)
المشرق العربي جنود إسرائيليون يقومون بعملية تمشيط قرب منتجع على البحر الميت اليوم الجمعة (أ.ف.ب)

عملية البحر الميت... تحفظ رسمي أردني و«مباركة إخوانية»

رفعت عملية تسلل مسلحين اثنين عبر الحدود الأردنية جنوب البحر الميت من مستوى التحديات الأمنية التي تواجهها العلاقات بين عمّان وتل أبيب.

محمد خير الرواشدة (عمّان)

العراق: «المجمع الفقهي» و«ديوان الوقف السني» يرفضان تعديل «الأحوال الشخصية»

رئيس «ديوان الوقف السني» العراقي مشعان الخزرجي (موقع الديوان الرسمي)
رئيس «ديوان الوقف السني» العراقي مشعان الخزرجي (موقع الديوان الرسمي)
TT

العراق: «المجمع الفقهي» و«ديوان الوقف السني» يرفضان تعديل «الأحوال الشخصية»

رئيس «ديوان الوقف السني» العراقي مشعان الخزرجي (موقع الديوان الرسمي)
رئيس «ديوان الوقف السني» العراقي مشعان الخزرجي (موقع الديوان الرسمي)

أظهر «المجمع الفقهي»، وهو أرفع مرجعية دينية سنية في العراق، وكذلك «ديوان الوقف السني»، موقفاً حاسماً حيال تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 الذي أثار ولا يزال الكثير من الاعتراضات منذ طرحه على البرلمان قبل نحو خمسة أشهر. ومن شأن الموقف الجديد الرافض للتعديل والصادر عن أرفع مؤسستين دينيتين سنيتين، عرقلة إقرار التعديل الذي تطالب به بعض قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية.

ويواجه التعديل المقترح معارضة شديدة من الجماعات المدنية والمنظمات المدافعة عن حقوق المرأة والطفل، وكذلك من قبل العديد من المنظمات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان، ويعترض على إقراره البرلمان الأوروبي.

وشرح «المجمع الفقهي» العراقي و«ديوان الوقف السني»، في بيان مشترك ومطول، أسباب رفضهما مشروع التعديل، ووجدا أنه «لا مسوغ لاستبدال بالقانون مدونتين منفصلتين شيعية وسنية»، في إشارة إلى أن التعديل الجديد يستند في تطبيقه على مدونتين تصدران عن الوقفين الشيعي والسني بعد 6 أشهر من التصويت على القانون داخل البرلمان.

وقال الجانبان في البيان المشترك، إن «قانون الأحوال الشخصية يُعدّ صمام الأمان لحفظ الأسرة العراقية؛ إذ يشمل في مواده 94 مادة حول كل ما يتعلق بفقه الأسرة؛ من زواج وطلاق وحقوق زوجية، وعدة ونسب، وحضانة ونفقة، ووصية ومواريث، مع الرجوع للأحكام الشرعية والفقه الإسلامي في المسائل غير المنصوص عليها، مع مراعاة القضاء لطبيعة المرجعية الفقهية للعقدين من خلال فقرة استحقاق المهر المؤجل».

ورأى الجانبان أن القانون النافذ الذي يراد تعديله «اعتمد في اختيار الآراء الفقهية ما يلائم طبيعة المجتمع العراقي المتنوع وظروفه».

وأضاف أن «الفقرتين (ث) و(ج) من المادة (أولاً) من قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية تضمنتا اعتماد رأي المجلس العلمي للوقف الشيعي في حال تعذر الحكم وفق الفقه الشيعي الجعفري، على أن يتم الرجوع إلى رأي المرجع الديني الذي يقلده غالبية الشيعة في العراق».

ويرى المجمع والديوان، أن «هذا التوجه (الآنف) يتفق مع نص الفقرة الثانية من المادة 4 من قانون ديوان الوقف الشيعي رقم 57 لسنة 2012، في حين اعتمد رأي المجلس العلمي والإفتائي للوقف السني دون اعتبار لمرجعية (المجمع الفقهي) العراقي لكبار العلماء، والتي نصت عليها الفقرة (ثانياً) من المادة الرابعة من قانون (ديوان الوقف السني) رقم 56 لسنة 2012».

واعتبر البيان أن في ذلك «إقصاءً غير مبرر لمرجعية الوقف السني التي تتمتع بغطاء قانوني، وازدواجية في التعامل مع القوانين المتعلقة بحقوق مكونات المجتمع العراقي».

وفيما يخص المادة الثانية وإلغاء الفقرة 5 من المادة 10 من القانون المتعلقة بإجراءات ضبط عقود الزواج، أشار البيان إلى أن «توسيع التخويل في إبرام هذه العقود من قبل ديوانَي الوقف الشيعي والسني قد يؤدي إلى فوضى في بناء الأسرة، والتفريط بحقوق الزوجة والأبناء، واستغلال الفئات المستضعفة».

أطفال عراقيون يشاركون في ماراثون أقيم في «شارع أبو نواس» وسط بغداد ضمن فعالية لحماية الأيتام ودمجهم اجتماعياً (إ.ب.أ)

وشدد بيان الجانبين على أنه «لا توجد مسوغات شرعية لاستبدال بالقانون مدونتين شيعية وسنية»، وأنه «بالإمكان تعديل بعض مواد قانون الأحوال الشخصية رقم 188 بما يتناسب مع تطور المجتمع، وأن تُصاغ المواد ذات الخلاف الجوهري بين الفقهين السني والشيعي بما يمنح القاضي مرونة لاختيار النص الأنسب لمذهب العاقدين».

وسلك «المجمع الفقهي» و«ديوان الوقف السني» طريقاً آخر في حال «إصرار بعض أعضاء مجلس النواب على تعديل قانون الأحوال الشخصية»، ويتمثل هذا الطريق في «البقاء على القانون الحالي، وإضافة المدونتين لتمكين العاقدين من حرية الاختيار بين القانون أو إحدى المدونتين، مع عدم سريان أي أثر رجعي للعقود السابقة وفق قاعدة استصحاب الأصل».

وفي العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، طالب البرلمان الأوروبي، البرلمان العراقي بالرفض الكامل والفوري للتعديلات المقترحة على قانون الأحوال الشخصية.

وحذر أعضاء في البرلمان الأوروبي من عواقب التعديل «الذي ينتهك التزامات العراق الدولية بشأن الحقوق الأساسية للمرأة».

ورأوا أن «قانون العقوبات الحالي لا يحمي النساء والأطفال ضحايا العنف المنزلي في العراق، وبالتالي من شأن التعديلات المقترحة على قانون الأحوال، إذا سُنت، أن تؤدي إلى تطبيق أكثر راديكالية للقانون».