مصالح متبادلة تعيد النبض إلى علاقة «حزب الله» و«الوطني الحر»

من لقاء سابق بين باسيل ونصر الله (من مواقع التواصل)
من لقاء سابق بين باسيل ونصر الله (من مواقع التواصل)
TT

مصالح متبادلة تعيد النبض إلى علاقة «حزب الله» و«الوطني الحر»

من لقاء سابق بين باسيل ونصر الله (من مواقع التواصل)
من لقاء سابق بين باسيل ونصر الله (من مواقع التواصل)

أعادت الأحداث والتطورات الأخيرة في غزة والمنطقة إحياء علاقة «حزب الله» - «التيار الوطني الحر»، التي شهدت تدهوراً غير مسبوق في العام الماضي، على خلفية قرار الحزب ترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية اللبنانية، وهو ما يعارضه رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، الذي تقاطع مع قوى المعارضة لإسقاطه بتبني ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور.

ولم يؤد الحوار، الذي انطلق بين الطرفين الصيف الماضي لمحاولة الوصول إلى تسوية تؤدي لانتخاب رئيس، إلى أي نتائج في ظل تمسك الحزب بفرنجية وترويج باسيل لمرشح آخر.

وعلى وقع حرب غزة، عاد بعض النبض إلى علاقة الطرفين مع مبادرة باسيل للتواصل مع معظم القوى السياسية، ومن ضمنها «حزب الله». وسُجل اتصال هاتفي بين باسيل وأمين عام «حزب الله» حسن نصر الله قيل إنه بحث «حماية لبنان وتعزيز الوحدة الوطنية».

وليس خافياً أن من مصلحة «حزب الله» اليوم التقرب مجدداً من باسيل للحصول على غطاء مسيحي لعملياته في جنوب لبنان، باعتبار أن كل القوى المسيحية الأخرى تعارض بشدة أي نشاط للحزب جنوباً دعماً لغزة أو غيرها، في وقت يؤيد «الوطني الحر» الاستنفار العسكري جنوباً «بإطار الدفاع عن النفس لا الهجوم».

ويدرك الحزب أن البيئة الحاضنة له ولجمهوره، في حال توسع رقعة الحرب، لن تكون بحجم ما كانت عليه في عام 2006، خاصة بعدما بينت حادثة الكحالة (حين سقط قتيلان أحدهما من الحزب على خلفية انقلاب شاحنة أسلحة في المنطقة) أن حتى البيئة «العونية» لم تعد تحتضنه، لذلك يسعى لاجتذابها مجدداً إليه.

ويحاول باسيل بالمقابل أن يستثمر مواقفه من قتال الحزب جنوباً، بملف التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون، وحتى بملف رئاسة الجمهورية، إذ يرفض رفضاً قاطعاً طرح تمديد ولاية العماد عون التي تنتهي مطلع العام المقبل، وهو يعتمد على «حزب الله» لإحباط ذلك، خصوصاً في مجلس النواب بعدما تقدم نواب «القوات اللبنانية» باقتراح قانون للتمديد لقائد الجيش.

وتستبعد مصادر مطلعة على جو «حزب الله» أن يغطي الحزب التمديد لعون من منطلق أنه لم يؤيد لا التمديد لحاكم مصرف لبنان (السابق رياض سلامة) ولا للمدير العام للأمن العام (السابق اللواء عباس إبراهيم). ولفتت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الحزب «يفضل أن تُترك الآليات القانونية تأخذ مجراها كما حصل في الحالتين السابق ذكرهما».

ويدفع باسيل لأن يتولى العميد بيار صعب مهام قائد الجيش؛ كونه الأعلى رتبة، وهو طرح ترفضه معظم القوى السياسية ولم يعلق «حزب الله» عليه.

وقد عبّر الزعيم الدرزي وليد جنبلاط عن حقيقة ما يحصل لجهة المصالح المتبادلة بين «التيار» والحزب، إذ قال في مقابلة تلفزيونية أخيراً: «يبدو أن (حزب الله) يتفق مع النائب باسيل على عدم التمديد لقائد الجيش، وبعدما ابتعد باسيل عن (حزب الله)، يُريد الأخير أن يُعيده، فعدنا إلى لعبة الابتزاز، و(حزب الله) وباسيل محشوران، الحزب يُريد حليفاً مسيحياً».

ويصف مصدر قيادي في «التيار الوطني الحر» العلاقة مع الحزب بـ«الفاترة»، مؤكداً أن «التيار» لم يطلب شيئاً بما يتعلق بالتمديد للعماد عون. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «موقفنا واضح لجهة رفض التمديد وننتظر ما سيفعله الحزب في هذا المجال علماً بأننا فهمنا منهم أنهم هم أيضاً لا يريدون التمديد. لكن إذا وافق رئيس البرلمان نبيه بري على وضع هذا الاقتراح على جدول أعمال أي جلسة مقبلة، فذلك سيعني عملياً تغطيتهم التمديد».

ويشير المصدر إلى أن «التيار واضح تماماً بما يتعلق بالوضع جنوباً. هو غير موافق على أي عمليات عسكرية إلا بإطار الدفاع عن النفس، ولكن إذا دخلنا في الحرب فلا شك أننا سنكون إلى جانب الحزب».

وأدى خطاب نصر الله الأخير إلى نوع من الاسترخاء في بيئة «التيار الوطني الحر» التي كانت تخشى الحرب المفتوحة وتجاهر برفضها.

ويصف الكاتب والمحلل السياسي قاسم قصير العلاقة بين الحزب و«التيار» بـ«الجيدة حالياً»، متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» عن «تواصل وتقارب بينهما ازدادت وتيرته بعد حرب غزة».

ولا يرى قصير أن «العلاقة بين الطرفين قائمة على مصالح متبادلة حالياً إنما على رؤية وطنية مشتركة للتطورات».

 


مقالات ذات صلة

إيران تفاوض مباشرة بـ«الورقة اللبنانية» بعد تضعضع حلفائها

المشرق العربي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي خلال لقائه الأخير مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري (أ.ف.ب)

إيران تفاوض مباشرة بـ«الورقة اللبنانية» بعد تضعضع حلفائها

يحرص المسؤولون الإيرانيون في الفترة الأخيرة على بعث رسائل للداخل والدول المعنية بأن إيران ممسكة بالملف اللبناني.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي سحب الدخان تتصاعد من مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية إثر تعرضها للقصف (أ.ب)

غارات إسرائيلية على مناطق جنوبي بيروت بعد إنذارات إخلاء جديدة

استهدفت غارتين إسرائيليتين مناطق في جنوب بيروت، الخميس، بعد نحو ساعة من تحذير الجيش الإسرائيلي لسكان أربعة أحياء في معقل حزب الله بضرورة إخلاء مبان محددة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان لدى استقباله كلير لوجندر في الرياض (واس)

اجتماع سعودي - فرنسي يبحث مستجدات غزة ولبنان

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع كلير لوجندر مستشارة الرئيس الفرنسي للشرق الأوسط وأفريقيا الشمالية، التطورات في قطاع غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي نعيم قاسم الأمين العام لـ«حزب الله» (لقطة من فيديو لكلمته)

نعيم قاسم: نتنياهو لديه مشروع يتخطى غزة ولبنان إلى الشرق الأوسط

قال نعيم قاسم الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني، الأربعاء، إنه «لم يعد مهماً كيف بدأت الحرب، وما الذرائع التي سببتها».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة بالأقمار الاصطناعية لقرية عيتا الشعب في جنوب لبنان - 24 أكتوبر 2024 (أ.ب)

إسرائيل مسحت 29 بلدة لبنانية من الخريطة

واصلت إسرائيل مسح قرى لبنانية حدودية من الخريطة، بتفخيخها وتفجيرها، في حين تشير التقديرات الأولية للخسائر الناجمة عن الحرب الإسرائيلية على لبنان إلى ما يقارب.

«الشرق الأوسط» (بيروت - دمشق)

«الوطني الحر» ينجز مراجعته: سلاح «حزب الله» لا يحمي لبنان

صورة متداوَلة للقاء سابق بين جبران باسيل والمعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» حسين الخليل ومسؤول الارتباط في الحزب وفيق صفا
صورة متداوَلة للقاء سابق بين جبران باسيل والمعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» حسين الخليل ومسؤول الارتباط في الحزب وفيق صفا
TT

«الوطني الحر» ينجز مراجعته: سلاح «حزب الله» لا يحمي لبنان

صورة متداوَلة للقاء سابق بين جبران باسيل والمعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» حسين الخليل ومسؤول الارتباط في الحزب وفيق صفا
صورة متداوَلة للقاء سابق بين جبران باسيل والمعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» حسين الخليل ومسؤول الارتباط في الحزب وفيق صفا

تتوالى مواقف قيادات ونواب «التيار الوطني الحر»، التي تؤكد أن العلاقة بين «التيار» و«حزب الله» دخلت منحى جديداً، وأنه ستتم إعادة النظر بكل تفاصيلها بعد وقف النار، خصوصاً مع تحول استراتيجي في موقف قيادة «الوطني الحر» التي كانت تعدّ أن قوة «حزب الله» تحمي لبنان، وباتت بعد التطورات الأخيرة على يقين بأن «قوة الردع» سقطت، وبات يفترض البحث عن بديل لها.

مواقف عالية النبرة

ولفتت المواقف عالية النبرة التي أطلقها النائب في «التيار»، جيمي جبور، مؤخراً، وقوله: «خاب ظننا بالوعود التي كانوا يتحدثون عنها لجهة مبنى مقابل مبنى، ومدينة مقابل مدينة، والتي لم تُترجم في الميدان»، مضيفاً: «الردع كان يفترض أن يظهر في الميدان في الأيام الأولى من الهجوم، وسلاح المقاومة الذي كنا نعدّه نقطة قوة لبنان أصبح نقطة ضعف جلبت العدوان إلى البلد، من دون القدرة على الردع، ما يعني انعدام الحاجة لهذا السلاح».

آلية جديدة لحماية لبنان

وعدّ كثيرون أن كلام جبور هذا يأتي بمثابة إعلان قطع شعرة العلاقة مع الحزب، إلا أن نائب رئيس «الوطني الحر»، الدكتور ناجي حايك، يؤكد أن «التيار لا يقطع التواصل مع أحد، لا مع (حزب الله) ولا مع غيره. نحن نحاول التواصل مع الجميع، إلا إذا قرر أي فريق خلاف ذلك».

ويُشدد حايك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن مواقف «الوطني الحر» كانت واضحة منذ البداية، بحيث كنا ضد جبهة إسناد غزة، وقد تبين أن النظرية التي تقول بأن وجود «حزب الله» يردع إسرائيل «غير صحيحة»، مضيفاً: «ومع فقدان قوة الردع بات يفترض البحث عن آلية جديدة لحماية لبنان، وهي تمر حكماً باستراتيجية دفاعية تقرر ما هي حاجات الجيش اللبناني، مع قناعتنا بأن الدفاع عن لبنان وتحصين الساحة الداخلية ليس عسكرياً فقط، بل يلحظ تحييد لبنان وإقامة علاقات جيدة مع الدول الصديقة والشقيقة وبناء اقتصاد قوي».

لا تعليق من الحزب

من جانبه، يتفادى «حزب الله» التعليق على كل ما له علاقة بالملفات السياسية الداخلية، لاعتباره أنه لا أولوية اليوم ولا اهتمام له إلا خوض الحرب ومساعدة النازحين. وتنفي مصادر مطلعة قريبة من «حزب الله» أن يكون هناك قطع نهائي للعلاقة مع «الوطني الحر»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الحزب حالياً مهتم بالمعركة، والتيار يقوم بعمله تجاه النازحين، أما ملف الرئاسة فمؤجل».

ومنذ 17 سبتمبر (أيلول) الماضي، تاريخ تفجير أجهزة «البيجر» في عناصر «حزب الله» وما تلاها من أحداث متسارعة، أبرزها اغتيال أمينه العام السابق السيد حسن نصر الله، انقطع تواصل قيادة الحزب المباشر مع معظم القوى السياسية، وتم حصره إلى حد كبير في رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي تم توكيله بالتفاوض لوقف الحرب.

«العونيون» قسمان

وكان رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، قد وصف بـ«الخطأ الاستراتيجي» قرار «حزب الله» باتباع سياسة وحدة الساحات، عادّاً أن «إيران تحارب اليوم بـ(حزب الله) وباللبنانيين»، وأن عليها «أن تحارب إسرائيل مباشرة وليس بواسطة اللبنانيين».

وفي حين يؤيد القسم الأكبر من العونيين مواقف قيادة «التيار»، يعدّ قسم منهم أنه لا يجوز إطلاق مواقف من هذا النحو في خضم الحرب، وأنه من المفترض محاسبة الحزب على خياراته وقراراته بعد وقف النار، حتى إن منهم من يتبنّى مواقف «حزب الله» وحججه ومبرراته كاملة.

في المقابل، توسّعت الحملة على باسيل و«التيار» من قِبَل مناصري «حزب الله» على وسائل التواصل الاجتماعي، فف حين عدّ كثيرون أن مواقفه المستجدة تنم عن «نكران للجميل»، تساءل أحد المغردين: «هل كنت ستقول هذا الكلام و(حزب الله) في عز قوته وفي وجود أمينه العام؟».

لكن كل ما سبق لم يُؤثر إطلاقاً على عملية استضافة المناطق المحسوبة على «الوطني الحر» للنازحين الشيعة، أو على الحراك العوني المستمر لتقديم المساعدات اللازمة، خصوصاً الموجودين في مراكز إيواء.

عاجل «إف.بي.آي» يحبط خطة إيرانية لاستئجار قاتل لاغتيال ترمب (أسوشييتد برس)