إسرائيل تدرس خططاً حول مصير غزة «بعد الحرب»

عشية زيارة بلينكن

فلسطينيون يبحثون عن ناجين أو ضحايا بين الأنقاض في الفلوجة بمخيم جباليا في قطاع غزة اليوم الأربعاء (إ.ب.أ)
فلسطينيون يبحثون عن ناجين أو ضحايا بين الأنقاض في الفلوجة بمخيم جباليا في قطاع غزة اليوم الأربعاء (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تدرس خططاً حول مصير غزة «بعد الحرب»

فلسطينيون يبحثون عن ناجين أو ضحايا بين الأنقاض في الفلوجة بمخيم جباليا في قطاع غزة اليوم الأربعاء (إ.ب.أ)
فلسطينيون يبحثون عن ناجين أو ضحايا بين الأنقاض في الفلوجة بمخيم جباليا في قطاع غزة اليوم الأربعاء (إ.ب.أ)

عشية زيارة وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إلى تل أبيب، الجمعة، أقامت الحكومة الإسرائيلية لجنتين وزاريتين لغرض بلورة موقف إزاء مستقبل قطاع غزة بعد الحرب.

وقد جاءت هذه الخطوة، بعد أن نُشرت على الملأ خطط إسرائيلية عدة تشتمل على ترحيل جميع أهل غزة إلى سيناء المصرية والرد المصري الغاضب عليها. وقالت مصادر سياسية في تل أبيب إن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، أوضح أنه يجب وضع قرارات مدروسة في الموضوع، منتقداً تسريبات «غير مسؤولة»، خصوصاً أنها تتناول اقتراحات لم يتم البتّ بها في أي جلسة للحكومة. وأكدت هذه المصادر أن نتنياهو أقدم على هذه الخطوة بعد أن فهم أن الإدارة الأميركية قلقة من مشاريع الترحيل والردين المصري والأردني الغاضبين عليها.

وتبيّن أن مساعدة الوزير بلينكن، باربرا ليف، وصلت إلى البلاد لغرض الإعداد لزيارته. وطلبت أن يكون الموقف الإسرائيلي مبلوراً بشكل دقيق ووضع حد لتسريب خطط تمس بدول المنطقة. وقالت إنه «ينبغي أن يكون للحرب هدف سياسي واضح، حتى يعرف أصدقاء إسرائيل إلى أين يتجهون في دعمها، وواشنطن تأمل أن تتفق الأطراف المعنية على صياغة تفتح أبواب الأمل لمسيرة سياسية تقود إلى حل على أساس الدولتين».

فلسطينيون يحاولون الاحتماء بعد غارة إسرائيلية قرب مستشفى الشفاء بمدينة غزة اليوم الأربعاء (أ.ف.ب)

وكانت أوساط سياسية قد كشفت عن مخططات عدة لترحيل سكان قطاع غزة، بينها مخططان صادران عن أوساط مقربة من نتنياهو. المخطط الأول أُعدّ في معهد «مسغاف» الذي يقوده مئير بن شبات، الذي أمضى 10 سنوات في العمل أميناً لأسرار نتنياهو ومبعوثاً باسمه إلى المهام الخاصة، ثم عيّنه رئيساً لمجلس الأمن القومي وكلفه ملف «اتفاقات إبراهيم». والآخر أُعدّ في وزارة الاستخبارات الإسرائيلية. وفي حين كان يتحدث الأول عن ترحيل إلى قلب المدن المصرية، تحدث الثاني عن ترحيل إلى سيناء، مع خيار استيعاب مجموعات كبيرة منهم في دول الغرب. لكن كليهما يتحدث عن دفع أهالي غزة بالقوة إلى المنطقة الجنوبية من قطاع غزة، إلى حين يجوعون ولا يجدون الماء ولا الدواء، ومن ثم يتم دفعهم إلى شبه جزيرة سيناء المصرية. وهناك تكون مصر مرغمة على فتح معبر رفح واستقبالهم وتولي شؤونهم.

ولا يتطرق المخطط الثاني لمصير قطاع غزة، لكن المخطط الأول الذي وُلد في معهد «مسغاف»، يتحدث عن تدمير كل المباني فيه وتحويله منطقة سياحية إسرائيلية وإعادة الاستيطان اليهودي فيها ليصبح امتداداً لمدن الساحل؛ تل أبيب وأشدود وأشكلون. ويتحدث الثاني عن التأثير في الوعي الفلسطيني وإحداث انقلاب في عقلية الفلسطينيين بحيث يصبحون يرون في «حماس» سبباً في كارثتهم ويظلون يتذكرون لأجيال أن من يُحدِث جرحاً عميقاً كهذا بإسرائيل يدفع ثمناً باهظاً، مثل فقدان الأرض والوطن وليس فقط الأقرباء الأعزاء.

طفلة تحت الأنقاض في مخيم جباليا اليوم (أ.ب)

يذكر أن بلينكن سيصل إلى تل أبيب وعدد من دول المنطقة، الجمعة، في إطار جولة شرق أوسطية جديدة مع دخول الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة أسبوعها الخامس. وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، في تصريح لصحافيين إن بلينكن «سيلتقي مسؤولين في الحكومة الإسرائيلية وستكون له محطات أخرى في المنطقة».

ووفق مصادر سياسية في تل أبيب، فإن اللقاءات مع باربرا ليف بيّنت أن بلينكن ينوي الاطلاع على مجريات الحرب وما إذا كانت تتلاءم مع الرؤية الأميركية، بأن أهم أهدافها هو المساعدة على إعادة المخطوفين، وتوجيه ضربة قاصمة لـ«حماس» وإدخال الوقود بشكل مُراقب إلى قطاع غزة، وإنقاذ المستشفيات.


مقالات ذات صلة

الحوثيون: سنتخذ إجراءات عسكرية ضد إسرائيل بمجرد انتهاء مهلة الأيام الأربعة

العالم العربي عرض لمجسمات صواريخ ومسيّرات حوثية في صنعاء (إ.ب.أ)

الحوثيون: سنتخذ إجراءات عسكرية ضد إسرائيل بمجرد انتهاء مهلة الأيام الأربعة

قال الحوثيون في اليمن، اليوم (الاثنين)، إنهم سيتخذون إجراءات عسكرية بمجرد انتهاء مهلة الأيام الأربعة لرفع الحصار عن قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا رجل تسلق برج بيغ بن ولوح بالعلم الفلسطيني (د.ب.أ)

​تقرير: الناشط المؤيد للفلسطينيين الذي تسلق ساعة بيغ بن يدفع ببراءته من إلحاق الأذى بالجمهور

قالت وكالة «رويترز» للأنباء إن الشاب الذي تسلق برج إليزابيث الذي يضم ساعة بيغ بن الشهيرة في قصر وستمنستر بلندن السبت سيمثل أمام المحكمة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي جرافات إسرائيلية داخل قطاع غزة (رويترز) play-circle 00:18

الأردن يندد بقرار إسرائيل قطع الكهرباء عن غزة

ندد الأردن، اليوم الاثنين، بقرار إسرائيل وقف نقل الكهرباء إلى قطاع غزة واعتبره «إمعاناً واضحاً في سياسة التجويع والحصار».

«الشرق الأوسط» (عمّان)
تحليل إخباري عناصر من حركة «حماس» خلال الاستعداد لتسليم أسرى إلى ممثلي «الصليب الأحمر» في رفح جنوب قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)

تحليل إخباري غموض وتضارب بشأن إبعاد «حماس» عن إدارة غزة يعقدان المفاوضات

زاد الغموض والتضارب بشأن إبعاد حركة «حماس» من عدمه عن إدارة قطاع غزة مستقبلاً، خاصة بعد تأكيدات من الحركة أن واشنطن لم تطلب منها الخروج من المشهد السياسي.

هشام المياني (القاهرة)
الولايات المتحدة​ متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين أمام المدخل الرئيسي لجامعة كولومبيا في نيويورك يوم 25 أغسطس 2024 (رويترز)

ترمب بعد اعتقال متظاهر مؤيد للفلسطينيين في جامعة كولومبيا: «سيتم توقيف المزيد»

قال دونالد ترمب إن احتجاز محمود خليل، أحد قادة الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في جامعة كولومبيا بنيويورك، هو «عملية التوقيف الأولى وسيتم توقيف المزيد».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

غموض وتضارب بشأن إبعاد «حماس» عن إدارة غزة يعقدان المفاوضات

عناصر من حركة «حماس» خلال الاستعداد لتسليم أسرى إلى ممثلي «الصليب الأحمر» في رفح جنوب قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
عناصر من حركة «حماس» خلال الاستعداد لتسليم أسرى إلى ممثلي «الصليب الأحمر» في رفح جنوب قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
TT

غموض وتضارب بشأن إبعاد «حماس» عن إدارة غزة يعقدان المفاوضات

عناصر من حركة «حماس» خلال الاستعداد لتسليم أسرى إلى ممثلي «الصليب الأحمر» في رفح جنوب قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
عناصر من حركة «حماس» خلال الاستعداد لتسليم أسرى إلى ممثلي «الصليب الأحمر» في رفح جنوب قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)

زاد الغموض والتضارب بشأن إبعاد حركة «حماس» من عدمه عن إدارة قطاع غزة مستقبلاً، خاصة بعد تأكيدات من الحركة أن واشنطن لم تطلب في المفاوضات المباشرة معها خروجها من المشهد السياسي، إلا أن مصدراً مصرياً مطلعاً أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الوسطاء في مصر وقطر لديهم القدرة على التعامل مع الموقف رغم ما يبرز فيه من تعقيدات».

وكان طاهر النونو، القيادي في حركة «حماس» أكد لـ«رويترز»، الأحد، أن عدة لقاءات عقدت بين قيادات الحركة والمبعوث الأميركي لشؤون الرهائن آدم بوهلر.

وقال: «عدة لقاءات تمت بالفعل بالدوحة تركزت حول إطلاق سراح أحد الأسرى مزدوجي الجنسية، وتعاملنا بإيجابية ومرونة كبيرة بما يصب في مصلحة الشعب الفلسطيني».

وصرح النونو أن الجانب الأميركي لم يطرح في جلسات الحوار التي جرت مع ممثلين للحركة إزاحة «حماس» من المشهد السياسي الفلسطيني.

يأتي ذلك رغم إعلان حركة «حماس» من قبل أنها أبلغت الوسطاء في مصر وقطر بموافقتها على التنحي عن إدارة غزة بعد الحرب.

وتزامن أيضاً مع انطلاق جولة مفاوضات جديدة، الاثنين، في العاصمة القطرية الدوحة بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، حيث انتهت المرحلة الأولى من الاتفاق في الأول من مارس (آذار) الجاري، بينما رفضت إسرائيل الدخول في المرحلة الثانية التي تعني فعلياً إنهاء الحرب.

وتتمسك إسرائيل بإنهاء وجود «حماس» تماماً في غزة بينما تقبل الحركة فقط بالتنازل عن الحكم، لكنها تتمسك بحق الاستمرار في مقاومة الاحتلال بالأراضي الفلسطينية ومن ضمنها القطاع.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب خلال الحرب وهم في طريقهم إلى منازلهم في شمال غزة يناير الماضي (رويترز)

من جانبه، أوضح مصدر مصري مطلع أن «دخول واشنطن على خط المفاوضات المباشرة مع (حماس) بالقطع ألقى بظلاله على محادثات وقف إطلاق النار؛ لأن الإشارات التي خرجت عنه أوحت كما لو أن الولايات المتحدة غيرت موقفها من الحركة التي تصنفها إرهابية منذ عقود».

لكن المصدر أشار إلى أنه «رغم ذلك فإن الوسطاء في مصر وقطر يسيرون في طريق تنفيذ وقف إطلاق النار وفق ما تم التوصل إليه من البداية، والذي يقضي في نهاية المطاف بعدم مشاركة (حماس) في إدارة غزة، وهذا هو الموقف الذي أبلغته الحركة للوسطاء ولم يتغير».

وشدد المصدر على أن «المتغيرات والإشارات المتضاربة بالقطع تزيد من تعقيد المفاوضات وتتطلب جهوداً أكثر للتعامل معها، ولكن مصر وقطر لديهما القدرة على حلحلة الموقف والتعامل معه».

رئيس المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، العميد خالد عكاشة قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «بعد دخول واشنطن في مفاوضات مباشرة مع (حماس) ظهرت حالة من التضارب في المواقف بين إسرائيل والولايات المتحدة، فقبل ذلك كانت مواقف الطرفين متسقة ومتوافقة تماماً تجاه (حماس)، ولكن الآن بدا أن واشنطن أظهرت تغيراً في موقفها سعياً لتحقيق مصلحتها، وهي إطلاق رهائنها الأميركيين لدى (حماس)».

ونوه إلى أن «كلاً من إسرائيل والولايات المتحدة باتتا تلقيان باللوم كل منهما على الأخرى في تضارب المواقف، وهذا من المؤكد خلق حالة من الاضطراب انعكست على محادثات وقف إطلاق النار، ولكن الشيء الجيد أن هناك اتفاقاً عربياً على ما اقترحته القاهرة من إبعاد (حماس) عن إدارة غزة، وهذا هو ما يعتمد عليه الوسطاء في مصر وقطر خلال المفاوضات».

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أعلنت هيئة الاستعلامات المصرية أن ممثلين لحركتي «فتح» و«حماس» وافقوا خلال اجتماع بالقاهرة على اقتراح مصري بإدارة قطاع غزة فيما بعد انتهاء الحرب.

وينص الاقتراح المصري على تشكل هيئة إدارية لقطاع غزة يطلق عليها اسم «اللجنة المجتمعية لمساندة أهالي قطاع غزة»، تتولى مهمة إدارة الشؤون المدنية وتوفير وتوزيع المساعدات الإنسانية على الفلسطينيين في القطاع، وإعادة تشغيل معبر رفح الحدودي مع مصر، والشروع في إعادة إعمار ما دمرته العمليات العسكرية الإسرائيلية.

من جانبه، قال المحلل السياسي السعودي، محمد الحربي، لـ«الشرق الأوسط» إن «القمة العربية الطارئة التي عقدت في القاهرة أخيراً أعلن أنه تمت الموافقة على الخطة المقدمة من مصر والتي تضمنت تشكيل لجنة مستقلة لإدارة قطاع غزة في المرحلة المقبلة بدعم عربي وتحت مظلة فلسطينية».

وأكد أن «ما يقال أو ما يتم خلال المفاوضات بين (حماس) والولايات المتحدة فهذا أمر طبيعي؛ لأن (حماس) هي الموجودة على الأرض الآن وهي طرف أساسي خلال عملية التفاوض، وخلال المفاوضات تحدث مناورات طبيعية، وكل طرف يؤجل حسم أشياء للنهاية لتحقيق أقصى قدر ممكن من مصالحه».

تجدر الإشارة إلى أنه في فبراير (شباط) الماضي أطلق الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، دعوة لحركة «حماس» بالتنحي عن إدارة غزة، وهي الدعوة التي أيدتها دول عربية باعتبارها تصب في مصلحة الشعب الفلسطيني.

لكن الأستاذ في معهد «دراسات الشرق الأوسط» بواشنطن، الدكتور حسن منيمنة، قال إنه «من المغالطة تسمية ما جرى من لقاءات بين حركة (حماس) والمبعوث الأميركي لشؤون الرهائن آدم بوهلر مفاوضات بين واشنطن و(حماس)».

منيمنة شرح لـ«الشرق الأوسط» أن «بوهلر مكلف بملف وحيد وهو ملف الرهائن، ومن ثم مخول بالتواصل مع الحركة من أجل إنجاز هذا الملف وإطلاق سراح الرهائن، وليس مخولاً بأكثر من ذلك، ومن ثم ليس له الحديث عن مستقبل (حماس) من عدمه، أو حتى مستقبل وقف إطلاق النار».

وشدد على أن «الحركة بالقطع عملت على استغلال الموقف وتحقيق مطالبها، ولكن بوهلر ليس في يده شيء، وبالتالي لا يمكن التعويل على أنه لم يطرح إبعاد الحركة عن المشهد السياسي في غزة أو ترجمته إلى أنه موقف ما من واشنطن».