«افتحوا المعبر»... «افتحوا الحدود»... ما المانع؟

دعوات متنامية لمصر عدّها مراقبون «مطالبات غير مدروسة»

شاحنات تحمل مساعدات إنسانية لقطاع غزة تعبر معبر رفح الحدودي  (إ.ب.أ)
شاحنات تحمل مساعدات إنسانية لقطاع غزة تعبر معبر رفح الحدودي (إ.ب.أ)
TT

«افتحوا المعبر»... «افتحوا الحدود»... ما المانع؟

شاحنات تحمل مساعدات إنسانية لقطاع غزة تعبر معبر رفح الحدودي  (إ.ب.أ)
شاحنات تحمل مساعدات إنسانية لقطاع غزة تعبر معبر رفح الحدودي (إ.ب.أ)

منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وفرض حصار على القطاع بقطع إمدادات المياه والكهرباء والغاز، تتكرر بين الحين والآخر الدعوات المطالبة لمصر بـ«فتح معبر رفح الحدودي بوصفه الممر الوحيد الآن للقطاع»، في حين يرى مراقبون أن هذه المطالبات «غير مدروسة»، وسط تأكيدات متكررة من القاهرة أنها «لم تغلق المعبر في أي وقت».

المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، قال في تغريده عبر «إكس» قبل يومين، إن «مصر لم ولن تدخر جهداً في إنفاذ المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة». وأشار إلى أن «الإجراءات الإسرائيلية المتشددة تعوق تدفق تلك المساعدات». كما أضاف أبو زيد أنه «ليس معقولاً أن يُعاد تفتيش الحافلات بمعبر (نتسانا) الإسرائيلي، وأن تقطع كل حافلة مسافة 100 كم إضافية قبل دخولها إلى القطاع عبر معبر رفح».

وناشد المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، أشرف القدرة، (الاثنين) عبر «إكس»، مصر بفتح معبر رفح للسماح بدخول المساعدات الطبية وخروج الجرحى.

وسبق أن دعت الحركة المدنية الديمقراطية في مصر (ائتلاف لأحزاب وشخصيات معارضة) السلطات المصرية لفتح المعبر بشكل «فوري». وقالت في بيان لها الأسبوع الماضي: «نطالب السلطات المصرية بفتح معبر رفح من طرف واحد لدخول المساعدات والدواء والوقود تحت رعاية الأمم المتحدة والصليب الأحمر، وتوفير الحماية الدولية لهم، ومنع الجيش الإسرائيلي من تهديد سلامتها».

لكن الخبير الاستراتيجي المصري، عبد المنعم سعيد، عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان) أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه مطالب غير واقعية وغير مدروسة»، موضحاً أنه «لا يُمكن فتح المعبر من جانب واحد، فهذه مسألة تحكمها معايير وقواعد دولية»، مشيراً إلى أن «هناك أطرافاً أخرى لها دور في فتح المعبر، وهي إسرائيل وحركة (حماس)».

سعيد قال إن «مصر أكدت أكثر من مرة أن المعبر مفتوح من جانبها، لكن هناك عقبات على الناحية الأخرى بسبب القصف الإسرائيلي الذي دمر الطرق الداخلية، ما يجعل مرور الشاحنات الثقيلة أمرًا صعباً، إضافة إلى القيود الإسرائيلية على مرور المساعدات».

وكان وزير الخارجية المصري، سامح شكري، قد قال في وقت سابق، إن «محاولات تشويه موقف مصر بشأن المعبر غير مقبولة»، موضحاً حينها أن «معبر رفح تعرض للقصف من قبل إسرائيل 4 مرات، وبالتالي لا يعمل بالشكل الطبيعي».

وأكدت القاهرة مراراً أنها «لم تغلق معبر رفح في أي وقت». وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال «قمة مصر» للسلام الشهر الحالي، إنه «منذ اللحظة الأولى، انخرطت مصر في جهود حثيثة ومضنية، ليلَ نهار، لتنسيق وإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثة»، مؤكداً أن «مصر لم تغلق معبر رفح في أي لحظة غير أن القصف الإسرائيلي المتكرر للجانب الفلسطيني عاق عمله».

ويحكم تشغيل معبر رفح اتفاقية المعابر التي وقعتها السلطة الفلسطينية وإسرائيل عام 2005، ويخضع بموجبها المعبر «للسيطرة الفلسطينية - الإسرائيلية برعاية أوروبية تراقب حق الجانب الفلسطيني في العبور والتبادل التجاري بما لا يمس الأمن الإسرائيلي».

عودة إلى عبد المنعم سعيد الذي أكد أن «مصر تجعل فتح المعبر أمام المساعدات قضيتها الأساسية، وتؤكد عليه في كل اتصالاتها الرسمية مع المسؤولين في الغرب، وآخرها الاتصال بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الأميركي جو بايدن (مساء الأحد)». وأوضح أن «إدخال المساعدات ليس بالسهولة التي يتصورها البعض، فمصر مسؤولة عن ضمان سلامة هذه الشاحنات بعد عبورها من الجانب المصري، وبالتالي لا يُمكن في ظل الوضع الحالي إدخال المساعدات من دون تنسيق». ووفق سعيد فإن «المطالب المتكررة لمصر بفتح المعبر، هي محاولة من جانب حركة (حماس) لإحراج مصر، إضافة إلى مساعٍ من أطراف في الداخل المصري لإحراج السلطات المصرية أيضاً رغم عدم واقعية هذه المطالب».


مقالات ذات صلة

الخليج مندوب فلسطين رياض منصور يتحدث خلال اجتماع لمجلس الأمن في مقر الأمم المتحدة (أ.ب)

السعودية ترحب بقرار أممي حول التزامات إسرائيل

رحّبت السعودية بقرار للأمم المتحدة يطلب رأي محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل تجاه الفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص منازل فلسطينية تتعرض لأضرار بالغة خلال قصف إسرائيلي في بيت لاهيا (رويترز)

خاص «هدنة غزة»: «شروط جديدة» تؤخر إعلان الصفقة المرتقبة

مصادر مصرية وفلسطينية، تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، تشير إلى «شروط جديدة طرحها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وأخرى من (حماس)».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الولايات المتحدة​ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن (أرشيفية - رويترز)

من هم المسؤولون الأميركيون الذين استقالوا احتجاجاً على سياسة بايدن في غزة؟

دفع دعم الرئيس جو بايدن لإسرائيل خلال حربها المستمرة منذ أكثر من 14 شهراً في غزة أكثر من 10 مسؤولين في الإدارة الأميركية إلى الاستقالة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية قوات إسرائيلية تنشط في منطقة جبل الشيخ بسوريا في هذه الصورة المنشورة بتاريخ 9 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 01:10

ماذا يربط «7 أكتوبر» باحتلال إسرائيل لجبل الشيخ؟

إصرار إسرائيل على احتلال جانب آخر من جبل الشيخ، ضمن جنيها ثمار انهيار نظام الأسد، يشير إلى «عقدة 7 أكتوبر» في تل أبيب.

نظير مجلي (تل أبيب)

«الإنتربول» الأميركي يطالب بيروت بتوقيف مدير المخابرات الجوية في نظام الأسد

أمّ سورية مع أطفالها عند معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا (د.ب.أ)
أمّ سورية مع أطفالها عند معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا (د.ب.أ)
TT

«الإنتربول» الأميركي يطالب بيروت بتوقيف مدير المخابرات الجوية في نظام الأسد

أمّ سورية مع أطفالها عند معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا (د.ب.أ)
أمّ سورية مع أطفالها عند معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا (د.ب.أ)

في خطوة هي الأولى من نوعها منذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، باشرت الإجراءات القضائية الدولية بملاحقة رموز هذا النظام؛ إذ تلقّى النائب العام التمييزي في لبنان القاضي جمال الحجار، برقيّة من «الإنتربول» الأميركي، معمّمة عبر «الإنتربول» الدولي، تطلب من السلطات اللبنانية «توقيف اللواء جميل الحسن، مدير المخابرات الجوية السورية في نظام الأسد». وكشف مرجع قضائي لبناني لـ«الشرق الأوسط»، أن البرقية الأميركية «دعت السلطات القضائية والأمنية في لبنان إلى توقيف الحسن إذا كان موجوداً على الأراضي اللبنانية، والقبض عليه في حال دخوله لبنان وتسليمه إلى الولايات المتحدة الأميركية»، مشيراً إلى أن الحجار «أمر بتعميم هذه البرقية على كافة الأجهزة الأمنية لا سيما جهاز الأمن العام، وطلب توقيفه في حال العثور عليه في لبنان». وتتهم البرقيّة الأميركية اللواء جميل الحسن بـ«ارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية، وتحمّله المسؤولية المباشرة عن إلقاء آلاف الأطنان من البراميل المتفجّرة على الشعب السوري، وقتل آلاف المدنيين الأبرياء بمساعدة مسؤولين عسكريين وأمنيين يجري جمع معلومات حولهم». وقال المرجع القضائي إن هذه البرقية «عُمّمت أيضاً على كلّ الدول المنخرطة في اتفاقية الشرطة الدولية (الإنتربول)، ويُفترض توقيفه في أي مكان يمكن العثور عليه فيه».

وتتجه الأنظار إلى لبنان الذي شكّل ملاذاً لمسؤولين سوريين، بالاستناد إلى معلومات تفيد بأن عدداً من القيادات السياسية والأمنية والعسكرية فرّوا إلى لبنان عند سقوط النظام لتعذر مغادرتهم الأراضي السورية جوّاً أو بحراً، واستحالة توجههم إلى الأردن باعتبار أن المناطق السورية المتاخمة للحدود الأردنية سقطت بيد المعارضة السورية قبل أيام من سقوط دمشق بيد «هيئة تحرير الشام». وانتقل الأسد إلى قاعدة «حميميم» الروسية ومنها إلى موسكو، ونفى مصدر أمني «توفّر معلومات لدى الأجهزة عن وجود مسؤولين أمنيين سوريين في لبنان»، لكنه استطرد قائلاً: «هذا لا يعني عدم فرار مثل هؤلاء إلى الداخل اللبناني من خلال المعابر غير الشرعية والاختباء في أماكن محددة، وربما بحماية جهات لبنانية موالية لنظام بشار الأسد». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك تقديرات بدخول آلاف السوريين إلى لبنان عشيّة سقوط النظام وبعده بطريقة غير شرعية»، مؤكداً أنه «عند القبض على أي مسؤول سوري سابق مطلوب للسلطات السورية الجديدة، سيتمّ إخطار المراجع القضائية بذلك لاتخاذ القرار بشأنه».

وكانت الأجهزة الأمنية اللبنانية ألقت القبض الأسبوع الماضي على عدد من الضباط والجنود التابعين لجيش النظام السوري السابق، وأخضعتهم للتحقيق. وقال المصدر الأمني: «تم القبض على 21 ضابطاً وعنصراً من عداد الفرقة الرابعة التي كان يقودها ماهر (الأسد) مع أسلحتهم، بعد دخولهم خلسة من خلال معابر غير شرعيّة في البقاع وجبل الشيخ، وجرى التحقيق معهم بإشراف النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار»، مؤكداً أن النائب العام التمييزي «أمر بتسليم هؤلاء إلى جهاز الأمن العام اللبناني للعمل على دراسة ملفاتهم وترحيلهم إلى بلادهم». وأفاد المصدر بأن الموقوفين «هم 6 ضبّاط: اثنان برتبة عقيد، ومقدّم، ورائد، ونقيب، وملازم. والباقون بين رتباء وجنود، وجميعهم يتبعون للفرقة الرابعة»، لافتاً إلى أن «ثلاثة عناصر أبدوا استعدادهم للعودة إلى بلادهم وتسوية أوضاعهم، أما الباقون فأعلنوا أنهم لا يرغبون بالعودة بسبب الخطر على حياتهم». وبحسب المصدر، فإن «أحد الضباط كان بحوزته مبلغ 110 آلاف دولار أميركي، وضابط آخر بحوزته 68 ألف دولار، أما الباقون فلديهم مبالغ محدودة».

وفي السياق نفسه، أشار المصدر إلى أن «حاجز الجيش اللبناني الواقع في منطقة المدفون (النقطة الفاصلة ما بين محافظتَي الشمال وجبل لبنان)، أوقف اللواء المتقاعد في الجيش السوري (حكمت.ف.م)، بعد دخوله لبنان خلسة، وكان بحوزته مبلغ مالي يفوق 100 ألف دولار، بالإضافة إلى كمية من الذهب تقدّر بكيلوغرامين، وتبين أنه كان يشغل منصب قائد فرقة درعا في الجيش السوري، كما تم توقيف عدد من الضباط والعناصر التابعين لأجهزة مخابرات سورية داخل بلدات في منطقة عكار (شمال لبنان)، إلّا أنه بعد التحقيق معهم أعطى القضاء العسكري أمراً بالإفراج عنهم، باعتبار أنه لا توجد ملفات أمنية بحقهم في لبنان».