البرلمان اللبناني والحكومة يتقاذفان كرة التمديد لقائد الجيش

«الثنائي الشيعي» ينأى بنفسه عن الانخراط في السجال

قائد الجيش العماد جوزيف عون (غيتي)
قائد الجيش العماد جوزيف عون (غيتي)
TT

البرلمان اللبناني والحكومة يتقاذفان كرة التمديد لقائد الجيش

قائد الجيش العماد جوزيف عون (غيتي)
قائد الجيش العماد جوزيف عون (غيتي)

مع اقتراب إحالة قائد الجيش اللبناني، العماد جوزيف عون، إلى التقاعد في العاشر من يناير (كانون الثاني) المقبل، أخذ الخلاف يتصاعد بين فريق يرفض التمديد له، دون أن يطرح البديل لملء الشغور في المؤسسة العسكرية، ويتزعمه حالياً رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، وزعيم «تيار المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، وآخر يقف على رأسه «اللقاء الديمقراطي» الذي لا يُعارض التمديد له، بشرط أن يتلازم مع تعيين رئيس لـ«هيئة الأركان العامة»، ومدير للإدارة، والمفتش العام لتأمين النصاب المطلوب لانعقاد المجلس العسكري، إضافة إلى عدد من النواب المستقلين، وآخرين من المنتمين إلى محور الممانعة، ومِن بينهم النائب فيصل كرامي.

وفي المقابل، يلوذ «الثنائي الشيعي» بالصمت وينأى بنفسه عن الانخراط في السجال الدائر بين من يدعو للتمديد للعماد عون، ومن يرفضه في المطلق؛ لإبعاده عن السباق إلى رئاسة الجمهورية، في ضوء ارتفاع حظوظه من جهة، وارتياح المجتمع الدولي لدوره على رأس المؤسسة العسكرية، رغم أن انتخاب الرئيس يدخل حالياً في إجازة مديدة على خلفية انحياز فرنسا لإسرائيل في حربها ضد «حماس»، وما يمكن أن يترتب عليه من إعادة خلط الأوراق داخل اللجنة الخماسية.

بري مجتمعاً مع قائد الجيش العماد جوزيف عون أخيراً (الوكالة الوطنية)

فـ«الثنائي الشيعي»، كما ينقل عنه مصدر نيابي بارز على تقاطع معه، يرى أنه من المبكر الآن الخوض في مسألة التمديد لقائد الجيش، بذريعة أن الجهود يجب أن تتركز على منع إسرائيل من توسيع حربها على «حماس» بما يشمل الجبهة الشمالية.

ويلفت المصدر النيابي، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه بوسع الحكومة إصدار مرسوم يقضي بتأجيل تسريح العماد عون أو إعداد مشروع قانون يحيله إلى البرلمان يطلب فيه التمديد له نظراً للظروف الاستثنائية التي يمر بها البلد، والتي تستدعي تحصين المؤسسة وعدم إقحامها في فراغ، في الوقت الذي تُواصل فيه إسرائيل تهديداتها لجنوب لبنان.

لكن هناك صعوبة في إصدار مثل هذا المرسوم ما دام وزير الدفاع الوطني، العميد المتقاعد موريس سليم، يرفض التوقيع عليه ويقترح تكليف العضو المتفرغ في المجلس العسكري، اللواء بيار صعب، القيام بمهامّ قائد الجيش بالإنابة؛ أسوةً بالتدبير الذي قضى بتكليف اللواء إلياس البيسري بتسيير شؤون المديرية العامة للأمن العام بالإنابة، فور إحالة اللواء عباس إبراهيم إلى التقاعد.

كما أن الوزير سليم لا يمانع في تعيين قائد جديد للجيش، وملء الشغور في المجلس العسكري، في حال وافقت القوى السياسية على اقتراحه، ما يفتح الباب أمام انعقاد مجلس الوزراء بجميع أعضائه لإقرار التعيينات.

أما بالنسبة لمبادرة الحكومة إلى إحالة مشروع قانون ينص على التمديد لقادة الأجهزة الأمنية، فإن إقراره يتطلب ضمان توقيع وزير الدفاع عليه، وهذا ما يرفضه، ومن ثم فإن إحالته دون توقيعه تشكل مخالفة وتعرّض المشروع للطعن أمام المجلس الدستوري؛ كونه يشكّل مخالفة موصوفة.

لذلك يبقى الحل الوحيد بمبادرة عدد من النواب إلى إعداد اقتراح قانون يُحال إلى الهيئة العامة للتصديق عليه وإقراره، وهذا ما يدعو إليه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، لتفادي الوقوع في مخالفة للدستور، خصوصاً أن وزير الدفاع بالوكالة، وزير العدل هنري خوري، ليس في وارد القفز فوق صلاحية الوزير الأصيل.

فهل يأخذ اقتراح القانون طريقه إلى الهيئة العامة في البرلمان ما دام رئيسه نبيه بري يرى أنه من المبكر طرحه قيد التداول؟ وأين يقف «الثنائي الشيعي» منه، في حين ينأى بنفسه عن الانخراط في السجال الدائر حول التمديد للعماد عون ويتجنب نوابه التطرق إليه، وكأنهم يحتفظون لأنفسهم بكلمة السر، ويختارون التوقيت المناسب للإفصاح في العلن عن موقفهم، مع أن هناك من يتعامل مع فريق «حزب الله» وحركة «أمل»، وكأنهما يتموضعان في منتصف الطريق لاختبار أداء المؤسسة العسكرية في تعاطيها حيال ما يمكن أن يؤول إليه الوضع على الجبهة الشمالية؟

وعليه، يفضل «الثنائي الشيعي» البقاء حالياً في دائرة الترقب، في حين تروّج مصادر مقرَّبة من «التيار الوطني» معلومات بأن الحزب سيضطر إلى مراعاة موقف حليفه باسيل برفضه التمديد للعماد عون، رغم إصراره على تحييد نفسه عن السجال الدائر في هذا الخصوص.

إلا أن مصادر في المعارضة ترى أن باسيل اندفع أخيراً نحو «حزب الله»، في محاولة لتجديد تقديم أوراق اعتماده إلى حليفه «حزب الله» بالوقوف بلا تردّد إلى جانبه في ردّه على العدوان الإسرائيلي من موقع الدفاع عن النفس، وإن كان يدعو لعدم الانجرار إلى النزاع الدائر بين «حماس» وإسرائيل.

وتؤكد مصادرها، لـ«الشرق الأوسط»، أن فرنجية تَوافق مع باسيل في رفضه التمديد للعماد عون أو تعيين مَن يخلفه بغياب رئيس الجمهورية، دون أن يقدم البدائل لسدّ الفراغ في المؤسسة العسكرية، وتسأل عما إذا كان يوافق على تكليف اللواء صعب بمهام قائد الجيش بالإنابة.

وترى المصادر نفسها أن الإمرة في المؤسسة العسكرية ليست نسخة طِبق الأصل عن تلك المعمول بها في المؤسسات الأمنية الأخرى، وتقول إنها من صلاحية قائد الجيش أو رئيس الأركان الذي ينوب عنه طوال فترة غيابه، وتسأل: كيف يوفّق «حزب الله»، وإن كنا على خلاف معه، بين تمسّكه بثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، وبين غضّه النظر عن الفراغ في قيادة الجيش.

وتقول إن المعارضة، بقوتها الضاربة المؤلفة من حزبَي «القوات اللبنانية» و«الكتائب»، ومعهما تكتل «التجدُّد النيابي»، وعدد من النواب من مستقلّين وتغييريين، ستقول كلمتها في الوقت المناسب، وإن كانت ليست في وارد السماح لباسيل بتسجيل نقطة يسعى لتوظيفها، ليس في تحسين شروطه في التسوية التي ليست في متناول اليد حتى الساعة، وإنما لتقديم نفسه على أنه صاحب الرقم الصعب في انتخاب الرئيس من موقع اختلافه مع فرنجية.

وعليه، فإن مصادر سياسية تقف في منتصف الطريق بين المعارضة ومحور الممانعة ما زالت تراهن على تبدُّل المواقف حيال التمديد للعماد عون، بذريعة أن المجتمع الدولي سيضطر للتدخل في الوقت المناسب لمنع الفراغ في المؤسسة العسكرية، رغم أنه لم ينقطع عن التواصل مع النواب لهذا الغرض، بالتناغم مع الدور الذي تلعبه سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان، دوروثي شيا، في هذا الخصوص.

وإلى أن تتضح المواقف من التمديد أو عدمه، فإن الحكومة تتقاذف الكرة، في هذا الشأن، مع البرلمان بذريعة افتقادها الشروط التي تسمح ببقاء العماد عون على رأس المؤسسة العسكرية.


مقالات ذات صلة

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال زيارته وزارة الدفاع (حسابه عبر منصة إكس)

ميقاتي: اللبنانيون مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن «اللبنانيين مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين ويظهر الشيخ عبد الله بن زايد وأيمن الصفدي وعدد من المسؤولين خلال اللقاء (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بحث مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي مسيّرة إسرائيليّة من نوع (هرمز 450)

«حزب الله» يعلن إسقاط مسيّرة إسرائيلية من طراز «هرمز 450» فوق الطيبة

أعلنت جماعة حزب الله اللبنانية، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء، أنها أسقطت مسيرة إسرائيلية بصاروخ أرض-جو في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (هرمز 450)
المشرق العربي عناصر من خدمة الطوارئ الإسرائيلية في مكان سقوط مقذوف في حيفا أطلق من لبنان (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: سقوط صواريخ أطلقها «حزب الله» على حيفا وتضرر كنيس

أعلن الجيش الإسرائيلي تضرر كنيس في «هجوم صاروخي كبير» شنه «حزب الله» اللبناني على مدينة حيفا (شمال غرب)؛ ما أسفر عن إصابة شخصين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

ضربة إسرائيلية تدمّر مبنى سكنياً في قلب بيروت... وتقارير: المستهدَف هو طلال حمية

موقع غارة إسرائيلية استهدفت قلب بيروت فجر اليوم (أ.ب)
موقع غارة إسرائيلية استهدفت قلب بيروت فجر اليوم (أ.ب)
TT

ضربة إسرائيلية تدمّر مبنى سكنياً في قلب بيروت... وتقارير: المستهدَف هو طلال حمية

موقع غارة إسرائيلية استهدفت قلب بيروت فجر اليوم (أ.ب)
موقع غارة إسرائيلية استهدفت قلب بيروت فجر اليوم (أ.ب)

استهدفت ضربة جوية إسرائيلية، فجر اليوم (السبت)، مبنى سكنياً في قلب بيروت بـ«خمسة صواريخ» ودمرته بالكامل وسط أنباء عن استهداف القيادي البارز في «حزب الله» طلال حمية، فيما تدخل الحرب المفتوحة بين إسرائيل و«حزب الله» شهرها الثالث.

وأوردت «الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام» الرسمية، أن بيروت «استفاقت على مجزرة مروّعة، حيث دمّر طيران العدوّ الإسرائيلي بالكامل مبنى سكنياً مؤلفاً من ثماني طبقات بخمسة صواريخ في شارع المأمون بمنطقة البسطة».

عمال إنقاذ وسكان يبحثون عن ضحايا في موقع غارة إسرائيلية في بيروت (أ.ب)

وقالت الوكالة إن «فرق الإنقاذ تعمل على رفع الأنقاض في شارع المأمون في البسطة، حيث استهدف طيران العدو مبنى سكنياً، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى».

وذكرت قناة محلية تابعة لـ«حزب الله» نقلاً عن وزارة الصحة اللبنانية أن أربعة أشخاص على الأقل قتلوا وأصيب 23 آخرون في الهجوم الذي استهدف حي البسطة في بيروت.

طلال حمية

وأفاد وسائل إعلام إسرائيلية بأن المستهدف في غارة بيروت هو القيادي في «حزب الله»، طلال حمية، حيث تم استخدام صواريخ خارقة للتحصينات ما أدى الى سماع دوي كبير في مناطق مختلفة من لبنان، وهي شبيهة بتلك التي استخدمت في عمليتي اغتيال الأمين العام السابق لـ«حزب الله» حسن نصر الله ورئيس المجلس التنفيذي في الحزب السيد هاشم صفي الدين.

وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن حمية يُعرف بـ«صاحب السيرة العسكرية اللامعة»، وأنه تولى قيادة الذراع العسكرية للحزب بعد اغتيال القيادي مصطفى بدر الدين.

وظل حمية بعيداً عن الأضواء حتى عاد إلى الواجهة مع إعلان برنامج المكافآت من أجل العدالة التابع للخارجية الأميركية، الذي عرض مكافأة تصل 7 ملايين دولار لمن يُدلي بمعلومات عنه.

ويعد حمية القائد التنفيذي للوحدة «910» وهي وحدة العمليات الخارجية التابعة لـ«حزب الله»، والمسؤولة عن تنفيذ عمليات الحزب خارج الأراضي اللبنانية.

أضرار جسيمة

وأظهر مقطع بثته قناة تلفزيونية محلية مبنى واحداً على الأقل منهاراً وعدداً من المباني الأخرى تعرضت لأضرار جسيمة.

وذكر شهود من «رويترز» أن الانفجارات هزت بيروت في نحو الساعة الرابعة صباحاً (02:00 بتوقيت غرينتش). وقالت مصادر أمنية إن أربع قنابل على الأقل أطلقت في الهجوم.

وهذا هو رابع هجوم جوي إسرائيلي خلال أيام يستهدف منطقة في وسط بيروت، فيما شنت إسرائيل معظم هجماتها على الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل «حزب الله». وأسفر هجوم جوي إسرائيلي يوم الأحد على حي رأس النبع عن مقتل مسؤول العلاقات الإعلامية في الحزب.

وشنت إسرائيل هجوماً كبيراً على «حزب الله» في سبتمبر (أيلول)، بعد عام تقريباً من اندلاع الأعمال القتالية عبر الحدود بسبب الحرب في قطاع غزة، ودكت مساحات واسعة من لبنان بضربات جوية وأرسلت قوات برية إلى الجنوب.

واندلع الصراع بعد أن فتح «حزب الله» النار تضامناً مع «حماس» التي شنت هجوماً على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وزار المبعوث الأميركي إلى لبنان آموس هوكستين لبنان وإسرائيل الأسبوع الماضي في محاولة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وتحدث هوكستين عن إحراز تقدم بعد اجتماعاته يومي الثلاثاء والأربعاء في بيروت قبل أن يتوجه إلى إسرائيل للاجتماع مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس.