ارتفاع استثنائي في قتلى «حزب الله»https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/4630901-%D8%A7%D8%B1%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%B9-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%AB%D9%86%D8%A7%D8%A6%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D9%82%D8%AA%D9%84%D9%89-%C2%AB%D8%AD%D8%B2%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87%C2%BB
تشييع مقاتل لـ«حزب الله» سقط في إحدى المواجهات مع إسرائيل في جنوب لبنان (رويترز)
وصل عدد قتلى «حزب الله» الذين سقطوا في الاشتباكات مع إسرائيل إلى نحو 50 مقاتلاً منذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول). ويعتبر هذا الرقم مرتفعاً بالنسبة إلى الوضع الأمني عند الحدود الجنوبية، حيث لا تزال الاشتباكات محدودة بين الطرفين.
وتُظهر الصور التي تنشر لمقاتلي الحزب أن معظمهم من جيل المقاتلين الجدد الذين لا تتعدى أعمارهم منتصف العشرينات، وبالتالي هم يخوضون التجربة العسكرية الأولى لهم، وليسوا من جيل المقاتلين الذين شاركوا في المعارك السورية.
وقال رئيس «مركز الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري»، رياض قهوجي، لـ«الشرق الأوسط»: «من الواضح أن الذين يسقطون في المواجهات بين حزب الله وإسرائيل في عمر صغير السن، وليس لديهم خبرة في القتال»، مشيراً إلى أن «كل الذين يبلغون عمر 23 عاماً وما دون لم يشاركوا في الحرب السورية، إذا اعتبرنا أنهم بدأوا التدريب في عمر 18 عاماً».
ويبدو لافتاً في بيانات النعي التي يصدرها «حزب الله» عدم إعلانه عن أعمار المقاتلين على غير عادته، أو كما كان يفعل في حرب يوليو (تموز) 2006. ويلفت المحلل السياسي علي الأمين إلى أنه من المرجح أن خبرة المقاتلين الذين يسقطون في المعركة ليست كبيرة، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن عمر المقاتلين يكون عادة في الحروب بين 18 و25 عاماً، أي أنهم يخوضون تجربتهم العسكرية الأولى.
وهذا التفاوت في القدرات العسكرية لمح إليه النائب عن «حزب الله» حسن فضل الله خلال مشاركته في تشييع أحد المقاتلين، حيث تحدث عن «معركة لا يمكن أن نقيسها بأي مواجهة خضناها في السابق». وأضاف أن عناصر الحزب «يقاتلون من نقطة صفر أحياناً في وجه عدو يمتلك أعتى الأسلحة المعززة أميركياً».
حوّلت إسرائيل مبلغ 24 ألف دولار إلى طارق الشوفي، عبر قنوات مرتبطة (قسد) ويشير هذا التمويل المبكر، إلى أن تل أبيب كانت تستعد منذ وقت طويل لسيناريو ما بعد الأسد.
تقارير: إيران ليس لديها أي تردد في إبرام ترتيبات تكتيكية مع الجماعات المتطرفة مثلما حدث مع تنظيم «القاعدة» و«طالبان»، وقد تتبنى هذا التكتيك في سوريا مع «داعش».
رجحت مصادر أن تكون الجهة التي كان من المفترض تهريب دفعة صواريخ «سام 7» إليها عبر الأراضي السورية هي «حزب الله» بلبنان، الذي كان يقاتل أيضاً إلى جانب نظام الأسد.
موفق محمد (دمشق)
فصائل عراقية لا تمانع «التطبيع بشروط» مع واشنطنhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/5222445-%D9%81%D8%B5%D8%A7%D8%A6%D9%84-%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D8%A7-%D8%AA%D9%85%D8%A7%D9%86%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D8%B9-%D8%A8%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B7-%D9%85%D8%B9-%D9%88%D8%A7%D8%B4%D9%86%D8%B7%D9%86
مقاتلون يرفعون شعار «الحشد الشعبي» خلال تدريبات عسكرية (أرشيفية-الحشد الشعبي)
أكدت مصادر مطّلعة على كواليس الفصائل العراقية المسلّحة أنها لا تمانع «صيغة مقبولة» لتطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية، لكن بـ«شروط محددة» تكون أساساً لاختبار جدية تلك العلاقات على المديين المتوسط والبعيد.
وتتزامن هذه التأكيدات مع موقفٍ أعلنته أخيراً قوى «الإطار التنسيقي»، وهي المظلة الجامعة لمعظم القوى الشيعية الحاكمة، وضِمنها «الفصائل»، بشأن دعم قرار حصر الأسلحة بيد الدولة. وكذلك مع الضغوط الأميركية المتعلقة بتجريد الفصائل من أسلحتها.
وقالت المصادر، لـ«الشرق الأوسط»، إن «معظم قادة الفصائل لا تمانع تطبيع العلاقات مع واشنطن وتجاوز حالة العداء القائمة بين الطرفين منذ سنوات، لكنها ترغب بأن تستند هذه العملية إلى مبادئ واضحة».
وأضافت أن «كثيراً من قادة هذه الفصائل يخشون من أن حالة العداء مع واشنطن قد تؤدي، في النهاية، إلى قلب معادلة السلطة في غير صالحهم، وبالتالي لا يريدون المجازفة بكل ما حققوه، خلال السنوات الماضية، من نفوذ وسلطة في معظم مفاصل الدولة».
براغماتية الفصائل
وتتحدث المصادر أن «بعض قادة الفصائل يميل إلى ممارسة نوع من البراغماتية السياسية، ويسعى لتجاوز العداء مع واشنطن، ويعتقدون أنهم قادرون على ذلك وأن واشنطن، في المقابل، قادرة على رفعهم من لائحة العقوبات والإرهاب».
وعن طبيعة الشروط التي تضعها جماعات الفصائل للتطبيع مع واشنطن، تقول المصادر إنها «تضع رفعها من لوائح الإرهاب في مقدمة الشروط؛ لأنها أضرّت في كثير من جوانب حياتها الاقتصادية والسياسية، إلى جانب الالتزام بعدم استهدافها وعدم وضع خطوط حمراء على مشاركتها في الحكومة المقبلة، إضافة إلى جدولة انسحاب قواتها النهائي من العراق».
لكن المصادر تؤكد أن «فصائل مرتبطة جذرياً بولاية الفقيه الإيرانية ترفض رفضاً باتاً التطبيع، إلا في حال اتفقت واشنطن وطهران على صيغة من السلام وتطبيع العلاقات».
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يتوسّط رئيس «الحشد» فالح الفياض ورئيس أركانه أبو فدك (أرشيفية-إعلام حكومي)
وأكدت «كتائب حزب الله»، السبت الماضي، رفضها نزع السلاح، وعَدّت أن «السيادة وضبط أمن العراق ومنع التدخلات الخارجية هي مقدمات أساسية للحديث عن حصر السلاح»، كما شددت حركة النجباء على استمرارها في مقاومة الوجود الأميركي.
لكن معظم قادة الفصائل، ومن بينهم الموضوعون على لائحة العقوبات الأميركية، عبّروا عن تأييدهم مساعي حصر السلاح بيد الدولة الذي تُصر عليه الولايات المتحدة الأميركية.
غير أن عمليات الترحيب والتأييد هذه لم تكن كافية للجانب الأميركي ما لم ترتبط بمسار وخطوات محددة وثابتة.
وقال المبعوث الأميركي إلى العراق مارك سافايا، أول من أمس، إن «الخطوات التي أعلنتها الجماعات المسلّحة العراقية باتجاه نزع السلاح تمثل تطوراً مرحَّباً به ومشجعاً»، لكنه ذكر أن «التصريحات وحدها لا تكفي؛ إذ يجب أن يكون نزع السلاح شاملاً غير قابل للتراجع». واشترط أن «يُنفَّذ (نزع السلاح) ضمن إطار وطني واضح ومُلزِم».
«التنسيقي» مع حصر السلاح
وأكدت قوى «الإطار التنسيقي»، مساء الاثنين، دعمها قرار حصر السلاح بيد الدولة، وواصلت نقاشاتها المتعلقة بالاستحقاقات الانتخابية والإسراع بحسم تسمية رئيس الوزراء في الحكومة المقبلة.
وقال «الإطار»، في بيان، إن «الاجتماع شهد نقاشات معمّقة لأوراق عمل مقدَّمة من قوى (الإطار) تناولت مسارات التسريع بحسم تسمية رئيس مجلس الوزراء، إلى جانب بقية الاستحقاقات الانتخابية، وبما ينسجم مع السياقات الدستورية ومتطلبات المرحلة المقبلة».
وأكد «موقفه الثابت الداعم لحصر السلاح بيدِ الدولة، وفق مشروع وطني متكامل وآليات قانونية واضحة، بما يعزز سيادة الدولة ويحفظ الأمن والاستقرار ويخدم المصلحة العليا للبلاد».
ورغم الحديث المتواصل من قِبل معظم القوى السياسية والفصائل الشيعية عن قضية نزع سلاح الفصائل المسلحة، لكن معظم المراقبين يرصدون غياباً واضحاً للكيفية التي سيجري بها ذلك، وما إذا كانت بحاجة إلى تشريعات قانونية يُقرها البرلمان الجديد، أم الاكتفاء بمجرد التصريحات السياسية.
كان رئيس مجلس القضاء الأعلى، فائق زيدان، قد أعلن، السبت الماضي، استجابة فصائل مسلّحة لمبدأ حصر السلاح بيدِ الدولة وقدّم شكره لها، في وقت تكثف فيه الولايات المتحدة ضغوطها على بغداد لإنهاء دور الفصائل ومنع مشاركتها في الحكومة الجديدة، رغم حصولها على عدد كبير من المقاعد النيابية يتجاوز 100 مقعد، من أصل 329 مقعداً نيابياً.
كيف تستخدم إسرائيل دروز سوريا لإرباك حكم أحمد الشرع؟https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/5222440-%D9%83%D9%8A%D9%81-%D8%AA%D8%B3%D8%AA%D8%AE%D8%AF%D9%85-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D8%AF%D8%B1%D9%88%D8%B2-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D9%84%D8%A5%D8%B1%D8%A8%D8%A7%D9%83-%D8%AD%D9%83%D9%85-%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D8%B9%D8%9F
الشيخ حكمت الهجري خلال مشاركته عبر الشاشة في مؤتمر الحسكة الذي نظمته «قسد» للأقليات في أغسطس (متداولة على مواقع التواصل)
واشنطن:«الشرق الأوسط»
TT
واشنطن:«الشرق الأوسط»
TT
كيف تستخدم إسرائيل دروز سوريا لإرباك حكم أحمد الشرع؟
الشيخ حكمت الهجري خلال مشاركته عبر الشاشة في مؤتمر الحسكة الذي نظمته «قسد» للأقليات في أغسطس (متداولة على مواقع التواصل)
كشف تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» عن ملامح سياسة إسرائيلية سرّية ومعقّدة تجاه سوريا ما بعد سقوط نظام بشار الأسد، تقوم على دعم فصائل درزية مسلّحة في الجنوب، في محاولة واضحة لإضعاف الحكومة الجديدة برئاسة أحمد الشرع، ومنعها من إعادة توحيد البلاد وبسط سيطرتها على كامل الجغرافيا السورية.
ووفق ما أوردته الصحيفة نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين حاليين وسابقين، فإن هذه السياسة لم تكن ردّ فعل آنياً على التطورات، بل جاءت ثمرة تخطيط مسبق بدأ قبل أشهر من انهيار النظام السابق. ففي عام 2024، ومع تزايد المؤشرات على اقتراب سقوط الأسد، بدأ قادة دروز في إسرائيل البحث عن شخصية درزية سورية يمكن أن تلعب دوراً قيادياً في مرحلة ما بعد النظام، وتكون قادرة على تمثيل وقيادة نحو 700 ألف درزي منتشرين في سوريا.
طارق الشوفي
بحسب مسؤولين إسرائيليين تحدّثوا إلى «واشنطن بوست»، وقع الاختيار على طارق الشوفي، وهو عقيد سابق في جيش النظام المخلوع، بوصفه يمتلك خبرة عسكرية وتنظيمياً يسمحان له بلعب هذا الدور. وسرعان ما جرى العمل على تشكيل نواة عسكرية منظمة، وتم اختيار نحو 20 رجلاً من ذوي الخبرة القتالية وتوزيع الرتب والمهام عليهم، وبدأ العمل بما سُمّي «المجلس العسكري» في محافظة السويداء، المعقل الأساسي للدروز في جنوب سوريا.
قائد «المجلس العسكري» في السويداء العقيد المنشق طارق الشوفي مع مقاتلين يتبعون المجلس قبل أن يختفي لاحقاً خوفاً على حياته (حساب فيسبوك)
وفي إطار دعم هذا التشكيل الناشئ، حوّلت إسرائيل مبلغ 24 ألف دولار إلى الشوفي، عبر قنوات مرتبطة بـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، لتغطية النفقات التشغيلية الأساسية للمجلس العسكري إلى حين سقوط نظام الأسد. ويشير هذا التمويل المبكر، إلى أن تل أبيب كانت تستعد منذ وقت طويل لسيناريو ما بعد الأسد، وتسعى إلى امتلاك أدوات تأثير داخل النسيج السوري.
دور «قسد»
لم يقتصر الدعم على القنوات الإسرائيلية المباشرة؛ إذ كشفت الصحيفة أن «قسد» لعبت دوراً محورياً في هذا الملف، حيث حوّلت ما يصل إلى نصف مليون دولار إلى قوات الشيخ حكمت الهجري، الزعيم الروحي الأبرز للدروز في السويداء، والذي أصبح لاحقاً الشخصية الأكثر نفوذاً في المشهد الدرزي المسلّح.
وأكد مسؤول كردي للصحيفة، أن «قسد» لا تزال حتى اليوم تدرب مقاتلين دروزاً في مناطق شمال شرقي سوريا، بمن في ذلك نساء، في إطار تعاون مستمر. كما أقرّ قادة ميدانيون في قوات الهجري، بأنهم حصلوا عبر «قسد» على صواريخ مضادة للدبابات، ما يشير إلى مستوى متقدم من التسليح والدعم.
عناصر من المسلحين الدروز الموالين للشيح الهجري خلال دورية في السويداء (أ.ف.ب)
أسلحة مصادرة من «حزب الله» و«حماس»
بعد سقوط الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) 2024، دخل الدعم الإسرائيلي مرحلة أكثر مباشرة، إذ قال مسؤول إسرائيلي صراحة للصحيفة: «أرسلنا أسلحة صادرناها من (حزب الله) و(حماس) إلى قوات الهجري». وشملت هذه الأسلحة بنادق وذخائر ومعدات عسكرية، جرى تسليمها في سياق اشتباكات عنيفة بين فصائل درزية مسلحة وقوات مرتبطة بالحكومة السورية الجديدة.
وتضيف الصحيفة أن إسرائيل لا تكتفي بالسلاح، بل تدفع رواتب شهرية تتراوح بين 100 و200 دولار لنحو 3000 مقاتل من قوات الهجري، ما يعكس وجود التزام مالي منتظم وليس مجرد دعم طارئ. كما أكد مسؤولون إسرائيليون أن الدعم العسكري لقوات الهجري لا يزال مستمراً، وإن بوتيرة محسوبة.
الشيخ حكمت الهجري الرئيس الروحي لطائفة الدروز مع «المجلس العسكري» في السويداء (أرشيفية)
دروزستان... وحسابات إسرائيل
أحد أخطر ما كشفه التحقيق يتمثل في البعد الاستخباراتي؛ إذ قال قائد في قوات الهجري للصحيفة، إن إسرائيل زوّدتهم بصور أقمار اصطناعية استُخدمت خلال المعارك ضد القوات الحكومية السورية، ما منحهم أفضلية ميدانية واضحة. ويعكس ذلك انخراطاً إسرائيلياً يتجاوز الدعم غير المباشر، ليصل إلى مستوى المشاركة في إدارة الصراع من الخلف.
ورغم هذا الانخراط، تظهر «واشنطن بوست»، أن إسرائيل لم تحسم بعد سياستها النهائية تجاه الدروز في سوريا؛ إذ قال مسؤول إسرائيلي إن تل أبيب «لم تستقر بعد على سياسة واضحة» في هذا الملف، مؤكداً في الوقت نفسه أنه «ليس من مصلحة إسرائيل إنشاء دولة درزية مستقلة أو ما يُسمّى دروزستان».
ويعود هذا التردد، وفق التقرير، إلى عدة عوامل، أبرزها الانقسامات العميقة داخل الصف الدرزي نفسه. فقد أدت محاولات الشيخ حكمت الهجري احتكار التمثيل العسكري والسياسي، إلى صراعات داخلية حادة، واتُهمت بعض الأطراف بممارسات خطيرة، ما دفع شخصيات مثل طارق الشوفي إلى الاختفاء خشية الاستهداف.
استعراض عسكري مؤخراً في شوارع محافظة السويداء رُفع خلاله العلم الإسرائيلي وصورة نتنياهو (مواقع)
وتشير الصحيفة إلى أن إسرائيل خفّفت، منذ الصيف الماضي، من وتيرة دعمها العسكري المباشر للدروز، وعلّقت شحنات الأسلحة الثقيلة، بالتزامن مع بدء محادثات غير مباشرة مع حكومة الشرع. ويبدو أن تل أبيب، وإن لم تغيّر استراتيجيتها الجوهرية، باتت أكثر حذراً في الانخراط العميق، كما لعبت التجربة الإسرائيلية المريرة في جنوب لبنان، حيث انهار «جيش لبنان الجنوبي» المدعوم منها عام 2000، دوراً في تعزيز التحفظ داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تجاه فكرة إنشاء «وكيل عسكري» بعيد المدى في العمق السوري.
خرائط لدولة درزية تمتد حتى العراق
وفي بعد أكثر حساسية، نقلت الصحيفة عن مسؤول غربي أن الشيخ الهجري أعدّ خرائط لمشروع دولة درزية تمتد حتى العراق، وسعى إلى عرضها على أطراف دولية، غير أن هذا الطموح، بحسب تقديرات إسرائيلية وغربية، يبدو غير قابل للتحقق.
لقاء الرئيس الشرع مع وفد من وجهاء وأعيان السويداء في فبراير الماضي (الرئاسة السورية)
وتكشف الصحيفة أن إسرائيل تستخدم الورقة الدرزية في جنوب سوريا أداة استراتيجية لإرباك حكومة أحمد الشرع ومنعها من إعادة بناء دولة مركزية قوية، لكنها في الوقت نفسه تدرك حدود هذه السياسة ومخاطرها، سواء بسبب الانقسامات الداخلية بين الدروز، أو بسبب احتمالات التورط في صراع طويل الأمد داخل سوريا.
خلاصة التحقيق هي أن إسرائيل تمارس في سوريا سياسة «الظل» وهي: دعم محسوب للأقليات، وضغط عسكري محدود، وانفتاح تكتيكي على التفاوض، من دون التزام واضح بمسار سياسي نهائي. أما مستقبل هذه السياسة فيظل مرهوناً بقدرة حكومة أحمد الشرع على ترسيخ سلطتها، وبمدى استعداد واشنطن لموازنة رهاناتها بين الاستقرار السوري وهواجس الأمن الإسرائيلي.
لقطة لمنازل مدمرة بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة يوم 19 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
غزة:«الشرق الأوسط»
TT
غزة:«الشرق الأوسط»
TT
«ممنوع استقبال الرجال»... الإيجارات في غزة مكبلةٌ بشروط معقدة وأسعار مرتفعة
لقطة لمنازل مدمرة بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة يوم 19 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
قضى نافذ الغوراني، من سكان حي الشيخ رضوان، شمال مدينة غزة، والنازح حالياً في خان يونس بجنوب القطاع، ساعات طويلة وأياماً عسيرة بحثاً عن شقة سكنية يستأجرها، أملاً في مأوى يضمه وأسرته قبل أن يتمكن من العودة إلى مدينته، لكنه اصطدم بواقع مرير... فالدمار طال غالبية المساكن والمنازل.
لم تكن عملية البحث عن الشقة هي الصعوبة الوحيدة التي واجهت الغوراني، وتواجه مئات غيره يومياً، فما هو أصعب منها الشروط المعقدة التي يضعها أصحاب الشقق حين يحالف أحدهم الحظ ويجد واحدة.
يقول الغوراني، الذي يعيش حالياً في خيمة بخان يونس، لـ«الشرق الأوسط»، إنه كلما وجد شقة تصلح للإيجار، يطلب أصحابها صورة من بطاقته الشخصية للتحري والسؤال عنه إما في منطقة سكنه الرئيسية قبل أن يفقد منزله، أو لدى جهات أخرى، قبل الموافقة على التأجير. ويضيف أن طلبه رُفض مرات عديدة لأسباب لم تكن له مفهومة.
عمال فلسطينيون يُصلحون طريقاً تضرر من الحرب بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة يوم الاثنين (أ.ف.ب)
في إحدى المرات، وبعد أن اتفق مع صاحب شقة على الإيجار، فوجئ بشرط يمنعه من استقبال أي رجال في البيت، حتى وإن كانوا أشقاءه، خشية انتماء أحدهم لأي فصيل فلسطيني، مما قد يُعرّض المكان لهجوم إسرائيلي، ما أثار استغراب الغوراني الذي رفض هذا الشرط، فرفض صاحب الشقة التأجير.
يقول الغوراني إن العثور على شقة للإيجار، حتى ولو بسعر باهظ، بات مهمة شبه مستحيلة في ظل التعقيدات التي يفرضها أصحاب البيوت الذين يخشون على منازلهم وحياتهم. وعلى الرغم من أنه يعتبر ذلك حقاً من حقوقهم، فإنه يشير إلى «المبالغة» في الشروط وفي التعقيدات لأسباب غير مقنعة أحياناً، مثل تلك التي حالت دون تمكنه من استئجار شقة مع إنه لا ينتمي لأي فصيل، لا هو ولا أي من أبنائه الخمسة.
«المضطر»
في ظل المتبقي القليل من المنازل والشقق السكنية في قطاع غزة، بعد عملية التدمير الشاملة التي طالت مناطق شاسعة من القطاع، يتخوف السكان من أن يستهدفهم قصف إسرائيلي في ظل استمرار الخروقات لاتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ سريانه في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وفي تقرير نُشر في بداية العام الحالي، أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن 92 في المائة من الوحدات السكنية في غزة مدمرة أو متضررة. وقال المكتب إن 436 ألف وحدة سكنية تأثرت بالحرب، حيث تهدمت 160 ألف وحدة كلياً وتضررت 276 ألفاً جزئياً، بعضها على نحو خطير.
وجاء في التقرير أن أكثر من 1.8 مليون شخص في حاجة ماسة إلى مأوى طارئ ومستلزمات منزلية أساسية.
لقطة عامة لخيام نازحين وسط أحوال جوية قاسية في خان يونس جنوب قطاع غزة يوم 18 ديسمبر 2025 (رويترز)
ويقول فضل الشنطي، الذي يمتلك مبنى سكنياً من ستة طوابق في غرب مدينة غزة، إنه لا يستطيع التأجير لأي شخص قبل أن يسأل عنه، معتبراً ذلك حقاً أصيلاً للحفاظ على سلامة بنايته وحياة عائلته التي تقطن في إحدى شقق المبنى.
وأضاف في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «الاحتلال الإسرائيلي لا ينتظر إذناً من أحد حين ينوي قصف ناشط ما، وقد ارتكب عشرات المجازر بحق عوائل كاملة وبنايات كي يقتل شخصاً واحداً».
واستطرد: «حياة عائلتي ومن يعيش في البناية هي أمانة أحملها ضمن مسؤولياتي».
وتابع: «أنا كمالك لبناية سكنية، لست ضد ابن شعبي، سواء كان من فصيل فلسطيني أو غيره، لكن هناك ظروفاً قاهرة وأوضاعاً قاسية لا يمكن لأحد أن يتجاوزها، ولا أستطيع أن أضحي بحياة عدة عائلات من أجل شخص واحد يمكنه أن يجد مكاناً بديلاً».
ولا ينفي الشنطي أن بعض المالكين رفعوا أسعار الإيجارات بشدة، ومع هذا ظل إقبال «المضطرين» كبيراً. وعن نفسه، قال إنه رفع السعر عما كان عليه قبل الحرب، إلى نحو 800 دولار بدلاً من 500 سابقاً، في حين أن الغالبية تطلب ما بين 1000 و1500 دولار للشقة التي تتراوح مساحتها بين 130 و170 متراً.
وقبيل الحرب كانت أسعار الإيجارات من 200 إلى 500 دولار، فيما يصل إيجار المفروش منها إلى 700 دولار.
مواطن «بلا وطن»
لا تقف الشروط التي يضعها أصحاب الشقق السكنية عند هذا الحد، بل يمتد بعضها لمنع الإيجار عن أسرة يزيد عدد أفرادها عن ستة، أو وضع شروط تتعلق بالمياه، مثل مشاركة المستأجر في حصة المياه الخاصة به بسبب شحها الشديد.
كما لوحظ أن غالبية مُلاك الشقق يرفضون التأجير للعاملين في مجالات معينة مثل الصحافة، والطواقم الطبية، وأساتذة الجامعات، بسبب استهدافهم المتكرر من قبل إسرائيل خلال الحرب.
جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية بمدينة غزة (أرشيفية - رويترز)
يقول هيثم عمر، الذي كان يبحث عن شقة للإيجار، إنه فوجئ برفع الأسعار المبالغ فيه وبالشروط التعجيزية، ناهيك عن دفع مبالغ للسماسرة والوسطاء الذين يعملون على الترويج لتلك الشقق.
ويضيف قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، أنه فوجئ بأن صاحب شقة مكونة من غرفتين ومطبخ وصالة طلب منه 1300 دولار شهرياً، وقال: «أنا مواطن بسيط أعمل في شركة قطاع خاص، وكل ما أتحصل عليه شهرياً 550 دولاراً».
حتى الوحدات المتضررة لم تسلم من علو الإيجارات، وأشار عمر إلى أن صاحب شقة متضررة طلب منه نحو 600 دولار، رغم أن بعضها مغطى بالشوادر، واصفاً ما يجري بأنه «ظلم».
وأضاف بحسرة طغت على نبرته: «صدق من قال إن المنزل هو الوطن، ونحن الآن بلا وطن».
حتى النساء ممنوعات من الزيارة
تقول إيمان العطار، وهي شابة تعمل في الوساطة عبر الإنترنت بين المؤجر والمستأجر، إن بعض الشروط يراها كثيرون «طبيعية»، مشيرةً إلى أن أصحاب الشقق يخشون أن يستضيف المستأجرون أقاربهم النازحين في الشقة نفسها، مما يؤثر على الخدمات داخل البناية.
نازحون يسيرون وسط الخيام في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة يوم الاثنين (أ.ف.ب)
وروت واقعة فرض فيها المؤجر على المستأجر عدم استقبال أي ضيوف، رجالاً كانوا أو نساءً، بدعوى أن إسرائيل قصفت نساء لأن أزواجهن نشطاء في فصائل. وقالت إن المستأجر رفض هذا الشرط جملةً وتفصيلاً.
أما منع المستأجر من استقبال الرجال، فبات حالة متكررة، حسبما قالت، وأصبح يوضع ضمن شروط العقد.
ولا تنكر إيمان العطار أن غالبية أصحاب الشقق يستغلون الوضع القائم حالياً، حيث لا توجد رؤية واضحة بشأن إعادة الإعمار أو توقف الحرب نهائياً، لوضع شروطهم ورفع أسعار الإيجارات بشكل مبالغ فيه.