أعلن مقر زعيم الحزب «الديمقراطي الكردستاني»، مسعود بارزاني، منح الحكومة الاتحادية في بغداد «فرصة أخيرة» لإنهاء مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان.
ولم تصل المرتبات إلى مستحقيها منذ نحو 70 يوماً، من دون أي إشارة إلى إمكانية صرفها في القريب العاجل؛ نتيجة الخلافات العميقة حول مجمل القضايا المالية بين بغداد وأربيل، ما يُعرّض سلطات الإقليم لحرج شديد أمام مواطنيها الذين يعانون منذ سنوات نتيجة تلك الخلافات.
ويأتي «التهديد» الجديد لزعيم الحزب «الديمقراطي» بعد بضعة أيام من تبادل بغداد وأربيل ورقتين لحل المشكلات المزمنة التي تتعلق بموارد وأموال النفط، ورواتب موظفي الإقليم.
وصَدَر «التهديد» الأخير عن مقر بارزاني، وهو مكتبه الخاص ولا يمثل بالضرورة المكتب السياسي للحزب. ويؤشر البيان إلى «حالة الغضب الشديدة وعدم الرضا بخصوص مسألة تأخر رواتب الموظفين»، بحسب مصدر كردي مسؤول.
وطبقاً للبيان، فإن وزير الخارجية بالحكومة الاتحادية فؤاد حسين، وهو كردي وأحد المقربين من بارزاني، أبلغ المسؤولين في المقر بأن حل قضية المستحقات المالية سيكون «خلال الأيام القليلة المقبلة».
وتتحدث مصادر كردية عن أن بعض القيادات السياسية في قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، خصوصاً رئيس ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي، ورئيس منظمة «بدر» هادي العامري، لا يرغبون في «إحداث قطيعة شاملة مع إقليم كردستان قد تؤدي إلى انهيار العملية السياسية».
ويشير بيان المقر إلى أنه، وبناء على ما ورد إليه والطلبات والوعود التي تلقاها من شخصيات في بغداد، ومن أجل مواصلة الحوار في أجواء يسودها الهدوء ومراعاة للوضع والمصلحة العامة، «ارتأينا أن نمنح الحكومة العراقية الاتحادية في بغداد فرصةً أخيرة لإيجاد مخرج يكفل تسوية هذه المشكلة».
انسحاب شامل
وحول طبيعة «الفرصة الأخيرة» المذكورة، لا يستبعد كفاح محمود، المستشار الإعلامي لزعيم الحزب «الديمقراطي الكردستاني»، أن تصل حد «الانسحاب الكامل من العملية السياسية».
ويرى محمود في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن كل الإشكاليات مع بغداد يمكن حلها عبر التفاوض حتى لو استغرق هذا وقتاً طويلاً، «لكن الأمر مختلف تماماً حين يتعلق بأرزاق ومعيشة ملايين المواطنين». وأضاف أن ذلك «يُشعرهم بالإيذاء المتعمد والحصار الخانق».
ويعتقد محمود أن الإقليم يملك أوراق ضغط كثيرة، خصوصاً مع حالة الاتفاق بين القوى الكردية على ضمان حقوق مواطني الإقليم، ومن بين تلك الأوراق «الانسحاب كلياً من العملية السياسية، وعدم المشاركة بالانتخابات العامة المقبلة؛ وهذا يعني فشل الانتخابات، وتالياً سقوط الحكومة الاتحادية واستقالتها».
ومن بين الأوراق الأخرى التي يمكن الضغط من خلالها، على حد قوله: «مقاطعة بغداد بشكل كامل والاعتماد على الذات، خصوصاً وأن لدى الإقليم تجربة في تسعينات القرن الماضي، حيث ظل منعزلاً عن بغداد بين الأعوام 1991 و1995، وقد عمل الموظفون دون مرتبات وصبروا ولم يقدموا أي تنازل، وأتصور أنهم قادرون اليوم على فعل الأمر ذاته إذا تطلب الأمر».
اعتقالات بالسليمانية
من جهة أخرى، أفادت أنباء واردة من محافظة السليمانية بإقليم كردستان، التي يهيمن عليها حزب «الاتحاد الوطني» بقيادة بافل طالباني، بالإفراج عن السياسي والأستاذ الجامعي صباح برزنجي بعد أقل من يوم على اعتقاله لأسباب لم يعلن عنها.
وبرزنجي عضو سابق في برلمان إقليم كردستان على قائمة «جماعة العدل» الإسلامية الكردية.
وكانت الجماعة قد أعلنت، في مطلع مايو (أيار) الماضي، انسحابها من برلمان إقليم كردستان ومجالس المحافظات والحكومة المحلية في السليمانية.
ونقلت وسائل إعلام كردية عن «شبكة تحالف 19» المعنية بالدفاع عن الحريات ومناهضة الاعتقالات أنها تواصلت مع قيادي بارز في «جماعة العدل» لمعرفة أسباب اعتقال برزنجي، غير أن الجماعة تحفظت عن الإدلاء بتصريحات حول الظروف والملابسات، واكتفت بقول إن جهات أمنية اعتقلته «واستلمنا تطمينات بالإفراج عنه اليوم (الأحد)».