الحكومة العراقية تتخذ إجراءات لحماية السفارات في بغداد

مساعدات طبية وإنسانية عاجلة إلى غزة بالتنسيق مع مصر

قوات أمن عراقية في بغداد (أرشيفية - رويترز)
قوات أمن عراقية في بغداد (أرشيفية - رويترز)
TT

الحكومة العراقية تتخذ إجراءات لحماية السفارات في بغداد

قوات أمن عراقية في بغداد (أرشيفية - رويترز)
قوات أمن عراقية في بغداد (أرشيفية - رويترز)

أعلنت الحكومة العراقية الخميس، أن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني وجّه، بإرسال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة المحاصر. وقال المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي في بيان له إنه تقرر إرسال المساعدات «بالتنسيق مع السلطات المصرية لغرض إيصال المساعدات التي تتضمن مستلزمات طبية وعلاجية، واحتياجات إنسانية عاجلة لأبناء الشعب الفلسطيني».

إلى ذلك، وجهت قيادة العمليات المشتركة في وزارة الدفاع «بضرورة تعزيز الإجراءات الأمنية على السفارات الموجودة في العاصمة بغداد»، والتي كانت لدولها «مواقف سلبية» من الأحداث بقطاع غزة في فلسطين.

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (رويترز)

وأوعزت العمليات المشتركة، بحسب نداء صادر عنها، إلى مديرية شرطة حماية السفارات والدبلوماسيين «بتعزيز القطعات الماسكة من المديرية للإجراءات الأمنية لكل من: المركز الثقافي التركي في منطقة الوزيرية، والسفارات الأوكرانية والبحرينية في منطقة المنصور، والفرنسية في شارع السعدون قربة ساحة كهرمانة».

وفيما يخص السفارتين الأميركية والبريطانية في المنطقة الخضراء، فقد أوعزت العمليات المشتركة إلى قيادة الفرقة الخاصة «لاتخاذ الإجراءات الأمنية» اللازمة.

وتأتي هذه الإجراءات بالتزامن مع دعوة زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، العراقيين إلى الخروج بـ«مظاهرة مليونية» وسط بغداد بعد صلاة الجمعة، لمساندة الشعب الفلسطيني ضد إسرائيل.

مؤيدو مقتدى الصدر خلال احتجاج في مدينة الصدر ببغداد أبريل الماضي (أ.ب)

وعلى صعيد المواقف من عملية «طوفان الأقصى»، فإنه بعد يوم من إصدار المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني بيانا بشأن تلك الأحداث، دعا المرجع الشيعي البارز بشير النجفي الخميس «شعوب العالم إلى مساندة الفلسطينيين في الحرب التي تشنها ضدهم إسرائيل» رداً على الهجمات التي شنتها حركة «حماس» السبت الماضي وخلفت المئات من القتلى والجرحى.

وقال بيان صادر عن مكتب المرجع، «ندعو الشرفاء من شعوب العالم لأن يقفوا وقفة صلبة مع عموم الشعب الفلسطيني المناضل، لأجل الذود عن حقوقهم الطبيعية في استرجاع أرضهم المغصوبة». وتابع بالقول إن «استئصال هذه الغدة السرطانية التي ابتلينا بها، لا يكون إِلا على أيدي المؤمنين الشرفاء».

عناصر من «حركة النجباء» الشيعية العراقية خلال تجمع في بغداد يوم الأحد الماضي لمساندة عملية «حماس» ضد إسرائيل (أ.ف.ب)

وإلى ذلك حذر الأمين العام لـ«حزب الدعوة الإسلامية» في العراق، ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي الخميس، الدول الأجنبية «من تقديم مساعدات عسكرية لإسرائيل، لأنها توسيع لنطاق الحرب». وقال المالكي في كلمة مصورة، إن «أي مساعدة عسكرية تمثل مشاركة فعلية في الحرب ضد الشعب الفلسطيني». وأضاف، «ما تواجهه إسرائيل الآن هو أقسى هزيمة لها منذ عام 1948 والقادم أعظم بإذن الله»، مبينا أن «داعش والصهيونية وجهان لعملة واحدة ومن منبت وامتداد واحد». وأردف بالقول «نحيي الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية واللبنانية في معركة الدفاع عن الحق ومواجهة الكيان الصهيوني»، مضيفاً «طوفان الأقصى عملية بطولية خاضها أبطال فلسطين بمساندة المواقف المشرفة من الشعوب العربية».

واعتبر المالكي أن «ما يتعرض له الفلسطينيون في غزة من قتل منظم تقوم به الآلة العسكرية الصهيونية يمثل استمراراً للعقيدة الصهيونية في الإبادة الوحشية». وأشار إلى أن «ما يحصل في فلسطين المحتلة وصمة عار في جبين الدول التي تقول إنها تدافع عن الحقوق وتحرض الكيان الصهيوني على ارتكاب الجرائم». وتساءل المالكي «أين الأمم المتحدة والنظام الدولي وأين حقوق الإنسان وهل هناك أسوأ مما نشاهده اليوم من دعم لآلة الحرب الصهيونية الغادرة؟». وختم بالقول «ما يهمنا هو مواقف إخواننا المسلمين والعرب الذين يتوجب عليهم الوقوف إلى جنب إخوانهم الفلسطينيين والحق المقدس».


مقالات ذات صلة

الفصائل المسلحة تربك خطط العراق لخفض التصعيد في المنطقة

المشرق العربي أبو آلاء الولائي (الثاني من اليمين) وهو الأمين العام لجماعة مسلحة تُعرف بـ«كتائب سيد الشهداء» يلقي كلمة تضامناً مع غزة ولبنان في ساحة التحرير ببغداد يوم 11 أكتوبر الحالي (إ.ب.أ)

الفصائل المسلحة تربك خطط العراق لخفض التصعيد في المنطقة

على رغم اللغة الدبلوماسية الهادئة التي تحدث بها وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي خلال زيارته لبغداد، فإن هذه اللغة لم تنعكس على جبهة الفصائل العراقية المسلحة.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي التلوث يغلف سماء بغداد (واع)

البغداديون يستنشقون روائح كريهة ليلاً... وحالات تسمم في ديالى

رئيس الوزراء العراقي يشكل لجنة خاصة للتحقيق في أسباب التلوث الذي تشهده العاصمة بغداد.

المشرق العربي وزير الخارجية العراقي مستقبلاً نظيره الإيراني في بغداد الأحد (إكس)

العراق يرفض توسيع الحرب واستخدام أجوائه لضرب إيران

حذَّر وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين من اتساع نطاق الحرب التي تخوضها إسرائيل في المنطقة لتشمل إيران، مما «يهدد مصادر الطاقة ويخلق أزمة عالمية». وقال حسين، في…

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الإيراني عباس عراقجي في بغداد (رويترز)

العراق يرفض أي «توسيع للحرب» باتجاه إيران وأي «استغلال لأجوائه»

أكّد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، الأحد، رفض بغداد أي «استمرار للحرب وتوسيعها باتجاه» إيران، وأي «استغلال للأجواء العراقية كممرّ».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (رويترز)

عراقجي: لا نعترف بخطوط حمراء... وأميركا تعرِّض حياة جنودها للخطر

قال وزير الخارجية الإيراني إن طهران «ليست لديها خطوط حمراء» عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن شعبها ومصالحها، مع ترقُّب الرد الإسرائيلي على الهجوم الصاروخي الإيراني.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

آثار غزة تكابد حرباً لـ«دفن الذاكرة»

TT

آثار غزة تكابد حرباً لـ«دفن الذاكرة»

الجامع العمري الكبير في مدينة غزة الشهر الماضي وتظهر عليه آثار عمليات القصف (أ.ف.ب)
الجامع العمري الكبير في مدينة غزة الشهر الماضي وتظهر عليه آثار عمليات القصف (أ.ف.ب)

لم يكن من المتوقع أن تكون آثار غزة أفضل حظاً من سكانها بعد عام وأكثر من الحرب الإسرائيلية غير المسبوقة؛ غير أن مستوى التدمير و«تعمد الاستهداف» يدفعان خبراء للاعتقاد بأن حرباً أخرى غير منظورة تستهدف «دفن الذاكرة» تحت الصواريخ والقذائف.

ووفق آخر حصر متاح لوزارة السياحة والآثار التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية، نشرته عام 2019، فإن هناك 37 موقعاً أثرياً موثقاً، موزعة على امتداد غزة، وتنتمي لحقب تاريخية مختلفة وأنماط معمارية.

ويُقدّر خبراء أثريون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحرب المدمرة في غزة دمرت أكثر من 70 في المائة من الآثار والمعالم التي شُيدت في حقب زمنية وتاريخية مختلفة، وقد تعرضت إما لتدمير أو أضرار بالغة وجزئية».

خريطة المواقع الأثرية المنتشرة في قطاع غزة حتى عام 2019 (السلطة الوطنية الفلسطينية)

يقول الخبير بالآثار الدكتور أحمد الأسطل إن الحرب استهدفت أيضاً معالم القطاع التي يصل تاريخ بعضها إلى 3500 قبل الميلاد، و2000 بعد الميلاد، ومن أهمها المسجد العمري الكبير في مدينة غزة، الذي تضرر بشكل بالغ، إلى جانب كنيسة القديس برفيريوس، التي يُعتقد أنها ثالث أقدم كنيسة في العالم، وأحد أهم الكنائس في الشرق الأوسط.

وأضاف الأسطل، الذي يدير «مركز إيوان للتراث الثقافي» التابع لكلية الهندسة بالجامعة الإسلامية في غزة، إن «غالبية المعالم والآثار والمتاحف الأخرى في غزة تعرضت لقصف إسرائيلي يستهدف دفن ذاكرة أبناء القطاع تحت الصواريخ والقذائف».

قبل 3 أشهر فقط من الحرب، كشفت وزارة السياحة والآثار أنها عثرت على 5 قبور جديدة في الجهة الشمالية من «المقبرة الرومانية» التي تقع شمال القطاع، تحديداً في جباليا، وبلغ إجمالي المقابر المكتشفة حينها (يوليو/ تموز 2023) 130 قبراً أثرياً رومانياً.

راهناً باتت جباليا إلى جانب بيت لاهيا وبيت حانون المجاورتين لها شمال غزة موقعاً لعمليات عسكرية مكثفة ضمن ما يُعرف بـ«خطة الجنرالات» التي تستهدف إقامة حزام إسرائيلي لعزل شمال القطاع.

بالعودة إلى الخبير الأثري الفلسطيني، أحمد الأسطل، فإنه يعتقد أن هناك ما وصفه بـ«استهداف شامل، طال إلى جانب الأماكن الدينية، المتاحف، والمقابر والمواقع الأثرية».

قائمة اليونسكو

خلال فترة ما قبل الحرب، استطاعت الكثير من المتاحف مثل: قصر الباشا، ورفح، جلب الكثير من الزوار، كما تم اكتشاف موقع دير القديس هيلاريون - تل أم عامر، في مخيم النصيرات وسط القطاع، ويعود تاريخه إلى 17 قرناً.

وفي يوليو الماضي، أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، دير القديس هيلاريون - تل أم عامر على كل من قائمة التراث العالمي، وقائمة التراث العالمي المعرض للخطر، إقراراً بـ«القيمة التي يكتنزها هذا الموقع والحاجة إلى حمايته».

جزء من دير القديس هيلاريون في تل أم عامر بغزة وأدرجته اليونسكو على قائمة التراث العالمي (اليونسكو)

و«دير القديس هيلاريون» أحد أقدم المواقع في الشرق الأوسط، وأسسه القديس هيلاريون، واستقبل أول مجتمع رهباني في الأرض المقدسة. ويقع الدير على تقاطع طرق رئيسية للتجارة والتبادل بين آسيا وأفريقيا، وكان مركزاً للتبادل الديني والثقافي والاقتصادي، مقدماً بذلك مثالاً على الأديرة الصحراوية التي انتشرت في العصر البيزنطي.

وقد استندت لجنة التراث العالمي، بالنظر إلى التهديدات المحدقة بموقع التراث من جراء النزاع الدائر في قطاع غزة، إلى إجراءات إدراج المواقع في حالات الطوارئ المنصوص عليها في اتفاقية التراث العالمي.

مواقع عسكرية

وتظهر دراسة حديثة أجرتها مجموعة «التراث من أجل السلام» أن الهجوم الإسرائيلي على غزة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023 دمر أكثر من 100 موقع أثري وتاريخي. بينما يفيد المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة (التابع لحركة «حماس»)، بأن 206 من المواقع الأثرية والتراثية في القطاع دُمرت أو تضررت إما بشكل بالغ أو جزئي بفعل العدوان الإسرائيلي.

ويفيد خبراء «الشرق الأوسط» بأنه «لا يمكن حسم حجم الضرر بسبب أن بعض هذه المتاحف والمواقع تقع في مناطق تعدُّ عسكرية إسرائيلية يمنع الاقتراب منها، مثل تل أم عامر القريب من موقع تمركز تلك القوات في محور نتساريم وسط القطاع، وكذلك المقبرة الرومانية في شمال القطاع والقريبة من تمركز قوات أخرى عند الشريط الحدودي لتلك المناطق، التي يمنع على السكان الوصول إليها».

وتم استهداف جميع المواقع تقريباً على الرغم من أن بعضها مدرج على قائمة التراث العالمي.

أقدم مساجد غزة

يعد المسجد العمري أحد أكثر المواقع الأثرية تعرضاً لأضرار نتيجة القصف الإسرائيلي؛ فهو من أقدم المساجد بغزة، وحوله الصليبيون في سنة 1149م إلى كاتدرائية مكرسة ليوحنا المعمدان، لكن الأيوبيين دمروا معظمها عام 1187م، ثم أعاد المماليك بناء المسجد في وقت مبكر من القرن الثالث عشر الميلادي، قبل أن يدمره المغول عام 1260م، لكن سرعان ما استعاده المسلمون، ودُمر مرة أخرى بعد وقوع زلزال ضرب المنطقة في نهاية القرن الثالث عشر، وفي القرن السادس عشر أعاد العثمانيون بناءه، لكنه تعرض لأضرار بعد قصف بريطاني أثناء الحرب العالمية الأولى وتم ترميمه في 1925 من قبل المجلس الإسلامي الأعلى آنذاك.

عاملون بالقطاع الصحي يطهرون جدران مسجد العمري التاريخي في غزة عام 2020 (يمين)... وآثار الدمار على المبنى الأثري كما ظهرت الشهر الماضي (أ.ف.ب)

حمام السمرة

ومن بين المعالم الأثرية في قطاع غزة «حمام السمرة»، الذي يبلغ عمره 700 عام، وهو واحد من 13 حماماً أثرياً قديماً في فلسطين.

ويقع حمام السمرة في قلب مدينة غزة التاريخية قرب حي الزيتون، ويعد ثاني أقدم المعالم بعد المسجد العمري، وهو الوحيد المتبقي من الحمامات التاريخية في قطاع غزة، أنشئ في العهد العثماني على مساحة 500 متر مربع، ثم أعيد ترميمه وتجديده في العصر المملوكي، على عهد الملك سنجر بن عبد الله المؤيدي، وسُمي بهذا الاسم نسبة للسامريين الذين عملوا فيه لفترة من الزمن.

رجل يسترخي في حمام بخار تاريخي في مدينة غزة عام 2021 (يسار)... ومشهد دمار الحمام في سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

ويعد حمام السمرة مزاراً طبياً وسياحياً، إذ تتميز أرضيته بدفئها على مدار اليوم واستخدم في بنائه الحجر الرخامي لمقاومته رطوبة الماء، ويتميز الحمام بروعة التخطيط والبناء العمراني الذي يتجسد بتدرج درجات الحرارة عند الانتقال من غرفة لأخرى، إذ تبدأ بالغرفة الباردة فالدافئة ثم الساخن.

ويفيد سمير البيك (53 عاماً)، الذي يقيم بجوار منطقة حمام السمرة، أن موقعه تعرض لأضرار بالغة لم يعد بعدها صالحاً.

ويقول البيك لـ«الشرق الأوسط»: «كان الحمام جزءاً من حياتنا هنا وحياة الكثيرين، الذي قصدوه كموقع للتطبيب الشعبي الذي يعتمد على استخدام المياه الباردة والدافئة».

ويخلص الخبير الفلسطيني في الآثار إلى أن «غالبية تلك المناطق تعرضت إما للتدمير الكامل أو الضرر الجزئي؛ وتم قصفها لأنها تمثل الهوية التاريخية وجذور الشعب الفلسطيني وتنوع الحضارات والحقب التاريخية في غزة».