الجيش الإسرائيلي يعزل مدن الضفة ويستعد للتصعيد

تل أبيب تخشى «خلايا حماس النائمة» بعد دعوة «القسام» للانضمام للمعركة

دبابات إسرائيلية يجري نقلها على طول طريق على الحدود مع قطاع غزة يوم الأحد (أ.ف.ب)
دبابات إسرائيلية يجري نقلها على طول طريق على الحدود مع قطاع غزة يوم الأحد (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي يعزل مدن الضفة ويستعد للتصعيد

دبابات إسرائيلية يجري نقلها على طول طريق على الحدود مع قطاع غزة يوم الأحد (أ.ف.ب)
دبابات إسرائيلية يجري نقلها على طول طريق على الحدود مع قطاع غزة يوم الأحد (أ.ف.ب)

أغلق الجيش الإسرائيلي، الأحد، الضفة الغربية بشكل كامل، وشمل ذلك عزل المدن الفلسطينية، في مشهد يُذكّر بالانتفاضة الثانية، ويشير بوضوح إلى خشية إسرائيل من تصعيد محتمل في الضفة، التي أعلنت عن مَسيرات ومظاهرات وتوقفت فيها الحياة بشكل كامل؛ نصرةً لقطاع غزة الذي بدأت إسرائيل عملية انتقامية ضده، ردّاً على العملية الواسعة التي نفّذتها «كتائب القسام» ضد القوات الإسرائيلية والمستوطنين في منطقة الغلاف، وكبّدتهم خسائر كبيرة.

والقلق الإسرائيلي من انتقال التوترات إلى الضفة ليس مردّه أن الأحداث تجرّ أحداثاً، والدم يطلب الدم عادةً، لكن لأن قادة «حماس» السياسيين والعسكريين، على حد سواء، دعوا الضفة الغربية للدخول على خط المعركة، وهي دعوة بدأها القائد العام لـ«كتائب القسام» محمد الضيف، الذي دعا، بشكل واضح مع إعلانه بداية معركة «طوفان الأقصى»، التي قُتل فيها أكثر من 600 إسرائيلي، كلّ فلسطيني في الضفة لحمل بندقيته أو سكّينه أو بلطته، والانضمام للمعركة، ثم كرَّرها رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، ومسؤولون آخرون، والناطق باسم «كتائب القسام»، الذين دعوا الضفة إلى النفير.

دبابة إسرائيلية قرب مدينة عسقلان اليوم (أ.ف.ب)

رفع التأهب

وقالت مصادر إسرائيلية إن الجيش الإسرائيلي رفع تأهبه في الضفة الغربية، وهو مستعدّ لكل السيناريوهات الممكنة. ويخشى الجيش الإسرائيلي بشكل رئيسي أن تتحرك خلايا «حماس» النائمة في الضفة، خصوصاً أن الضيف أمر بذلك، وهي خلايا استجابت، في السابق، لدعوات «حماس» لإشعال الضفة. وإضافة إلى خلايا «حماس»، من البديهي أن يحاول فلسطينيون في الضفة إسناد القطاع متأثرين بصور النصر الأولى هناك، أو انتقاماً للضحايا في القطاع.

وسجلت الضفة الغربية عدة هجمات، يومي السبت والأحد، كان آخِرها تنفيذ مسلّحين فلسطينيين هجوماً على جنود إسرائيليين عند حاجز مستوطنة «شافي شمرون» شمال الضفة الغربية، الأحد، قضى خلاله أحمد عواودة؛ من سكان مخيم جنين، ليرتفع عدد الذين قتلتهم إسرائيل في الضفة، منذ بداية عملية «طوفان الأقصى»، صباح السبت، إلى 7؛ بينهم محمد جربوعة الذي نفّذ عملية طعن عند مستوطنة «أرئيل» قرب مدينة سلفيت شمالاً.

وخلال يومين، هاجم مسلّحون نقاطاً عسكرية في شمال وجنوب الضفة الغربية، في مؤشر على وجود تحرك تخشى إسرائيل أن يتطور إلى تصعيد شامل، بالنظر إلى أن الحرب ما زالت في بدايتها.

جنود إسرائيليون يحملون مصاباً نقلته مروحية إلى «مركز سوروكا الطبي» في مدينة بئر السبع يوم الأحد (إ.ب.أ)

البوابات الحديدية

واستعداداً لذلك، وفي خطوة يبدو أنها تؤشر لمرحلة طويلة قامت القوات الإسرائيلية بإغلاق مداخل مدن وبلدات وقرى فلسطينية بالبوابات الحديدية والسواتر الترابية والمكعبات الأسمنتية. وجاءت الإغلاقات في وقت شهدت فيه الضفة إضراباً شاملاً شلّ كل مناحي الحياة؛ تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وهو إضراب رافقته دعوات لمواجهات عند نقاط التماس مع إسرائيل.

وأعلنت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية تعطيل الدوام المدرسي، وعلّقت الجامعات والمعاهد الدوام الطبيعي، كما توقّف القطاع المصرفي عن العمل، وأغلقت المحالّ التجارية والأسواق أبوابها، وخَلَت الشوارع من الحركة. وكتب المحلل العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، يوسي يهوشواع، أن أنظار إسرائيل تتجه نحو الضفة الغربية ولبنان كذلك، تحسباً من انضمامهم للمعركة.

وتعهدت «حماس»، الأحد، بأن الهجمات المباغتة على إسرائيل، التي بدأت صباح السبت، «ستشتدّ وتتمدد لتشمل الضفة الغربية». ودعا الناطق باسم «كتائب القسام» أبو عبيدة، الشعب الفلسطيني في كل ساحات الوطن للانخراط في هذه المعركة، «التي سيُخلّدها التاريخ وستتغنى بها الأجيال بعون الله».


مقالات ذات صلة

هل يوقف التصعيد إنتاج الغاز الإسرائيلي؟

الاقتصاد صورة أرشيفية لحقل ليفياثان الإسرائيلي (رويترز)

هل يوقف التصعيد إنتاج الغاز الإسرائيلي؟

قررت شركة الطاقة الأميركية العملاقة «شيفرون»، التي تدير حقل «ليفياثان» الإسرائيلي قبالة ساحل البحر المتوسط، تعليق العمل في مد خط أنابيب بحري.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (يسار) ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت (وزارة الدفاع الأميركية)

تقرير: إلغاء زيارة وزير دفاع إسرائيل لأميركا يعكس الخلافات بين البلدين قبل الرد على إيران

سلطت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية الضوء على إلغاء الحكومة الإسرائيلية بشكل مفاجئ الزيارة المقررة من قبل أعلى مسؤول دفاعي في إسرائيل وهو وزير الدفاع يوآف غالانت

«الشرق الأوسط» ( واشنطن)
المشرق العربي أهالي ينعون جثمان سجى خريوش وزوجها وطفليها وشقيقها الذين استشهدوا في غارة إسرائيلية خلال جنازتهم في مخيم بالضفة الغربية 4 أكتوبر الحالي (رويترز)

بينهم أسرى سابقون... إسرائيل تعتقل 25 فلسطينياً من الضفة الغربية

اعتقلت القوات الإسرائيلية 25 فلسطينياً على الأقل من الضفة، بينهم أطفال، وسيدة، إضافة إلى أسرى سابقين.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي الدخان يتصاعد مع تواصل القتال بين الجيش الإسرائيلي و«حزب الله» (رويترز) play-circle 00:28

مقتل إسرائيليين اثنين جراء صواريخ أطلقت من لبنان على كريات شمونة

قتل إسرائيليان اليوم (الأربعاء) جراء صورايخ أطلقت من لبنان على كريات شمونة بشمال إسرائيل، وفق مسعفين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أم فلسطينية تدعى رحاب تنعى ابنها محمد البالغ من العمر 14 عاماً في مستشفى الأقصى بدير البلح في غزة والذي قُتل إثر غارة إسرائيلية (إ.ب.أ)

مقتل 16 فلسطينياً بينهم 9 من عائلة واحدة في قصف إسرائيلي على غزة

قتل 16 فلسطينياً، بينهم 9 من عائلة واحدة، في الساعات الأولى من صباح اليوم (الأربعاء) جراء غارات إسرائيلية على حي الشجاعية.

«الشرق الأوسط» (غزة )

نجا من 4 محاولات اغتيال... من قائد «كتيبة بلاطة» الذي قتلته إسرائيل؟

TT

نجا من 4 محاولات اغتيال... من قائد «كتيبة بلاطة» الذي قتلته إسرائيل؟

قائد «كتيبة بلاطة» وسط مخيم بلاطة شمال الضفة الغربية في أبريل 2023 (الشرق الأوسط)
قائد «كتيبة بلاطة» وسط مخيم بلاطة شمال الضفة الغربية في أبريل 2023 (الشرق الأوسط)

اغتالت قوات خاصة إسرائيلية 4 فلسطينيين وسط مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، إذ استهدفت مركبة كانت تقلّهم وسط المدينة.

وقالت «وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية» (وفا) إن «قوة من المستعربين (القوات الخاصة) تسللت إلى مدينة نابلس وأطلقت النار على مركبة كان يستقلّها أربعة شبان قرب السوق الشرقية، فيما دفعت قوات الاحتلال بتعزيزات كبيرة إلى شارع القدس قادمة من جهة حاجز حوارة العسكري، ثم انسحبت عقب ذلك».

ومن بين من استهدفتهم القوات الخاصة الإسرائيلية، صلاح الصلّاج، قائد «كتائب شهداء الأقصى – الثأر والتحرير» التابعة لحركة «فتح» في مخيم بلاطة بالمدينة.

قائد «كتيبة بلاطة» وسط مخيم بلاطة شمال الضفة الغربية في أبريل 2023 (الشرق الأوسط)

وكان الصلّاج قائداً لـ«كتيبة بلاطة» التي ضمّت في تشكيلاتها عناصر من «فتح» و«حماس» والجهاد الإسلامي» قبل الإعلان عن تشكيل مسلح جديد. وتتهم إسرائيل الكتيبة بتنفيذ سلسلة من العمليات ضد أهداف للجيش والمستوطنين في شمال الضفة الغربية وتلاحق قادتها وعناصرها منذ أكثر من ثلاثة أعوام.

وولد الصّلاج عام 1993 في مخيم بلاطة، أكبر مخيمات الضفة الغربية، والتحق بمدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «أونروا» قبل الانضمام لصفوف حركة «فتح» بالمخيم والالتحاق بجناحها العسكري.

ونجا الصلّاج من 4 محاولات اغتيال سابقة وأصيب في إحداها بإصابات بالغة قبل أن تتمكن الوحدات الخاصة الإسرائيلية من الوصول إليه، الأربعاء، في نابلس. وكانت إسرائيل تتهم الصلّاج بالتخطيط وتنفيذ عمليات مسلحة ضدها وتصنيع العبوات الناسفة.

لقاء مع «الشرق الأوسط»

وكانت «الشرق الأوسط» التقت الصلّاج بين أزقة مخيم بلاطة في أبريل (نيسان) 2023، في ذروة نشاط مجموعته المسلحة، إذ قال الشاب المقنع حينها والمسلح ببندقيته إن قراره ورفاقه حملَ السلاح مجدداً جاء مدفوعاً بتصاعد هجمات الجيش والمستوطنين على الفلسطينيين في الضفة الغربية.

قائد «كتيبة بلاطة» وسط مخيم بلاطة شمال الضفة الغربية في أبريل 2023 (الشرق الأوسط)

ولفت الصلّاج، في الحوار الذي تستعيده «الشرق الأوسط»، إلى الاختلال في موازين القوى بين أسلحة عناصر الكتيبة الفردية وقدرات الجيش الإسرائيلي العسكرية، مشيراً إلى أن المواجهة هذه «لا تعكس إلا حجم العناد» لدى جيل جديد من الفلسطينيين على وقع تصاعد العنف وارتفاع وتيرة سياسات الضم والاستيطان.

ويتصاعد العنف في الضفة الغربية منذ بدء حرب إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية «حماس» في قطاع غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وقُتل المئات من الفلسطينيين في اشتباكات مع قوات إسرائيلية، بمن في ذلك مقاتلون مسلحون وشبان يرشقون القوات بالحجارة ومدنيون.