رحيل رئيس الوزراء الأردني الأسبق معروف البخيت

الوحيد من بين رجال الملك الذي شكّل حكومتين

رحيل رئيس الوزراء الأردني الأسبق معروف البخيت
TT
20

رحيل رئيس الوزراء الأردني الأسبق معروف البخيت

رحيل رئيس الوزراء الأردني الأسبق معروف البخيت

رحل رئيس الوزراء الأردني الأسبق اللواء معروف البخيت بعد صراع طويل مع المرض، إذ خاض معركته الصحية بصبر واعتكاف، محاطاً بقلة القلة من أصدقائه.

البخيت الذي رحل صباح السبت ليدفن الأحد في قريته ماحص حيث وصيته، ترك خلفه إرثاً من السمعة الرفيعة بالنزاهة والترفع عن الشبهات، خاض حياته السياسية في العشرين عاماً الماضية في ظروف صعبة مركبة جعلته عرضة للانتقاد نتيجة طبيعة القرارات والتحديات التي عاشتها المملكة في سنوات توليه المسؤولية.

ووُصف البخيت بأنه من طراز رجال الدولة الذين لا يتحدثون عند خروجهم من الموقع العام، ويذهبون إلى التحليل في طبيعة التحديات الإقليمية التي تواجهها بلاده، مبتعداً عن الدخول في معترك انتقاد السياسات المحلية ملتزماً بأدبيات لقبه رئيساً سابقاً.

وينتمي البخيت إلى عشائر عباد الأردنية، وهو من مواليد عام 1945، في قرية ماحص غرب عمان، وفي منتصف الستينات من القرن الماضي التحق بالقوات المسلحة الأردنية (الجيش العربي) حيث نقلته الرتب حتى سن التقاعد عام 1999، حاملاً لقب جنرال (لواء).

انتقل البخيت بعد ذلك إلى السلك الدبلوماسي فقد كان سفيراً في أنقرة ما بين العامين 2000 - 2004، لينتقل بعدها سفيراً إلى تل أبيب مدعوماً بخبرته في العمل ضمن فريق المفاوضات الأردنية الإسرائيلية، لكنه لم يُطل الإقامة فيه فاستدعاه العاهل الأردني في مطلع 2005 مديراً لمكتبه الخاص ومديراً للأمن الوطني.

وبعد أحداث تفجيرات فنادق عمان الدامية التي وقعت في التاسع من نوفمبر (تشرين الثاني) من 2005، والتي خلفت عشرات الضحايا والإصابات، في هجوم تبناه تنظيم «القاعدة» بقيادة الزرقاوي، كلفه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بتشكيل حكومته الأولى 2005-2007.

وفي هذه المرحلة التي توصف بالأمنية، اختلف البخيت مع حلفائه، في مراكز القوى؛ الرجل القوي في الديوان الملكي باسم عوض الله، ومدير المخابرات اللواء محمد الذهبي، فقد تضاربت مصالح الرجلين وأجنداتهما مع تلقائية البخيت وصدق مساعيه في مواجهة خطر الإرهاب من جهة والتحديات الاقتصادية من جهات.

ويقضي عوض الله والذهبي أحكاماً بالسجن في السواقة جنوب البلاد على خلفية اتهامهما بتجاوزات إدارية خلال الانتخابات البلدية والنيابية في 2007.

وخلال أحداث «الربيع الأردني»، وتحت ضغط الشارع، استقالت حكومة سمير الرفاعي بعد 40 يوماً من نيلها الثقة البرلمانية من مجلس النواب السادس عشر 2010-2012، واستدعى الملك الأردني البخيت مرة أخرى وكلفه تشكيل الحكومة، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يعيد الملك تكليف الرجل نفسه لتشكيل حكومة ثانية في عهده، وقد نال الثقة النيابية بنسبة ضئيلة، وسط رفض نيابي لتكرار تجربة البخيت بسبب ما عدّه استسلاماً منه لضغوط مراكز القوى في حكومته الأولى.

وفي حكومته الثانية، سعى البخيت إلى الاستعانة بقيادات شعبية سبق لها العمل الحزبي، وعرفت بالمعارضة في عهدي الملك الراحل الحسين والملك عبد الله الثاني، لكن وصفة البخيت تلك عمقت من أزمة التعامل الحكومي مع مطالب الشارع. وبعد أشهر قليلة رفع نوابٌ رسالة إلى الملك عبد الله الثاني تطالبه بإقالة الحكومة.

وبذلك خرج البخيت من ملعب الموقع التنفيذي والسياسي الأول بشعور من الخذلان بعد خيبة أمله في شركائه في مراكز صناعة القرار، واستقر بعد ذلك في موقعه من مجلس الأعيان (مجلس الملك)، وهو الغرفة التشريعية الثانية في مجلس الأمة، ولم يغادره إلا قبل عامين تقريباً بسبب تراجع ظروفه الصحية وصعوبة حركته بفعل ما أصابه من آثار جلطة دماغية، لكن ظل قريباً من دائرة النصح والمشورة عند الملك.

غادر البخيت الحياة اليوم، وسط قلة من مقربيه، وقد نقل هؤلاء عنه أنه ظل مخلصاً لعاداته في القراءة والاستماع للأخبار وعكِف خلال الأيام الأخيرة على الاهتمام بكتابة مذكراته التي كان بدأ بتجميع وثائقه وحقائق تتعلق بشهادته على الأيام.


مقالات ذات صلة

«مخطط الفوضى» يدفع الأردن لـ«استدارات استراتيجية» ضد «الإخوان»

خاص الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية محمد المومني خلال إعلان تفاصيل القبض على خلايا إرهابية في عمّان أمس (بترا)

«مخطط الفوضى» يدفع الأردن لـ«استدارات استراتيجية» ضد «الإخوان»

بإعلان الأردن عن  تفاصيل إحباط «مخططات تهدف إلى إثارة الفوضى، والتخريب»، بدت البلاد على مشارف «استدارات استراتيجية» في التعامل مع تنظيم الإخوان المحظور.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
المشرق العربي قوات الجيش الأردني خلال مهمة انتشار في يونيو الماضي (وكالة الأنباء الأردنية)

«تصنيع صواريخ ومسيَّرات»... الأردن يعلن إحباط «مخطط للفوضى»

أعلنت المخابرات العامة الأردنية، الثلاثاء، أنها أحبطت «مخططات كانت تهدف إلى المساس بالأمن الوطني، وإثارة الفوضى، والتخريب المادي داخل المملكة».

«الشرق الأوسط» (عمّان)
حصاد الأسبوع ممارسات إسرائيل في الضغة الغربية مصدر قلق بالغ للأردن (آ ب)

الأردن يعيش شهوراً فاصلة بمواجهة الهموم الداخلية والإقليمية

لا يخلو تاريخ الأردن القريب من تحديات مصيرية هدّدت أمنه واستقراره، وسعت للتشويش على استقرار نظامه السياسي. فجملة التحديات التي فرضتها جغرافيا المملكة وتاريخها معاً صارت العناوين ذات الأولوية في مناقشة المصالح الأردنية في المدى المنظور. جولة على هذه التحديات تُمكّن المراقبين من تقدير الموقف الأردني وتعقيداته؛ فعلى جبهة الأردن الغربية عانت البلاد من حالة الطوارئ العسكرية على مدى السنوات والعقود الماضية بفعل الاحتلال الإسرائيلي، والتعامل مع نكبة هجرة الفلسطينيين عام 1948، ونكسة حزيران من عام 1967 التي تسبّبت بهجرة الفلسطينيين الثانية. والحال ليست بأفضل على الجبهة الشمالية مع سوريا، فخلال سنوات الحرب الماضية كانت الجبهة الشمالية ملفاً أمنياً - عسكرياً ساخناً، كما استقبل عبرها نحو مليون لاجئ سوري. وتستمر محاولات عصابات تجارة المخدّرات والسلاح في تهديد الأمن على الحدود في مشهد متكرّر دفع الأردن للقصف بالطائرات عدداً من مصانع المخدرات في الجنوب السوري، التي كانت تابعة لميليشيات محسوبة على «حزب الله» اللبناني وإيران و«الفرقة الرابعة» في الجيش السوري بقيادة ماهر الأسد. وأخيراً لا آخراً، على الشرق هناك الحدود البرية الطويلة مع العراق، وفي آخر 22 سنة ظلت هذه الحدود عنوان تهديد لأمن الأردن، كما حصل في أحداث تفجير الفنادق في العاصمة عمّان عام 2005، بالإضافة إلى محاولات أخرى أُحبطت قبل استكمال أهدافها.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
حصاد الأسبوع العاهل الاردني عبدالله الثاني مستقبلاً الرئيس السوري أحمدوالشرع في مطار ماركا بعمّان (سانا)

حرب غزة وفّرت على حكومة حسّان مواجهات قاسية

على مدى شهور العدوان الإسرائيلي على غزة تراجعت أولوية الشأن الداخلي؛ ما أعفى الحكومة الأردنية من مواجهات قاسية مع الشارع والبرلمان. وسمح ذلك لشخص رئيس الوزراء.

العالم العربي خيام لإيواء النازحين الفلسطينيين أُقيمت وسط حي مدمّر جراء الحرب في مخيم جباليا للاجئين بشمال غزة (أ.ف.ب) play-circle

وزيرا خارجية مصر والأردن يبحثان تطورات القضية الفلسطينية هاتفياً

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الأردني أيمن الصفدي هاتفياً، الأربعاء، تطورات القضية الفلسطينية والأوضاع في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة - عمان)

مسؤولون: الجيش الأميركي يستعد لخفض قواته في سوريا

خلال مرور دورية مشتركة بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والجيش الأميركي في ريف القامشلي شمال شرقي سوريا في 8 فبراير 2024 (أرشيفية - رويترز)
خلال مرور دورية مشتركة بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والجيش الأميركي في ريف القامشلي شمال شرقي سوريا في 8 فبراير 2024 (أرشيفية - رويترز)
TT
20

مسؤولون: الجيش الأميركي يستعد لخفض قواته في سوريا

خلال مرور دورية مشتركة بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والجيش الأميركي في ريف القامشلي شمال شرقي سوريا في 8 فبراير 2024 (أرشيفية - رويترز)
خلال مرور دورية مشتركة بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والجيش الأميركي في ريف القامشلي شمال شرقي سوريا في 8 فبراير 2024 (أرشيفية - رويترز)

قال مسؤولان أميركيان لرويترز اليوم الثلاثاء إن الجيش الأميركي يستعد لدمج قواته في سوريا خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، في خطوة قد تُقلص عددها إلى النصف.

وللجيش الأميركي نحو ألفي جندي في سوريا موزعين على عدد من القواعد، معظمها في الشمال الشرقي. وتعمل القوات الأميركية مع القوات المحلية لمنع عودة ظهور تنظيم داعش، الذي استولى في عام 2014 على مساحات شاسعة من العراق وسوريا، قبل دحره لاحقا.

وقال أحد المسؤولين، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن هذا الدمج قد يقلل عدد القوات في سوريا إلى ألف تقريبا. وأكد مسؤول أميركي آخر خطة التخفيض، لكنه قال إنه لا يوجد يقين بشأن الأعداد وكان متشككا إزاء تخفيض بهذا الحجم في وقت تتفاوض فيه إدارة الرئيس دونالد ترمب مع إيران وتحشد قواتها في المنطقة.