معابر سوريا تُفجر صراعات متكررة على النفوذ... ما خريطتها؟

محاولات «تحرير الشام» السيطرة على «الحمران» لفتت الانتباه إليها مجدداً

معابر سوريا تُفجر صراعات متكررة على النفوذ... ما خريطتها؟
TT

معابر سوريا تُفجر صراعات متكررة على النفوذ... ما خريطتها؟

معابر سوريا تُفجر صراعات متكررة على النفوذ... ما خريطتها؟

تُفجر معابر سوريا صراعات متكررة على النفوذ بعد أن لفتت محاولات «تحرير الشام» السيطرة على «الحمران» الانتباه إليها مجدداً... فما خريطتها؟​ تواصل «هيئة تحرير الشام» محاولتها السيطرة على معبر «الحمران» الاستراتيجي الذي يربط بين مناطق «مجلس منبج العسكري» التابع لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في منبج ومناطق سيطرة ما يُعرف بـ«الجيش الوطني السوري» الموالي لتركيا في مدينة جرابلس بريف حلب الشرقي.

واندلعت اشتباكات بين فرقة «السلطان مراد» الموالية لتركيا، وفصيل «أحرار عولان» المتحالف مع هيئة تحرير الشام، على محاور عدة في شمال وشرق حلب، بعد اشتباكات مماثلة بين الثاني ومجموعة «الكتلة الكبرى» بقيادة محمد رمي، المعروف بـ«أبو حيدر مسكنة» القيادي ضمن الفيلق الثاني بـ«الجيش الوطني السوري» الموالي لتركيا، الذي يسيطر على معبر «الحمران».

ويعد معبر «الحمران»» شرياناً رئيسياً للتجارة بين مناطق «قسد» ومناطق سيطرة المعارضة، وتدخل من خلاله أيضاً مواد غذائية وكهربائيات وآليات وغيرها، فضلاً عن كونه الطريق الرئيسية لمرور قوافل النفط القادمة من شمال شرقي سوريا إلى مناطق سيطرة المعارضة، ويربط بين قرية الحمران الواقعة تحت سيطرة «الجيش الوطني» وقرية أم جلود، أول قرية ضمن مناطق سيطرة «قسد».

عائدات ضخمة

ويدرّ المعبر عائدات ضخمة من مرور قوافل النفط، تقدَّر بملايين الدولارات. وأعلنت وزارة الدفاع في «الحكومة السورية المؤقتة»، في 7 مارس (آذار) الماضي، أنها تسلمت إدارة وتشغيل معبر «الحمران» بعد 5 أشهر من التنازع عليه، لكنَّ ذلك لم يمنع حصول «تحرير الشام» على إيرادات، خصوصاً مع وجود أذرع لها في المعبر، تقول بعض التقديرات إنها تصل إلى 100 ألف دولار يومياً.

وكان فصيل «أحرار الشام - القطاع الشرقي» (أحرار عولان) يسيطر على المعبر إلا أنه شهد انقساماً في صفوفه، وبات قسمٌ منه تابعاً لـ«تحرير الشام» وآخر أكبر تابعاً لـ«الجيش الوطني» الموالي لتركيا. وسعت «تحرير الشام» للسيطرة على المعبر من خلال هجوم شنته في 14 سبتمبر (أيلول) الحالي، وقطعت القوات التركية الطرق المؤدية لمناطق الاشتباكات بين «أحرار الشام» وفصائل الجيش الوطني، التي قامت برفع سواتر ترابية وإغلاق الطرق الفرعية الواصلة بين بعض مدن وبلدات منطقة «درع الفرات» الخاضعة لسيطرة القوات التركية والفصائل، في الجهة الغربية. وقُتل خلال الاشتباكات 3 عناصر من الجيش الوطني.

معبر «باب السلامة» هو المعبر الثاني حالياً لإيصال المساعدات الإنسانية عبر تركيا بعد توقف نقلها عبر «باب الهوى»

خريطة السيطرة

وتثير محاولة تحرير السيطرة على معبر «الحمران» التساؤلات حول أهمية المعابر الداخلية بين مناطق السيطرة المختلفة في شمال سوريا، وكذلك المعابر الحدودية.

ولكونها أداة رئيسية للاقتصاد، تتسبب المعابر في صراعات متكررة بين الفصائل بسبب العائدات الضخمة التي تدرّها.

ويتوزع الشمال السوري بين منطقتين مختلفتين من حيث السيطرة، لكلٍّ منها معابرها المعتمدة مع الجانب التركي.

تدير «هيئة تحرير الشام» وحكومة الإنقاذ التابعة لها معبر «باب الهوى»، أما الحكومة السورية المؤقتة فتسيطر على 6 معابر تشرف عليها فصائل «الجيش الوطني».

و«باب الهوى» هو المعبر التجاري الوحيد مع تركيا، وهو أيضاً المعبر المعتمَد من الأمم المتحدة لإدخال المساعدات إلى شمال غربي سوريا عبر تركيا. وسيطرت فصائل الجبهة الإسلامية، وأبرزها حركة «أحرار الشام» و«جيش الإسلام» و«صقور الشام» على المعبر. وحسب بعض التقديرات، يدرّ المعبر نحو 10 ملايين دولار شهرياً.

وتوجد 6 معابر أخرى مع تركيا، بخلاف «باب الهوى»، في محافظة إدلب، شمال غربي سوريا، هي: أطمة، وخربة الجوز، وحارم، ودركوش، لكنها مغلقة، أو متاحة فقط لعمليات الإجلاء الطبي وتسليم المساعدات الإنسانية، إضافةً إلى معبرين تستخدمهما القوات التركية في عملياتها وإرسال التعزيزات العسكرية، أحدهما معبر كفر لوسين.

معابر الجيش الوطني

ويتحكم الجيش الوطني السوري، الموالي لتركيا في 6 معابر حدودية مع تركيا، تقع في مناطق «درع الفرات» و«غضن الزيتون» و«نبع السلام»، هي: جرابلس، والراعي، وباب السلامة، والحمام، ورأس العين، وتل أبيض. وتدير معبر جرابلس هيئة «ثائرون للتحرير» بعد أن طُرد تنظيم «داعش» من جرابلس شمال حلب، في عملية «درع الفرات» في أغسطس (آب) 2016.

ويدير الفيلق الثالث بالجيش الوطني السوري معبر «باب السلامة» الواقع على الحدود التركية - السورية، على بُعد نحو 5 كيلومترات شمال مدينة أعزاز بمنطقة «درع الفرات». وتدير هيئة «ثائرون للتحرير» أيضاً معبر «الراعي» في منطقة درع الفرات في حلب، كما تدير فرقة الحمزة معبر «رأس العين»، أما معبر «تل أبيض»، ضمن منطقة «نبع السلام» الخاضعة لسيطرة تركيا والجيش الوطني في شمال شرقي سوريا فيديره الفيلق الثالث، ومعبر «الحمام» تديره حركة «التحرير والبناء»، لكن «هيئة تحرير الشام» سيطرت عليه مؤخراً.

وتعود السيطرة على المعابر الخاضعة لإشراف الجيش الوطني للحكومة السورية المؤقتة التي لا تملك أي سيطرة على المعابر الداخلية مع مناطق سيطرة الحكومة السورية و«قسد».

وحسب الحكومة المؤقتة، تخضع المعابر الحدودية الستة لإشراف مدير واحد، وتوضع الرسوم الجمركية المتحصلة منها في حساب الحكومة المؤقتة بأحد البنوك التركية بعد خصم المصاريف التشغيلية للمعابر ورواتب الموظفين.

ويذهب 50 في المائة من حصيلة الرسوم إلى الجيش الوطني، و25 في المائة إلى المجالس المحلية في درع الفرات ونبع السلام في حلب، و15 في المائة للحكومة المؤقتة و10 في المائة لأهالي ضحايا المعارك.

معبر تشوبان باي (الراعي) يُستخدم حالياً لنقل المساعدات إلى شمال غربي سوريا بواسطة الأمم المتحدة

معابر بين المعارضة والحكومة

ترتبط مناطق سيطرة المعارضة في إدلب وريف حلب الشمالي مع مناطق سيطرة الحكومة السورية بثلاثة معابر هي: «ميزناز - معارة النعسان» في إدلب، وهو مغلق، لكن يُسمح من خلاله بإدخال المساعدات التي ترسلها الأمم المتحدة من مستودعاتها الموجودة في مناطق سيطرة حكومة دمشق. أما المعبر الثاني، فهو «ترنبة - سراقب» في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، وتسيطر عليه «هيئة تحرير الشام». وفي ريف حلب الشرقي، هناك معبر «أبو الزندين» الواقع في شرق مدينة الباب، وهو معبر تجاريّ وإنسانيّ يَفصل مناطق سيطرة الجيش الوطني عن مناطق سيطرة حكومة دمشق.

وترتبط مناطق سيطرة «قسد» بعدد من المعابر الشرعية وغير الشرعية تخضع لسيطرة فصائل «الجيش الوطني السوري»، ومن أهمها «عون الدادت» الذي يربط مناطق سيطرة الجانبين في حلب، ويقع بالقرب من جرابلس ويعدّ المعبر الرسمي لتدفق السلع والأفراد، ويفصل بين مدينة جرابلس الخاضعة لسيطرة القوات التركية والجيش الوطني، ومدينة منبج الواقعة تحت سيطرة «قسد».

وتدخل من هذا المعبر المحروقات والمواد الغذائية والإلكترونيات وغيرها من السلع المهمة للطرفين. وهناك معابر تهريب أقل أهمية، مثل «أم جلود». ومناطق «قسد» مهمة بالنسبة للمعارضة الموالية لتركيا، لجهة نقل البضائع من وإلى مناطق سيطرة دمشق، وأيضاً لحركة التجارة مع العراق، كما تعد مورداً مهما لـ«قسد»، لجهة رسوم عبور الأفراد والسلع والسيارات.

وفي أغلب الأحيان تستخدم المعابر بين مناطق «قسد» والمعارضة معابرَ وسيطة لتحرك السلع والأفراد من مناطق النظام إلى مناطق المعارضة أو العكس مروراً بمناطق «قسد».

معابر التهريب

ورغم تأكيد الفصائل الموالية لتركيا والحكومة المؤقتة عدم السماح بوجود معابر للتهريب، فإنها لا تستطيع منعها، بل إن الكثيرين من قادة الفصائل التي يصل عددها إلى 40 فصيلاً في شمال سوريا، متورطون في أعمال التهريب وجني العائدات من المعابر التي تدار لهذه الأعمال، حيث تضبط القوات التركية المعابر الرسمية لكنها لا تستطيع السيطرة على هذه المعابر التي تذهب عائداتها إلى المنتفعين منها خارج الرقابة.

وتنتشر معابر من هذا النوع على خطوط التماس مع القوات السورية و«قسد»، ويتنوع ما يمر خلالها، من مناطق سيطرة الحكومة السورية إلى مناطق المعارضة، بين تهريب الأشخاص سواء بين المناطق أو إلى تركيا، والسلع الأساسية التي يحدث بها نقص بين منطقة وأخرى، إضافةً إلى النفط والوقود والإلكترونيات، وصولاً إلى السيارات الأوروبية.

معابر المساعدات

فشل مجلس الأمن الدولي في 9 يوليو (تموز) الماضي، في تجديد آلية المساعدات الأممية إلى سوريا بسبب استخدام روسيا حق الفيتو، ليتوقف دخول المساعدات من معبر «باب الهوى» الحدوديّ مع تركيا، في حين استمر الاستثناء الخاص بدخول المساعدات عبر معبري «باب السلامة» و«الراعي» مع تركيا حتى 13 أغسطس (آب) الماضي، قبل تمديده 3 أشهر حتى 13 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

كانت الحكومة السورية قد وافقت على دخول مساعدات أممية عبر هذين المعبرين بعد 10 أيام من الزلزال المدمِّر الذي ضرب جنوب تركيا وشمال غربي سوريا في 6 فبراير (شباط) الماضي. وفي 8 أغسطس (آب) أعلنت الأمم المتحدة أن دمشق وافقت على تمديد دخول المساعدات عبر معبرَي «باب السلامة» و«الراعي» 3 أشهر حتى 13 نوفمبر، وبذلك أصبح دخول المساعدات عبر جميع المعابر مرهوناً بموافقة الحكومة السورية.

وقالت منظمة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) إن «الأمم المتحدة تجاهلت مطالب السوريين ومناشداتهم، وسمحت لنظام بشار الأسد بالتحكم في الملف الإنساني والمساعدات عبر الحدود إلى شمال غربي سوريا، رغم وجود مستند قانوني يمكّنها من إدخال المساعدات دون موافقة الدولة المعنية أو مجلس الأمن».

كانت الأمم المتحدة قد اعتمدت عام 2014 آلية لتوزيع المساعدات التي تقدّمها جهات ومنظمات دولية للسوريين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام عبر 4 معابر، تشرف المنظمة الدولية على عملية توزيع المساعدات التي تدخل من خلالها عبر مكتبها لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا). وهذه المعابر هي: باب الهوى، وباب السلامة عبر تركيا، ونقطة الرمثا عبر الأردن، ونقطة اليعربية عبر العراق.

معبر جيلفاجوز (باب الهوى) بين تركيا ومحافظة إدلب... البوابة المعطَّلة حالياً لدخول مساعدات الأمم المتحدة الإنسانية

إحباط الجهود الدولية

لكنّ روسيا والصين أحبطتا الجهود الدولية لإدخال المساعدات من خلال هذه المعابر في أوقات متتابعة، إذ استخدمتا حق النقض في مجلس الأمن، ضد مشروع قرار تمديد التفويض الدولي للأمم المتحدة بإدخال المساعدات إلى سوريا من دون إذن الحكومة السورية عبر معبر «باب السلامة»، آخِر المعابر التي ظلت مفتوحة إلى جانب معبر «باب الهوى». وبقي «باب الهوى» الوحيد المفتوح قبل الزلزال، لكنه أُغلق اعتباراً من 10 يوليو (تموز) الماضي بسبب الفشل في اتخاذ قرار باستمرار تدفق المساعدات الأممية من خلاله.

كما يرتبط الشمال السوري مع تركيا بمعابر أخرى، مثل الحمام، الذي افتتحته تركيا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 بعد انتزاعها السيطرة على منطقة «عفرين» من سيطرة «قسد»، ومعبر «الراعي» الذي افتتحته الحكومة السورية المؤقتة المدعومة من تركيا في ديسمبر (كانون الأول) 2017 أمام المدنيين وحركة التجارة، بعد أسابيع من تسلمها إدارة معبر «باب السلامة» من فصائل المعارضة.

وهذان المعبران لم يُستخدما في عمليات الأمم المتحدة الإنسانية عبر الحدود منذ عام 2020، عندما استخدمت كل من روسيا والصين حق الفيتو ضد مساعي الأمم المتحدة الرامية إلى إبقاء المعبرين مفتوحين لتوصيل المعونات الإنسانية.

وقالت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، في تقرير سابق، إن الحكومة السورية وضعت إطاراً سياسياً وقانونياً يسمح لها باستغلال المساعدات الإنسانية وتمويل إعادة الإعمار لخدمة مصالحها، ومعاقبة من تنظر إليهم على أنهم معارضون، وإفادة الموالين. وأكدت التلاعب بتوزيع المساعدات الإنسانية بطريقة تصبّ في مصلحة حكومة دمشق مباشرةً، وليس إيصالها إلى السوريين المحتاجين.

وتدفع موسكو ودمشق باتجاه دخول المساعدات «عبر الخطوط»، أي من مناطق سيطرة الحكومة السورية إلى مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا، بالسعي لافتتاح المعابر بين المنطقتين وفق الاقتراح الذي كانت قد تقدمت به روسيا بفتح معابر في مناطق سراقب وميزنار شرق إدلب، ومعبر أبو الزندين شمال حلب.


مقالات ذات صلة

تركيا تعيد للواجهة المبادرة العراقية للتطبيع مع سوريا بعد موقف روسيا

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا تعيد للواجهة المبادرة العراقية للتطبيع مع سوريا بعد موقف روسيا

أعادت تركيا إلى الواجهة مبادرة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني للوساطة مع سوريا بعد التصريحات الأخيرة لروسيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع

اعتبر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، بعد لقائه وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق، أمس، أنه «من الضروري للغاية ضمان أن يكون هناك وقف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع في المنطقة

لم تصدر أي تفاصيل حول نتائج لقاء الموفد الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، الأحد، مع وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

تراجعت أعداد اللاجئين السوريين الخاضعين لنظام الحماية المؤقتة في تركيا إلى أقل من 3 ملايين لاجئ.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي تشييع اثنين من ضحايا هجوم تدمر في الحطابية بمحافظة حمص الجمعة (متداولة)

بعد هجوم تدمر... قيادات إيرانية تتحرك من سوريا نحو العراق

أنباء عن مغادرة قياديين في «الحرس الثوري الإيراني» وميليشيات تابعة لإيران، الأراضي السورية متجهة إلى العراق؛ خشية تعرضهم للاستهداف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)
مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)
TT

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)
مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)

حدد رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، مسعود بارزاني، موقف الكرد من الصراع الجاري في المنطقة بطريقة تبدو مختلفة عن خيارات القوى السياسية في بغداد، لا سيما من الحرب الدائرة في المنطقة.

وفي لقاء له مع قناة «سكاي نيوز عربية»، الثلاثاء، أكد بارزاني أن العراق «هو المتضرر في حال جره للحرب في المنطقة». وأضاف أن «العلاقة بين أربيل وبغداد جيدة، مع أن بعض الملفات العالقة لا تزال طور النقاش لحلها، من بينها حصة الإقليم من النفط».

وقال بارزاني: «ليس من مصلحتنا أي توتر مع إيران وتركيا والعلاقات طبيعية مع الطرفين»، مؤكداً أنه «لم يكن في برنامجنا أبداً توتر العلاقات مع تركيا وإيران، لكن لن نسمح لأي أحد بأن يتدخل في شؤوننا».

ولفت بارازني إلى أن «المعارضة الإيرانية الموجودة في إقليم كردستان لم تتدخل وتستمع للتعليمات، بينما (حزب العمال الكردستاني) يتدخل ولا يستمع للتعليمات».

العراق وطبول الحرب

وبشأن طبول الحرب التي تقرع في المنطقة وطريقة تعاطي العراق الرسمي والعراق الموازي المتمثل بالفصائل المسلحة الموالية لإيران، قال بارزاني إن «العراق هو المتضرر من جره للحرب الحالية في المنطقة».

ومع أن بارزاني لم يخض في تفاصيل موقف العراق من الحرب، لكنه عبَّر عن رأي كردي منسجم مع موقف الحكومة العراقية سواء على لسان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أو وزير الخارجية فؤاد حسين، لكنه انتقد صراحة «الفصائل المسلحة التي لا تزال تهدد بالرد على إسرائيل في حال تنفيذها هجوما على العراق».

وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أعلن، الأحد الماضي، خلال كلمة له بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس الدبلوماسية العراقية أن إسرائيل باتت تبحث عما سماها «ذرائع واهية لضرب العراق»، مبيناً أنه وجَّه وزارة الخارجية للتعامل مع الأمر، وفق الأطر الدبلوماسية.

مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي والسفيرة الأميركية لدى العراق إلينا رومانسكي خلال لقاء الأحد (واع)

وكانت السفيرة الأميركية إلينا رومانسكي التي انتهت مدة عملها في العراق، قد حذرت من إمكانية أن تقوم إسرائيل باستهداف العراق قائلة: «أود أن أكون واضحة جداً من البداية. الإسرائيليون أدلوا بتحذيرات ردع على الميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، والتي تعتدي على إسرائيل».

وأضافت أن «هذه الميليشيات هي من بدأت في الاعتداء على إسرائيل، وأكون واضحة جداً لهذه النقطة وأن الإسرائيليين حذروا حكومة العراق بأن يوقفوا هذه الميليشيات من اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل».

وتابعت السفيرة بالقول: «رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة التي لا تنصاع لأوامر الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء، وأن إسرائيل أمة لها سيادتها، وستقوم بالرد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

خطر الانسحاب الأميركي

وعن موقفه من الوجود الأميركي في العراق، قال بارزاني إن «(داعش) لا يزال يشكل تهديداً جدياً، وانسحاب قوات التحالف مشكلة من دون تجهيز الجيش العراقي والبيشمركة».

ويعد موقف بارزاني أول موقف كردي بهذا الوضوح بعد سلسلة مباحثات أجرتها الحكومة العراقية طوال هذا العام مع الأميركيين بشأن إعادة تنظيم العلاقة بين العراق والولايات المتحدة الأميركية والتي تتضمن انسحاب ما تبقى من القوات الأميركية من العراق والعودة إلى اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقَّعة بين بغداد وواشنطن عام 2008.

وفي هذا السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية الدكتور عصام فيلي لـ«الشرق الأوسط» إن «موقف بارزاني من الانسحاب الأميركي يمثل مخاوف كثير من القوى السياسية وحتى الشارع العراقي في أن يكون العراق جزءاً من ساحة حرب».

وأضاف فيلي أن «هذه الحرب لا بد أن يكون لمن يشترك فيها اصطفاف لصالح طرف ضد آخر، وهو ما يتناقض مع الدستور العراقي وتصريحات كبار مسؤوليه في أن العراق لا يمكن أن يكون ساحة للحرب في المنطقة بين قوتين وهما أميركا وإيران».

وأوضح فيلي أن «العراق لا يزال يواجه تحديات داخلية في المقدمة منها التنظيمات الإرهابية، وأن قوات التحالف الدولي تمثل ضمانة أمنية»، وأشار إلى أن «الكرد يخشون من غياب قوات التحالف؛ لأنهم يرون أن وجود بعض الأطراف المسلحة في بعض المناطق المتنازع عليها سيشكل تهديداً لهم بعد الانسحاب الأميركي».