العراق: رسائل إيرانية مخبأة في حقيبة السوداني إلى البيت الأبيض

السوداني يلتقي بريت ماكغورك مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في نيويورك أمس (رئاسة الوزراء العراقية)
السوداني يلتقي بريت ماكغورك مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في نيويورك أمس (رئاسة الوزراء العراقية)
TT

العراق: رسائل إيرانية مخبأة في حقيبة السوداني إلى البيت الأبيض

السوداني يلتقي بريت ماكغورك مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في نيويورك أمس (رئاسة الوزراء العراقية)
السوداني يلتقي بريت ماكغورك مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في نيويورك أمس (رئاسة الوزراء العراقية)

يقول مقربون من رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إنه «متحمس للغاية» لزيارة البيض الأبيض قبل نهاية العام الحالي، لأن الدعوة التي وجهها وزير الخارجية أنتوني بلينكن تعني أنه سيفتح باباً واسعاً مع المجتمع الدولي، بالنسبة لحكومة متهمة بالعزلة لقربها الشديد من طهران التي ضغطت كثيراً على الوفد العراقي في نيويورك فور تأكيد الدعوة الأميركية.

وكشف مكتب السوداني في وقت سابق أن وزارتي الخارجية العراقية والأميركية تعملان على ترتيب موعد الزيارة المرتقبة للولايات المتحدة، تلبيةً لدعوة الرئيس جو بايدن، لكن وسائل إعلام محلية أشارت إلى الزيارة ستحدث قبل نهاية العام الحالي.

ليست طهران وحدها من تريد من السوداني حمل رسائلها إلى واشنطن، فالفصائل الشيعية الموالية لها في بغداد لديها الكثير من الأسئلة والمخاوف، وفي النهاية سيدخل رئيس الوزراء العراقي المكتب البيضوي بحقيبة ثقيلة من رسائل الحلفاء، الذين لا تحبهم واشنطن.

يقول مسؤولون عراقيون سافروا مع السوداني إلى نيويورك، إن اللقاءات التي جمعته بالوفد الإيراني لم تكن بروتوكولية بالحد الذي تفرضه أجواء العمل في الأمم المتحدة، وقد تأثر الإيرانيون بالأنباء التي أفادت بأن السوداني سيلتقي بايدن قبل نهاية العام.

ونقلت وسائل إعلام محلية، عن مسؤولين إن الإيرانيين «تحدثوا كثيراً عن مطالبهم التي يجب أن ينقلها السوداني إلى الأميركيين، أهمها إعفاء بغداد من القيود التي تمنعها من دفع المستحقات المالية لطهران، وكالعادة لم ينسوا تذكير العراقيين بضرورة إنهاء الوجود الأميركي في البلاد».

رئيس الوزراء العراقي يلتقي الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في نيويورك الأربعاء (د.ب.أ)

ووفق المسؤولين، فإن السوداني لم يشعر بالارتياح من طريقة الإيرانيين، وعبّر بطرق مختلفة عن ذلك، وتحدث عن «وضع عراقي خاص يحتاج إلى المراعاة»، ومع ذلك فإن أعضاء في الإطار التنسيقي أبلغوا «الشرق الأوسط»، أن ضغطاً مماثلاً ينتظر السوداني في بغداد، فالفصائل الشيعية لديها قائمة «مخاوف ورسائل».

وقال قيادي في الإطار التنسيقي، إن القوى السياسية ستظهر دعماً كبيراً للسوداني قبل وخلال زيارته للبيت الأبيض، لأنها «بأمسّ الحاجة إلى الأميركيين هذه الأيام (...). أزمة الدولار تؤرقهم، ويريدون حلاً عاجلاً يساهم في تخفيف القيود الأميركية على مبيعات العملة الصعبة، فالسيولة الحكومية تتراجع بالتزامن مع إطلاق الموازنة الاتحادية».

ومع ذلك، فإن القيادي واثق بأن هذا الدعم لا يحظى بإجماع القوى الشيعية، ذلك أن عدداً منها، لا سيما الفصائل المسلحة الموالية لطهران، لديها محاذير «كلاسيكية» من تقرب رئيس الوزراء من الأميركيين، وستحمّله أسئلة أساسية عن الخطط العسكرية على الحدود بين العراق وسوريا، وأيضاً حرية الطيران الأميركي في السماء العراقية.

يقول القيادي، أيضاً: «حتى مع هذه المعادلة المركبة بين شبكة مصالح شيعية متناقضة، لا أحد يتمنى أن تلغى الزيارة، بل هي مهمة لإزالة اللغط الدائر منذ شهور بأنها حكومة معزولة بسبب طابعها الفصائلي، لكنهم يريدون استغلالها على الطريقة الإيرانية، وحتى موعدها سيفعلون أشياء كثيرة لإحراج السوداني».

والحال، فإن السوداني حين يصل إلى أيام قليلة قبل السفر إلى واشنطن سيكون عليه أن يحقق التوازن الصعب بين مصالح حكومته في البيئة الدولية، وبين ضغط إيران وحلفائها، لكن المهم بالنسبة إليه أنه سيحرص على أن يظهر بوصفه رجل دولة موثوقاً به أمام الأميركيين، دون أن يذهب بعيداً معهم، كما يعبر سياسي عراقي يعمل عن قرب مع رئيس الوزراء.


مقالات ذات صلة

150 عائلة عراقية تتحضر لمغادرة «الهول» شمال سوريا

المشرق العربي عراقيات أمام «مخيم الجدعة» جنوب الموصل عام 2024 بعد نقلهم من مخيمات لعوائل «داعش» شمال شرق سوريا  (إكس)

150 عائلة عراقية تتحضر لمغادرة «الهول» شمال سوريا

تستعد 150 عائلة عراقية لمغادرة «مخيم الهول» باتجاه الأراضي العراقية، بينما أعلنت الإدارة الذاتية إفساح المجال أمام السوريين المقيمين بالمخيم للعودة إلى مناطقهم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي الأكاديمية الإسرائيلية - الروسية إليزابيث تسوركوف في إسطنبول مايو 2017 (أ.ف.ب)

وزير الخارجية العراقي: الرهينة الإسرائيلية «على قيد الحياة»

أقرّ وزير الخارجية العراقي بأن الباحثة الإسرائيلية - الروسية المحتجزة رهينة لدى جماعة مسلحة «على قيد الحياة»، وقال إن رئيس الحكومة يعمل من أجل تحريرها.

المشرق العربي وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (رويترز)

وزير خارجية العراق من «دافوس»: هجوم تركيا على الأكراد في شمال سوريا سيكون خطيراً

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، اليوم (الخميس)، إن مهاجمة تركيا لقوات كردية في شمال سوريا ستكون خطيرة.

«الشرق الأوسط» (دافوس)
المشرق العربي يتخوّف ناشطون من أن يشمل قانون العفو العام في العراق مدانين بجرائم فساد وقتل (أ.ف.ب)

طعون عراقية تلاحق قانوني «العفو» و«الأحوال»

تُلاحق طعون واعتراضات قانونين أقرهما البرلمان العراقي، وأثارا الانقسام السياسي والاجتماعي على مدار الأيام الماضية.

حمزة مصطفى (بغداد)
خاص رئيس العراق عبد اللطيف رشيد خلال حواره مع «الشرق الأوسط»

خاص رئيس العراق: الحديث عن تأثير إيران «مبالغة كبيرة»... والفصائل تحت السيطرة

رأى الرئيس العراقي، في حوار مع «الشرق الأوسط» على هامش أعمال «دافوس»، أن الحديث عن التأثير الإيراني على الفصائل المسلّحة في بلاده يحمل «مبالغة كبيرة».

نجلاء حبريري (دافوس)

متوسط ​​العمر المتوقع في غزة انخفض للنصف خلال عام من الحرب

فلسطينيون يحصلون على مساعدات غذائية بعد سريان وقف إطلاق النار بغزة (د.ب.أ)
فلسطينيون يحصلون على مساعدات غذائية بعد سريان وقف إطلاق النار بغزة (د.ب.أ)
TT

متوسط ​​العمر المتوقع في غزة انخفض للنصف خلال عام من الحرب

فلسطينيون يحصلون على مساعدات غذائية بعد سريان وقف إطلاق النار بغزة (د.ب.أ)
فلسطينيون يحصلون على مساعدات غذائية بعد سريان وقف إطلاق النار بغزة (د.ب.أ)

قدّرت دراسة جديدة أن متوسط ​​العمر المتوقع في قطاع غزة انخفض إلى النصف تقريباً في العام الأول من الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس»، وفقاً لصحيفة «التلغراف».

ووجدت الدراسة التي نُشرت في مجلة «لانسيت» أن متوسط ​​العمر المتوقع انخفض من متوسط ​​ما قبل الحرب 75.5 سنة إلى 40.5 سنة في الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 إلى سبتمبر (أيلول) 2024.

وقال الباحثون إن الانخفاض الحقيقي قد يكون أعلى؛ لأن دراستهم لم تحسب سوى الوفيات الناجمة عن إصابات الحرب.

وكان نقص البيانات يعني أن تحليلهم أغفل الوفيات الناجمة عن أسباب أخرى، في وقت أدت فيه الحرب إلى انهيار النظام الصحي.

وخلصت الدراسة التي أجراها باحثون في جامعة بنسلفانيا إلى أن «نتائج متوسط ​​العمر المتوقع لدينا تظهر أن الحرب الجارية في قطاع غزة أدت إلى خسارة متوسط ​​العمر المتوقع بأكثر من 30 عاماً خلال الأشهر الاثني عشر الأولى من الحرب؛ ما أدى إلى خفض مستويات ما قبل الحرب إلى النصف تقريباً».

وقارنت الدراسة بين قوائم الضحايا الواردة من وزارة الصحة بغزة وقائمة الأمم المتحدة للاجئين في القطاع وبيانات التعداد السكاني من المنطقة.

وقد تم التشكيك في دقة أرقام وزارة الصحة منذ بدء الحرب، حيث زعمت إسرائيل أن الوزارة التي تديرها «حماس» تبالغ في تقدير عدد القتلى لأغراض الدعاية.

وفي الوقت نفسه، تعامل الأمم المتحدة أرقام وزارة الصحة على أنها موثوقة، وقد ذكرت دراستان أكاديميتان سابقتان على الأقل أنهما لم تجدا أي علامات للمبالغة.

وقد وجدت دراسة للأمم المتحدة صدرت قبل شهرين أن أغلب القتلى المؤكدين كانوا من النساء والأطفال.

طفل فلسطيني يسير في منطقة غمرتها المياه بعد هطول أمطار غزيرة بمخيم للنازحين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إنه تحقق من تفاصيل 8 آلاف و119 شخصاً قُتلوا في غزة من نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى أبريل (نيسان) 2024.

ومن بين هؤلاء، 44 في المائة كانوا من الأطفال و26 في المائة من النساء. وكانت الأعمار الأكثر تمثيلاً بين القتلى تتراوح بين خمس وتسع سنوات.

وأضافت الوكالة أن نحو 80 في المائة من الضحايا قُتلوا في مبانٍ سكنية أو مساكن مماثلة.

وأوضح مؤلفو الدراسة الأخيرة: «إن تقييمنا لكل حالة على حدة لقائمة وزارة الصحة في غزة للقتلى لم يكشف عن أي أخطاء جوهرية أو علامات تضخيم متعمد.. من المرجح للغاية أن تقديراتنا المركزية تقلل من الخسائر الحقيقية؛ لأنها لا تشمل الأفراد الذين تم الإبلاغ عن فقدهم أو تحت الأنقاض».

وتابعوا: «الأمر الأكثر أهمية هو أن نتائجنا لا تشمل التأثيرات غير المباشرة للحرب على الوفيات».

وتعرَّض القطاع لقصف مكثف وعمليات برية، حيث تعهدت إسرائيل بتدمير «حماس» رداً على الهجوم الذي شنته الحركة عبر الحدود في السابع من أكتوبر.

وتقول وزارة الصحة إن عمليات إسرائيل قتلت أكثر من 47 ألف شخص، معظمهم من المدنيين.

فلسطينيون يحصلون على مساعدات غذائية بعد سريان وقف إطلاق النار بغزة (د.ب.أ)

كما أشارت دراسة أخرى نُشرت في مجلة «لانسيت» في وقت سابق من هذا الشهر إلى أن هذا الرقم أقل بكثير من العدد الحقيقي.

ودُمَّرت مساحات شاسعة من الأراضي خلال الصراع، واضطر نحو 90 في المائة من الناس إلى مغادرة منازلهم لتجنب القصف الإسرائيلي.

واتفق الخصوم في نهاية الأسبوع على اتفاق لوقف إطلاق النار شهد تبادل الرهائن الإسرائيليين بالسجناء الفلسطينيين.

وستتناول المراحل اللاحقة من عملية وقف إطلاق النار القضية الصعبة المتمثلة في من سيحل مكان «حماس» التي تحكم القطاع.