مظاهرات وإضرابات في مدن رئيسية شمال شرقي سوريا

عقب إعلان «الإدارة الذاتية» زيادة أسعار المحروقات

كرديات سوريات خلال عرض للدبكة في محافظة الحسكة يوم الأحد (أ.ف.ب)
كرديات سوريات خلال عرض للدبكة في محافظة الحسكة يوم الأحد (أ.ف.ب)
TT

مظاهرات وإضرابات في مدن رئيسية شمال شرقي سوريا

كرديات سوريات خلال عرض للدبكة في محافظة الحسكة يوم الأحد (أ.ف.ب)
كرديات سوريات خلال عرض للدبكة في محافظة الحسكة يوم الأحد (أ.ف.ب)

دفعت تكاليف المعيشة الباهظة مواطنين ونشطاء إلى الخروج للشوارع احتجاجاً على قرار «الإدارة الذاتية» لشمال وشمال شرقي سوريا رفع أسعار مادة المازوت.

وشارك مئات من سكان مدن القامشلي والمالكية وعين العرب (كوباني) في مظاهرات وإضرابات عامة؛ بعد رفع أسعار المازوت 3 أضعاف في منطقة تعد الأغنى على مستوى البلاد بحقول النفط والطاقة. وكشفت مسؤولة كردية من إدارة المحروقات العامة أن ارتفاع سعر المازوت شمل كل المنشآت الصناعية والمركبات السياحية والمستشفيات والشركات الخاصة ومؤسسات الإدارة المدنية والعسكرية.

وخرج مئات من أهالي القامشلي وشخصيات سياسية وصحافيون ونشطاء في وقفة احتجاجية، الاثنين، أمام مقر البلدية وسط المدينة، رافعين شعارات ومرددين عبارات منددة بقرار سلطات الإدارة الذاتية رفع أسعار المحروقات ومطالبين بالتراجع عنه. وقال السياسي حسن صالح، وهو أحد المشاركين في الاحتجاج، إنهم يأملون أن تتراجع الإدارة عن رفع أسعار المحروقات لأن «تبعات القرار تفوق طاقة الأهالي وقدرتهم الشرائية، بالتوازي مع تدني أوضاعهم المعيشية. فرواتب الإدارة دون المأمول وهذه الزيادة سترهق كاهل الأهالي عموماً».

أكراد خلال عرض للدبكة الفلكلورية بمدينة الرميلان في الحسكة يوم الأحد (أ.ف.ب)

وفي الوقت ذاته، أعلن تجار وأصحاب محال تجارية في مدينة المالكية (أو «ديريك» بحسب تسميتها الكردية) إضراباً عاماً استجابة لدعوات ناشطين. وأطلق هؤلاء حملة تحت عنوان: «لا لرفع أسعار المحروقات» عبر صفحاتهم الزرقاء على منصات التواصل الاجتماعي، ودعوا الأهالي للمشاركة في الإضرابات العامة. كذلك شارك مواطنون في عين العرب (كوباني) في الإضراب وأغلقوا المنطقة الصناعية تماماً. ونشر نشطاء على صفحاتهم صوراً تُظهر التزام أصحاب المحال التجارية بالإضراب. وشارك مواطنون في مظاهرة احتجاجية جابت شوارع عين العرب ورفعوا لافتات وشعارات رافضةً لقرار الزيادة الأخير.

وفي الوقت ذاته، شهدت أسعار الخضار والفواكه في مناطق الإدارة الذاتية شرقي الفرات ارتفاعات غير مسبوقة بعد رفع سعر مادة المازوت. وقال طه مصطفى، وهو تاجر في سوق الهال المركزية بمدينة القامشلي، إن حركة السوق تضررت بشكل كبير خلال اليومين الماضيين نتيجة ارتفاع أجور نقل سيارات الشحن. وأوضح: «أجرة سيارة شحن نقل 2 طن من البطاطا من مدينة الحسكة إلى القامشلي ارتفعت للضعف، فقد كانت سابقاً 150 ألف ليرة (12 دولاراً أميركياً)، أما اليوم فباتت 300 ألف ليرة وما فوق». وأشار هذا التاجر إلى أن سيارات نقل الخضار والفاكهة ذات حمولة 15 طناً من معبر سيمالكا الحدودي الذي يربط المنطقة بإقليم كردستان العراق، إلى مدينة القامشلي السورية، ارتفعت من 150 دولاراً أميركياً إلى 200 دولار.

أكراد سوريون خلال «مهرجان الدبكة» يوم الأحد في الرميلان بمحافظة الحسكة شمال شرقي سوريا يوم الأحد (أ.ف.ب)

أما سعر ربطة الخبز السياحي فقد ارتفع من 3500 ليرة إلى 4500 ليرة، بحسب هوزان محمود صاحب فرن «سيتي» السياحي في القامشلي. وذكر أن القرار ينص على رفع سعر ربطة الخبز السياحي التي تحتوي على 600 غرام إلى 4500 ليرة أو 31 سنتاً أميركياً. وذكر أن اجتماعاً ضم اتحادات الأفران ومؤسسات الإدارة وأصحاب الأفران الخاصة عقد السبت الماضي، وقرر زيادة سعر الربطة، مشيراً إلى أن هذه التسعيرة (4500 ليرة) ستبقى حتى بلوغ سعر صرف الدولار 15 ألف ليرة. وقال: «التكاليف الرئيسية الزائدة بعد ارتفاع سعر المازوت هي لأجور نقل مادة الطحين».

من جانبها، أوضحت عبير محمد خالد، رئيسة الإدارة العامة للمحروقات لدى الإدارة الذاتية، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن أسعار المازوت الخدمي «الخاص بالأفران والأمبيرات ومازوت التدفئة والقطاع الزراعي، لم يطرأ عليها أي تغيير وبقيت ثابتة، أما الزيادة شملت كل المنشآت الصناعية والسيارات السياحية، والمستشفيات والشركات الخاصة، ومؤسسات الإدارة المدنية والعسكرية». وأشارت المسؤولة الكردية إلى أن وسائل النقل الداخلي التي تربط مدن وبلدات الإدارة شرقي الفرات لا يشملها قرار رفع سعر المحروقات. وشددت على أنهم «يدعمون قطاعات حيوية وخدمية بأكثر من 50 في المائة مقارنة مع تكاليف استخراج المحروقات في مناطقنا».


مقالات ذات صلة

بعد هجوم تدمر... قيادات إيرانية تتحرك من سوريا نحو العراق

المشرق العربي تشييع اثنين من ضحايا هجوم تدمر في الحطابية بمحافظة حمص الجمعة (متداولة)

بعد هجوم تدمر... قيادات إيرانية تتحرك من سوريا نحو العراق

أنباء عن مغادرة قياديين في «الحرس الثوري الإيراني» وميليشيات تابعة لإيران، الأراضي السورية متجهة إلى العراق؛ خشية تعرضهم للاستهداف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي رجال أمن وإنقاذ في موقع استهدفته غارة إسرائيلية في دمشق (أرشيفية - أ.ب)

تحذير أممي من انزلاق سوريا إلى «حريق إقليمي واسع»

رأت نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، نجاة رشدي، أن منطقة الشرق الأوسط تشهد «خطراً عميقاً»، ودعت إلى «عمل حاسم» لمنع انزلاق سوريا إلى «حريق إقليمي».

علي بردى (واشنطن)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

أوضح وزير الخارجية التركي فيدان أن الرئيس السوري لا يريد السلام في سوريا، وحذر من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية أستانة».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: الغارات على تدمر هي «على الأرجح» الأسوأ في سوريا

قالت نجاة رشدي، نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، أمام مجلس الأمن: «ازدادت الغارات الإسرائيلية في سوريا بشكل كبير، سواء من حيث الوتيرة أو النطاق».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
خاص عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)

خاص كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

تسبب الوجود السوري المتنامي بمصر في إطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تنتقد مشروعاتهم الاستثمارية.

فتحية الدخاخني (القاهرة )

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لم يشهد سكان غزة، اليوم الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال اللذان أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، فيما قال مسعفون إن 21 شخصاً على الأقل قُتلوا في غارات إسرائيلية جديدة، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال مسعفون إن ثمانية أشخاص قُتلوا في غارة استهدفت منزلاً في حي الشجاعية بمدينة غزة في شمال القطاع. كما قُتل ثلاثة آخرون في غارة بالقرب من مخبز، وقُتل صياد في أثناء توجهه إلى البحر. وقُتل تسعة أشخاص في ثلاث غارات جوية شنتها إسرائيل في وسط وجنوب القطاع.

منطقة عازلة

في الوقت نفسه، توغلت القوات الإسرائيلية أكثر في الشمال، وكثفت القصف في هجوم رئيسي تشنه منذ أوائل الشهر الماضي.

ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يهدف إلى منع مقاتلي حركة «حماس» الفلسطينية من شن هجمات وإعادة تنظيم صفوفهم. ويعبّر سكان عن مخاوفهم من أن يكون الهدف هو إخلاء جزء من القطاع بشكل دائم ليكون منطقة عازلة، وهو ما تنفيه إسرائيل.

قال سكان في البلدات الثلاث المحاصرة في الشمال، وهي جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، إن القوات الإسرائيلية فجرت عشرات المنازل.

وذكرت وزارة الصحة بغزة في بيان أن غارة إسرائيلية استهدفت مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا، وهو إحدى المنشآت الطبية الثلاث التي تعمل بالكاد في المنطقة، مما أسفر عن إصابة ستة من العاملين في المجال الطبي، بعضهم في حالة خطيرة.

وأضافت: «أدى الاستهداف أيضاً إلى تدمير المولد الكهربائي الرئيسي بالمستشفى، وثقب خزانات المياه لتصبح المستشفى من غير أكسجين ولا مياه، الأمر الذي ينذر بالخطر الشديد على حياة المرضى والطواقم العاملة داخل المستشفى، حيث يوجد فيه 80 مريضاً و8 حالات بالعناية المركزة».

أميركا والفيتو

وعدّ سكان في غزة قرار المحكمة الجنائية الدولية بالسعي إلى اعتقال اثنين من الزعماء الإسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب بمثابة اعتراف دولي بمحنة القطاع. لكن الواقفين في طابور للحصول على خبز من أحد المخابز في مدينة خان يونس بجنوب القطاع يشكون في أن يكون لهذا القرار أي تأثير.

وقال صابر أبو غالي وهو ينتظر دوره بين الناس: «القرار لا ولن يُنفذ؛ لأن إسرائيل تحميها أميركا، ولها حق الفيتو في كل حاجة، أما إسرائيل فلا ولن تُحاسب».

وقال سعيد أبو يوسف (75 عاماً) إنه حتى لو تحققت العدالة فسيكون ذلك بعد تأخير عقود، «المحكمة الجنائية الدولية اتأخرت كتير، إلنا فوق الستة وسبعين عام بنسمع قرارات اللجنة هذه ولا تنفذ ولا تطبق ولا تعمل إلنا أي شيء».

وشنت إسرائيل حملة عسكرية على غزة رداً على هجوم «حماس» عليها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 والذي تشير إحصاءات إسرائيلية إلى أنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

وقال مسؤولو الصحة الفلسطينيون إن 44 ألف فلسطيني تقريباً قُتلوا في غزة منذ ذلك الحين، وتحول جزء كبير من القطاع إلى ركام.

تعثر جهود الوساطة

وقال ممثلو الادعاء في المحكمة إن هناك أسباباً كافية للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت مسؤولان جنائياً عن ممارسات تشمل القتل والاضطهاد واستخدام التجويع سلاحاً في الحرب، في إطار «هجوم واسع وممنهج ضد السكان المدنيين في غزة».

كما أصدرت المحكمة أمر اعتقال لمحمد الضيف، القائد العسكري في «حماس»، الذي تقول إسرائيل إنها قتلته في غارة جوية في يوليو (تموز)، إلا أن «حماس» لم تؤكد أو تنف مقتله.

وتقول إسرائيل إن «حماس» هي المسؤولة عن كل ما يلحق بالمدنيين من أذى في غزة؛ لأن مقاتليها مندسّون بينهم، وهو ما تنفيه الحركة.

وندد سياسيون إسرائيليون من مختلف الأطياف السياسية بأمري الاعتقال، ورأوا أنهما صدرا بناء على تحيز، واستناداً إلى أدلة كاذبة. وتقول إسرائيل إن المحكمة ليست مختصة بنظر قضايا الحرب. وأشادت «حماس» بأمري الاعتقال بوصفهما خطوة مبدئية صوب تحقيق العدالة.

وتعثّرت جهود الوسيطين، مصر وقطر، بدعم من الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وتريد «حماس» التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب، في حين تعهد نتنياهو بأن الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على «حماس».