الحوار اللبناني ينتظر جهوزية «حزب الله» و«نزول باسيل عن الشجرة»

نبيه بري مترئساً إحدى جلسات انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان (أ.ف.ب)
نبيه بري مترئساً إحدى جلسات انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان (أ.ف.ب)
TT

الحوار اللبناني ينتظر جهوزية «حزب الله» و«نزول باسيل عن الشجرة»

نبيه بري مترئساً إحدى جلسات انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان (أ.ف.ب)
نبيه بري مترئساً إحدى جلسات انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان (أ.ف.ب)

تسأل مصادر سياسية لبنانية هل دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري لحوار يمتد لأسبوع يليه عقد جلسات متتالية لانتخاب رئيس للجمهورية معطوفة هذه المرة على تقديره بأن الظروف الإقليمية والدولية أصبحت ناضجة لانتخابه أم أنه يتوخى من دعوته رفع المسؤولية عنه ورميها على عاتق من لا يستجيب لدعوته للحوار؟

وترى المصادر السياسية أن إلحاح المجتمع الدولي ومن خلاله «اللجنة الخماسية» (السعودية وقطر ومصر وفرنسا وأميركا) على إنهاء الشغور الرئاسي لا يعني بالضرورة أن الطريق سالكة أمام انتخابه. وتؤكد أن قول وزير خارجية إيران حسين أمير عبداللهيان، في زيارته الأخيرة لبيروت، بأن بلاده لا تتدخل في الشأن الداخلي للبنان، لا يفي بالغرض المطلوب ما دامت طهران تمتنع عن إطلاق الضوء الأخضر لحليفها «حزب الله» بوقف تعطيل انتخاب الرئيس.

وتلفت إلى أن إنضاج الظروف الإقليمية والدولية لانتخاب الرئيس، في حال أنها توافرت، لا تكفي ما لم تتلازم مع إنضاج مماثل في الداخل اللبناني، وهذا يستدعي مبادرة الأطراف المحلية إلى تنعيم مواقفها، بدءاً بخفض سقوفها السياسية. وتؤكد أن «حزب الله» لا يبدي حتى الساعة مرونة لملاقاة خصومه في منتصف الطريق بحثاً عن تسوية تدفع باتجاه التفاهم على رئيس توافقي من خارج الاصطفافات السياسية.

وتؤكد المصادر نفسها أن «حزب الله» ليس جاهزاً للدخول في تسوية، لأنه بخلاف معظم القوى السياسية، ينظر إلى انتخاب الرئيس من زاوية إقليمية مرتبطة بالتطورات المتسارعة في المنطقة، بما يخدم طهران لجهة إمساكها بالورقة الرئاسية لتحسين شروطها في التفاوض مع واشنطن. وهذا ما يفسر تلميح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى أن تدخّل إيران يمنع انتخاب الرئيس.

وتقول بأن تلميح ماكرون إلى إيران لم يأت من فراغ، وإنما على خلفية قناعة الفريق الرئاسي الفرنسي المولج بالملف اللبناني، بأنها تريد أن تبيع موقفها لواشنطن كونها الأقدر على تقديم الأثمان من سياسية وغيرها.

وتضيف أن إنضاج الظروف المحلية لوقف تعطيل انتخاب الرئيس يتطلب توفير مجموعة من الشروط، بدءاً باستعداد «حزب الله» لتقديم التنازلات المطلوبة لتسهيل انتخابه، مروراً بمبادرة رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل إلى «النزول من أعلى الشجرة»، ليس بهدف الوصول إلى صفقة ثنائية مع الحزب، وإنما للانخراط في الجهود الرامية للتفاهم على رئيس توافقي، وانتهاءً بتعاطي قوى المعارضة بواقعية سياسية تتيح لها الانفتاح على الشريك الآخر، أي محور الممانعة، ولو من موقع الاختلاف، شرط أن يتعامل معها الأخير بالمثل بامتناعه عن فرض رئيس مستقوياً بفائض القوة.

وتعتقد المصادر نفسها أن انخراط «القوات اللبنانية» و«الكتائب» في حملة سياسية منظمة لا يهدفان منه تعطيل دعوة بري للحوار فحسب، وإنما لتطويق باسيل وإحراجه في الشارع المسيحي، ليعيد النظر في استجابته للحوار ووقف تواصله مع «حزب الله» الذي يتسم بطابع المقايضة بين تسليمه بشروطه الرئاسية، في مقابل موافقته على ما نصت عليه ورقته السياسية من مطالب أبرزها اللامركزية والمالية الموسعة.

ورغم أن النواب المحسوبين على باسيل أخذوا يروّجون لاستعداده للوصول إلى تفاهم رئاسي مع «حزب الله» شرط تأييد الحزب لمطالبه بدءاً باللامركزية الإدارية والمالية الموسعة، مع أن تلفزيون «المنار» الناطق باسم الحزب، أورد في نشرته الإخبارية مساء أول من أمس خبراً يتعلق باجتماع اللجنة المشتركة للطرفين حصر فيه جدول أعمالها بمسألة اللامركزية الإدارية الموسعة، من دون أن يأتي على ذكر الشق الثاني منها الخاص بالمالية الموسعة.

لذلك، تسأل المصادر عن مدى استعداد باسيل لمواصلة حواره مع «حزب الله» في ظل الحرب السياسية غير المسبوقة التي يتزعمها «الثنائي الماروني» (القوات اللبنانية والكتائب)، وليست محصورة بدعوة بري للحوار، وإنما تتجاوزه إلى استهداف «حزب الله» كونه العائق الوحيد، من وجهة نظره، أمام استرداد مشروع بناء الدولة بديلاً عن دويلة «حزب الله»، فهل يتجاوز باسيل رد الفعل في الشارع المسيحي؟ أم يضطر إلى إعادة النظر في تجاوبه مع الدعوة للحوار الرئاسي، بذريعة أنه لا يحظى بالإجماع المطلوب؟

لكن تجدّد الحرب السياسية بين الثنائي الماروني (القوات - الكتائب) من جهة وبين ثالثهما باسيل، الذي كان وافق على تقاطعه مع المعارضة بتأييده دعم ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، لن يحجب الأنظار عن ارتفاع منسوب التمايز بين قوى المعارضة و«اللقاء الديمقراطي» برئاسة تيمور وليد جنبلاط.

فالتمايز بينهما، وإن كانا تقاطعا على ترشيح أزعور واتفقا على استبعاد ترشيحهما لرئيس تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، يبقي على التباين بينهما حول دعوة بري للحوار والموقف من السؤالين اللذين أودعهما الموفد الخاص للرئيس الفرنسي وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان لدى النواب.

 

حقائق

31 نائباً لبنانياً

يجمعون على رفض التجاوب مع رسالة الموفد الفرنسي

ومع أن قوى المعارضة امتنعت عن الإجابة عن السؤالين، فإن «اللقاء الديمقراطي» لم يأتِ على ذكرهما في رسالته إلى لودريان واستبدل بهما الدعوة لحوار يؤدي إلى انتخاب رئيس للجمهورية، علماً بأن المعارضة لم تستمزج رأي «اللقاء الديمقراطي» عندما أجمع 31 نائباً من المنتمين إليها على رفضهم التجاوب مع رسالة الموفد الفرنسي بذريعة، كما تقول مصادرها لـ«الشرق الأوسط»، أنها لا تريد إحراجه، باعتبار أنها تدرك سلفاً موقفه الثابت من الحوار من موقع اختلافه مع محور الممانعة وعلى رأسه «حزب الله».

وعليه فإن التباين بين قوى المعارضة و«اللقاء الديمقراطي» لا يقتصر على موقفهما من الحوار، وإنما يتخطاه إلى تشريع الضرورة، وانعقاد جلسات مجلس الوزراء، والنبرة العالية في الخطاب السياسي، وهذا ما ينسحب أيضاً على علاقة المعارضة بعدد وافر من نواب السُّنة من غير المنتمين إلى محور الممانعة. خصوصاً أن اجتماعهما الأخير أبقى على الخلاف حول مقاربتهما للملف الرئاسي ومتفرعاته قائماً، ولا يبدو أن هناك إمكانية للوصول إلى قواسم مشتركة على الأقل في المدى المنظور.


مقالات ذات صلة

سلام «يستشير» النواب في شكل حكومته… وتفاؤل بـ«أداء جديد»

المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام (إ.ب.أ)

سلام «يستشير» النواب في شكل حكومته… وتفاؤل بـ«أداء جديد»

برزت دعوات الكتل النيابية اللبنانية إلى تشكيل «حكومة كفاءات» مع إطلاق الرئيس المكلف، نواف سلام، الاستشارات النيابية غير الملزمة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جنود إسرائيليون ينتشرون قرب الجدار الفاصل مع لبنان (رويترز)

إسرائيل تدفع بتعزيزات إلى كفركلا وتواصل نسف بيوت جنوب لبنان

دفعت القوات الإسرائيلية الأربعاء بتعزيزات جديدة إلى المنطقة الحدودية في جنوب لبنان، استعداداً للتوجه إلى بلدة كفركلا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية المكلف نواف سلام (رويترز)

لبنان: سلام يحتوي تداعيات مقاطعة «الثنائي الشيعي» الاستشارات بلقاء بري

قاطع الثنائي الشيعي «حزب الله» و«حركة أمل»، الأربعاء، الاستشارات النيابية غير الملزمة التي عقدها الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، نواف سلام، في البرلمان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي 
رئيس الجمهورية اللبناني مجتمعاً مع رئيس البرلمان ورئيس الحكومة المكلف أمس (رويترز)

سلام: نشر السلطة في كل لبنان... وعدم إقصاء أحد

تكثفت الاتصالات في لبنان لمعالجة تداعيات تكليف نواف سلام تشكيل الحكومة الجديدة وسط معارضة «حزب الله» وحركة «أمل» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري لهذا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام يلوح بيده لدى وصوله للقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون (إ.ب.أ) play-circle 01:44

ما مشكلة «الثنائي الشيعي» مع رئيس الحكومة المكلف نواف سلام؟

يستغرب كثيرون معارضة «الثنائي الشيعي (حزب الله) و(حركة أمل)» الشديدة تكليف القاضي نواف سلام تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة.

بولا أسطيح (بيروت)

«حماس»: اتفاق وقف النار «إنجاز كبير» وثمرة صمود 15 شهراً

TT

«حماس»: اتفاق وقف النار «إنجاز كبير» وثمرة صمود 15 شهراً

فلسطينيون يحتفلون بأنباء التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل في دير البلح وسط قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يحتفلون بأنباء التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل في دير البلح وسط قطاع غزة (إ.ب.أ)

كشف سامي أبو زهري المسؤول في حركة «حماس» لوكالة «رويترز» اليوم (الأربعاء) إن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة «إنجاز كبير يعكس الأسطورة التي حققتها غزة بصمود شعبها وبسالة مقاومتها».

وأضاف أبو زهري أن الاتفاق «تكريس لفشل الاحتلال في تحقيق أي من أهدافه».

وكانت «حماس» قد اعتبرت ان اتفاق وقف اطلاق النار مع اسرائيل جاء نتيجة «الصمود الأسطوري» للشعب الفلسطيني و«المقاومة» في قطاع غزة.

وقالت الحركة في بيان إن «اتفاق وقف إطلاق النار هو ثمرة الصمود الأسطوري لشعبنا الفلسطيني العظيم ومقاومتنا الباسلة في قطاع غزة، على مدار أكثر من 15 شهرا».

كما اضافت أنه «إنجاز لشعبنا ومقاومتنا وأمتنا وأحرار العالم، وهو محطة فاصلة من محطات الصراع مع العدو، على طريق تحقيق أهداف شعبنا في التحرير والعودة».

من جهته، قال القيادي في «حماس» خليل الحية: «في هذه اللحظة التاريخية من جهاد شعبنا ونضاله المستمر على مدار عقود -والتي سيكون لها ما بعدها- نتوجه بكل عبارات الفخر والشموخ والثناء إليكم يا أهلنا وشعبنا في غزة الأبية».

وأكد ان «إسرائيل فشلت في تحقيق هدفها في غزة.. معركتنا مع إسرائيل لن تتوقف».

وتابع « لقد شكلت معركة (طوفان الأقصى) منعطفا مهما في تاريخ قضيتنا وستستمر آثار هذه المعركة ولن تتوقف بانتهاء هذه الحرب».

وأشار الحية إلى أن «ما قام به الاحتلال وداعموه من حرب إبادة وحشية ومعاداة للإنسانية على مدى 467 يوما سيبقى محفورا في ذاكرة شعبنا والعالم وإلى الأبد، كأبشع إبادة جماعية في العصر الحديث».

وأفاد «ما حدث في 7 أكتوبر من إعجاز وإنجاز عسكري وأمني أصاب كيان العدو في مقتل، وسيستعيد شعبُنا كامل حقوقه».