بري لحوار ببند وحيد يؤمن انتخاب رئيس للبنان و«نقطة على السطر»

ابتدع صيغة توفيقية لتجاوز الخلاف حول الأولويات

الرئيس نبيه بري يلقي كلمته التي دعا فيها للحوار (رويترز)
الرئيس نبيه بري يلقي كلمته التي دعا فيها للحوار (رويترز)
TT

بري لحوار ببند وحيد يؤمن انتخاب رئيس للبنان و«نقطة على السطر»

الرئيس نبيه بري يلقي كلمته التي دعا فيها للحوار (رويترز)
الرئيس نبيه بري يلقي كلمته التي دعا فيها للحوار (رويترز)

يرصد رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري ردود الفعل النيابية على دعوته للحوار لإخراج انتخاب رئيس الجمهورية من المراوحة التي يدور فيها، ليكون في وسعه أن يبني على الشيء مقتضاه. ويتمنى بري أن تلقى دعوته، كما تقول مصادر نيابية لـ«الشرق الأوسط»، استجابة من جميع الكتل النيابية، وتحديداً من تلك التي سارعت إلى تسجيل تحفّظها على الدعوة، برغم أن الحوار يبقى محصوراً بإنجاز الاستحقاق الرئاسي لقطع الطريق على من يحاول توظيفه للدخول في أمور تتجاوز إنجازه إلى المس بـ«اتفاق الطائف» الذي يُفترض أن يبقى في منأى عن التجاذبات السياسية.

وتؤكد المصادر النيابية أن الحوار يبقى الخيار الوحيد للعبور بانتخاب الرئيس إلى بر الأمان. وتقول إن انتخابه هو الآن موضع تجاذب بين طرحين؛ الأول يتمسك بالحوار كشرط لإخراج إنجاز الاستحقاق الرئاسي من دوامة التعطيل، والآخر يرى عكس ذلك ويصر على انتخابه قبل الحوار.

صيغة بشرطين

وتلفت إلى أن بري بتجديده الدعوة للحوار ابتدع صيغة توخى من خلالها إدراج الشرطين في سلة واحدة تراعي مطلب الفريقين، ويُفترض أن يلقى تأييداً من جميع الكتل النيابية لتفادي الانقسام حول الأولويات. وتقول إن عملية الدمج تقوم على حوار يستمر لأسبوع لانتخاب الرئيس، تليه الدعوة لعقد جلسات متتالية أو مفتوحة لانتخابه.

وتؤكد أن بري أدرج انتخاب الرئيس كمادة وحيدة على جدول أعمال الحوار لقطع الطريق على استدراج العروض للبحث في أمور لا طائل منها الآن سوى إضاعة الوقت. وتنقل عنه قوله إن لا شيء مطروحاً غير انتخاب الرئيس ونقطة على السطر، وعلى الجميع أن يتحمل مسؤوليته في إنهاء الشغور الرئاسي.

وتضيف؛ يمكن أن يؤدي الحوار إلى التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية، وفي حال تعذّر التفاهم، نذهب إلى البرلمان بمرشحَيْن أو أكثر ونحتكم في النهاية إلى تصويت النواب، مع أن مجرد التوافق يعني حكماً أن الطريق ستكون معبّدة أمام تسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة العتيدة ليأتي بحكومة جامعة تأخذ على عاتقها الانتقال بالبلد من مرحلة التأزم إلى التعافي، مدعومة برزمة من الإصلاحات التي تؤهلها لإعادة إدراج اسم لبنان على لائحة الاهتمام الدولي.

وتكشف المصادر النيابية أن دعوة بري للحوار تنسجم مع إصرار المجتمع الدولي وعلى رأسه اللجنة الخماسية على ضرورة إنهاء الشغور الرئاسي اليوم قبل الغد، لأنه من غير الجائز أن يتحول لبنان إلى دولة منكوبة من دون أن يبادر المجلس النيابي إلى التحرك لملاقاته في منتصف الطريق. وتقول إن الدول الأعضاء في «اللجنة الخماسية» المؤلفة من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر لم تنفك عن دعوتنا لانتخاب الرئيس، لأن من دونه لا يمكن أن نعيد الانتظام إلى المؤسسات الدستورية.

لا التفاف

وتنفي أن تأتي دعوة بري للحوار في سياق الالتفاف على المهمة التي أوكلها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى موفده الخاص إلى لبنان وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان. وتقول إنه لا شيء يمنع من تطرية الأجواء استباقاً لعودته إلى بيروت في النصف الثاني من سبتمبر (أيلول) الحالي، مع أن رسالته إلى النواب بخصوص سؤالهم عن المواصفات التي يفترض أن يتحلى بها رئيس الجمهورية العتيد وأولويات المرحلة المقبلة، أدت إلى انقسام في الإجابة عليها.

وتقول إن بعض الكتل النيابية التي أجابت على رسالة لودريان، ومنها كتلة «اللقاء الديمقراطي» برئاسة تيمور وليد جنبلاط، أجابت برسالة مماثلة لم تأتِ على ذكر سؤاليه للنواب، وركّزت على تأييدها للحوار المؤدي إلى انتخاب رئيس للجمهورية.

وتؤكد المصادر النيابية أن بري يترك للنواب فرصة للإجابة على دعوته، ليقرر لاحقاً طبيعة الخطوة التي يتبعها. وتقول إنه لا مجال للتريث بذريعة استيضاحه حول جملة من الأمور ذات الصلة المباشرة بدعوته للحوار طالما أن جدول أعماله سيكون محصوراً ببند وحيد يتعلق بانتخاب الرئيس، من دون إلحاقه ببنود أخرى تأخذ الحوار إلى مكان آخر يتعارض والهدف المرجو منه.

وتوقعت أن بري لن يكون مقيّداً بدعوة النواب، ممن تسلّموا الرسالة التي أودعهم إياها لودريان، للمشاركة في الحوار، لأن مجرد جلوس 38 نائباً بين رؤساء الكتل النيابية والمستقلين إلى طاولة الحوار يعني أنه سيتحول إلى حوار للطرشان لوجود صعوبة في تبادل الآراء على خلفية حصرها بانتخاب الرئيس.

15 مدعواً

وترى أن بري يفضّل، في حال حسم أمره بتوجيه الدعوة للحوار، أن تبقى الدعوات محصورة بـ15 مدعواً يمثلون رؤساء الكتل والنواب المستقلين. وتقول إنه سبق له أن نصح لودريان، قبل أن يوجّه رسالته إلى النواب، بضرورة حصر الدعوة بعدد يسمح بالتفاعل بين المدعوين بعيداً عن لجوئهم إلى المزايدات الشعبوية، لأنه لا مصلحة أن يكون العدد فضفاضاً طالما أنه لا مانع من تقليصه من دون أن يؤدي إلى خفض تمثيل المستقلين أو إحداث خلل يعطي الأرجحية في الحضور لفريق على آخر.

لذلك، فإن دعوة بري للحوار تلقى تجاوباً من قبل كتل نيابية ومستقلين من غير المنتمين إلى محور الممانعة، وكان لافتاً الاستعداد الذي أبداه رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل بتلبية دعوته للحوار، مع أن رئيس المجلس كان خصّه دون سواه بحملة من الانتقادات في خطابه الذي ألقاه في الذكرى الـ45 لتغييب الإمام السيد موسى الصدر.

ويبقى السؤال؛ كيف سيتصرف بري في حال أن الذين رفضوا التعاطي بإيجابية مع رسالة لودريان هم أنفسهم من يعترضون على دعوته للحوار، رغم أن الميثاقية النيابية مؤمّنة بمشاركة «التيار الوطني» و«اللقاء الديمقراطي» وبفائض غير مسبوق من النواب السنّة، فهل يفعلها رئيس المجلس؟ أم أنه يفضّل التريث مكتفياً بتسجيل نقطة في مرمى المعارضة على خلفية عدم قدرتها على كسب تأييد نواب من خارج محورها لوجهة نظرها؟


مقالات ذات صلة

جعجع: «محور الممانعة» يزجّ بلبنان في حرب عبثيّة لا أفق لها

المشرق العربي رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في احتفال «ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية» (القوات اللبنانية)

جعجع: «محور الممانعة» يزجّ بلبنان في حرب عبثيّة لا أفق لها

أكد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، أن «اليوم التالي للحرب يجب أن يكون يوماً لإعادة النظر في كلّ شيء ما عدا حدود لبنان ووحدته».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي نزلاء سجن رومية ينتظرون قانون العفو العام (الوكالة الوطنية للإعلام)

وفاة سجين في «رومية» تحيي قضية «الموقوفين الإسلاميين»

عادت قضية «الموقوفين الإسلاميين» إلى الواجهة مع وفاة سجين السبت جرّاء أزمة قلبية والتأخر في تقديم الإسعافات له ما دفع برفاقه إلى التحرّك داخل سجن رومية المركزي.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي سيدات يقفن إلى جانب أحد المنازل المدمرة في بلدة الخيام (أ.ف.ب)

غالانت: سنواصل ضرب «حزب الله» حتى إعادة سكان الشمال

جدّد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت تأكيده على مواصلة المواجهات مع «حزب الله» حتى إعادة سكان الشمال إلى منازلهم.

«الشرق الأوسط»
تحليل إخباري سفراء «اللجنة الخماسية» خلال اجتماع لهم بسفارة قطر في بيروت (السفارة القطرية)

تحليل إخباري تبادل الشروط يبقى تفصيلاً أمام توافر النيات لانتخاب رئيس للبنان

يتجدد الرهان في لبنان على إمكانية إخراج الوضع السياسي من مرحلة تقطيع الوقت بانتخاب رئيس للجمهورية وظهور بوادر تشير إلى اعتزام «اللجنة الخماسية» استئناف جهودها.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي النازحون السوريون في لبنان تحوّلوا إلى مادة سجال داخلي (أ.ب)

معظم القوى اللبنانية لا تمانع حواراً مع النظام السوري لإعادة النازحين

عاد ملف النازحين السوريين في لبنان إلى الموائد السياسية اللبنانية.

بولا أسطيح (بيروت)

لأول مرة منذ 1997... تعداد عام لسكان العراق في 20 و21 نوفمبر

عراقيون يسيرون في أحد شوارع بغداد (رويترز)
عراقيون يسيرون في أحد شوارع بغداد (رويترز)
TT

لأول مرة منذ 1997... تعداد عام لسكان العراق في 20 و21 نوفمبر

عراقيون يسيرون في أحد شوارع بغداد (رويترز)
عراقيون يسيرون في أحد شوارع بغداد (رويترز)

دعت السلطات العراقية سكان البلاد، اليوم (الأحد)، إلى ملازمة منازلهم يومي 20 و21 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل بهدف إجراء تعداد عام للسكان والمساكن، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

والتعداد الذي تعدّه وزارة التخطيط هو الأول من نوعه منذ عام 1997. وشمل يومها 15 محافظة مستثنياً المحافظات الثلاث التي تشكل حالياً إقليم كردستان العراق في شمال البلاد.

وأكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، مطلع أغسطس (آب)، «أهمية التعداد العام للسكان الذي يأتي بعد 27 عاماً على آخر عملية تعداد، كونه يوفّر البيانات أمام أصحاب القرار في جميع المفاصل، ويمنح معلومات مهمة في التخطيط وتوجيه الجهود بالوجهة الصحيحة».

وفي اجتماع (الأحد)، ترأسه السوداني، جرى بحث ومتابعة التحضيرات الجارية واتخاذ «جملة مقررات تسهل من عملية الإعداد والتدريب لإجراء الإحصاء». وأفاد بيان أصدره المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء أنه تقرر «فرض حظر التجول في عموم محافظات العراق يومي 20 و21 نوفمبر المقبل». وأشار إلى «معالجة المتطلبات مع حكومة إقليم كردستان العراق في ما يخص تدريب الكوادر الإحصائية لعملية الترقيم والحصر».

وأرجئت مراراً عملية إحصاء كانت مقررة عام 2010 بسبب خلافات سياسية حول المناطق المتنازع عليها بين العرب والأكراد والتركمان في شمال البلاد. ومحافظتا كركوك ونينوى الواقعتان شمال العراق على حدود كردستان هما في صلب النزاع بين الحكومة العراقية والسلطات الكردية.

وعادة ما يجرى التعداد السكاني مرة كل 10 سنوات في العراق. ولكن تعذر إجراؤه منذ 1997.