الراعي يلتقي مع المعارضة اللبنانية على رفض الإجابة عن رسالة لودريان

دعا إلى دعوة النواب لانتخاب الرئيس وعدم التستر بالحوار والتوافق

من لقاء في يونيو الماضي بين الراعي ولودريان خلال زيارة الأخير للبنان (أ.ف.ب)
من لقاء في يونيو الماضي بين الراعي ولودريان خلال زيارة الأخير للبنان (أ.ف.ب)
TT

الراعي يلتقي مع المعارضة اللبنانية على رفض الإجابة عن رسالة لودريان

من لقاء في يونيو الماضي بين الراعي ولودريان خلال زيارة الأخير للبنان (أ.ف.ب)
من لقاء في يونيو الماضي بين الراعي ولودريان خلال زيارة الأخير للبنان (أ.ف.ب)

فاجأ البطريرك الماروني بشارة الراعي الوسط السياسي بدخوله على خط السجال الدائر بين الكتل النيابية، حول تعاطيها مع الرسائل التي تسلمتها من الموفد الخاص للرئيس الفرنسي إلى لبنان وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان، وطلب فيها تحديد المواصفات التي يجب أن يتحلى بها رئيس الجمهورية العتيد، والمهام المطلوبة في الحقبة السياسية التي تلي انتخابه، بدعوته النواب إلى انتخاب رئيس يضع البلاد على الخط السليم وعدم التستر بالحوار والتوافق، مشدداً على أن الحل واحد ودستوري، وهو الدخول إلى قاعة المجلس النيابي وإجراء الانتخابات الرئاسية بين المرشحين الذين باتوا معروفين، وتكون كلمة الفصل وفقاً للمادة 49 من الدستور.

فدخول البطريرك الراعي على خط السجال، يعني أنه يدعو إلى وقف التمادي في تعطيل انتخاب الرئيس؛ لأنه من غير الجائز في ظل استمرار الشغور في رئاسة الجمهورية، الذي يقترب من شهره الحادي عشر، الطلب من الكتل النيابية الإجابة عن سؤالين سبق للجنة الخماسية من أجل لبنان أن أوردتهما في صلب بيانها في أعقاب اجتماعها الأخير في الدوحة.

ولفت مصدر مقرب من البطريركية المارونية إلى أن الراعي أراد من خلال موقفه، ومع استعداد لودريان للعودة إلى بيروت في النصف الثاني من سبتمبر (أيلول) المقبل، إخراج انتخاب الرئيس من الحلقة المفرغة التي يدور فيها. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن لبنان يتدحرج نحور الانهيار الشامل، ولم يعد الوضع يحتمل المراوحة التي تدفع باتجاه المزيد من انحلال إدارات ومؤسسات الدولة من دون أن تلوح في الأفق بوادر انفراج يمكن التأسيس عليها للانتقال به إلى مرحلة التعافي.

وأكد المصدر أن البطريرك الراعي ينأى بنفسه عن الدخول طرفاً في تقاذف المسؤوليات حول تعطيل انتخاب الرئيس، وقال إن مسؤوليته الوطنية والدينية تحتّم عليه وضع النقاط على الحروف من دون انحياز لهذا الطرف أو ذاك، وأن انحيازه يكمن في إنهاء مسلسل التعطيل.

لكن موقف البطريرك الراعي يتقاطع مع موقف قوى المعارضة ومعها عدد من النواب المنتمين إلى «قوى التغيير» برفضهم الإجابة عن الرسالة التي تسلموها من لودريان بواسطة السفارة الفرنسية لدى لبنان، بذريعة أن هذه القوى كانت حددت موقفها من المواصفات التي رسمتها اللجنة الخماسية للرئيس العتيد وأولويات المرحلة التي تلي انتخابه، وبالتالي لا ترى من مبرر لاستحضار مضامينها مجدداً، وأنه آن الأوان للشروع في انتخاب الرئيس طبقاً للدستور.

ورأت المعارضة، كما تقول مصادرها لـ«الشرق الأوسط»، إنها لن تكون طرفاً في تعطيل انتخاب الرئيس، وكان سبق للكتل النيابية المنتمية إليها أن أحاطت لودريان في زيارته الثانية لبيروت بموقفها، وقالت إنها لن تكون طرفاً في تقطيع الوقت الذي يرفع منسوب التأزّم، وأن الراعي، بموقفه غير المباشر من رسائل لودريان إلى الكتل النيابية، وضع اليد على الجرح لأن أحداً لا يملك ترف الوقت.

وكشفت مصادر المعارضة عن أن عدداً من النواب التغييريين ممن لم يشاركوا في اجتماعاتها التي اقتصرت حتى الساعة على حضور ميشال الدويهي، وضاح الصادق، ومارك ضو، يميلون إلى عدم الإجابة عن رسائل لودريان، واعترفت في المقابل بأنها تقف أمام تحدٍّ يتطلب منها بأن تعيد رص صفوفها والتحسُّب لما ستؤول إليه معاودة الحوار بين «حزب الله» ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل في ظل اتهامه من قبل رموز بارزة في المعارضة بأنه يسعى لتنظيم خروجه من تقاطعه معها على تأييد ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية.

وعدَّت أن باسيل بموافقته على إدراج اسم رئيس تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية في عداد لائحة المرشحين لرئاسة الجمهورية، بخلاف مقاومته في السابق لترشيحه، يعني أنه فتح الباب أمام التفاهم مع «حزب الله»، وأعطى إشارة لا تخفي نيته بالامتناع عن تقاطعه مع المعارضة على ترشيح أزعور.

وأكدت أن إمكانية تفاهمه مع الحزب واردة، وأن مطالبه مدرجة حالياً على جدول أعمال لجنة مشتركة تشكّلت من الطرفين، رغم أن الحزب لا يستطيع أن ينوب عن حلفائه بتأييد ما يطلبه باسيل، وهذا ما يفسر تشاوره باستمرار مع حلفائه.

وأقرت بأن إمكانية التفاهم بين «حزب الله» وباسيل ليست مستبعدة، وإن كانت في حاجة إلى مزيد من الوقت الذي يتيح للحزب تسويق تسويته مع حليفه، وقالت إن الحزب انطلاقاً مما لديه من معطيات يراهن على أن تتلازم عودة لودريان إلى بيروت مع استعداد باسيل لإطلاق إشارة يبدي فيها استعداده للخروج من تقاطعه مع المعارضة على ترشيح أزعور، خصوصاً أن النواب الأعضاء في تكتله النيابي ممن ينطقون باسمه، أخذوا يروّجون لإمكانية توصّله إلى تفاهم مع الحزب يقضي بدعم ترشيحه لفرنجية.

لذلك، فإن المعارضة تقف حالياً أمام تمتين تحالفها مع «اللقاء الديمقراطي» من موقع الاختلاف في التعاطي مع رسائل لودريان إلى الكتل النيابية، من دون أن يبدّل موقف «اللقاء» المناوئ لدعم ترشيح فرنجية.

وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية، أن «اللقاء الديمقراطي» يستعد للإجابة عن الرسالة التي تسلّمها رئيسه رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» تيمور وليد جنبلاط من لودريان، لكن من موقع تأييده للحوار، من دون أن يوحي وكأنه يجيب عن السؤالين الواردين في رسالته.

وأكدت المصادر النيابية أن «اللقاء الديمقراطي» كان السبّاق في تحديد المواصفات التي يجب أن يتحلى بها رئيس الجمهورية، وقالت إنه كان من أوائل الذين أوردوها في البيانات الصادرة عن «اللقاء»، سواء لجهة المجيء برئيس توافقي من خارج الاصطفافات السياسية ولا يشكل تحدياً لأحد، أو لجهة قدرته على جمع اللبنانيين.


مقالات ذات صلة

اتفاقيات التعاون اللبنانية - السورية رهن الإلغاء أو التعديل

المشرق العربي رفع علم المعارضة على السفارة السورية في لبنان بعد سقوط النظام (إ.ب.أ)

اتفاقيات التعاون اللبنانية - السورية رهن الإلغاء أو التعديل

أكثر من 40 اتفاقية تعاون موقّعة بين لبنان وسوريا باتت رهن الإلغاء أو التعديل مع سقوط النظام السوري، إلا أن هذه الخطوة رهن إرادة الحكم الجديد.

يوسف دياب (بيروت)
تحليل إخباري جلسة التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون قبل ثلاثة أسابيع (الوكالة الوطنية للإعلام)

تحليل إخباري قائد الجيش اللبناني يتقدم رئاسياً وباسيل يواجه صعوبة بتأمين البديل

لا يزال قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون يتصدر لائحة المرشحين لرئاسة الجمهورية، ويتمتع بتأييد محلي ودولي وفق ما تؤكد عليه مصادر نيابية.

محمد شقير (بيروت)
تحليل إخباري جانب من الدمار اللاحق بمدينة الخيام التي انسحب منها الجيش الإسرائيلي (أ.ف.ب)

تحليل إخباري مخاوف في بيروت من سعي إسرائيل للتمسك بـ«حرية الحركة» في لبنان

يُخشى أن تكون تل أبيب تسعى لتحويل هذه الانتهاكات إلى أمر واقع.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي صورة تُظهر وصول المعارضة السورية إلى معبر العريضة الحدودي مع لبنان (أ.ف.ب)

هل على لبنان أن يخشى «سوريا الجديدة»؟

خرج البعض في لبنان لينبه من مخاطر قد تكون مقبلة على البلد إذا سيطرت مجموعات متطرفة على الحكم في سوريا.

بولا أسطيح
المشرق العربي برّي مُصرّ على عدم تأجيل موعد الانتخابات (الوكالة الوطنية للإعلام)

برّي يجدد تفاؤله بانتخاب الرئيس... وجعجع يريده على قياس لبنان

الرئيس برّي يكرر أمام زواره، كما نقلوا عنه لـ«الشرق الأوسط»، أن الرئيس سيُنتخب في التاسع من يناير المقبل، ويؤكد أن الدخان الأبيض سيتصاعد في هذا التاريخ.

محمد شقير

مقتل 20 فلسطينياً بضربة إسرائيلية على مركز للنازحين بغزة

فلسطينيون يبكون أحد عناصر الدفاع المدني الذي قتل في قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يبكون أحد عناصر الدفاع المدني الذي قتل في قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات بقطاع غزة (أ.ب)
TT

مقتل 20 فلسطينياً بضربة إسرائيلية على مركز للنازحين بغزة

فلسطينيون يبكون أحد عناصر الدفاع المدني الذي قتل في قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يبكون أحد عناصر الدفاع المدني الذي قتل في قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات بقطاع غزة (أ.ب)

أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، الأحد، بأن 20 فلسطينياً قتلوا، بينهم أطفال، وأصيب آخرون في قصف إسرائيلي استهدف مدرسة غرب خان يونس، جنوب قطاع غزة.

ونقلت الوكالة عن مراسلها أن «قوات الاحتلال قصفت مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بجوار مجمع ناصر الطبي، غرب مدينة خان يونس، تؤوي نازحين، ما أدى لاستشهاد 20 مواطناً من عائلة طافش، بينهم أطفال، وإصابة آخرين». بينما قال مسعفون إن 15 فلسطينياً على الأقل قتلوا وأصيب آخرون في غارة على مركز لإيواء النازحين في خان يونس بقطاع غزة، وفقاً لوكالة «رويترز».

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، الأحد، ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي إلى 44 ألفاً و976 قتيلاً، إلى جانب 106 آلاف و759 إصابة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.