بدء العام الدراسي في مناطق الحكومة السورية على وقع أزمة اقتصادية خانقة

تلاميذ بأحد الفصول الدراسية في مناطق سيطرة الحكومة السورية (سانا)
تلاميذ بأحد الفصول الدراسية في مناطق سيطرة الحكومة السورية (سانا)
TT

بدء العام الدراسي في مناطق الحكومة السورية على وقع أزمة اقتصادية خانقة

تلاميذ بأحد الفصول الدراسية في مناطق سيطرة الحكومة السورية (سانا)
تلاميذ بأحد الفصول الدراسية في مناطق سيطرة الحكومة السورية (سانا)

بدأ نحو 4 ملايين تلميذ، اليوم (الأحد)، عامهم الدراسي الجديد في مناطق سيطرة الحكومة السورية على وقع أزمة اقتصادية متمادية دفعت بوزارة التربية إلى الطلب من المدارس تخفيف الأعباء المادية على الأهالي.

وتشهد سوريا منذ 2011 نزاعاً دامياً أنتج أزمة اقتصادية خانقة وأتى على البنى التحتية بما فيها القطاع التعليمي، فتضررت على مر السنوات عشرات المدارس جراء القتال، ومنها ما تحول إلى مراكز إيواء. ولا يرتاد أكثر من مليوني طفل المدارس اليوم، بحسب الأمم المتحدة.

وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، بأن «أكثر من 3 ملايين و700 ألف تلميذ وطالب من مختلف المراحل التعليمية يتوجهون إلى مدارسهم مع بدء العام الدراسي 2023 - 2024 موزعين على 14505 مدارس في كل المحافظات».

ويعيش اليوم 90 في المائة من السكان تحت خط الفقر، ما يدفع أطفالاً لترك مدارسهم والتوجه إلى العمل لمساعدة عائلاتهم في تأمين لقمة العيش، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

وعلى مر السنوات، تراجعت قدرات المواطنين الشرائية حتى باتوا عاجزين عن توفير أبسط احتياجاتهم وسط ارتفاع كبير في أسعار المواد الأساسية.

وطلبت وزارة التربية السورية، السبت، من المدارس «عدم التشدد باللباس المدرسي (...) والتخفيف من القرطاسية اللازمة للطلاب والاكتفاء بما هو ضروري قدر الإمكان».

وأوضحت، وفق ما نقلت «سانا»، أن «هذا الإجراء يأتي نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، وحرصاً على تخفيف العبء المالي عن الأهالي».

وعجت، السبت، أسواق في دمشق بالتلاميذ وعائلاتهم الذين خرجوا لشراء القرطاسية.

وقالت أم محمّد، الوالدة لـ4 أطفال يرتادون المدرسة، لوكالة الصحافة الفرنسية: «الأسعار تضاعفت مقارنة بالعام الماضي»، مشيرة إلى أنها لم تشترِ لأطفالها العام الحالي سوى «اللوازم الأساسية».

ومنذ أيام، يتجول الشاب علي أسعد (28 عاماً) لشراء القرطاسية لتوزيعها على 25 تلميذاً يتيماً، بعدما تمكن من جمع مبلغ مالي من متبرعين. وقال: «التكلفة عالية جداً وليس بقدرة أي عائلة شراء» القرطاسية.

وتعدّ منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أنه كان للنزاع «أثر مدمر على تعليم الأطفال في سوريا»، مشيرة في تقرير العام الحالي، إلى أن 2.4 مليون طفل لا يرتادون المدارس، فيما يواجه 1.6 مليون غيرهم خطر ترك التعليم.

وحتى قبل الزلزال المدمر الذي ضرب شمال سوريا وتركيا المجاورة في فبراير (شباط)، كانت هناك «مدرسة من أصل 3 خارج الخدمة»، وفق «يونيسف» التي حذرت في تقرير سابق، من أنه مع خروج نحو ثلث مدارس سوريا عن الخدمة وجراء نقص التمويل، فإنها ستحتاج إلى «30 عاماً لتأهيل كل المدارس المتضررة».

وبعد سنوات من معارك دامية، تسيطر القوات الحكومية على غالبية مساحة البلاد، فيما تخرج عن سيطرتها مناطق تتنوع مساحتها في سبع محافظات من أصل 14.

وبدأ، الأحد أيضاً، العام الدراسي في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية الكردية في شمال وشمال شرقي البلاد، فيما من المفترض أن ينطلق نهاية الشهر الحالي، في مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) في محافظة إدلب (شمال غرب).


مقالات ذات صلة

تشديد أمني في الرقة بعد فرار «دواعش» أجانب من سجونها

المشرق العربي سجناء من «داعش» داخل أحد سجون الرقة في شمال سوريا (الشرق الأوسط)

تشديد أمني في الرقة بعد فرار «دواعش» أجانب من سجونها

فرضت قوات سوريا الديمقراطية في مدينة الرقة، إجراءات أمنية مشددة عقب كتابة شعارات موالية لتنظيم «داعش» على جدران، بعد فرار عناصر أجانب من سجون «قسد».

كمال شيخو (القامشلي)
المشرق العربي العاصمة السورية دمشق

محافظة دمشق تدعو الأهالي إلى «حوار» حول مستقبل مدينتهم

فوجئ سكان العاصمة السورية بتوجيه محافظة دمشق دعوة إليهم للانضمام إلى جلسات الحوار التي ستجريها تحت عنوان «من أجل دمشق نتحاور» بعد اتفاق توأمة بين دمشق وطهران

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي صورة تذكارية التقطها عناصر من الأمن السوري وقوات الفرقة 25 «مهام خاصة» في تلبيسة  (مواقع)

فشل الحملة الأمنية بـ«تلبيسة» في العثور على سلاح ومسلحين

بعد ساعات من انطلاقها انسحبت الفرقة 25 المدعومة من روسيا، وعناصر مكافحة الإرهاب والشرطة العسكرية، من تلبيسة.

المشرق العربي جندي روسي في مدينة درعا السورية (أرشيفية - رويترز)

محافظ درعا ينجو من محاولة اغتيال

نجا محافظ درعا (جنوب سوريا) وأمين فرع حزب «البعث» الحاكم بالمدينة ومسؤول شرطي، الأربعاء، من انفجار عبوة ناسفة استهدفت موكباً رسمياً يضمهم، وأصيب 6 أشخاص.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي الإفراج عن محكومين من سجون «قسد» اليوم الاثنين (المرصد)

«قسد» تواصل استجابتها للعشائر وتخلي سبيل دفعة جديدة من السجناء

بحضور شيوخ ووجهاء عشائر شمال شرقي سوريا، أخلت «قسد» سبيل 50 شخصاً من السجن المركزي بمدينة الحسكة، على أن يُخلى سبيل المتبقين على دفعات في الأيام المقبلة.

«الشرق الأوسط» (لندن - دمشق)

إسرائيل جمعت قاعدة معلومات استخباراتية من معتقلي غزة

أسرى فلسطينيون في سجن إسرائيلي (أرشيفية - مصلحة السجون)
أسرى فلسطينيون في سجن إسرائيلي (أرشيفية - مصلحة السجون)
TT

إسرائيل جمعت قاعدة معلومات استخباراتية من معتقلي غزة

أسرى فلسطينيون في سجن إسرائيلي (أرشيفية - مصلحة السجون)
أسرى فلسطينيون في سجن إسرائيلي (أرشيفية - مصلحة السجون)

حوّلت إسرائيل المعتقلين الفلسطينيين الذين اقتادتهم من قطاع غزة إلى المعتقل المؤقت في قاعدة «سديه تيمان» بالنقب إلى المصدر الاستخباراتي الأول والأهم في الكثير من مراحل الحرب الحالية، وهو ما ساعد إلى حد ما في الوصول لقيادات من «حماس» وحتى لجثث مختطفين كانوا داخل أنفاق.

وتعمدت القوات البرية الإسرائيلية اعتقال أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين من غزة إلى داخل إسرائيل، خصوصاً إلى سجن قاعدة «سديه تيمان» الذي خصص لمعتقلي غزة مع بدء الحرب الحالية المستمرة منذ 11 شهراً، وذاع صيته في العالم في الآونة الأخيرة بسبب الانتهاكات غير العادية بحق المعتقلين فيه.

وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن أحد أسباب وصول إسرائيل للمكان الذي يعتقد أنه اغتيل فيه محمد الضيف قائد «كتائب القسام»، الجناح المسلح لحركة «حماس»، بمنطقة مواصي خان يونس، جنوب قطاع غزة، هو بعض المعتقلين من أقارب قيادات كانوا في المكان.

وحسب المصادر، فإن جهاز الأمن العام الإسرائيلي «الشاباك» حصل على صور حديثة جداً للضيف ورافع سلامة، قائد لواء خان يونس، من معتقلين أدلوا خلال التحقيق معهم تحت التعذيب الشديد بمواقع كان يتردد إليها سلامة ومنها المكان الذي اغتيل فيه، الذي يعود لأقاربه.

وعززت الصور التي قدمها معتقلون صورة كان حصل عليها جهاز «الشاباك» للضيف ورافع سلامة معاً في مقطع فيديو لهما سوياً في أرض زراعية داخل أحد مواقع «كتائب القسام». واعتقلت إسرائيل خلال العمليات البرية الكثير من عناصر «حماس» والنشطاء في جناحها العسكري وكذلك فصائل أخرى، دون أن يعرف العدد النهائي للمعتقلين بشكل كلي من قطاع غزة، رغم الإفراج عن العشرات منهم على فترات متباعدة.

أسرى فلسطينيون في جباليا يوم 14 ديسمبر (رويترز)

6 آلاف أسير

ووفقاً لتقديرات مؤسسات مختصة بالأسرى، فإن العدد يفوق 6 آلاف أسير، يتعرضون لأنواع شتى من التعذيب، ما أثر على بعضهم عقلياً وجسدياً، وظهر ذلك على من أفرج عنهم وهم يعانون من صدمات نفسية رهيبة سيحتاجون معها لسنوات من العلاج النفسي.

وأكدت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» أن عدداً كبيراً من المعتقلين استخدمتهم القوات الإسرائيلية في نصب كمائن لمقاومين تم قتلهم أو اعتقالهم، كما استخدمت بعضهم دروعاً بشريةً بعد أن كانت تدخلهم للأنفاق للكشف عن أي عبوات ناسفة أو كمائن قد تكون منصوبة لهم حتى لا يقتلوا أو يصاب بها الجنود الإسرائيليون.

ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن بعض المقاتلين أسروا بعد إصابتهم، وتم لاحقاً جلبهم لأماكن أنفاق عثر فيها على جثث لأسرى إسرائيليين في خان يونس. وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن في 20 أغسطس (آب) الماضي عثوره على جثث 6 أسرى دفنوا في نفق شمال غرب خان يونس، فيما أعلن في نهاية يوليو (تموز) العثور على 5 جثامين أخرى في شرق المدينة.

وتقول المصادر الميدانية إن الأسرى الستة كانوا قتلوا في سلسلة هجمات إسرائيلية عندما كانوا فوق الأرض، وبعضهم قتل في حادث إطلاق نار من آليات عسكرية توغلت في محيط مدينة حمد، وهو المكان الذي عثر فيه على جثامينهم بنفق في المنطقة لم تكتشفه القوات الإسرائيلية مسبقاً رغم أنها دخلت قبل ذلك في المنطقة نفسها.

وبينت أن أحد المقاومين الذي أُسر بعد إصابته اعترف بمكان دفنهم بعد تعرضه لتعذيب قاس. أما الأسرى الخمسة فكانوا قد دفنوا في نفق بمنطقة بني سهيلا شرق خان يونس، وقتلوا بغارتين سابقتين في مكانين منفصلين. وبعد اعتقال أحد المقاومين من مبنى بالمدينة وبعد التحقيق معه لأكثر من شهر وتحت التعذيب الشديد اعترف على مكانهم.

قالت «حماس» في عام 2021 إنها قامت ببناء أنفاق بطول 500 كيلومتر تحت غزة (أ.ف.ب)

معلومات استخباراتية دقيقة

وتشير المصادر إلى أنه لم تكن هناك أي فرصة لنقل الجثث من هناك في ظل الظروف الميدانية الصعبة. وأظهر مقطع فيديو نشره الجيش الإسرائيلي بعد ساعات على اكتشاف جثامين الأسرى الخمسة معتقلاً فلسطينياً مكبل اليدين ويرتدي زياً عسكرياً إسرائيلياً وسترة واقية، وحذاءً رياضياً، يقود القوات الإسرائيلية إلى هناك.

وادعى الجيش الإسرائيلي قبل ساعات من الفيديو من خلال بيانه أن معلومات استخباراتية دقيقة أوصلت قواته إلى جثامين الأسرى الخمسة، وهو الأمر الذي كرره لاحقاً في الوصول لجثث الأسرى الستة شمال غرب خان يونس. وذكرت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية أن المعتقل كان من نشطاء «حماس»، وقد أدلى بمعلومات أوصلت الجيش إلى جثث الأسرى.

وحسب مصادر من «حماس»، فإن الأسرى الذين يتعرضون لتعذيب وتنكيل شديدين يضطرون أحياناً لتقديم معلومات. وهذا مفهوم لدى قادة الحركة ومتوقع كجزء من الحرب. ولم تساعد معلومات المعتقلين في الوصول إلى جثث فقط، بل أيضاً بعض القيادات في أنفاق. لكن أيضاً المعلومات تحت التعذيب قادت إلى مجازر مدنيين.

وقالت المصادر إن الاحتلال أجبر مواطنين لا علاقة لهم بالمقاومة على تقديم اعترافات مزيفة أدت لتنفيذ عمليات استهدفت في مراكز إيواء بحجة استخدامها مراكز قيادة ما أدى إلى مجازر. وروت المصادر قصة أحد الشبان الذي اعتقل قبل نحو شهرين لدى تنقله من شمال قطاع غزة إلى جنوبه عبر محور نتساريم مع أفراد من عائلته، وتم اعتقاله وبعد التحقيق معه وتعذيبه الشديد اعترف على أن أحد أقاربه ناشط في «حماس» ما دفع جيش الاحتلال لقصف منزله وأدى لمقتل عائلته وأقاربه النازحين لديهم، فيما لم يكن المطلوب بالأساس داخل البيت الذي لم يصله منذ الحرب.

وتؤكد المصادر أن جيش الاحتلال يعتمد على اعترافات الأسرى تحت التعذيب من أجل تحديث بنك أهدافه الذي أثبت في الكثير من المرات أنه كان مجرد بنك خالٍ من أهداف حقيقية وثمينة. وحسب إحصاءات رسمية قتلت إسرائيل أكثر من 37 أسيراً من قطاع غزة «تحت التعذيب»، في سجن «سديه تيمان». وكشفت اعترافات أسرى وتحقيقات سابقة عن انتهاكات جسيمة تمارسها إسرائيل ضد المعتقلين الفلسطينيين، بما في ذلك موتهم تحت التحقيق القاسي.