احتجاجات السويداء تزداد زخماً

مشيخة العقل تشيد بالمشاركة النسائية... وإطلاق نار على منزل النائب العام

جانب من الاحتجاجات في السويداء اليوم الجمعة (موقع السويداء 24 - أ.ب)
جانب من الاحتجاجات في السويداء اليوم الجمعة (موقع السويداء 24 - أ.ب)
TT

احتجاجات السويداء تزداد زخماً

جانب من الاحتجاجات في السويداء اليوم الجمعة (موقع السويداء 24 - أ.ب)
جانب من الاحتجاجات في السويداء اليوم الجمعة (موقع السويداء 24 - أ.ب)

بزخم أعلى، واصلت محافظة السويداء، جنوب سوريا، احتجاجاتها، لليوم الثاني عشر على التوالي، وتجمّع محتجّون، اليوم الجمعة، في ساحة السير بوسط مدينة السويداء.

وشدد محتجون على مطالبهم السابقة بإطلاق سراح المعتقلين، ولا سيما الذين جرى اعتقالهم مؤخراً في منطقة الساحل، وأبرزهم أيمن فارس الذي أُوقف أثناء توجهه إلى السويداء قبل نحو أسبوع، فراراً من الأجهزة الأمنية، والشاعر الشعبي حسين حيدر الذي اعتُقل لانتقاده حكومة الرئيس بشار الأسد، والناشط أحمد إسماعيل الذي اعتُقل قبل 10 أيام لانتقاده الرئيس السوري.

في سياق متصل، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن منزل المحامي العام في السويداء «تعرّض للاستهداف بالرصاص من قِبل مسلّحيْن مجهولين يستقلان دراجة نارية». وكان النائب العام في السويداء قد أصدر بياناً، الأسبوع الماضي، قال فيه «إن العمل القضائي لا يمكن أن يستقيم بظروف الفوضى والضغط والتهديد للقضاة والموظفين، أو بتحديد عدد من يُسمَح له بالدوام، ومن لا يُسمَح له. لا بد من توفير بيئة آمنة مستقرة لإنجاز الأعمال وفق القانون الذي يجب أن نكون جميعاً تحت سقفه»، وهو كان بذلك يرد على قول محتجين إنهم لم يغلقوا القصر العدلي، وإنهم طلبوا منه فتحه، إلا أنه رفض.

الاحتجاجات في السويداء تتواصل وتزداد زخماً (موقع السويداء 24 - أ.ب)

كما ردّ المتظاهرون في السويداء، الجمعة، في تجمعهم الذي وُصف بأنه الأكبر منذ بدء الاحتجاجات، على موقف شيخ العقل يوسف جربوع، الذي انحاز إلى الحكومة مؤكداً أن الاحتجاجات لا تمثل كل أهالي المحافظة، فقاموا برفع صور شيخ العقل حكمت الهجري مع عبارته «اللّي بدو يبيع كرامتو يصطفل، بس مش مخول يبيع كرامة ربعو (الذي يريد بيع كرامته حر، لكن لا حق له في أن يبيع كرامة أهله)»، وذلك وفق ما أظهرته مقاطع فيديو وصور بثّها ناشطون ومواقع إخبارية محلية مُعارضة.

ولفتت مصادر محلية إلى أن أبرز ما ميّز احتجاجات الجمعة تمثّل في «النقلة النوعية في اللافتات التي رفعها المحتجّون من حيث المضمون الإنساني لمطالبهم التي تركزت على الحق في العيش الكريم، ومأساة اللجوء والهرب عبر البحر، وإطلاق المعتقلين السياسيين». وأضافت أنه جرى التعبير عن تلك المطالب بلوحات تشكيلية رفعها محتجّون وهي تصوّر مأساة المعتقلين في السجون. كما برزت في الاحتجاجات صورة الطفل إيلان، للتذكير بمأساة آلاف العائلات السورية التي غرق أبناؤها في البحر في رحلة الهروب غير الشرعي إلى أوروبا.

وتابعت المصادر أن الأمر الآخر الذي يستدعي التوقف في مشهد تظاهرات الجمعة، الحضور النسائي القوي، وتأكيد الهوية بارتداء الزي التقليدي. وأشارت إلى قيام النساء بتوزيع الطعام على المتظاهرين، قبل انفضاض التجمع، وقيام الشباب والصبايا بتنظيف ساحة التجمع.

أعلام درزية في احتجاجات السويداء اليوم (موقع السويداء 24 - أ.ب)

في هذا الإطار، أشاد شيخ العقل حمود الحناوي، في كلمة له، صباح الجمعة، بحضور المرأة، ووصفها بـ«المرأة المعروفية أخت الرجال»؛ أي التي تنتمي لبني معروف طائفة الموحدين الدروز. وقال موجهاً خطابه لمن ينتقدون مشاركة رجال الدين في مظاهرات السويداء: «نحن، رجال الدين، لسنا رجال سياسة، لكننا نقول للملأ إننا نعرف بالسياسة ونحسن السياسة ونحسن القراءة... حين تعترض البلاد مواقف حرجة ستجدون مشايخ العقل». كما طلب الشيخ الحناوي من السوريين جميعاً أن «يحسنوا قراءة السويداء وقراءة تاريخ جبل العرب وتفسير ما يطالب به أبناء الجبل»، مؤكداً أن أهالي السويداء «ضمن الوطن السوري»، في رد على منتقدي الحراك واعتباره حركة تهدف إلى فصل جبل العرب (الدروز) عن سوريا.

وجاءت الاحتجاجات الشعبية في السويداء، بعد قرار الحكومة، منتصف شهر أغسطس (آب) الماضي، برفع أسعار المحروقات، الأمر الذي فاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد.


مقالات ذات صلة

إدارة العمليات العسكرية في سوريا تطلق عملية أمنية بطرطوس

المشرق العربي جندي سوري يسير عبر مدخل ميناء طرطوس في غرب سوريا (أ.ف.ب)

إدارة العمليات العسكرية في سوريا تطلق عملية أمنية بطرطوس

ذكرت «الوكالة العربية السورية للأنباء» أن إدارة العمليات العسكرية أطلقت، اليوم (الخميس)، عمليةً لملاحقة فلول نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في ريف محافظة طرطوس.

المشرق العربي قوات الأمن التابعة للحكومة السورية الجديدة تؤمن المنطقة المحيطة بمجموعة من المتظاهرين العلويين في حي المزة بدمشق (أ.ب)

آلاف العلويين يتظاهرون في سوريا

تظاهر آلاف السوريين العلويين، أمس (الأربعاء)، في عدد من المدن بعد تداول مقطع فيديو يظهر اعتداءً مفترضاً على مقام للطائفة في حلب.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي إردوغان تعهد بدفن مسلحي الوحدات الكردية أحياء (الرئاسة التركية)

أنقرة لفتح قنصلية في حلب... ورفض يوناني للاتفاق البحري

كشف الرئيس رجب طيب إردوغان عن استعدادات بلاده لفتح قنصلية لها في مدينة حلب قريباً، لتسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية ملصقات ممزقة لحسن نصر الله وقاسم سليماني على جدار السفارة الإيرانية في سوريا (رويترز) play-circle 02:17

طهران: إعادة فتح سفارتنا تعتمد على «سلوك» حكام سوريا

قالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، إن طهران «ستتخذ قرارها بشأن إعادة فتح سفارتها لدى دمشق بناء على سلوك وأداء حكام سوريا».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران : )
المشرق العربي طفل سوري خلال احتفالات انتصار الثورة في إدلب أمس (إ.ب.أ)

«سوريو مصر»... مخاوف متصاعدة بشأن «الإقامات» و«فرص العودة»

فرضت السلطات المصرية، أخيراً، «اشتراطات جديدة»، على دخول السوريين القادمين من دول أخرى إلى أراضيها، تتضمن الحصول على «موافقة أمنية» مسبقة، إلى جانب التأشيرة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)

آلاف العلويين يتظاهرون في سوريا

قوات الأمن التابعة للحكومة السورية الجديدة تؤمن المنطقة المحيطة بمجموعة من المتظاهرين العلويين في حي المزة بدمشق (أ.ب)
قوات الأمن التابعة للحكومة السورية الجديدة تؤمن المنطقة المحيطة بمجموعة من المتظاهرين العلويين في حي المزة بدمشق (أ.ب)
TT

آلاف العلويين يتظاهرون في سوريا

قوات الأمن التابعة للحكومة السورية الجديدة تؤمن المنطقة المحيطة بمجموعة من المتظاهرين العلويين في حي المزة بدمشق (أ.ب)
قوات الأمن التابعة للحكومة السورية الجديدة تؤمن المنطقة المحيطة بمجموعة من المتظاهرين العلويين في حي المزة بدمشق (أ.ب)

تظاهر آلاف السوريين العلويين، أمس (الأربعاء)، في عدد من المدن بعد تداول مقطع فيديو يظهر اعتداءً مفترضاً على مقام للطائفة في حلب، وقد أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل متظاهر في حمص.

وقُتل 14 شخصاً في اشتباكات بمحافظة طرطوس (غرب) بعد أن حاولت قوات الأمن اعتقال ضابط عسكري تولى مناصب في عهد الأسد مرتبطة بسجن صيدنايا، وفق المرصد.

والمظاهرات هي الأولى للعلويين منذ أن أطاح تحالف المعارضة، بقيادة «هيئة تحرير الشام»، بالرئيس السوري، ودخل دمشق في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) في هجوم خاطف استمر 11 يوماً سيطر خلاله على قسم كبير من البلاد، وبعدما حكم البلاد على مدى 24 عاماً، فرّ الأسد إلى موسكو، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

قوات الأمن التابعة للحكومة السورية الجديدة تؤمن المنطقة المحيطة بمجموعة من المتظاهرين العلويين في حي المزة بدمشق (أ.ب)

وأفاد المرصد وشهود بخروج آلاف السوريين العلويين إلى الشوارع في طرطوس واللاذقية وجبلة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، حيث معاقل هذه الأقلية.

كذلك أشار إلى اندلاع احتجاجات مماثلة في بانياس وحمص، حيث ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن الشرطة فرضت حظراً للتجول بين السادسة مساءً والثامنة صباحاً.

وأعلنت السلطات في جبلة أيضاً فرض حظر للتجول.

في حمص، أفاد مدير المرصد رامي عبد الرحمن، لوكالة الصحافة الفرنسية، بأن «متظاهراً قُتل وأصيب خمسة آخرون بعدما أطلقت قوات الأمن (...) النار لتفريق المتظاهرين ضد الهجوم على المقام».

- «إثارة الفتنة»

الاحتجاجات الغاضبة اندلعت على خلفية فيديو تم تداوله الأربعاء على شبكات التواصل الاجتماعي يظهر «اعتداء مسلحين» على مقام أبو عبد الله الحسين الخصيبي في منطقة ميسلون بمدينة حلب شمال البلاد.

لكن وزارة الداخلية السورية شدّدت على أن الفيديو «قديم ويعود لفترة تحرير» المدينة، مشيرة إلى أن الفعل «أقدمت عليه مجموعات مجهولة».

المظاهرات هي الأولى للعلويين منذ أن أطاح تحالف المعارضة بالرئيس السوري (أ.ب)

وحذّرت الوزارة، في بيان، من أن «إعادة نشر» المقطع هدفها «إثارة الفتنة بين أبناء الشعب السوري في هذه المرحلة الحساسة»، مشددة على أن «أجهزتنا تعمل ليل نهار على حفظ الأملاك والمواقع الدينية».

وتبذل السلطات الجديدة جهوداً لطمأنة الأقليات في بلد أنهكته الحرب.

في جبلة، أطلق متظاهرون هتافات تطالب بسلام عابر للطوائف، وفق ما أفاد وكالة الصحافة الفرنسية المتظاهر علي داود.

وفي اللاذقية، ندّد محتجون بـ«انتهاكات ضد الطائفة العلوية»، وفق متظاهر لفت إلى أنه «حالياً تلقى دعوات الهدوء آذاناً صاغية... لكن الوضع يمكن أن ينفجر».

- اشتباكات في طرطوس

في طرطوس، أفاد المرصد بأن «14 من عناصر قوى الأمن العام» في الإدارة السورية الجديدة و«ثلاثة مسلحين» قُتلوا بعد أن حاول عناصر الأمن اعتقال ضابط «شغل منصب مدير إدارة القضاء العسكري ورئيس المحكمة الميدانية» وهو «أحد المسؤولين عن جرائم سجن صيدنايا».

وقال المرصد إن «شقيق المطلوب وشباناً مسلحين من أتباع الضابط طردوا الدورية من القرية، ونصبوا كميناً لهم قرب القرية، واستهدفوا إحدى سيارات الدورية، ما أدى إلى مقتل 6 عناصر وإصابة آخرين من قوى الأمن العام».

من جهة أخرى، أفاد مسعف في «الخوذ البيضاء» (الدفاع المدني) وناشط، الأربعاء، بالعثور على مقبرة جماعية في سوريا من المحتمل أنها تضم رفات معتقلين سجنتهم السلطة السابقة إبان حكم بشار الأسد أو مقاتلين قضوا خلال النزاع.

وشاهد صحافيون، الأربعاء، في أرض قاحلة تبعد نحو 30 كيلومتراً شمال شرقي دمشق، حفراً مصفوفة بجانب بعضها، تشكل خندقاً عمقه أكثر من متر، وتغطي كلاً منها ألواحٌ خرسانية تم تحريكها، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

وأمكن رؤية أكياس عدة، وقد أفاد صحافي برؤية كيس يحتوي على جمجمة بشرية وعظام.

وقال عبد الرحمن مواس، من الدفاع المدني: «دخلنا إلى ما نعتقد أنه مقبرة جماعية قرب جسر بغداد ووجدنا قبراً مفتوحاً في داخله 7 أكياس بيضاء مليئة بالعظام»، وذلك بعد أن زارت فرقه الموقع مؤخراً.

منذ سقوط نظام الأسد، بدأت السلطات الجديدة والسكان حول العاصمة في تحديد المواقع التي من المحتمل أنها تضم مقابر جماعية.

- إتلاف مليون قرص «كبتاغون»

على صعيد آخر، أحرقت السلطات الانتقالية في سوريا كميات كبيرة من المخدّرات، منها نحو مليون قرص «كبتاغون»، كانت تنتج على نطاق واسع خلال حكم الأسد.

وأشعل عناصر الأمن النار في كميات من القنب الهندي وصناديق من عقار الترامادول ونحو 50 كيساً صغيراً تحتوي على أقراص «كبتاغون» وردية اللون في باحة المربع الأمني للنظام السابق بدمشق.

وحبوب «الكبتاغون» من المخدرات سهلة التصنيع ويصنّفها مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة بأنّها «أحد أنواع الأمفيتامينات المحفّزة»، وهي عادة مزيج من الأمفيتامينات والكافيين ومواد أخرى.

شهد حكم بشار الأسد إنتاج «الكبتاغون» بكميات كبيرة، ما أدى إلى تحويل البلاد إلى دولة مخدّرات وإغراق الأسواق في الشرق الأوسط بهذه المادة.

وحوّل «الكبتاغون» سوريا إلى أكبر دولة في العالم تعتمد على عائدات المخدرات البالغة أكثر من 10 مليارات دولار، وأصبح أكبر صادرات سوريا متجاوزاً جميع صادراتها القانونية مجتمعة، وفقاً لتقديرات مستمدة من بيانات رسمية جمعتها وكالة الصحافة الفرنسية خلال تحقيق أُجري عام 2022.

وأدى النزاع، الذي اندلع عام 2011 في سوريا بعد حركة احتجاجية سلمية تم قمعها بعنف، إلى مقتل أكثر من نصف مليون شخص ونزوح الملايين داخل البلاد وخارجها.