لبنان: بطريرك الموارنة يهاجم معطّلي انتخاب رئيس الجمهورية

نائب في «حزب الله» يتحدث عن مرونة متبادلة بينه وبين «التيار الوطني» لإنجاز الاستحقاق

البطريرك بشارة الراعي (رويترز)
البطريرك بشارة الراعي (رويترز)
TT

لبنان: بطريرك الموارنة يهاجم معطّلي انتخاب رئيس الجمهورية

البطريرك بشارة الراعي (رويترز)
البطريرك بشارة الراعي (رويترز)

انتقد البطريرك الماروني، بشارة الراعي، معطلي انتخابات رئاسة الجمهورية في لبنان، واتهمهم بأنهم يخالفون الدستور ويهدمون الجمهورية ويبعثرون السلطة، في وقت لم يسجّل فيه أي جديد على خط ملف الرئاسة باستثناء السجال الحاصل حيال رسالة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان إلى برلمانيين لبنانيين وإعلان أحد نواب «حزب الله» عن مرونة متبادلة في الحوار الجاري مع «التيار الوطني الحر» لإنجاز الاستحقاق الرئاسي.

وتحدث الراعي، في عظة الأحد، عن التعطيل المستمر في انتخابات الرئاسة، منتقداً التشريع في البرلمان في ظل الفراغ الرئاسي. وسأل: «ماذا يبغي أسياد تعطيل انتخاب رئيس للجمهوريّة وفقاً للدستور منذ أحد عشر شهراً؟ هم يدركون أنّهم بذلك يحوّلون المجلس النيابي من هيئة تشريعيّة إلى هيئة انتخابيّة فقط، ويتّهمون المقاطعين بأنّهم لا يريدون انتخاب رئيس، ويعادون (اتفاق الطائف)! وهم يدركون أيضاً أنّ حكومة تصريف الأعمال لا تستطيع إجراء تعيينات واتخاذ قرارات إجرائيّة تستدعي مشاركة رئيس الجمهوريّة وتوقيعه، وينتقدون مقاطعي الجلسات حفاظاً على الدستور ويبتكرون (مبرر) الضرورة للتشريع والتعيين والإجراء».

وأكد الراعي أن «الضرورة واحدة وأساسيّة وهي انتخاب رئيس للجمهوريّة، وهي المدخل إلى التشريع والتعيين والإجراء؛ لأن بوجود الرئيس يستعيد المجلس النيابي طبيعته كهيئة تشريع ومحاسبة ومساءلة، وتستعيد الحكومة كامل صلاحيّاتها الإجرائيّة». وسأل: «إلى متى، يا معطّلي انتخاب رئيس للجمهورية، تخالفون الدستور، وتهدمون الجمهوريّة، وتعطّلون الحياة الاقتصاديّة والماليّة، وتبعثرون السلطة، وتفقّرون الشعب وتهجّرونه إلى أوطان غريبة؟ خافوا الله ولعنة التاريخ». وأضاف: «لقد شكرنا الله على عودة الممارسة الديمقراطية في اختيار الرئيس انتخاباً بين متنافسين... في جلسة 14 يونيو (حزيران) الماضي الانتخابية. لكن لم نفهم لماذا بُترت الجلسة بعد دورتها الأولى الأساسية، بمخالفة واضحة لـ(المادة 49) من الدستور! وفي هذه الأيام تسمعونهم يتكلمون عن سؤال وجواب ولقاء وحوار. فالحوار الحقيقي والفاعل هو التصويت في جلسة انتخابية دستورية ديمقراطية. والمرشحون موجودون ومعروفون».

رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (د.ب.أ)

والموضوع نفسه تحدث عنه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع؛ إذ قال: «الناس يعتقدون أن مسألة انتخاب رئيس جديد للبلاد معقّدة جداً، فيما هذا الأمر غير صحيح، باعتبار أن الحل بسيط؛ وهو أن يحضر النواب جلسة الانتخاب في البرلمان ويصوتوا لرئيس للجمهوريّة. ولكن سبب عدم حصول ذلك مردّه إلى أن هناك من يعطّل انتخابات الرئاسة عن سابق تصوّر وتصميم، فإما يصل مرشّحه إلى سدّة الرئاسة، أو (عمرها ما تصير انتخابات)»، في اتهام لـ«الثنائي الشيعي» («حزب الله» و«حركة أمل») بتعطيل الانتخابات حتى ضمان وصول المرشح المدعوم منهم؛ سليمان فرنجية، إلى منصب رئيس الجمهورية. وأشار جعجع إلى أن هناك «من يدير هذه المسرحيّة، ويدعو إلى جلسة الانتخاب، في حين أن نوابه هم أول من يخرجون من الجلسة لتعطيل النصاب بالشراكة مع الآخرين»، في إشارة الى رئيس البرلمان نبيه بري، وهو أيضاً زعيم «حركة أمل».

وعدّ رئيس حزب «القوات» أن ما يريده «محور الممانعة» هو إما يكون الرئيس له؛ وإما لا يريد رئيساً، مشيراً إلى أن «الفريق الآخر لا يملك قوّة ديمقراطيّة لإيصال مرشّحه إلى سدّة الرئاسة ويصر على وصوله؛ كأنه يريد منا أن نقوم بالإسهام في إيصاله غصباً منا، وهذا ما لن يحصل أبداً».

بدوره، عدّ النائب في «التيار الوطني الحر» إبراهيم كنعان أن «المطلوب الذهاب، أمس قبل اليوم، إلى خريطة طريق للرئاسة. فالرئيس يجب أن يكون باباً للحل لا لفراغ جديد وتعبئة شكلية لموقع، من دون معالجة للملفات السياسية والنقدية والمالية والاقتصادية التي نعاني منها». وأكد في حديث إذاعي أن «الحوار مطلوب، وما من جهة يمكنها الإتيان برئيس لوحدها، والحوار ليس للفرض والمقايضة؛ بل للذهاب إلى خيار وطني ومسيحي على أساس خريطة طريق يمكن تطبيقها بالتعاون مع القوى والكتل حتى لا يجابه عهده بالعرقلة. التمترس خلف المواقف هو تمديد للفراغ، بينما علينا الاتفاق على خلاص لبنان».

أعضاء في البرلمان قبل جلسة تشريعية مقررة لم تنعقد بسبب عدم اكتمال النصاب في 17 أغسطس (رويترز)

في موازاة ذلك، تحدث النائب في «حزب الله» حسن فضل الله عن مرونة متبادلة بين «الحزب» و«التيار الوطني الحر»، بعد استئناف الحوار بينهما وتقديم الأخير ورقة تتضمن بعض الشروط حول الرئاسة؛ منها الصندوق السيادي وتطبيق اللامركزية المالية. وقال في احتفال في جنوب لبنان إنّ «انتخاب رئيس للجمهورية هو مدخل ضروري وطبيعي لإعادة انتظام مؤسسات الدولة، بما فيها تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات تضع خطط التعافي وتبدأ مسيرة العلاج، و(حزب الله) مع انتخاب الرئيس اليوم قبل الغد، ولكن هذا يحتاج إلى تعاون مع آخرين، ولدينا مساعٍ في هذا المجال، وهناك حوار مع (التيار الوطني الحر)، وقد عُقدت لقاءات في الأيام القليلة الماضية، ونناقش ورقة قدمها (التيار)، ولدينا وجهات نظر نتبادلها من أجل الوصول إلى قواسم مشتركة للاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية، وهذا الحوار نريده أن يصل إلى نتيجة، ولدينا مرونة متبادلة في تبادل الآراء والأفكار، وقد يؤسس ذلك لأرضية مشتركة لتوفير النصاب الدستوري والقانوني لانتخاب رئيس متفاهم ومتفق عليه، وهذا يفتح الباب أمام الحلول والمعالجات في المستقبل».

من جهة أخرى، علّق النائب ميشال موسى؛ من كتلة «التنمية والتحرير» (التي يرأسها بري)، على رسالة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بعض النواب، قائلاً: «كان من الأفضل تجنّب خطوة كهذه، ونحن بانتظار كيفية تصحيحها»، آملاً «ألا تؤثر هذه الرسالة سلباً على مجريات الحوار المرتقب في سبتمبر (أيلول) أو أن تعيقه». وإذ عدّ موسى أن «الأهم هو كل ما يؤدي الى إتمام الاستحقاق بأسرع وقت ممكن ولو بوساطة إقليمية»، سأل في حديث إذاعي: «لمَ انتظار الخارج إذا كان الداخل قادراً على حل أزماته؟».

وشدّد موسى على أن إتمام الاستحقاق الرئاسي يتطلب حواراً جدياً بين الأفرقاء اللبنانيين، مشيراً إلى مناخ عام لدى الجميع في البلاد بالعمل بعكس مقتضيات المرحلة الصعبة التي نمر بها.

وفي إطار المبادرة الفرنسية، رأى النائب غسان سكاف أن باريس لم تعد تملك زمام المبادرة الرئاسية بمفردها؛ بل أصبحت تشاركها 4 دول، مشيراً الى أنه «بسبب عدم تماسكنا داخلياً؛ وضعنا مفتاح الاستحقاق الرئاسي في جيب الراعي الإقليمي والدولي».

وقال سكاف في حديث إذاعي: «كنا نتمنى أن يعود لودريان بمشروع لتوحيد اللبنانيين والعمل على تنفيذ خطة اقتصادية إصلاحية». وسأل: «هل تريد فرنسا من الحوار المماطلة لكسب الوقت للحفاظ على ما تبقى من موقعها في المنطقة؟»، عادّاً أنه «لا يمكن حل أزمة الرئاسة اللبنانية بالمراسلات».


مقالات ذات صلة

«كباش» بين جعجع وباسيل على المرجعية المسيحية رئاسياً

المشرق العربي البطريرك الماروني بشارة الراعي (الوكالة الوطنية)

«كباش» بين جعجع وباسيل على المرجعية المسيحية رئاسياً

لا تزال الحركة الناشطة على صعيد الملف الرئاسي «من دون بركة»، كما يؤكد مصدر معني بالمشاورات الحاصلة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي أحمد الشرع خلال استقباله وفداً برئاسة الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط في دمشق (رويترز)

الشرع: سوريا لن تكون حالة تدخل سلبي في لبنان

تعهد القائد العام للإدارة الجديدة بسوريا أحمد الشرع الأحد بأن بلاده لن تمارس بعد الآن نفوذاً «سلبياً» في لبنان وستحترم سيادة هذا البلد المجاور

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي من آخر جلسة فاشلة لانتخاب رئيس للجمهورية (البرلمان اللبناني)

عون يتقدم رئاسياً ويصطدم برفض «الثنائي الشيعي» تعديل الدستور

يتبين من خلال التدقيق الأولي في توزّع النواب على المرشحين لرئاسة الجمهورية، أن اسم قائد الجيش العماد جوزف عون لا يزال يتقدم على منافسيه.

محمد شقير
المشرق العربي برّي مُصرّ على عدم تأجيل موعد الانتخابات (الوكالة الوطنية للإعلام)

بري لـ«الشرق الأوسط»: انتخابات الرئاسة في موعدها... ولا نشترط تفاهمات مسبقة حول الحكومة

أكد رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري أن المساعي مستمرة لإنجاح الجلسة النيابية المقررة في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية.

ثائر عباس (بيروت)
خاص ناشطون يحملون أعلاماً لبنانية وسورية وصور الصحافي سمير قصير الذي اغتاله النظام السوري السابق لمعارضته له في تحرك ببيروت تحت شعار «مِن بيروت الحرية» احتفالاً بسقوط نظام بشار الأسد (إ.ب.أ)

خاص مصادر لـ«الشرق الأوسط»: ميقاتي أعطى تعليمات للمؤسسات اللبنانية للتعاون مع «هيئة تحرير الشام»

فُتِحَت قنوات التواصل بين لبنان والحكومة السورية المؤقتة، ونَقَل دبلوماسيون رسالة من قائد «هيئة تحرير الشام» إلى لبنان بأنه لا مشكلة مع الدولة اللبنانية

يوسف دياب

محققون أمميون يطلبون إذناً لبدء جمع الأدلة ميدانيا في سوريا

صورة جوية لسجن صيدنايا قرب دمشق (أ.ف.ب)
صورة جوية لسجن صيدنايا قرب دمشق (أ.ف.ب)
TT

محققون أمميون يطلبون إذناً لبدء جمع الأدلة ميدانيا في سوريا

صورة جوية لسجن صيدنايا قرب دمشق (أ.ف.ب)
صورة جوية لسجن صيدنايا قرب دمشق (أ.ف.ب)

أعلن رئيس محققي الأمم المتحدة بشأن سوريا الذين يعملون على جمع أدلة عن الفظائع المرتكبة في البلاد، اليوم (الأحد)، أنّه طلب الإذن من السلطات الجديدة لبدء عمل ميداني، وفق ما أودته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأكد روبير بوتي، رئيس الآلية الدولية المحايدة والمستقلة المنبثقة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، في ديسمبر (كانون الأول) 2016، أنّه بعد تحقيقات أُجريت عن بُعد حتى الآن، «تمّ توثيق مئات مراكز الاعتقال (...) كلّ مركز أمن، كل قاعدة عسكرية، كل سجن، كان له مكان احتجاز أو مقبرة جماعية خاصة به».

وأضاف للوكالة: «سيستغرق الأمر وقتاً طويلاً قبل أن نعرف الحجم الكامل للجرائم المرتكبة».

ويقع مقر الآلية الدولية المحايدة والمستقلة في جنيف، وهي مسؤولة عن المساعدة في التحقيق ومحاكمة المسؤولين عن الجرائم الأكثر خطورة بموجب القانون الدولي المرتكبة في سوريا منذ بداية الحرب في عام 2011.

ولم تسمح دمشق لهؤلاء المحققين التابعين للأمم المتحدة بالتوجه إلى سوريا في السابق.

وقال روبير بوتي إنّ فريقه طلب من السلطات الجديدة «الإذن للمجيء إلى سوريا لبدء مناقشة إطار عمل لتنفيذ مهمّتنا».

وأضاف المدعي العام والقانوني الكندي: «عقدنا لقاء مثمراً وطلبنا رسمياً... أن نتمكّن من العودة وبدء العمل، ونحن في انتظار ردّهم».

وفقاً لـ«المرصد السوري لحقوق الإنسان»، قُتل أكثر من 100 ألف شخص في سجون الحكومة السورية السابقة منذ عام 2011.

ومنذ فتح أبواب السجون بعد الإطاحة بحكم بشار الأسد في الثامن من ديسمبر، برزت مخاوف بشأن وثائق وغيرها من الأدلة المتّصلة بالجرائم.

وقال بوتي إنّ هناك في سوريا «ما يكفي من الأدلة... لإدانة هؤلاء الذين يجب أن نحاكمهم» ولكن الحفاظ عليها «يتطلّب الكثير من التنسيق بين جميع الجهات الفاعلة».

واستُخدمت الأدلة التي تمّ جمعها عن بُعد من قِبَل الآلية الدولية المحايدة والمستقلّة في نحو 230 تحقيقاً خلال السنوات الأخيرة، تمّ إجراؤها في 16 ولاية قضائية، خصوصاً في بلجيكا وفرنسا والسويد وسلوفاكيا.