لبنان: طريق المبعوث الفرنسي «لا تبدو سالكة»

لودريان دعا إلى لقاء نيابي «فضفاض» في إطار سعيه لفتح ثغرة في الملف الرئاسي

الرئيس نبيه بري مستقبلاً الموفد الفرنسي لودريان (إ.ب.أ)
الرئيس نبيه بري مستقبلاً الموفد الفرنسي لودريان (إ.ب.أ)
TT

لبنان: طريق المبعوث الفرنسي «لا تبدو سالكة»

الرئيس نبيه بري مستقبلاً الموفد الفرنسي لودريان (إ.ب.أ)
الرئيس نبيه بري مستقبلاً الموفد الفرنسي لودريان (إ.ب.أ)

تقول مصادر نيابية لبنانية إن الطريق لا تبدو سالكة، سياسياً، أمام الموفد الخاص للرئيس الفرنسي إلى لبنان وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان، في سعيه، خلال زيارته المرتقبة لبيروت في النصف الثاني من سبتمبر (أيلول) المقبل، للقاء مع نواب لبنانيين يتطلع من خلاله إلى فتح ثغرة في الأفق المسدود الذي يعطل انتخاب رئيس للجمهورية.

ويوضح مصدر نيابي بارز لـ«الشرق الأوسط» أن لودريان مهّد الطريق، بالمفهوم السياسي، أمام عودته إلى بيروت بتوجيه رسائل شملت 38 نائباً يطلب فيها منهم الإجابة عن سؤالين يتعلقان بتحديد المواصفات التي يجب أن يتحلى بها الرئيس العتيد، والأولويات المطلوبة في مرحلة ما بعد انتخابه لإخراج لبنان من التأزُّم الذي يتخبّط فيه. لكن المصدر يلفت إلى أن ردود الفعل على طلبه جاءت باهتة، ولم تكن بالمستوى المطلوب.

ويلفت المصدر النيابي إلى أن رسائل المبعوث الفرنسي لم تلق أي ردّ فعل إيجابي، وبدت كأنها لم تكن، ليس لأن رسائله إلى النواب جاءت تكراراً لما ورد في بيان اللجنة الخماسية في أعقاب اجتماعها في الدوحة في قطر، وإنما لأن عدد النواب المشمولين في الرد على رسائله كان فضفاضاً، وهو ما يختلف مع تفاهمه مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري على أن يبقى العدد تحت سقف لا يتجاوز 15 نائباً يمثلون الكتل النيابية والنواب المستقلين و«التغييريين». ويؤكد المصدر نفسه أن للرئيس بري رأياً آخر، وهو كان قد دعا للحوار لإخراج الاستحقاق الرئاسي من المأزق الذي يعطّل انتخاب الرئيس، وقال إنه لم يتدخل في تسمية النواب المشمولين بالرسائل التي تلقوها من لودريان، واكتفى بإبداء رأيه لعل اللقاء بين المبعوث الفرنسي والنواب «يأتي مثمراً».

الرسالة التي أرسلها الموفد الفرنسي إلى النواب اللبنانيين (مواقع التواصل)

ويرى المصدر نفسه أن ردود الفعل النيابية حيال مبادرة لودريان لم تكن إيجابية ومشجعة، والسبب في ذلك يكمن في عدم تقيّده بـ«وحدة المعايير والمواصفات في اختياره النواب المشمولين بالرسائل التي تلقوها منه عن طريق السفارة الفرنسية لدى لبنان»، علماً أنه طلب منهم تقديم أجوبة في مهلة أقصاها نهاية الشهر الحالي.

وفي هذا السياق، تساءل مصدر سياسي عن سبب «إخلال لودريان بوحدة المعايير في توجيه رسائله للنواب»، مضيفاً: «كيف يوفّق بين دعوته إلى الكتل النيابية إلى أن تتمثل برئيسها في اللقاء المزمع عقده فور عودته إلى بيروت، في ما خص النواب المنتمين إلى قوى التغيير، وعددهم 12 نائباً (فقط)، برسائل مماثلة لتلك التي خص بها رؤساء الكتل؟»، المفترض أنهم يمثلون عدداً أكبر كثيراً من النواب «التغييريين».

كما سأل المصدر السياسي عن الأسباب الكامنة وراء استبعاد لودريان للنائبين المنتميين إلى جمعية «المشاريع الخيرية الإسلامية» (الأحباش)، وعدم شمولهما برسائله التي وجهها إلى نواب آخرين؟ وأضاف: «هل كان (لودريان) مضطراً، على سبيل المثال، لتوجيه الدعوة لنائبين مستقلين يمثلان نفس الدائرة الانتخابية ومن الطائفة نفسها؟ وما الجدوى من تكثيفه دعوة النواب السُّنّة وتأمين حضورهم بعدد وازن؟». ورأى أن ذلك يرتبط، كما يبدو، باعتقاده أنه يحقق للطائفة السنية التوازن المطلوب مع بقية الطوائف، في ظل غياب كتلة نيابية سنّية فاعلة في البرلمان الحالي.

جان إيف لودريان مع البطريرك الماروني في بكركي (أ.ف.ب)

وأكد المصدر السياسي أن اختيار المبعوث الفرنسي النواب المدعوين للّقاء معه «أحدث خللاً كان في غنى عنه». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن فتح ثغرة في الأفق المسدود لن يكون بتوجيه رسائل للنواب لسؤالهم عن مواصفات الرئيس وأولويات المرحلة المقبلة، وإنما في التفاتته إلى أسباب المشكلة، لأن حلها لن يكون في الحوار، وإنما بالطلب من إيران تسهيل انتخاب الرئيس بالتدخل لدى (حزب الله)».

ورأى المصدر نفسه أن مرد تفاقم الأزمة اللبنانية لا يعود إلى توحيد الرؤية حول مواصفات الرئيس وأولويات المرحلة المقبلة، وإنما إلى وجود مشروعين لا يلتقيان، ما لم يبادر «حزب الله» إلى تقديم التسهيلات المطلوبة كشرط للتلاقي بين اللبنانيين حول مشروع إنقاذي ينتقل بالبلد إلى مرحلة التعافي. وقال: «طلب لودريان من النواب الإجابة عن السؤالين الواردين في رسائله إليهم ينمّ عن استمرار الارتباك الفرنسي في التعاطي مع الأزمة اللبنانية، إذ تسعى باريس إلى انتخاب الرئيس بأي ثمن على غرار ما فعلته بالنسبة إلى تشكيل الحكومة».

لودريان مع الوزير السابق سليمان فرنجية والنائب طوني فرنجية (موقع تيار المردة)

وأكد المصدر أنه لا يمكن الخروج عن المواصفات التي حددتها اللجنة الخماسية المؤلفة من الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر، سواء بخصوص الرئيس، أو بما يتعلق بأولويات المرحلة المقبلة. وتساءل عما إذا كان لودريان يلتزم بخريطة الطريق التي رسَمَتها اللجنة الخماسية لإنقاذ لبنان، وأين يقف من السقف السياسي الذي حدَّدَته للعبور بالبلد إلى مرحلة التعافي.

ولم يستبعد المصدر السياسي أن تبقى مهمة لودريان محصورة بتقطيع الوقت، وهذه المرة عن طريق الرسائل، إلى أن تأتي «قوة الدفع من الخارج»، مشيراً إلى أن باريس ربما ما زالت تراهن على أن الظروف مواتية لتعويم مبادرتها، و«إنما بطبعة سياسية جديدة».

وتساءل عما إذا كان لودريان يراهن على أن استئناف الحوار بين «حزب الله» ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل سيعيد الروح إلى المبادرة الفرنسية، مؤكداً أن الحوار يمكن أن يحقق التقدُّم المطلوب، ولكن ليس بهذه السرعة. وأضاف أنه يمكن للطرفين الانتقال به إلى الأمام، أولاً من خلال استعداد باسيل لتنظيم خروجه من تقاطعه مع المعارضة على دعم ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، ثم الدخول في صلب التسوية على قاعدة أن لا شيء يمنع من الدخول في حوار عنوانه البحث في دعم ترشيح رئيس تيار «المردة» الوزير السابق سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.


مقالات ذات صلة

ميقاتي يتقدم المتنافسين على رئاسة الحكومة اللبنانية

تحليل إخباري الرئيس اللبناني جوزيف عون يتوسط رئيسي مجلس النواب نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي (د.ب.أ)

ميقاتي يتقدم المتنافسين على رئاسة الحكومة اللبنانية

يشهد السباق لتولي رئاسة الحكومة وللمرة الأولى منافسة بين ثلاثة مرشحين مدعومين من كتل نيابية كانت تقاطعت على انتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي آليات للجيش اللبناني في الناقورة الحدودية مع إسرائيل بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي يواصل تفجير منازل حدودية لبنانية

وجهت أكثر من بلدية لبنانية تحذيرات للمواطنين من العودة إلى قراهم التي فخَّخ الجيش الإسرائيلي أجزاء كبيرة منها.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي الرئيس عون مستقبلاً مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان (المركزية)

الرئيس اللبناني: لم آتِ لأعمل بالسياسة... وآمل تشكيل الحكومة بأسرع وقت

أمل الرئيس اللبناني جوزيف عون بـ«تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن»، مؤكداً أنه «لم يأت ليعمل بالسياسية»، بل «لبناء الدولة» التي «لا تقوم إلا بالعدالة».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي نجيب ميقاتي يصافح أحمد الشرع قبل اجتماعهما في دمشق play-circle 00:22

ميقاتي يؤكد للشرع أهمية ترسيم الحدود وعودة النازحين

اجتمع رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، وقائد الإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، في قصر الشعب بدمشق، السبت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً نظيره القبرصي نيكوس خريستودوليدس (إ.ب.أ)

لبنان مُصِرُّ على «الانسحاب الإسرائيلي الكامل» من أراضيه

بدأت الحركة السياسية بالقصر الرئاسي في بعبدا، الجمعة، باكراً، باجتماعات عقدها رئيس الجمهورية جوزيف عون وتلقيه اتصالات وبرقيات تهنئة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الجيش الإسرائيلي يواصل تفجير منازل حدودية لبنانية

آليات للجيش اللبناني في الناقورة الحدودية مع إسرائيل بجنوب لبنان (إ.ب.أ)
آليات للجيش اللبناني في الناقورة الحدودية مع إسرائيل بجنوب لبنان (إ.ب.أ)
TT

الجيش الإسرائيلي يواصل تفجير منازل حدودية لبنانية

آليات للجيش اللبناني في الناقورة الحدودية مع إسرائيل بجنوب لبنان (إ.ب.أ)
آليات للجيش اللبناني في الناقورة الحدودية مع إسرائيل بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

قبل أسبوعين على انتهاء مهلة الستين يوماً، التي أرساها اتفاق وقف النار بين إسرائيل و«حزب الله»، واصل الجيش الإسرائيلي تفخيخ ونسف منازل القرى الحدودية اللبنانية التي لا يزال يحتلها، وخصوصاً في القطاع الشرقي، في حين تفاقمت الخشية من استمراره باحتلال مواقع محددة، رغم التطمينات التي قدمها الطرفان الأميركي والفرنسي مؤخراً.

ووجهت أكثر من بلدية تحذيرات للمواطنين من العودة إلى قراهم التي فخَّخ الجيش الإسرائيلي أجزاء كبيرة منها، ولا يزال الجيش اللبناني الداخل حديثاً إليها يسعى إلى تفكيك المتفجرات فيها.

وأوضح رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، العميد المتقاعد الدكتور هشام جابر، أن الجيش الإسرائيلي «لم ينسحب بعدُ من كامل القطاع الغربي، وهو لا يزال متمركزاً على التلال المشرفة على بلدة الناقورة، التي دمّرها إلى حد كبير، كما أنه ينسحب من مواقع، ويتقدم إلى مواقع أخرى». ولفت، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «في القطاع الشرقي لا يزال موجوداً، كما أنه يتقدم إلى بعض المواقع، انطلاقاً من بلدة مارون الراس».

ولفت جابر إلى خشية من «عدم انسحابه من تلة العويضة بالقطاع الشرقي ومن تلة الحمامص في القطاع الأوسط»، مشيراً إلى أن «هذه التلال كان الجيش اللبناني يتمركز فيها على مر التاريخ، ونخشى ألا ينسحب منهما ويساوم عليها».

الدمار في بلدة العديسة الحدودية مع إسرائيل بجنوب لبنان (أرشيفية - أ.ب)

وشهدت ساعات يوم الأحد سلسلة تحركات إسرائيلية داخل الأراضي اللبنانية المحتلة. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بـ«توغل قوة عسكرية إسرائيلية من أطراف الضهيرة باتجاه وسط البلدة، حيث تموضعت عند الطريق العام واستقرت هناك، وبعد فترة زمنية قصيرة نفّذ الجيش الإسرائيلي تفجيراً لآخِر منازل بلدة الضهيرة».

كما تعرضت بلدة عيتا الشعب لعملية تمشيط بالرشاشات الثقيلة وقذائف الدبابات، في وقت نفذ فيه الجيش الإسرائيلي أيضاً عمليات نسف وتفجير لمنازل في البلدة. وطالت التفجيرات أيضاً، في الساعات الماضية، بلدتيْ يارون وكفركلا.

هذا وسُجل توغل دبابة ميركافا وآليات عسكرية نحو منازل في أطراف مارون الراس لجهة مدينة بنت جبيل، وأطلق عناصرها رشقات رشاشة باتجاه المنازل المحيطة. وفي منطقة العرقوب سجلت تحركات إسرائيلية باتجاه منطقة المجيدية ووادي خنسا.

وشهد يوم الأحد تحليق الطيران الحربي في أجواء معظم الجنوب، كما غطى الطيران المُسيَّر أجواء عدد من المناطق الجنوبية على مستويات منخفضة. وبعد الظهر، شنت مُسيَّرة إسرائيلية غارة على خراج بلدة جبال البطم، ما أدى إلى اندلاع حريق في المكان المستهدف.

ركام ناتج عن استهداف سلاح الجو الإسرائيلي سيارة في بلدة طيردبا بجنوب لبنان (رويترز)

في هذا الوقت، تواصلت عمليات البحث عن جثث الضحايا في عدد من البلدات التي انسحب منها الجيش الإسرائيلي ودخلها الجيش اللبناني. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأنه «إذا لم تُواصل قوات العدو مماطلتها في الانسحاب، فإنه من المنتظر أن يبدأ الجيش اللبناني التحرك، الاثنين، في اتجاه عدد من بلدات الحافة الأمامية، مع إجراءات متخَذة لضمان عدم دخول المدنيين قبل تنظيف المنطقة من الذخائر ومخلَّفات العدوان».

ميس الجبل

وأصدرت بلدية ميس الجبل بياناً نبهت فيه أهالي البلدة من التوجه إليها. وأوضحت أنه «في الأيام والساعات المقبلة، سيبدأ الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل تنفيذ خطة الانتشار في بلدة ميس الجبل والقرى المجاورة، بناء على قرار وقف إطلاق النار وبنود تنفيذه».

وقالت: «سيتخذ عناصر الجيش اللبناني تدابير استثنائية وخاصة تمنع، بموجبها، دخول البلدة، وذلك إلى حين الانتهاء من عمليات الكشف والانتشار وفق المدة الزمنية التي تحددها لجنة مراقبة تنفيذ القرار، فالطرقات مغلقة، والأحياء مفخخة، ويوجد كثير من الذخائر غير المنفجرة، وهي بحاجة للتعامل معها من قِبل فِرق الهندسة في الجيش اللبناني، كذلك ستتولى فِرق الجيش اللبناني والفِرق الصحية مهمة انتشال جثامين شهدائنا الأبطال».

عيترون

كما أعلنت بلدية عيترون أنه «في إطار عودة الأهالي إلى بلداتنا تدريجياً، ستكون هناك جولة استطلاع ميدانية، الاثنين، بالتنسيق ومؤازرة من الجيش اللبناني، الذي سيعاود التمركز في موقعين له بالبلدة في منطقتي البطم الشرقي والباط».

وأشارت البلدية إلى أنه «بناء على ما تقدَّم، ووفق المجريات العملية على أرض الواقع، تحدد، في الأيام المقبلة، مسألة عودة الأهالي إلى البلدة بشكل دائم، مع الأخذ في الحسبان ضرورة توخي الحذر لناحية التوجه إلى المناطق الحدودية، وموضوع الذخائر غير المنفجرة الموجودة والأجسام المشبوهة».