كشفت تقارير تشكيل الحكومة التركية بتعليمات من الرئيس رجب طيب إردوغان، آلية ثلاثية للعمل على تسريع جهود العودة الطوعية للاجئين السوريين إلى بلادهم بالتركيز على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في محافظة حلب بشمال غربي سوريا.
وقالت صحيفة «صباح» القريبة من الحكومة التركية، إن إردوغان أصدر تعليمات بتشكيل آلية ثلاثية من ممثلين لوزارة الداخلية، وحزب العدالة والتنمية الحاكم وكتلته البرلمانية، لتحفيز السوريين على العودة الطوعية إلى الأماكن التي يتم تطهيرها في شمال سوريا بواسطة القوات التركية وفصائل ما يعرف بـ«الجيش الوطني السوري» الموالي لأنقرة.
وأضافت أن الآلية الثلاثية ستركز عملها على «إنعاش الحياة الاقتصادية والتجارية في المناطق التي تم تطهيرها في شمال سوريا، وتشجيع رجال الأعمال، بمن فيهم الأتراك، على إقامة مشروعات ومصانع ومنشآت هناك لتوفير فرص عمل للعائدين».
إحياء حلب
ولفتت الصحيفة إلى أن واحداً من أهم وأبرز الجوانب في خريطة الطريق التي تعمل عليها الآلية، هو التركيز على محافظة حلب، التي تعد العاصمة الاقتصادية لسوريا والعمل على إحيائها من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية.
ومن أجل ذلك، تواصل تركيا محادثاتها مع الجانبين الروسي والسوري لضم حلب إلى خريطة الطريق، في خطوة تهدف إلى توفير فرص عمل لمئات الآلاف من اللاجئين السوريين الذين سيتم تشجيعهم على العودة إلى بلادهم.
والأسبوع الماضي، كشف الكاتب في صحيفة «حرييت»، المقرب من الحكومة، عبد القادر سيلفي، أن هناك مسألتين بارزتين تتعلقان بسوريا، ستكونان محوراً للمباحثات بين الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والروسي فلاديمير بوتين، في زيارته المحتملة لتركيا خلال أغسطس (آب) الحالي؛ أولاهما عودة اللاجئين، والثانية التطبيع بين أنقرة ودمشق وعقد لقاء بين إردوغان ونظيره السوري بشار الأسد.
وأكد، في هذا الصدد، أهمية عقد لقاء إردوغان والأسد؛ لأن الأولوية بالنسبة لتركيا تتمثل في ضمان عودة السوريين إلى ديارهم بشكل آمن، لافتاً إلى أن قسماً كبيراً من السوريين في تركيا هم من سكان محافظة حلب، ويجب ضمان عودتهم بشكل آمن إلى مناطقهم الأصلية.
وذكر أن رؤية أنقرة في هذا الصدد، تقوم على أنه من الضروري إقامة نقاط أمنية بالتنسيق بين الجيشين التركي والسوري.
وأعلنت أنقرة في مايو (أيار) الماضي، عن التوصل إلى اتفاق ضمن مسار مفاوضات تطبيع العلاقات مع سوريا، برعاية روسيا ومشاركة إيران، على إقامة مركز تنسيق عسكري في سوريا يضم ممثلين للدول الأربع.
وتشكل مسألة الوجود العسكري التركي في شمال سوريا، عقبة أمام التقدم في مسار تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق. وأكد الرئيس السوري بشار الأسد، في تصريحات، الأسبوع الماضي، أنه لا يمكن الحديث عن تطبيع العلاقات أو اللقاء مع إردوغان قبل إنهاء ما وصفه بـ«الاحتلال التركي للأراضي السورية».
وردت تركيا، عبر وزير دفاعها يشار غولر، السبت، أنه لا يمكن تصور أن تنسحب القوات التركية قبل ضمان أمن حدود البلاد والشعب التركي، معرباً عن اعتقاده بأن الأسد «سيتصرف بعقلانية أكثر في هذا الموضوع».
وقفز ملف اللاجئين السوريين إلى الواجهة في تركيا، مجدداً، قبل أشهر من الانتخابات المحلية التي ستجري في 31 مارس (آذار) المقبل، وذلك بعدما كان واحداً من الملفات شديدة السخونة خلال فترة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي أجريت في مايو الماضي.
وأكد إردوغان، مراراً، أن حكومته تعمل على مشروعات في المناطق الآمنة التي أقامتها القوات التركية في شمال سوريا، لاستيعاب أكثر من مليون لاجئ سوري في ظروف توفر لهم الحياة الآمنة والكريمة. وأشار إلى عودة نحو 553 ألف سوري إلى المناطق التي سيطر عليها الجيش التركي والفصائل الموالية في شمال سوريا.
وتريد أنقرة أيضاً إعادة السوريين، في مرحلة لاحقة، إلى الأماكن التي يسيطر عليها الجيش السوري، وليس فقط إلى المناطق الآمنة.
3 ملايين و321 ألف سوري
وأعلنت إدارة الهجرة، التابعة لوزارة الداخلية التركية، في أحدث إحصائية لها حول السوريين في تركيا، أن عدد السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة، يبلغ 3 ملايين و321 ألفاً و72 سورياً.
وتبنت الحكومة التركية، عقب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مايو الماضي، سياسة متشددة في التعامل مع ملف الأجانب. وتشهد ولايات تركيا، لا سيما إسطنبول، حملة أمنية مستمرة للشهر الثالث على التوالي، تستهدف المهاجرين غير الشرعيين والمخالفين لشروط الإقامة من مختلف الجنسيات، ومن بينهم السوريون.
وتواترت تقارير عن عمليات ترحيل قسري واسعة للسوريين في تركيا، لكن وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، أكد أنه لا وجود لحالات ترحيل سوريين من حملة بطاقات الحماية المؤقتة (الكيملك). كما منحت إدارة الهجرة مهلة للسوريين المقيمين في ولايات غير المسجلين فيها، بالعودة إلى أماكن إقامتهم حتى 24 سبتمبر (أيلول) المقبل، وسمحت لمن انتقلوا من الولايات الإحدى عشرة المنكوبة بزلزالي 6 فبراير (شباط) الماضي إلى إسطنبول، بالبقاء حتى إشعار آخر.