لبنان: جلسة ثالثة لاستجواب رياض سلامة ولا قناعة كافية لتوقيفه

رئيسة القضايا تطلب معونة قضائية من فرنسا

رياض سلامة في مكتبه في اليوم الأخير كحاكم لمصرف لبنان (رويترز)
رياض سلامة في مكتبه في اليوم الأخير كحاكم لمصرف لبنان (رويترز)
TT

لبنان: جلسة ثالثة لاستجواب رياض سلامة ولا قناعة كافية لتوقيفه

رياض سلامة في مكتبه في اليوم الأخير كحاكم لمصرف لبنان (رويترز)
رياض سلامة في مكتبه في اليوم الأخير كحاكم لمصرف لبنان (رويترز)

لم تتوصل الجلسة الثالثة لاستجواب حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة إلى قرار بتوقيفه، إذ قرر قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا تركه رهن التحقيق، مع إمكانية استدعائه لجلسة رابعة في ضوء المستجدات التي تطرأ نتيجة استجواب باقي المدعى عليهم والشهود.

ومثل سلامة للمرة الثالثة أمام قاضي التحقيق، لكنها المرّة الأولى التي يخضع فيها للتحقيق كحاكم سابق للبنك المركزي، ورافقه إلى مكتب أبو سمرا شقيقه رجا سلامة ومساعدته ماريان الحويك، وهم مدعى عليهم جميعاً بجرائم «الاختلاس والاحتيال وهدر المال العام وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع». لكن لم يتغيّر شيء على صعيد الإجراءات الأمنية التي رافقت الجلسة، لجهة عدم السماح لأحد بالوجود بالقرب من مكتب أبو سمرا، وبعد ساعتين ونصف الساعة من الاستجواب غادر سلامة قصر العدل بعد تركه رهن التحقيق.

وعلى أثر انتهاء استجواب الحاكم السابق الذي جرى بحضور وكيله القانوني ورئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة إسكندر، دخل رجا مكتب أبو سمرا لبدء التحقيق معه ومن ثمّ مع ماريان، وطلبت القاضية إسكندر تأجيل الجلسة لاضطرارها إلى المغادرة بسبب انشغالها بأمر طارئ، ما استدعى إرجاء استجوابهما إلى يوم الخميس 10 أغسطس (آب) الحالي.

وأشارت مصادر مواكبة لجلسة التحقيق إلى أن «معظم الأسئلة التي طرحت على سلامة، حملتها القاضية هيلانة إسكندر، وبعضها طرح في الجلستين السابقتين، إلّا أنها طلبت تفاصيل وتوضيحات إضافية على الأجوبة التي قدّمها سلامة سابقاً». وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأسئلة ركّزت على مواد الادعاء ضدّ رياض سلامة، وهي الاختلاس والاحتيال وهدر المال العام وتبييض الأموال». وأشارت إلى أن «الادعاء المتعلق بالإثراء غير المشروع استأثر بجانب مهمّ من التحقيق وتمحور حول مصدر ثروته المالية والعقارية». وكشفت أن رئيسة هيئة القضايا التي اتخذت صفة الادعاء باسم الدولة اللبنانية ضدّ سلامة وشقيقه ومساعدته «سلّمت قاضي التحقيق مذكرة، طلبت فيها معونة قضائية من فرنسا، والاستعانة بالمعلومات والمستندات التي تملكها القاضية الفرنسية أود بوريزي، بما يخدم التحقيق اللبناني»، لافتاً إلى أن أبو سمرا «أحال هذا الطلب على النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، لاتخاذ ما يراه مناسباً بشأنه».

وعمّا إذا كانت طبيعة التحقيق ستتغير بعد مغادرة سلامة منصبه على رأس البنك المركزي، أوضحت المصادر أن «وجوده في منصبه لم يؤثر إطلاقاً على المسار القضائي، ومغادرته للمنصب لن تغيّر شيئاً، إلّا إذا حصل تعديل على صعيد الحماية الأمنية له ولباقي المدعى عليهم». وأكدت المصادر أن أبو سمرا «عازم على إنهاء استجواب رجا وماريان الأسبوع المقبل، على أن يستمع في الأسبوع الذي يليه إلى إفادات الشهود وبعدها يختم التحقيق ويحيله على المحامي العام الاستئنافي في بيروت القاضي رجا حاموش، لإبداء المطالعة بالأساس تمهيداً لإصدار قراره الظنّي». وجزمت المصادر بأن أبو سمرا «مصمم على إصدار القرار قبل إحالته على التقاعد منتصف شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل». وقالت إن «القناعة الكاملة عن إمكانية تورط رياض سلامة في الجرائم المتهم بها أو عدم تورطه ستتكوّن لدى قاضي التحقيق عند إصدار القرار الظنّي».

وبعد مضي أكثر من شهر على طلب القضاء الألماني السماح له بمداهمة مصرف لبنان للاطلاع على مستندات متعلقة بحسابات الحاكم، لم تلبّ السلطات اللبنانية هذا الطلب، ورأى مصدر مقرّب من أبو سمرا أن «خطأ حصل في ترجمة الاستنابة الألمانية». وأوضح المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما أراده الفريق الألماني زيارة البنك المركزي وضبط بعض المستندات». ولفت إلى أن «المدعية العامة الألمانية فسّرت الغاية من استنابتها وهي الطلب من مصرف لبنان التحفّظ على مستندات محددة وعدم تلفها أو التفريط بها». وشدد على أن «القضاء اللبناني لم يسبق له أن داهم البنك المركزي وصادر مستندات بداخله، ومن باب أولى ألّا يسمح لأي طرف خارجي بالدخول إليه تحت أي سبب».


مقالات ذات صلة

لبنان يواجه حزمة استحقاقات مالية «داهمة»

المشرق العربي «مصرف لبنان المركزي»... (أرشيفية - رويترز)

لبنان يواجه حزمة استحقاقات مالية «داهمة»

يشهد لبنان زحمة استحقاقات مالية مهمة ومتزامنة خلال الشهر الحالي؛ تبدأ بشروع الحكومة في مناقشة مشروع قانون الموازنة للعام المقبل.

علي زين الدين
المشرق العربي حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (رويترز)

رياض سلامة... من جوائز التكريم إلى أروقة المحاكم

يشكّل سلامة منذ ثلاثة أعوام محور تحقيقات محلية وأوروبية تشتبه في أنه راكم أصولاً عقارية ومصرفية بشكل غير قانوني، وأساء استخدام أموال عامة على نطاق واسع.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الحاكم السابق للمصرف المركزي في لبنان رياض سلامة (رويترز)

توقيف حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة بعد استجوابه

أوقف القضاء اللبناني، اليوم (الثلاثاء)، الحاكم السابق للمصرف المركزي رياض سلامة، بعد استجوابه بشأن قضية اختلاس أموال.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مودِع يحطّم واجهة زجاجية لأحد البنوك في الدورة (أ.ب)

تكسير واجهات وإضرام نيران... لبنانيون يعتصمون أمام مصارف للمطالبة بودائعهم (فيديو)

نفّذ عدد من المودعين اعتصامات، الخميس، في العاصمة بيروت وجبل لبنان، أمام عدد من المصارف للمطالبة بالحصول على ودائعهم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة عامة لمعمل الجية الحراري المتوقف عن العمل (إ.ب.أ)

​مخرج سياسي لبناني لاستئناف إنتاج الكهرباء بالحد الأدنى

أثمرت الاتصالات بين المؤسسات العامة في لبنان مخرجاً لإعادة التغذية الكهربائية بالحد الأدنى لتشغيل المرافق الحيوية بعد يومين من العتمة الشاملة

«الشرق الأوسط» (بيروت)

نتنياهو يحبط مساعي وقف إطلاق النار في لبنان

لبنانيون يسيرون فوق الركام المتطاير من مبنى دمرته غارة إسرائيلية على طريق المطار الدولي (د.ب.أ)
لبنانيون يسيرون فوق الركام المتطاير من مبنى دمرته غارة إسرائيلية على طريق المطار الدولي (د.ب.أ)
TT

نتنياهو يحبط مساعي وقف إطلاق النار في لبنان

لبنانيون يسيرون فوق الركام المتطاير من مبنى دمرته غارة إسرائيلية على طريق المطار الدولي (د.ب.أ)
لبنانيون يسيرون فوق الركام المتطاير من مبنى دمرته غارة إسرائيلية على طريق المطار الدولي (د.ب.أ)

أحبط رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، المساعي الدبلوماسية اللبنانية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وبدا أن الجهد الدبلوماسي يُقاد من جهة واحدة، وسط تضارب في تفسير المبادرة التي أطلقتها الحكومة اللبنانية قبل أسبوعين، والقائمة على التزام لبنان بالنداء الذي صدر في الاجتماعات التي جرت إبان انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، الأسبوع الماضي.

وفُهم من المبادرة التي أعلن عنها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أن المطالبة بوقف إطلاق النار تتضمن فصلاً لجبهتي غزة وجنوب لبنان، خلافاً لموقف «حزب الله» السابق، الذي كان يصرّ على وقف إطلاق النار في الجبهتين بشكل متزامن.

وازداد الأمر غموضاً في تصريحات لمسؤولين في «حزب الله»، من بينهم النائب حسين الحاج حسن، الذي قال إن الأولوية الآن لوقف إطلاق النار، ودفع للاعتقاد بأن الحزب وافق على فصل الجبهتين.

لكن مصادر مقربة من «حزب الله»، نفت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن يكون هناك تغيير في موقف الحزب، وأكدت أن الإيحاء بالموافقة على وقف إطلاق النار في لبنان بمعزل عن غزة «غير صحيح بتاتاً»، وأوضحت أن ما يتم تداوله يعد «تأويلاً متعسفاً للتصريحات»، في إشارة إلى تصريح الحاج حسن.

صورة الأمين العام السابق لـ«حزب الله» حسن نصر الله على أوتوستراد بيروت - الجنوب (إ.ب.أ)

ولا يبدو أن هناك أي تقدم في الملف، فرغم المحاولات الفرنسية للدفع باتجاه تطبيق وقف إطلاق النار، ودفع دولي آخر باتجاه تطبيق النداء الصادر في نيويورك فإن تلك الجهود «اصطدمت بتعنت إسرائيلي»، حسبما قالت مصادر لبنانية مطلعة على الحراك السياسي والدبلوماسي، مشيرة إلى أن موقف نتنياهو الذي أعلنه مساء السبت، «أحبط الجهود، وأعطى أولوية للمعركة العسكرية التي يمضي بها في الداخل اللبناني».

تطبيق القرار 1701

في هذا الوقت، تسعى الحكومة اللبنانية إلى الدفع باتجاه مبادرة لتطبيق القرار 1701، ووقف إطلاق النار. وهذا ما عبَّر عنه ميقاتي خلال استقباله المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، إذ رحب بالجهود المبذولة من «المفوضية» للتخفيف عن النازحين.

وشدد على أن «الحل الوحيد لوقف هذه المعاناة هو الوقف الفوري لإطلاق النار، ووقف العدوان الإسرائيلي، وتطبيق القرار 1701 الذي يؤسس لعودة النازحين إلى مناطقهم ولحفظ الاستقرار في المنطقة».

وطلب ميقاتي من غراندي العمل الجدي مع السلطات السورية والمجتمع الدولي لحل أزمة النازحين السوريين في لبنان، وتأمين عودتهم إلى سوريا؛ «لأن آلاف اللبنانيين باتوا نازحين في وطنهم، ولم يعد لبنان قادراً على تحمّل أعباء النازحين السوريين».

وكان ميقاتي أثنى على ما قاله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وقال إنه «يعبر خير تعبير عن القيم الإنسانية السامية التي تعبر عنها فرنسا، والرئيس ماكرون شخصياً في مناصرة الحق ووقف العنف، واللجوء إلى الحلول السلمية التي تبعد شبح الحروب والقتل، وليس مستغرباً أن يقابل هذا الموقف بعداء واضح من نتنياهو الذي يشكل عاراً على الإنسانية جمعاء».

وقال: «إننا في لبنان، علمنا بالمواقف المشرفة للرئيس ماكرون في دعم لبنان واستقراره وسيادته، وسعيه الدؤوب لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على شعبنا وأرضنا، ونجدد تأييد النداء المشترك الذي أصدرته فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، بدعم من الاتحاد الأوروبي ودول عربية وأجنبية، ونطالب بالضغط على إسرائيل للالتزام بوقف إطلاق النار، وتطبيق القرار 1701 فوراً».

لبنانيون يقفون بجوار منزل دمرته غارة إسرائيلية في الجية بساحل الشوف (إ.ب.أ)

كما التقى وزير الإعلام زياد المكاري، وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي، على هامش القمة الفرنكوفونية الـ19 في باريس، التي يترأس فيها وفد لبنان. ودار بينهما حديث مطول عن تطورات الأوضاع في المنطقة، وشدد الجانبان على ضرورة وقف إطلاق النار وإدانة إسرائيل.

الدخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)

ورغم أن هناك محاولات لتفعيل الحراك السياسي الداخلي باتجاه انتخاب رئيس جديد للجمهورية، انطلاقاً من المبادرة التي أعلنها رئيس الحكومة اللبنانية بدعم من رئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط،، فإن هذا الملف أيضاً لم يطرأ عليه أي تقدم، رغم الدعوات المتواصلة لإنهاء هذا الشغور، وجاء آخرها على لسان البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي أكد أن «السلطة توجب على المسؤولين توطيد الاستقرار، والمطلوب تناسي نقاط الخلاف والعمل على انتخاب رئيس يحظى بالثقة الداخلية والخارجية، ويسعى إلى تنفيذ القرار 1701 ووقف إطلاق النار».

وشدّد الراعي على أن «انتخاب الرئيس لا يتحمّل بعد اليوم أي تأخير، وعدم انتخابه لمدة سنتين كان جرماً من المجلس النيابي».