مصر تنظر إيجابياً لرغبة الجزائر دعم غزة نفطياً

مشهد من ميناء في مدينة غزة (أ.ف.ب)
مشهد من ميناء في مدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر تنظر إيجابياً لرغبة الجزائر دعم غزة نفطياً

مشهد من ميناء في مدينة غزة (أ.ف.ب)
مشهد من ميناء في مدينة غزة (أ.ف.ب)

أفاد مصدر مصري مطلع بأن «القاهرة تلقت رغبة جزائرية في تقديم مساعدات نفطية إلى قطاع غزة عبر مصر، وذلك قبيل انعقاد القمة العربية عام 2022 في الجزائر»، مضيفاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «مصر قيّمت تلك الرغبة وكل الجهود العربية الشبيهة بشكل إيجابي، كجهد مضاعف يصبّ في خانة المساعي العربية الداعمة للفلسطينيين».

وتحدّث المصدر، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، عن «أن تنفيذ تلك الخطوة عملياً يقتضي المزيد من الوقت لتنسيق الملف مع الجانب الإسرائيلي بهدف استدامة الخطوة، وعدم عرقلتها مستقبلاً، فضلاً عن الحصول على ضمانات من أطراف دولية، من بينها الولايات المتحدة».

ودلّل المصدر على «الطبيعة الزمنية الطويلة للخطوات الشبيهة، بملف التنقيب عن الغاز في حقل (غزة مارين) والذي بذلت فيه مصر جهداً كبيراً وطويلاً زمنياً بين السلطة الوطنية الفلسطينية وحركة (حماس)، وإسرائيل، وأطراف دولية أخرى، حتى التمكن من إحداث اختراق بالملف».

مباحثات بين السيسي وتبون في القاهرة يناير 2022 (المتحدث الرئاسي المصري)

وتشهد العلاقات الجزائرية - المصرية زخماً في ملفات ثنائية عدة، حيث استقبل السيسي نظيره الجزائري، في يناير (كانون الثاني)، من العام الماضي، وأجرى الاثنان مباحثات رفيعة، جرى خلالها التأكيد على تفعيل اللجان الثنائية المشتركة، والعمل على ترقية العلاقات بين البلدين. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) من العام نفسه كان السيسي بين الزعماء العرب في قمة الجزائر التي أبرزت الاهتمام بالقضية الفلسطينية، والتمسك بمبادرة السلام العربية أساساً لحل الصراع.

ولم تجب وزارة الخارجية المصرية على طلب التعليق على ما تداولته تقارير، بشأن الطلب الجزائري بمد غزة بمساعدات نفطية عبر مصر.

في السياق، قال طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: إن هذه المبادرة «تعكس تأكيد الجزائر على حضورها في غزة والضفة، لتعزز دورها إزاء الملف الفلسطيني».

وعن مستقبل هذه العملية، يقول فهمي: إن المبادرة الجزائرية تقوي الدور العربي في فلسطين، منوهاً بـ«الدعم الذي قدمته السعودية لفلسطين، وبجهود قطر». مشدداً على «الدور الكبير لمصر، خصوصاً في ملف إمداد قطاع غزة بالكهرباء وجهودها في إعادة إعمار القطاع».

وتابع فهمي: «في تقديري، الكرة، الآن، ستكون في الملعب الإسرائيلي؛ لأن الإسرائيليين قد يعوقون هذه المساعي؛ بسبب دخول الجزائر على الخط، وهي لا تقيم علاقات مع تل أبيب».

يرسم جدارية في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين بمدينة غزة قبل عيد الأضحى (أ.ف.ب)

ويعدّ المحلل المصري أن تقديم الجزائر تلك المساعدات «خطوة مهمة» يجب البناء عليها لاستكمال الجهود العربية الأخرى، كما أنها تأتي متوافقة مع مقررات قمة جدة مؤخراً، بتقديم تسهيلات لسكان القطاع، وإعادة إعاشته مرة أخرى.

من جانبه، رأى الدكتور أحمد فؤاد أنور، الخبير في الشأن الإسرائيلي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن مصر «لا تحتكر دعم القضية الفلسطينية، وترى أن أي جهد إضافي محل ترحيب، وخاصة من الجزائر التي خصصت القمة العربية التي استضافتها العام الماضي لدعم القضية الفلسطينية».


مقالات ذات صلة

المشرق العربي القيادي الفلسطيني محمد دحلان (صفحته عبر «فيسبوك»)

دحلان يجدد رفضه تولي دور أمني أو حكومي في غزة

قال القيادي الفلسطيني محمد دحلان، اليوم (الخميس)، إن وقف الحرب هو الأولوية القصوى، مجدداً رفضه تولي أي دور أمني أو حكومي في غزة.

«الشرق الأوسط» (دبي )
المشرق العربي أشخاص يسيرون في شارع بجوار المباني التي دُمرت خلال القصف الإسرائيلي على مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين في شمال قطاع غزة في 23 يوليو 2024 وسط الصراع المستمر بين إسرائيل وحركة «حماس» (أ.ف.ب)

دراسة: عدد القتلى في غزة كان دقيقاً إلى حد كبير في الأيام الأولى للحرب

وجدت دراسة جديدة تحلل الأيام الـ17 الأولى من القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، أن أرقام وزارة الصحة بغزة بشأن القتلى في الأيام الأولى للحرب كانت ذات مصداقية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس... 22 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

هل ينبئ موقف هاريس بشأن حرب غزة بتحول محتمل عن سياسة بايدن؟

يؤشر موقف هاريس الصريح بشأن حرب غزة إلى تحول محتمل عن سياسة جو بايدن تجاه إسرائيل بينما تتطلع نائبة الرئيس الأميركي إلى الحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي ناشط يلصق لافتة على عمود إنارة احتجاجاً على الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وخطابه أمام الكونغرس في واشنطن (رويترز)

نتنياهو يقول إن الاتفاق في غزة قريب

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لعائلات رهائن محتجزين في قطاع غزة إن التوصل إلى اتفاق مع حركة «حماس» أصبح قريباً.

كفاح زبون (رام الله)

أنفاق «حزب الله»... ملاذه الآمن لصدّ هجوم برّي إسرائيلي

TT

أنفاق «حزب الله»... ملاذه الآمن لصدّ هجوم برّي إسرائيلي

جندي إسرائيلي عند مدخل نفق اكتُشف عام 2019 على حدود لبنان (أ.ف.ب)
جندي إسرائيلي عند مدخل نفق اكتُشف عام 2019 على حدود لبنان (أ.ف.ب)

جدّدت إسرائيل مخاوفها من شبكة الأنفاق التي يمتلكها «حزب الله» في جنوب لبنان، واحتفاظه بها كواحدة من أهم أوراقه الرابحة، وذلك في ذروة التهديد بحرب واسعة على الجبهة اللبنانية - الإسرائيلية.

يمكن عطف هذه المخاوف على التقارير الأمنية، وآخرها ما نشرته صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية، في 21 فبراير (شباط) الماضي، وكشفت فيه أن «(حزب الله) اللبناني لديه شبكة أنفاق سرية أكثر تطوراً من تلك التي لدى (حماس) في غزة». وقالت إن الحزب «يمتلك أنفاقاً يبلغ طولها مئات الكيلومترات، ولها تشعبات تصل إلى إسرائيل، وربما أبعد من ذلك، وصولاً إلى سوريا»، في وقت وصفها خبراء بأنها ستتحول «إلى مستنقع للجيش الإسرائيلي إذا ما قرر اجتياح جنوب لبنان».

جندي إسرائيلي عند مدخل نفق اكتُشف عام 2019 على حدود لبنان (أ.ف.ب)

ويرى الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد الدكتور حسن جوني، أن «شبكات الأنفاق الموجودة لدى (حزب الله) كما حركة (حماس)، تقع ضمن الاستراتيجية الخاصة لمواجهة الهجمات الإسرائيلية، كونها تؤمّن وسيلة انتقال محمي وآمن». ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن «شبكات الأنفاق ساهمت في إنشاء توازن بين باطن الأرض والسماء لمواجهة التفوق الجوي الإسرائيلي، ما جعل القتال عمودياً أكثر منه أفقياً».

ويقول جوني، الذي كان يشغل منصب قائد كليّة القيادة والأركان في الجيش اللبناني، إن «استراتيجية الأنفاق تعدّ من أهم أوراق القوة التي يحتفظ بها (حزب الله) وتضمن له حرية المناورة تحت الأرض»، معتبراً أن «شبكات الأنفاق الأخطبوطية تم حفرها بشكل يجعلها تتكامل مع العمليات العسكرية فوق الأرض، خصوصاً لجهة نقل المقاتلين والأسلحة والصواريخ إلى نقاط أخرى تشكل مفاجآت صادمة في الميدان».

شبكة أنفاق إقليمية

وأشار مركز «ألما» للأبحاث، الذي يركّز على التهديدات الشمالية، إلى أنه «بعد حرب لبنان الثانية عام 2006، أنشأ (حزب الله)، بمساعدة الكوريين الشماليين والإيرانيين، مشروعاً لتشكيل شبكة من الأنفاق الإقليمية في لبنان، وهي شبكة أكبر من (مترو حماس)»، معتبراً أن «جنوب لبنان ليس غزّة، حيث لديه نوع مختلف من التضاريس، بما في ذلك التلال الصخرية والوديان، وبالتالي التقديرات الإسرائيلية لا تتقبل مجرد فكرة أن (حزب الله) نجح في حفر أنفاق حتى 10 كيلومترات في العمق الإسرائيلي، إذ إن مثل هذا الأمر يحتاج إلى جهود خارقة، فالحديث هنا عن أرض صخرية صلبة وجبال، والنجاح في حفرها سيكون (فضيحة عسكرية) وليس إخفاقاً عادياً».

من جولات القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان (رويترز)

عند كلّ مواجهة مع «حزب الله»، تحدد إسرائيل بنك أهدافها، وتزعم أنه مواقع عسكرية أو منصات صواريخ أو مخازن أسلحة، لكنها تبقى عاجزة عن امتلاك خريطة الأنفاق أو توفر معلومات كافية عنها. ويعبّر الخبير العسكري حسن جوني عن اعتقاده بأن الحزب «بنى أنفاقه بطريقة متطورة جداً، لتصبح جزءاً مهماً من منظومته الدفاعية، خصوصاً أنه بناها في ظروف مريحة، وضمن بيئة جغرافية ملائمة، بخلاف قطاع غزّة الذي لطالما كان محاصراً ومراقباً أمنياً وجوياً بشكل متواصل». ويعتقد أن الحزب «استفاد من خبرات واسعة في مجال حفر الأنفاق، ويتردد أنه استفاد من وسائل حفر متطورة، ربما تكون استقدمت من كوريا الشمالية، وهذا سيضاعف حتماً من قدرته على مقارعة إسرائيل، حيث تساهم الأنفاق بتطوير عمليات حرب العصابات». ولا يستبعد جوني «إمكانية استخدام هذه الأنفاق لتنفيذ عمليات هجومية، وليس دفاعية فقط، أي أن هناك احتمالاً أن يكون لها امتداد إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلّة».

شبكة نقل آمنة

بخلاف الإعلام العسكري لدى «حماس»، الذي أطلق حملة دعائية مصورة عن أهمية الأنفاق، لم يتبع «حزب الله» هذا الأسلوب، رغم ارتفاع وتيرة التهديدات الإسرائيلية والتلويح باجتياح برّي لجنوب لبنان، وهو ما عزّز قناعة الخبراء والمتابعين بعدم امتلاك إسرائيل معلومات كافية عنها، وتخشى مفاجآت بشأنها. ويشير مدير مؤسسة «الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري»، الدكتور رياض قهوجي، إلى أن «كل المعلومات والمعطيات تفيد بأن (حزب الله) لديه شبكة أنفاق كبيرة، تتيح له التنقّل بأمان تحت الأرض، في ظلّ امتلاك إسرائيل تفوقاً جوياً كبيراً يجعلها قادرة على رصد أي ترك فوق الأرض».

ويقول قهوجي لـ«الشرق الأوسط»: «كلما كبرت الأنفاق وسمحت بعبور الآليات والسيارات داخلها، كما ازدادت أهميتها، وكما شاهدنا في غزّة كيف أن الأنفاق تربط منطقة بأخرى، وأن هناك أنفاقاً تستخدم لتخزين الأسلحة، وبعضها لتصنيع الأسلحة، والبعض الآخر تحول إلى مراكز لإطلاق الصواريخ، فإن (حزب الله) لديه شبكة أكبر وأكثر تطوراً وتعقيداً».

سفراء يجولون في أحد الأنفاق الحدودية التي اكتشفها الجيش الإسرائيلي على الحدود مع لبنان (أ.ف.ب)

أنفاق قتالية

لا يغفل قهوجي، وهو خبير في شؤون الأمن والتسلّح، الدور الذي تلعبه الأنفاق إذا ما قامت إسرائيل باجتياح برّي، متحدثاً عن «وجود أنفاق قتالية على الخطوط الأمامية للمواجهة، يستخدم أغلبها في العمليات التكتيكية ونصب الكمائن، وهذا سيفاقم من تكلفة الخسائر البشرية لدى الجيش الإسرائيلي». ويضيف قهوجي: «صحيح أن إسرائيل تملك قدرات عسكرية هائلة لتنفيذ هجوم برّي، لكنها بالتأكيد تحسب ألف حساب للتكلفة الكبيرة التي ستدفعها، وبالتأكيد ستكون الأنفاق مستنقعها الأكبر لأن (حزب الله) سيستخدمها بحرفية قتالية كبيرة».