عيد أضحى مختلف في سوريا مع ازدياد تدفق المغتربين والعرب

حزمة إجراءات حكومية لتسهيل حركة المعابر البرية وحيازة الأموال

العاصمة السورية دمشق (أرشيفية - رويترز)
العاصمة السورية دمشق (أرشيفية - رويترز)
TT

عيد أضحى مختلف في سوريا مع ازدياد تدفق المغتربين والعرب

العاصمة السورية دمشق (أرشيفية - رويترز)
العاصمة السورية دمشق (أرشيفية - رويترز)

خيَّم الهدوء على شوارع العاصمة دمشق في أول أيام عيد الأضحى، بعد ليلة الوقفة التي شهدت اكتظاظاً استمر حتى الفجر، في حالة مختلفة عن الأعياد السابقة، حيث لوحظت سيارات المغتربين ومعظمها آتية من دول الخليج وقد عادت إلى شوارع دمشق منذ أكثر من أسبوع ومعظمها يقل مغتربين وعلى نحو أقل سياحاً عرباً.

ونقلت صحيفة «الوطن» المحلية عن مصدر في معبر نصيب الحدودي مع الأردن، تأكيده تسجيل زيادة كبيرة في عدد القادمين إلى سوريا، منذ منتصف يونيو (حزيران) الحالي، معظمهم من دول الخليج، من مغتربين وعرب، بعدد وسطي يومي يتراوح من خمسة آلاف إلى ستة آلاف شخص. وقال: «يومياً هناك ما بين 500 إلى 600، وأحياناً 700 سيارة خاصة، معظمها تعود لمغتربين سوريين تدخل البلاد، هذا عدا السيارات العامة، التي تدخل وتخرج بشكل دوري، فيما يتراوح عدد الباصات ما بين 50 إلى 60 باصاً يومياً».

معبر «نصيب» على الحدود السورية الأردنية (أ.ف.ب)

فاضل جاء من دولة الإمارات العربية بعد أكثر من 14 عاماً من مغادرته للعمل وجمع مبلغ بدل الخدمة العسكرية، إلا أن الظروف التي أحاطت بالبلاد حالت دون عودته، بل إنه ساعد عدداً من أقاربه على السفر، ويقول: «عندما سافرت كان عمري 25 عاماً، اليوم عمري 36... تغيرت كثيراً وكذلك البلد. إلا أن الذي لم يتغير هو هواء الشام العليل».

وعن برنامج زيارته للبلد قال إنه يصطحب أصدقاء خليجيين وعدهم بجولة خلال العيد إلى مناطق الجبل والساحل السوري. وحول الأسعار قال إنها «مرتفعة لأهل البلد لكن للمغترب جيدة»، إلا أن المشكلة هي في «تصريف العملة وحمل كميات النقود لأن البطاقات البنكية غير معتمدة».

وترتفع أسعار الأماكن السياحية من فنادق ومطاعم خلال فترة العيد نظراً للضغط عليها. فتكلفة ليلة واحدة في سويت فندق 4 نجوم بمنطقة جبلية تصل إلى 100 دولار، تنخفض أو ترتفع بحسب الموقع. وتكلفة ليلة واحد في سويت فنادق ومنتجعات 5 نجوم 200 دولار. وهي أسعار مرتفعة قياساً إلى معدلات الدخل في سوريا، لكنها وحسب العاملين في قطاع السياحة، بالكاد تغطي تكاليف التشغيل الباهظة، لا سيما في كهرباء الخطوط الذهبية (تأمين كهرباء 24/24 ساعة بأسعار مضاعفة) والمحروقات.

بلدة نصيب بدرعا جنوب سوريا (درعا 24)

الإقبال على مناطق الساحل في الأعياد لا يقتصر على المغتربين، بل يشمل أهل البلد الذين يعتبرون عطلة الأضحى إجازة سنوية وفرصة للهروب من أجواء الصيف الخانقة في المدن في ظل برامج تقنين المياه والكهرباء. سيما وأن العيد تزامن هذا العام مع انتهاء الامتحانات للشهادتين الإعدادية والثانوية، التي يعيش خلالها الأهالي، حالة من الاستنفار الأسري طيلة فترة الامتحانات والشهر الذي يسبقها. لذلك تكاد تخلو المدن من الحركة خلال العيد، وتنخفض نسبة حجوزات الفنادق في العاصمة قياساً إلى أماكن الاصطياف.

وتؤكد مصادر سياحية في مدن المنطقة الوسطى كحمص، ارتفاع نسب إشغالات الفنادق من قبل المغتربين الذين يأتون لزيارة الأهل ويفضلون الفنادق لتوفر خدمات المياه والكهرباء بدل النزول في منازلهم أو منازل ذويهم وتكبد عناء تأمين الخدمات الأساسية خلال زيارتهم.

وتقول المصادر، إن غالبية سكان العاصمة يتوجهون خلال العيد إلى الأرياف والمناطق السياحية، لذا تنخفض إشغالات الفنادق فيها خلال عطلة الأضحى، كما تتوقف الحركة في الأسواق السياحية قبل أيام من العيد. وهذا ما أشار إليه صاحب متجر تحف في المدينة القديمة: «موسم التحف والهدايا التذكارية يبدأ بعد انتهاء العيد بأيام، بالتزامن مع انتهاء زيارات المغتربين والزوار، فهم يقصدون أسواق دمشق القديمة في طريق الإياب، والزوار العرب، لا سيما أهل الخليج، يرغبون في اقتناء المصنوعات الشامية الفخمة مثل الموزاييك والنحاسيات المطعمة والقيشاني والحرير والأغباني»، معبراً عن تفاؤله بعودة الروح لدمشق القديمة مع «عودة أحبابها».

«معبر جابر» على الحدود الأردنية السورية (أ.ف.ب)

واتخذت الحكومة حزمة إجراءات لتسهيل الحركة عبر البر قبل العيد، لا سيما للوافدين من دول الخليج العربي كثمرة أولى للانفتاح العربي وعودة سوريا إلى الجامعة العربية، حيث تعول الحكومة بدمشق على هذا التقارب في تخفيف حدة الانعكاسات الخانقة للعقوبات الاقتصادية الغربية، وتأمين عملة أجنبية لتغطية المستوردات الأساسية كالنفط والقمح والزيوت وغيرها.

ومن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة عشية عيد الأضحى فيما يتعلق بحيازة الأموال وإدخال وإخراج العملة المحلية والأجنبية، قرار عدلت بموجبه التعليمات الخاصة بذلك. حيث تم السماح بجميع وسائل الدفع المحررة بالعملات الأجنبية والبطاقات المصرفية مهما بلغت قيمتها، مع اشتراط التعامل بها حصراً عن طريق المصارف وشركات الصرافة والجهات المرخص لها التعامل بالقطع الأجنبي. كما سمحت للقادمين (باستثناء العابرين في مناطق الترانزيت) بإدخال مبالغ بالليرة السورية مهما بلغت قيمتها، بعد التصريح عنها، والسماح للمغادر السوري ومن في حكمه وغير السوري المقيم، بإخراج مبلغ لا يتجاوز 500 ألف ليرة سورية، أما المغادرون من العرب أو الأجانب غير المقيمين فقد سمح لهم القرار بإخراج مبلغ لا يتجاوز 50 ألف ليرة.

إحدى أسواق دمشق (رويترز - أرشيفية)

كما سمح للقادمين بإدخال الأوراق النقدية الأجنبية (بنكنوت) حتى مبلغ 500 ألف دولار، أو ما يعادله بالعملات الأجنبية الأخرى بعد التصريح عنها، إضافة إلى إدخال جميع وسائل الدفع الأخرى المحررة بالعملات الأجنبية والبطاقات المصرفية مهما بلغت قيمتها دون الحاجة للتصريح عنها والسماح للمغادرين السوريين ومن في حكمهم بإخراج مبلغ لا يتجاوز 10 آلاف دولار أو ما يعادله من العملات الأجنبية الأخرى. كما سمح للمغادر غير السوري بإخراج مبلغ لا يتجاوز 5 آلاف دولار أميركي أو ما يعادله من العملات الأجنبية الأخرى، أو بحدود المبلغ الذي تم التصريح عنه لدى دخوله إلى سوريا شرط إبراز التصريح الذي تم تنظيمه حول ذلك عند الخروج، والسماح لجميع المغادرين بإخراج جميع وسائل الدفع الأخرى بالعملات الأجنبية والبطاقات المصرفية مهما بلغت قيمتها.

ويشار إلى أنه ولتخفيف الضغط عند معبر نصيب على الحدود مع الأردن، تمت زيادة عدد الغرف التي تمنح «دفتر السيارة» ما بين 4 إلى خمس غرف و زيادة عدد كوات المصرف التجاري السوري إلى ثلاثة بعدما كانت كوة واحدة، حيث تفرض الحكومة السورية على القادمين من حملة الجنسية السورية تصريف مبلغ 100 دولار عند الدخول في المعابر والمطارات وبسعر الصرف الرسمي الذي يحدده المصرف المركزي، بزعم تأمين القطع الأجنبي، الأمر الذي يثير استياء السوريين وبالأخص الذين يغادرون البلد لفترة محدودة كزيارة أو دعوة وليس لديهم مصدر دخل بالدولار. ويرى اقتصاديون في دمشق أنه «بعد الانفتاح العربي وتدفق الزوار العرب والمغتربين لم تعد هناك حاجة لفرض تصريف 100 دولار على جميع القادمين».

ومن التسهيلات التي منحتها وزارة النفط في دمشق لاستجرار القطع الأجنبي مع ازدياد عدد القادمين قبل عيد الأضحى، إصدار بطاقة مسبقة الدفع بالقطع الأجنبي، تمكن المغتربين السوريين والزوار العرب والأجانب من تعبئة البنزين لآلياتهم. ويمكن الحصول عليها من كافة كوات المصرف التجاري وفروعه بالمحافظات والمناطق والمعابر الحدودية. ويستطيع حاملها تعبئة البنزين نوع (أوكتان 90) من أي محطة خاصة أو حكومية، إذ يوجد رصيد خاص لهذه البطاقات، كما يمكنه تعبئة البنزين (أوكتان 95) من أي محطة من المحطات الموجودة في المحافظات وعلى الطرق العامة. بحسب ما أعلنته وزارة النفط.


مقالات ذات صلة

«الإفتاء المصرية» تحذِّر من التندُّر على «العجول الهاربة»

يوميات الشرق أحد فيديوهات «العجول الهربانة» المنتشرة على «السوشيال ميديا» (إكس)

«الإفتاء المصرية» تحذِّر من التندُّر على «العجول الهاربة»

دخل مسؤولون بدار الإفتاء المصرية على خط «التريند» الشائع منذ يومين بعنوان «العجول الهربانة»، والذي تداوله مستخدمو «السوشيال ميديا» تزامناً مع حلول عيد الأضحى.

محمد الكفراوي (القاهرة)
خاص شواطئ الإسكندرية تستقبل الزوار (محافظة الإسكندرية)

خاص مصر: «فسحة العيد» تجافي النوادي والملاهي لحساب الشواطئ و«المولات»

اصطحب المهندس الأربعيني تامر فرج، (يعمل في إحدى شركات المحمول) بحلوان، (جنوب القاهرة) ابنتيه اللتين تدرسان في المرحلة الإعدادية إلى إحدى الأسواق التجارية.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق وزارة الزراعة أعلنت استيراد رؤوس الماشية (وزارة الزراعة المصرية)

«العجول الهربانة»... استعادة مطاردات موسمية بين مصريين وأضاحيهم

وكأنه أصبح طقساً سنوياً ينتظره مستخدمو «السوشيال ميديا» بشغف، فمع حلول عيد الأضحى، ينتظر كثيرون «فيديوهات العجول الهربانة».

محمد الكفراوي (القاهرة )
خاص «سناب»: عيد الأضحى محطة رقمية رئيسية مع ارتفاع كبير في التفاعل والاستهلاك والمحتوى المرتبط بالتسوّق والاحتفال (غيتي)

خاص خلال عيد الأضحى... كيف يغيّر «سناب شات» سلوك التسوّق والتفاعل في السعودية؟

يشهد عيد الأضحى ذروة رقمية في السعودية، حيث يبرز «سناب شات» بوصفه منصة رئيسية للتسوّق والتفاعل بفضل العدسات التفاعلية والمحتوى المحلي والمبدعين.

نسيم رمضان (لندن)
يوميات الشرق مسرحية «حكايات الشتا» تعرض خلال عيد الأضحى (البيت الفني للمسرح)

10 عروض مسرحية في عيد الأضحى بمصر

ترفع مسارح مصر الستار عن عشرة عروض مسرحية خلال عيد الأضحى، من بينها «الأرتيست»، و«حكايات الشتا»، و«مملكة الحواديت»، ضمن برنامج وزارة الثقافة المصرية للاحتفال.

داليا ماهر (القاهرة )

توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
TT

توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)

أكّدت مصادر وزارية أنه لا خلاف بين الرؤساء الثلاثة، مع دخول المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية مرحلةً جديدةً بإدخال مدني إليها، هو سفير لبنان السابق لدى واشنطن، المحامي سيمون كرم، لترؤس الوفد اللبناني للجنة الـ«ميكانيزم»، بغية تفعيل اجتماعاتها للتوصل إلى اتفاق أمني، قاعدته الأساسية تطبيق وقف الأعمال العدائية، بخلاف اجتماعاتها السابقة التي غلبت عليها المراوحة، وتشاركت وقيادة القوات الدولية «اليونيفيل» في تعداد الخروق والغارات الإسرائيلية.

ولفتت إلى أن توافق الرؤساء على إخراج الـ«ميكانيزم» من الدوران في حلقة مفرغة، تلازم مع رسم حدود سياسية للتفاوض، محصورة بوقف الخروق والاعتداءات الإسرائيلية، والانسحاب من الجنوب، وإطلاق الأسرى اللبنانيين، وإعادة ترسيم الحدود وتصحيحها، انطلاقاً من التجاوب مع تحفّظ لبنان على النقاط المتداخلة الواقعة على الخط الأزرق والعائدة لسيادته.

رئيس الحكومة نواف سلام مجتمعاً مع السفير سيمون كرم (رئاسة الحكومة)

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن لبنان يصر على حصر جدول أعمال المفاوضات ببنود أمنية لا يمكن تجاوزها للبحث في تطبيع العلاقات اللبنانية - الإسرائيلية، والتوصل إلى اتفاقية سلام بين البلدين، وهذا ما أجمع عليه رؤساء «الجمهورية»، العماد جوزيف عون، و«الحكومة»، نواف سلام، و«المجلس النيابي»، نبيه بري، الذي كان أول من اقترح إدخال مدنيين للـ«ميكانيزم»، ومن ثم أصروا على تكرار موقفهم في هذا الخصوص استباقاً لانعقاد الجولة الأولى من المفاوضات، بحضور الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس ومشاركة كرم فيها، بما يتعارض مع جدول أعمالها الذي حدده رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو.

وقالت إن نتنياهو يريد تكبير الحجر لتحريض «حزب الله» على الدولة وإرباكها، فيما يواصل جيشه خروقه واعتداءاته لتأليب بيئته عليه، وهذا ما تبين باستهدافه عدداً من المنازل الواقعة بين جنوب نهر الليطاني وشماله، رغم خلوها من مخازن لسلاح الحزب. ورأت بأنه يواصل ضغطه بالنار لإلزام لبنان بالتسليم لشروطه، وإن كان يدرك سلفاً أنه لا مجال أمام المفاوضات لخروجها عن جدول أعمالها التقني - الأمني، بالتلازم مع إصرار الحكومة اللبنانية على تطبيق حصرية السلاح بيد الدولة، ولا عودة عنه.

وتوقفت المصادر أمام تأكيد بري أنه كان أول مَن اقترح إدخال مدنيين للـ«ميكانيزم»، وسألت، أين يقف الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم من اقتراحه؟ وهل سبق أن اعترض على اقتراح «أخيه الأكبر» في هذا الخصوص؟ رغم أنه في كتابه المفتوح إلى الرؤساء الثلاثة أكّد رفضه للمفاوضات مع إسرائيل، ليعود لاحقاً إلى تصويب ما حمله كتابه هذا، بتكليفه قيادياً في الحزب بأن ينقل رسالة إليه مفادها أنه لم يكن هو المقصود به، لقطع الطريق على افتعال مشكلة داخل البيت الشيعي.

كما سألت قاسم، ألم يوافق الحزب على اجتماعات الـ«ميكانيزم»، ما دام «أخوه الأكبر» هو مَن يفاوض باسمه وكان وراء التوصل لاتفاق وقف النار مع الوسيط الأميركي آنذاك أموس هوكستين؟ وقالت إنه ليس لدى الحزب من أوراق سوى رفع سقف اعتراضه على المفاوضات، ولم يعد يملك ما يسمح له بأن يعيد خلطها في ضوء اختلال ميزان القوى لمصلحة إسرائيل، بعد أن أفقده إسناده غزة منفرداً توازن الردع وقواعد الاشتباك.

الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)

ولفتت المصادر إلى أن الحزب يفتقد إلى أي بدائل لقلب موازين القوى، ويكتفي بتسجيل اعتراض من العيار الثقيل على المفاوضات، من دون أن يكون في وسعه ترجمته عسكرياً، رغم إصراره على تمسكه بسلاحه واتهامه حكومة سلّام بارتكاب خطيئة بموافقتها على حصرية السلاح التي يُفترض أن تتقدم بدءاً من شمال الليطاني حتى حدود لبنان الدولية مع سوريا، بالتلازم مع تسجيل تقدم في المفاوضات.

ورأت أن الحزب مضطر لوزن موقفه، لأنه ليس وارداً كسر علاقته بعون وتهديد تحالفه ببري، ما يُسبّب انكشافه فيما هو بأمس الحاجة لحماية الداخل، إضافة لما يترتب على «خدش» علاقته بهما من تداعيات سلبية على الطائفة الشيعية، لا يريدها ويتفداها، وما هو المانع من أن يضع ما لديه من أوراق بعهدة بري، كونه الأقدر منه على مراعاته للمزاج الشيعي الذي ينشد تحرير الجنوب، وإفساحاً في المجال أمام عودة أهله إلى قراهم، ولا يرى من منقذ غيره، ويتطلع إليه خصومه على أنه الممر الإلزامي للتوصل إلى تسوية تُعيد إدراج لبنان على لائحة الاهتمام الدولي، وتفتح كوّة لإعادة إعمار البلدات المدمرة، خصوصاً أنه يحظى بعلاقات دولية وعربية، بخلاف الحزب الذي لم يعد له سوى إيران.

وأكدت المصادر أن دخول المفاوضات في مرحلة جديدة كان وراء الضغط الأميركي على إسرائيل لمنعها من توسعتها للحرب، بعد أن استجاب لبنان لطلبها بتطعيم الـ«ميكانيزم» بمدني كُلّف برئاسة وفده، وتمنت على «حزب الله» الوقوف خلف الدولة في خيارها الدبلوماسي، وأن مخاوفه من أن تؤدي إلى ما يخشاه بالتوصل مع إسرائيل إلى اتفاقية سلام ليست في محلها، ما دام أن حليفه بري هو أول من أيد تطعيمها بمدنيين، وبالتالي ما المانع لديه من أن يعطيها فرصة ليكون في وسعه بأن يبني على الشيء مقتضاه لاحقاً، بدلاً من أن يُبادر من حين لآخر إلى «فش خلقه» بسلام، رغم أنه ليس فاتحاً على حسابه، وينسق باستمرار مع عون، ويتعاونان لتطبيق حصرية السلاح التي نص عليها البيان الوزاري للحكومة.

وكشفت أن التواصل بين عون وبري لم ينقطع، وهما قوّما قبل انعقاد الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء الأجواء التي سادت اجتماع الـ«ميكانيزم» في الناقورة، وقالت إن بري كان أوصى النواب المنتمين لكتلته النيابية، والمسؤولين في حركة «أمل»، بعدم التعليق لا سلباً ولا إيجاباً على كل ما يختص بالمفاوضات، وأن توصيته جاءت بناءً على رغبته في حصر الموقف به شخصياً لتفادي إقحام محازبي الطرفين في سجال، سرعان ما يتحول إلى مناوشات في الشارع، فيما الحزب يحرص، كما تقول قيادته، على تحصين علاقته بحليفه الأوحد في الساحة اللبنانية، بعد أن تفرّق عنه شركاؤه السابقون في محور الممانعة بتأييدهم حصرية السلاح.

وقالت المصادر إن الحزب يدرك جيداً أن الأبواب ما زالت مقفلة أمام تصويب علاقاته العربية والدولية، بخلاف بري. وسألت على ماذا يراهن، بعد أن رفضت قيادته المبادرة المصرية إصراراً منها، حسب مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط»، بأن ترهن موقفها بالمفاوضات الأميركية - الإيرانية، ليكون بمقدورها أن تضعه في سلة إيران، لعلها تتمكن من الحفاظ على نفوذها في لبنان بعد تراجع محور الممانعة في الإقليم؟

لذلك، سيأخذ الحكم والحكومة علماً باعتراض «حزب الله»، من دون أن يكون له مفاعيل تصعيدية بتحريك الشارع لتفادي الاحتكاك مع محازبي «أمل»، ما دام أن انطلاقة المفاوضات لا تلقى اعتراضاً من بري، وتبقى تحت سقف تحرير الجنوب تطبيقاً للـ«1701»، إلا إذا ارتأى الدخول في مزايدة شعبوية مع حليفه لا طائل منها، وستؤثر سلباً على حمايته، على الأقل داخل طائفته.


قاسم: ضم مدني لبناني إلى لجنة وقف إطلاق النار مع إسرائيل سقطة

نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
TT

قاسم: ضم مدني لبناني إلى لجنة وقف إطلاق النار مع إسرائيل سقطة

نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)

رأى الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم، الجمعة، أن تسمية السلطات اللبنانية مدنياً في اللجنة المكلفة مراقبة تطبيق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، هي بمثابة «سقطة» تضاف إلى «خطيئة» الحكومة بقرارها نزع سلاح الحزب.

وخلال حفل حزبي، قال قاسم في خطاب عبر الشاشة: «نرى أن هذا الإجراء هو سقطة إضافية تُضاف إلى خطيئة قرار الخامس» من أغسطس (آب)، في إشارة إلى القرار الحكومي بنزع سلاح الحزب، لكنه أكد في الوقت نفسه تأييده خيار الدبلوماسية الذي تتبعه السلطات لوقف الهجمات الإسرائيلية.

وانضم، الأربعاء، مندوبان مدنيان لبناني وإسرائيلي إلى اجتماعات اللجنة المكلفة مراقبة وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، في أول لقاء مباشر منذ عقود، قالت الرئاسة اللبنانية إن هدفه «إبعاد شبح حرب ثانية» عن لبنان.


سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
TT

سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)

طالب رئيس الوزراء اللبناني نواف سلّام خلال لقاء مع وفد من سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (الجمعة)، بتوفير قوة أممية مساندة لملء أي فراغ محتمل بعد انتهاء ولاية قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) بنهاية عام 2026.

وذكرت الرئاسة اللبنانية في بيان أن سلّام طرح خلال اللقاء مع وفد مجلس الأمن إمكانية أن تعمل هذه القوة تحت إطار «هيئة الأمم المتحدة» لمراقبة الهدنة، أو أن تكون قوة حفظ سلام محدودة الحجم ذات طابع مشابه للقوة العاملة في هضبة الجولان بسوريا.

وقرر مجلس الأمن الدولي في أغسطس (آب) الماضي تمديد ولاية «اليونيفيل»، التي أنشئت في 1978 بعد الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان، حتى نهاية العام المقبل. ومن المنتظر أن تبدأ «اليونيفيل» عملية انسحاب تدريجي من جنوب لبنان بعد انتهاء ولايتها.