«القوات» و«التيار» يرفضان جلسات الحكومة اللبنانية مع الفراغ الرئاسي

تمديد الفراغ يفرض تفعيل عملها... واتهامات لرئيسها بتجاوز الدستور

الحكومة اللبنانية مجتمعة برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي (دالاتي ونهرا)
الحكومة اللبنانية مجتمعة برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي (دالاتي ونهرا)
TT

«القوات» و«التيار» يرفضان جلسات الحكومة اللبنانية مع الفراغ الرئاسي

الحكومة اللبنانية مجتمعة برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي (دالاتي ونهرا)
الحكومة اللبنانية مجتمعة برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي (دالاتي ونهرا)

بعد نحو 8 أشهر على الفراغ الرئاسي الذي أدى بدوره إلى تعطيل المؤسسات التشريعية والتنفيذية انطلاقاً مما ينص عليه الدستور؛ بأن البرلمان يتحول إلى هيئة ناخبة ولا يحق له التشريع، فيما تتحول الحكومة إلى تصريف أعمال، فرضت إطالة الفراغ نفسها على عمل الحكومة والبرلمان اللذين يعقدان جلسات، وهو ما يلقى رفضاً متجدداً من قبل معارضي هذا المسار.

وبعدما عقد البرلمان اللبناني، بداية الأسبوع، جلسة تشريعية أقر خلالها زيادة رواتب القطاع العام وسبقتها جلسة قبل نحو شهرين مخصصة للتمديد للمجالس البلدية والاختيارية، عقدت الحكومة، أمس (الأربعاء)، جلسة يمكن وصفها بالعادية بحثت في جدول أعمال من 33 بنداً، بعدما جرت العادة، منذ بداية الفراغ، أن يكون جدول الأعمال مقتصراً على بنود محددة تنطبق عليها صفة الطارئة.

وإضافة إلى اعتراض بعض الأفرقاء السياسيين، لا سيما المسيحيين منهم على عقد جلسات الحكومة، كان «التيار الوطني الحر» قرر مقاطعة الجلسات، عبر وزرائه في الحكومة، وهو ما استدعى قراراً من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بعدم البحث في أي قضية في غياب الوزير المعني، باستثناء بعض الأمور، كما حصل في جلسة الحكومة ما قبل الأخيرة، حيث تجاوز ميقاتي «التحفظات الأساسية المتعلقة بوجوب حضور الوزير المختص لمناقشة ملفه، لأن المصلحة الوطنية تقتضي ذلك»، وفق ما أعلن، وعمد إلى عرض ملف تعيين محامين فرنسيين لمتابعة قضية حاكم «مصرف لبنان» أمام القضاء الفرنسي.

ومع إقرار الخبراء الدستوريين بأن إطالة أمد الفراغ لا بد أن تفرض تحركاً أوسع من قبل الحكومة، لا سيما مع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، أثارت الجلسة الأخيرة تحفظات من قبل المعارضين، الذين اعتبروا أنها غير دستورية، وهاجموا رئيسها، على غرار «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية»، بينما رد ميقاتي على هذا الاعتراض في مستهل جلسة الأربعاء، رامياً الكرة في ملعب معطلي انتخابات رئاسة الجمهورية.

وعن هذه الإشكالية، يؤكد الوزير السابق، نقيب محامي الشمال السابق، رشيد درباس، أن الدستور لا يلحظ الفراغ، وهو قد نص على أن تتحول الحكومة إلى تصريف أعمال في أضيق الحدود، مع انتهاء ولاية الرئيس وعدم امتلاكها ثقة البرلمان. لكنه يوضح لـ«الشرق الأوسط» أنه، مع إطالة الفراغ، هناك فريق يرى أن هناك تطبيعاً مع الفراغ، وهذا أمر خطير، محذراً في الوقت عينه من أن يعتاد لبنان على الحكم من دون رئيس مسيحي.

من هنا، يقول درباس: «في ضوء الظروف الحالية التي يعيشها لبنان، ومع عجز المعنيين عن انتخاب رئيس، على المسؤولين الاتفاق على صيغة معينة تحدد حدود عمل الحكومة ويكون الجميع راضياً عنها». وفي حين يلفت إلى أن بإمكان رئيس الحكومة أن يعمد إلى ترشيق جدول الأعمال، يؤكد أنه لا رغبة لميقاتي في أن يحل مكان رئيس الجمهورية، مضيفاً: «بإمكانه أن يقول: (فلنترك البلد كما هو)، ولا يقوم بعمله، لكنه لم يفعل انطلاقاً من المسؤولية الملقاة على عاتقه».

ولا يختلف كثيراً رأي الخبير القانوني والدستوري سعيد مالك، الذي يقول: «الأكيد أن الحكومة يجب أن تصرف الأعمال بالمعنى الضيق عملاً بأحكام الدستور، وصحيح أن مفهوم تصريف الأعمال يتوسع مع إطالة فترة الفراغ، لكن الملاحَظ اليوم أن الحكومة تتوسع بصلاحياتها وتتجاوز تصريف الأعمال».

ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «صحيح أنه كلما طال أمد الشغور الرئاسي، فهذا الأمر سيرتب موجبات على الدولة وهموم المواطنين، بالتالي سيستتبع من الحكومة تحركاً ضمن إطار مروحة أوسع، ولكن يجب أن يبقى ضمن تصريف الأعمال، وأن يوفق مجلس الوزراء بين طول أمد الشغور من جهة وبقاء عمل الحكومة ضمن التصريف، وأن يتعاطى بحكمة وموضوعية فيما يتخذه من قرارات».

لكن رئيس حزب «القوات»، سمير جعجع، ذهب إلى اعتبار جلسة أمس «غير مطابقة للوضعية الدستورية لأي حكومة تصريف أعمال». وقال في بيان له: «في الوقت الذي تضمن جدول الجلسة بعض البنود التي ينطبق عليها توصيف تصريف الأعمال والأمور الروتينية التي لا يمكن تجميدها، كتجديد ولاية (قوات يونيفيل)، والتدابير الملائمة لإجراء الامتحانات الرسمية، وتأمين المساعدات للعاملين في المستشفيات الرسمية، تضمن هذا الجدول أيضاً بنوداً أخرى كثيرة تتخطى من بعيد ما يحق لحكومة تصريف أعمال القيام به»، وأكد أن «صون المؤسسات لا يكون بالقفز فوق الدستور، ولا باستغلال الوضع الاستثنائي الذي تعيشه البلاد من أجل القيام بأعمال لا تمت إلى تصريف الأعمال بصلة».

ورأى أن «الأكثرية الحكومية التي تصر على القفز فوق الدستور في المجال الحكومي هي نفسها التي تصر على تخطي الدستور في مجال الانتخابات الرئاسية، عبر تعطيلها 12 جلسة نيابية انتخابية متتالية كان من الممكن، ولا سيما في الجلسة الأخيرة، أن تنتج رئيساً للبلاد».

ولفت إلى «أن إصرار الأكثرية الوزارية الحالية المكونة من أحزاب الممانعة وحلفائها على تجاوز الدستور على الصعيدين الوزاري والنيابي يتحمل مسؤولية تدهور أوضاع البلاد وجر الشعب اللبناني إلى ما هو أسوأ مما يعيشه اليوم».

وكان «التيار الوطني الحر» بدوره استبق الجلسة منتقداً انعقادها، وقالت الهيئة السياسية في التيار في بيان، إثر اجتماعها الدوري برئاسة النائب جبران باسيل، إن «رئيس حكومة تصريف الأعمال والفريق السياسي الداعم له يتحملون مسؤولية الإمعان في انتهاك توازنات الميثاق الوطني والمخالفة الصريحة للدستور بسبب الإصرار على عقد جلسات لمجلس الوزراء تستبيح الشراكة الميثاقية وتتخطى حدود تصريف الأعمال وتهدم ما تبقى من بنيان مؤسسات الدولة»، متوقفة عند ما وصفته بـ«وقاحة إصدار حكومة تصريف الأعمال المستقيلة والمنقوصة ما يزيد على 627 مرسوماً معظمها لا طارئ ولا حتى ضروري».


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يلوّح باستهداف منصات الغاز في إسرائيل خلال «الحرب الشاملة»

المشرق العربي صورة سبق أن وزَّعها إعلام «حزب الله» لباخرة الحفر «إنرغين» قرب حقل «كاريش» بين لبنان وإسرائيل (أ.ف.ب)

«حزب الله» يلوّح باستهداف منصات الغاز في إسرائيل خلال «الحرب الشاملة»

عاد «حزب الله» ليهدد باستهداف حقول الغاز في إسرائيل في حال قررت الأخيرة توسعة الحرب على لبنان، بعدما بلغت الضغوط والتهديدات من قبل الطرفين مراحل غير مسبوقة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي صندوق النقد الدولي بدأ منذ هذا العام بحجب التوقعات والبيانات المالية الخاصة بلبنان (رويترز)

لبنان مهدد بالانتقال إلى القائمة «الرمادية» لغسل الأموال في الخريف

عزّزت ظاهرة حجب البيانات المالية الخاصة بلبنان من قبل المؤسسات المالية العالمية ووكالات التصنيف الائتماني الدولية منسوب الريبة من سياسة عدم الاكتراث الحكومية.

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد في جنوب لبنان إثر قصف إسرائيلي استهدف المنطقة (رويترز)

إسرائيل تتوعّد بتغيير الواقع الأمني عند الحدود... و«حزب الله» مستعد للمواجهة

يواصل المسؤولون الإسرائيليون تهديداتهم، متوعدين «بتغيير الواقع الأمني على الجبهة الشمالية»، وفق الجنرال أوري غوردين، الذي قال: «إن الهجوم سيكون حاسماً وقاطعاً».

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي قائد الجيش العماد جوزاف عون (مديرية التوجيه)

باسيل يسعى لإسناد قيادة الجيش اللبناني بالوكالة للواء صعب

يسعى رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لإسناد قيادة الجيش اللبناني بالوكالة للواء بيار صعب مستبقاً التمديد للعماد جوزاف عون.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل (رويترز)

باسيل متردد بفصل نواب خشية تضعضع داخلي في «التيار»

لم يحسم رئيس «التيار الوطني الحر» قراره بشأن فصل النائب آلان عون محاولاً أن يستوعب استباقياً أي ردود فعل ستؤدي لتقلص إضافي بعدد نواب التكتل.

بولا أسطيح (بيروت)

لبنان يندد بالهجمات على المدنيين ويدعو لوقف الأعمال العدائية

دخان يتصاعد بعد غارة إسرائيلية على حولا جنوب لبنان (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد بعد غارة إسرائيلية على حولا جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

لبنان يندد بالهجمات على المدنيين ويدعو لوقف الأعمال العدائية

دخان يتصاعد بعد غارة إسرائيلية على حولا جنوب لبنان (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد بعد غارة إسرائيلية على حولا جنوب لبنان (أ.ف.ب)

نددت الحكومة اللبنانية في بيان، اليوم السبت، بالهجمات على المدنيين، ودعت إلى وقف الأعمال العدائية على جميع الجبهات.

وجاء بيان الحكومة بعد مقتل عشرة أشخاص في هجوم صاروخي على قرية في هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل. واتهم الجيش الإسرائيلي «حزب الله» بتنفيذ الهجوم، لكن الجماعة نفت ضلوعها فيه.

وشددت الحكومة في البيان على أن «استهداف المدنيين يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي ويتعارض مع مبادئ الإنسانية».