مصر: جهود حكومية لتوفير السلع قبل «الأضحى» لمواجهة الغلاء

مد مبادرة «كلنا واحد» برعاية السيسي لمدة شهرين

منافذ بيع السلع الغذائية تنتشر في المحافظات المصرية  (الشرق الأوسط)
منافذ بيع السلع الغذائية تنتشر في المحافظات المصرية (الشرق الأوسط)
TT

مصر: جهود حكومية لتوفير السلع قبل «الأضحى» لمواجهة الغلاء

منافذ بيع السلع الغذائية تنتشر في المحافظات المصرية  (الشرق الأوسط)
منافذ بيع السلع الغذائية تنتشر في المحافظات المصرية (الشرق الأوسط)

تتواصل الجهود الحكومية في مصر لتوفير السلع في الأسواق قبل عيد الأضحى لمواجهة الغلاء. وبينما جرى (مساء الخميس) مد مبادرة «كلنا واحد» برعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لمدة شهرين بمناسبة العيد، تُكثف الحكومة المصرية من منافذ السلع الغذائية، وسط تعهدات رسمية مستمرة بـ«ضبط الأسواق، وتوفير السلع بأسعار مخفضة ومناسبة للمواطنين». ويؤكد مسؤولون رسميون أن هذه الإجراءات الحكومية تأتي «استكمالاً لجهود مواجهة ارتفاع الأسعار، واستغلال بعض التجار للتلاعب بها في ظل تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية».

ووفق وزارة الداخلية المصرية فإن مبادرة «كلنا واحد» تستهدف «توفير كافة السلع الغذائية وغير الغذائية بأسعار مخفضة عن مثيلاتها بالأسواق بنسبة تصل إلى 60 في المائة، وذلك عبر منافذ وسرادقات منتشرة في الأحياء المصرية، بالإضافة إلى التنسيق مع عدد من السلاسل التجارية الكبرى المشاركة في المبادرة، بإجمالي 1211 فرعاً على مستوى المحافظات المصرية، وكذا إطلاق قوافل سيارات مجهزة بعدد 5 سيارات لكل قافلة، لطرح السلع الغذائية بالمناطق الأكثر احتياجاً بنطاق محافظات (القاهرة، والجيزة، والقليوبية)».

«الداخلية المصرية» قالت في إفادة لها (مساء الخميس) إنها «تواصل الدفع بسيارات منظومة (أمان) التابعة للوزارة محملة بعبوات تضم سلعاً غذائية جرى إعدادها بجودة عالية، بهدف طرحها للمواطنين بأسعار مخفضة عن مثيلاتها بالأسواق بنسبة تصل إلى 50 في المائة». وتؤكد أن ذلك يأتي «استمراراً لتنفيذ توجيهات القيادة السياسية، لاتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لدعم منظومة الحماية الاجتماعية للمواطنين، واستمراراً لجهود أجهزة وزارة الداخلية في المساهمة في تخفيف الأعباء عن كاهل الأسر المصرية».

سمن وزيت ودقيق على الأرفف في أحد محال البقالة بالقاهرة (رويترز)

وفي وقت سابق، أشارت وزارة التنمية المحلية المصرية إلى أن «مبادرة (سند الخير) التي أطلقتها الوزارة في مارس (آذار) عام 2022 حققت نجاحاً كبيراً في تخفيف العبء عن المواطن البسيط، من خلال توفير السلع الغذائية الأساسية بأسعار مخفضة تقل عن مثيلاتها بالأسواق وبجودة عالية، ما أسهم في خلق مزيد من الاتزان داخل الأسواق بالمحافظات المصرية. وتؤكد «التنمية المحلية» أن مبادرة «(سند الخير) تشهد إقبالاً كبيراً من المواطنين، ووصلت نسب التخفيضات فيها على السلع إلى 25 في المائة».

وذكر وزير الزراعة واستصلاح الأراضي المصري، السيد القصير، نهاية مايو (أيار) الماضي، أن «وزارته تمتلك 171 منفذاً ثابتاً لبيع السلع الغذائية على مستوى المحافظات المصرية، و21 منفذاً متحركاً». ولفت إلى أنه «تجري متابعة هذه المنافذ بشكل مستمر لضمان توافر السلع وتنوعها»، موضحاً «اهتمام الحكومة بزيادة الإفراجات الجمركية لتوفير الأعلاف».

ووفق إفادة لـ«مجلس الوزراء المصري» (الجمعة) فقد أكد الوزير القصير أنه «جرى الإفراج عن 205 آلاف طن من الذرة وفول الصويا بنحو 100 مليون دولار خلال الفترة من 2 إلى 8 يونيو (حزيران) الحالي، بزيادة قدرها 49 ألف طن على الأسبوع الماضي».

وتشير الحكومة المصرية إلى «توافر مخزون استراتيجي (آمن) من السلع الأساسية يكفي عدة أشهر مقبلة»، وأنه «يجري شن حملات تفتيش دورية على كافة الأسواق، لمنع أي ممارسات احتكارية أو تلاعب بالأسعار».


مقالات ذات صلة

الحكومة المصرية تغلظ عقوبات «سرقة الكهرباء»

العالم العربي اجتماع مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)

الحكومة المصرية تغلظ عقوبات «سرقة الكهرباء»

وافق مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، برئاسة مصطفى مدبولي، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الكهرباء الصادر عام 2015، بهدف تغليظ عقوبات سرقة الكهرباء.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مدبولي يرأس جلسة فكرية مع متخصصين لمناقشة ملفات على الساحتين الخارجية والداخلية (مجلس الوزراء المصري)

الحكومة المصرية توسّع مشاوراتها في مواجهة تحديات داخلية وخارجية

وسّعت الحكومة المصرية مشاوراتها مع سياسيين وخبراء متخصصين في مجالات عدة، بشأن مقترحات للحد من تبعات التطورات الجيوسياسية على البلاد.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس الوزراء المصري يترأس اجتماع اللجنة العليا لضبط الأسواق وأسعار السلع (مجلس الوزراء المصري)

إجراءات حكومية مصرية لمواجهة «الغلاء» بعد زيادة أسعار الوقود

سعياً لضبط حركة الأسواق ومواجهة الغلاء، اتخذت الحكومة المصرية إجراءات تستهدف ضمان «توافر السلع الأساسية بأسعار مناسبة للمواطنين»، بمختلف المحافظات.

أحمد إمبابي (القاهرة)
الاقتصاد المنظومة التموينية في مصر تتضمّن توزيع السلع الأساسية بأسعار مدعمة (محافظة المنيا)

مصر لتغيير جذريّ في منظومة «دعم» المواطنين

تعتزم الحكومة المصرية إجراء تعديلات جذرية على نظام الدعم المقدّم إلى مواطنيها، يتضمّن التحول من نظام «الدعم العيني» إلى «النقدي» أو «الدعم النقدي المشروط».

محمد عجم (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي متوسطاً رشاد وكامل بعد اداء رئيس المخابرات الجديد اليمين (الرئاسة المصرية)

تعيين رشاد رئيساً جديداً للمخابرات العامة في مصر

أعلنت الرئاسة المصرية، أمس، تعيين حسن محمود رشاد، رئيساً جديداً لجهاز المخابرات العامة، خلفاً للواء عباس كامل الذي تولى رئاسته منذ 2018. وأدى رشاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
TT

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)

أصبح خبر مقتل أطفال في لبنان بشكل يومي في غارات تنفذها إسرائيل بحجة أنها تستهدف عناصر ومقرات وأماكن وجود «حزب الله»، خبراً عادياً يمر مرور الكرام، حتى بعد تحذير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) من أن أكثر من ثلاثة أطفال يقتلون يومياً، ومن أن أكثر من 200 طفل قُتلوا في لبنان، في غضون شهرين نتيجة الحرب المستمرة منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.

وتتعاطى إسرائيل مع مقتل الأطفال والمدنيين على أنه «خسائر جانبية»، فتراها في حال حصلت على معلومات عن وجود شخصية معينة من «حزب الله»، في مبنى معين، تُقدم على نسف المبنى كله، غير آبهة بالمدنيين والأطفال الموجودين فيه.

اضطرابات نفسية

وفي مواقف أدلى بها مؤخراً، استهجن المتحدث باسم «اليونيسف»، جيمس إلدر، من أنه «رغم مقتل أكثر من 200 طفل في لبنان في أقل من شهرين، فإن اتجاهاً مقلقاً يبرز ويظهر أنه يجري التعامل دون مبالاة مع هذه الوفيات من جانب هؤلاء القادرين على وقف هذا العنف».

وبحسب المنظمة الدولية فإن «مئات الآلاف من الأطفال أصبحوا بلا مأوى في لبنان، كما أن علامات الاضطراب النفسي أصبحت مقلقة وواضحة بشكل متزايد».

وتشير الدكتورة باسكال مراد، اختصاصية علم النفس والاجتماع، إلى أن «مغادرة مئات الآلاف من الأطفال منازلهم، وتهجير وتشريد قسم كبير منهم؛ يجعلهم يفتقدون للأمان. كما أن فقدانهم أفراداً من عائلاتهم أمام أعينهم، ومعايشتهم الخطر والدمار والقتل اليومي؛ يترك لا شك تداعيات نفسية كبيرة عليهم يفترض الالتفات لمعالجتها بأقرب وقت».

رجل يخلي طفله من مكان قريب من موقع استهداف إسرائيلي لمنطقة رأس النبع في بيروت (رويترز)

وتشدد باسكال مراد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «من أبرز التحديات عند الأطفال راهناً هي تعليمهم كيفية إدارة انفعالاتهم الصعبة، مثل الخوف والقلق والغضب. فهذه الإدارة إذا لم تتحقق، فسيعاني الأطفال في المستقبل من مشاكل نفسية إذا لم تعالج الصدمات التي يعايشونها»، لافتة إلى أنه «لا يجب أن ننسى أيضاً الآثار الصحية للحرب على الأطفال، خصوصاً التلوث الناتج عن التفجيرات والأسلحة المستعملة، إضافة إلى أنهم سيكونون أكثر عرضة للأمراض والفيروسات في مراكز الإيواء».

ويعاني آلاف النازحين الموجودون في مراكز الإيواء، والعدد الأكبر منهم من الأطفال، من البرد وغياب مستلزمات التدفئة مع حلول فصل الشتاء، كما يفتقرون للملابس الملائمة بعد هربهم من منازلهم من دون التمكن من جمع أغراضهم.

التعليم بطعم الحرب

كما أنه رغم الخطة التي وضعتها وزارة التربية بدعم من «اليونيسف» لإعادة نحو 387 ألف طفل في لبنان تدريجياً إلى 326 مدرسة رسمية، لم يتم استخدامها لإيواء النازحين ابتداء من مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، فإن العام الدراسي لا يسير بشكل طبيعي عند كل طلاب لبنان، بحيث يدرس قسم كبير منهم على وقع الغارات وخرق الطيران الإسرائيلي لجدار الصوت في كل المحافظات كما يجري التدريس على وقع هدير الطائرات المسيرة التي تملأ الأجواء اللبنانية.

وتقول إحدى معلمات صفوف الروضة في مدرسة تقع بمنطقة الحازمية المتاخمة للضاحية الجنوبية لبيروت، التي تتعرض لقصف دائم: «نقول للأطفال إن دوي الانفجارات هو صوت رعد نتيجة حلول فصل الشتاء، ونعمد لوضع أغانٍ تهدئ من روعهم. القسم الأكبر منهم اعتاد الوضع، في حين بعضهم الآخر يجهش بالبكاء كل مرة».

وتشير المعلمة الأربعينية في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «المشكلة الأكبر نواجهها مع الأهالي الذين يتهافتون عند كل غارة لسحب أبنائهم من الصفوف، ما يجعل الوضع التعليمي غير طبيعي على الإطلاق».

وتشدد الناشطة السياسية والدكتورة في علم النفس بالجامعة اللبنانية في بيروت، منى فياض، على أنه «أياً كانت الظروف، لا يمكن وقف التعليم ويفترض على وزارة التربية أن تؤمن التعليم للجميع حتى ولو في خيم».

وعدّت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض التلاميذ الذين لا يستطيعون التوجه إلى المدرسة نتيجة الحرب لا شك سيتأثرون نفسياً إذا رأوا تلاميذ آخرين يداومون بشكل يومي، لكن هذه التأثيرات محصورة بأعمار كبيرة معينة بحيث سيشعر هؤلاء بعقدة نقص وإهمال، وانعدام العناية، لكن الخطورة الحقيقية هي على مستقبل الأجيال، ففي العالم العربي نحو 75 مليون أمّي نتيجة الحروب واللجوء، وكل حرب جديدة ترفع الأعداد مئات الآلاف. من هنا الخطورة على مستقبل العالم العربي ومستقبل لبنان الذي كانت لديه نسبة كبيرة من المتعلمين منتشرة في كل أنحاء العالم بمستويات وخبرات ممتازة».

أطفال فروا من القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان يحضرون ورشة رسم داخل أحد مراكز الإيواء في بيروت (أ.ف.ب)

وتتحدث منى فياض عن «خشية حقيقية من أن يؤدي التسرب المدرسي إلى الانحراف»، مشددة على وجوب القيام بـ«حملات على المؤثرين للضغط والتصدي لسيناريو مثل هذا، وتأمين التعليم للجميع أياً كانت الظروف القائمة».