فرنجية يعلن ترشحه رسمياً للرئاسة اللبنانية: لا مشكلة للاتفاق على مرشح وطني وجامع

أحيا ذكرى اغتيال عائلته في «مجزرة إهدن»: آنذاك جاؤوا وكنا نياماً أما اليوم فنحن واعون

فرنجية متحدثاً في ذكرى مجزرة إهدن (الشرق الأوسط)
فرنجية متحدثاً في ذكرى مجزرة إهدن (الشرق الأوسط)
TT

فرنجية يعلن ترشحه رسمياً للرئاسة اللبنانية: لا مشكلة للاتفاق على مرشح وطني وجامع

فرنجية متحدثاً في ذكرى مجزرة إهدن (الشرق الأوسط)
فرنجية متحدثاً في ذكرى مجزرة إهدن (الشرق الأوسط)

أعلن رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية ترشحه رسمياً لرئاسة الجمهورية اللبنانية، شانّاً هجوماً على معارضيه، ومعلناً في الوقت نفسه أنه لم يفرض نفسه على أحد، و«لا مشكلة لدينا من الاتفاق على مرشح وطني وجامع».

كلام فرنجية جاء في قداس واحتفال أقامه «تيار المردة» بمناسبة الذكرى السنوية الـ45 لاغتيال والده ووالدته وشقيقته في «مجزرة إهدن» التي اتهم بها رئيس «حزب القوات اللبنانية» الحالي سمير جعجع، وفي ظل احتدام المعركة الرئاسية بين الفرقاء السياسيين في لبنان، حيث الانقسام على أشده بين المعارضة، التي تؤيد الوزير السابق جهاد أزعور، وبين فرنجية المدعوم من «الثنائي الشيعي» (حزب الله، وحركة أمل). وهذه المرة الأولى، منذ سنوات، التي يحيي فرنجية ذكرى اغتيال عائلته في احتفال شعبي، ما رأى فيه البعض رسالة سياسية بأبعاد مختلفة، أهمها الرد على من يتّهمه بأنه لا يملك تمثيلاً شعبياً، وأعلن خلاله رسمياً ترشحه للانتخابات الرئاسية.

واعتبر رئيس «تيار المردة» أن «الظروف التي نمر فيها الآن تشبه كثيراً ظروف مجزرة إهدن، التي دفع ثمنها المسيحيون وكل لبنان»، مؤكداً: «لن نسمح أن نتعرض لـ13 حزيران بـ14 حزيران»، في إشارة إلى مجزرة إهدن التي وقعت في 13 يونيو (حزيران) عام 1978، وإلى جلسة انتخاب الرئيس المحددة في 14 يونيو المقبل.

وأضاف فرنجية: «في 13 حزيران جاؤوا، وكنا نياماً، أما اليوم فنحن واعون. وما حدث في ذلك الوقت لن يكون في 14 حزيران»، مؤكداً: «نحن أبناء بيت سياسي عمره 100 سنة، ومحبة الناس هي سبب استمرارنا، ولا أحد يستطيع أن يزايد علينا، لا بمسيحيتنا، ولا بوطنيتنا، ولا بعروبتنا».

المصالحة الشمالية

ورأى أن «المصالحة الشمالية بعد الحرب مع رئيس الحكومة الراحل رشيد كرامي ضربت مشاريع التقسيم، ووحدت الشمال ولبنان، وهناك من اعتبر الرئيس فرنجية (جده الرئيس الراحل سليمان فرنجية) خارج القرار المسيحي، وكانت النتيجة مجزرة إهدن». وأضاف: «المصالحة ضربت كل مشاريع الإلغاء، وهذا الفكر عاد إلى الحياة، لأن الجو الدولي ليس لمصلحته، ولذلك يعمل على التحريض طائفياً ومذهبياً...».

«الوقت قد حان لطمأنة المسيحيين بأن شريكهم في الوطن لا يريد إلغاءهم، وأنا لا أخجل أنني أنتمي إلى مشروع سياسي، ولكن حلفائي وأصدقائي يعرفون أنني سأكون منفتحاً على كل العالم، في حال كنت رئيساً»

رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية

وتحدث فرنجية عن الانتخابات الرئاسية، قائلاً: «(13 حزيران) هذه السنة له طابع خاص، لأنّه مرتبط بظروف سياسيّة خاصة لها علاقة بالانتخابات الرئاسيّة»، ومذكراً بأن اسمه كان «مطروحاً للرئاسة في 2005 و2016».

أزعور وبارود

وتوجه إلى «التيار الوطني الحر» قائلاً: «تريدون مرشحاً من خارج المنظومة، ومرشحكم ابن المنظومة ووزير مالية الإبراء المستحيل». مضيفاً: «(التيار) طرح اسم الوزير السابق زياد بارود، ومن ثمّ عاد وطرح اسم جهاد أزعور، الذي ينتمي إلى المنظومة، التي يقول (التيار) إنه لا يريد رئيساً منها».

وتوجه بالسؤال كذلك إلى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بالقول: «أنتم ضد مرشح الممانعة، وهذا حقكم. لكنني أريد التذكير، في العام 2016 كانت الممانعة ضدي، و(القوات) حينها تحالف مع مرشح (الحزب) ضدّ سليمان فرنجية... تم تعطيل النصاب الذي كان لمصلحتي مراراً. المشكلة ليست مع (حزب الله)، بل مع أي مسيحي منفتح يمكن أن يأخذ البلد إلى الاعتدال».

ورأى أن «اتفاق (التيار) و(القوات) السابق كان لتقاسم الحصص على حساب الجمهورية، وبعدما تقاطعوا منذ سنوات، اليوم يتقاطعون مجدّداً عليّ، وعندما يتفقون يتفقون على السلبيّة والإلغاء»، مضيفاً: «من جرّب المجرّب كان عقله مخرّب».

ولقسم من نواب المعارضة والتغييريين، قال فرنجية: «ما تبريركم للشباب كونكم تتقاطعون اليوم مع من عملتم عليهم وعلى فسادهم ثورة. ما تفسيركم أنكم تلاقيتم مع النائب جبران باسيل على اسم المرشّح، وبعضكم جاء كردّة فعل، وليس كفعل».

ولفت في المقابل إلى أن علاقته ممتازة مع البطريرك الماروني بشارة الراعي، مشيراً إلى أن «فرنسا تعرف لبنان، وتُحاول إيجاد حلّ يشبه لبنان، والمبادرة الفرنسيّة مبادرة براغماتية».

ورغم اعتقاده أنه «من الصعب إنتاج رئيس في هذا الجو، وذاهبون نحو خنادق سياسية»، تحدث عن ترشحه اليوم للانتخابات، ومتعهداً بأمور عدة. وقال: «كان المطلوب أن يتم تصويري بأنني مرشح لفريق، قبل أن يتم ترشيحي من رئيس البرلمان نبيه بري، وأمين عام (حزب الله) حسن نصر الله».

ورأى أن «الوقت قد حان لطمأنة المسيحيين بأن شريكهم في الوطن لا يريد إلغاءهم، وأنا لا أخجل أنني أنتمي إلى مشروع سياسي، ولكن حلفائي وأصدقائي يعرفون أنني سأكون منفتحاً على كل العالم، في حال كنت رئيساً».

 

وأكد فرنجية رداً منه على المشككين بشعبيته المسيحية وانتقادهم ترشيحه من قبل «الثنائي الشيعي» بالقول: «أنا ماروني ومسيحي وعربي على (رأس السطح). أنا ملتزم بالإصلاحات وباتفاق الطائف وبمبدأ (اللامركزية الإدارية)، وفي قاموسي (لا تعطيل في الحياة السياسية)، والرئيس القوي لا يقول (ما خلونا)». في إشارة واضحة إلى المقولة التي لطالما ارتبطت بعهد رئيس الجمهورية السابق ميشال عون.

مع العلم أن العداوة بين «تيار المردة» الذي يرأسه فرنجية وحزب «القوات اللبنانية» الذي يرأسه جعجع، لم تنتهِ، وإن خفّت وطأتها، بالمصالحة التي عقدت بين الطرفين عام 2018 في بكركي، برعاية البطريرك الماروني بشارة الراعي، حيث لا تزال «مجزرة إهدن» راسخة في الذاكرة، وتحضر عند كل مفصل أو حدث سياسي، على غرار ما يحصل اليوم في المعركة الرئاسية.


مقالات ذات صلة

تحييد لبنان وحصرية السلاح يتصدران الحراك السياسي نهاية العام

المشرق العربي رئيس البرلمان نبيه بري مستقبلاً رئيس الحكومة نواف سلام (رئاسة البرلمان)

تحييد لبنان وحصرية السلاح يتصدران الحراك السياسي نهاية العام

تشهد الساعات الأخيرة من عام 2025 حراكاً سياسياً يتمحور بشكل أساسي حول تحييد لبنان جولة جديدة من الحرب واستكمال خطة حصرية السلاح.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الضابط المتقاعد من «الأمن العام اللبناني» أحمد شكر الذي خُطف من شرق لبنان (أرشيف العائلة - الشرق الأوسط)

أدلة جديدة تعزز فرضية خطف «الموساد» الضابط اللبناني المتقاعد أحمد شكر

يوماً بعد يوم، تتعزز الأدلة المستقاة من التحقيقات الأمنية والقضائية التي ترجّح خطف جهاز «الموساد» الإسرائيلي النقيب اللبناني المتقاعد أحمد شكر.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (أ.ف.ب)

رئيس الحكومة اللبنانية مدافعاً عن قانون الانتظام المالي: سيعيد أموال المودعين

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام أن مشروع القانون المتعلق بالانتظام المالي الذي أقره مجلس الوزراء سيدفع أموال المودعين من دون نقصان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس جوزيف عون مستقبلاً وفداً من قيادة الجيش بقيادة العماد رودولف هيكل (رئاسة الجمهورية)

عون: المؤسسات العسكرية والأمنية تشكل خط الدفاع الأول عن لبنان

أكد رئيس الجمهورية اللبنانية جوزيف عون أن المؤسسات العسكرية والأمنية تشكّل خط الدفاع الأول عن لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي وزيرا الطاقة المصري واللبناني أثناء توقيعهما مذكرة التفاهم (رئاسة الحكومة اللبنانية)

مذكرة تفاهم بين القاهرة وبيروت لتلبية احتياجات لبنان من الغاز الطبيعي

وقّع لبنان مذكرة تفاهم مع مصر لتلبية احتياجاته من الغاز الطبيعي المخصص لتوليد الطاقة الكهربائية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

تحييد لبنان وحصرية السلاح يتصدران الحراك السياسي نهاية العام

رئيس البرلمان نبيه بري مستقبلاً رئيس الحكومة نواف سلام (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري مستقبلاً رئيس الحكومة نواف سلام (رئاسة البرلمان)
TT

تحييد لبنان وحصرية السلاح يتصدران الحراك السياسي نهاية العام

رئيس البرلمان نبيه بري مستقبلاً رئيس الحكومة نواف سلام (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري مستقبلاً رئيس الحكومة نواف سلام (رئاسة البرلمان)

تشهد الساعات الأخيرة من عام 2025 في لبنان، حراكاً سياسياً يتمحور بشكل أساسي حول تحييد لبنان جولة جديدة من الحرب، واستكمال خطة حصرية السلاح التي يُفترض أن يبدأ الجيش اللبناني مرحلتها الثانية في بداية العام المقبل، وذلك في موازاة تقدم مشروع قانون الانتظام المالي الذي أقرته الحكومة، وأحالته إلى البرلمان للتصويت عليه، في ضوء الانتقادات التي تطلقها باتجاهه بعض الكتل النيابية والمصارف والمودعين.

ومشروع قانون الفجوة المالية كان حاضراً في اللقاءات السياسية التي عقدها رئيس الجهورية جوزيف عون في قصر بعبدا، وكذلك اجتماع بين رئيسي البرلمان نبيه بري والحكومة نواف سلام.

وأفاد بيان لرئاسة الجمهورية بأن عون استقبل النائب ملحم رياشي موفداً من رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وعرض معه الأوضاع العامة في البلاد والملفات السياسية عموماً وتلك العالقة منها خصوصاً.

وكذلك التقى عون رئيس «حركة الاستقلال» النائب ميشال معوض الذي قال إنه جرى البحث في «استكمال استعادة سيادة الدولة واحتكارها السلاح وتسليم «حزب الله» سلاحه انطلاقاً من المرحلة الثانية شمال الليطاني»، مضيفاً: «وبغض النظر عن أي اعتبارات وتطورات إقليمية ودولية، وعن كل ما حصل منذ حرب 7 أكتوبر (تشرين الأول) إلى اليوم، وكل الدمار والدم اللذين دفع ثمنهما اللبنانيون، مطلب تسليم السلاح واحتكاره من قبل الدولة هو بالأساس مطلب لبناني مزمن، ومن هذا المنطلق، نحيي الجهود التي يبذلها فخامة الرئيس، لتجنيب لبنان جولة ثانية من الحرب، وهو يقوم بكل الاتصالات الداخلية والخارجية، كي لا يحصل ذلك. ولكن على «حزب الله» أن يلاقيه في منتصف الطريق، ويسهل مهمته، ويتصالح مع لبنان واللبنانيين».

وعن قانون الفجوة المالية قال معوض: «المطلوب لنتمكن من الوصول إلى قانون عادل يرد الأموال إلى المودعين، أن يكون هناك تعاون بين السلطات، ولا نضع مجلس النواب في مواجهة الحكومة، ونعود إلى عملية التعطيل». وشدد على إجراء الانتخابات في موعدها، وفي الوقت نفسه، نصر على أن تمثل هذه الانتخابات الإرادة الفعلية لجميع اللبنانيين المقيمين والمغتربين، وكان فخامة الرئيس واضحاً في هذا الخصوص بتمسكه بهذا التمثيل، وحق اللبنانيين بالتصويت لنوابهم من مكان إقامتهم، وأشار إلى أنه أوصل رسالة إلى بري بهذا الخصوص.

وكذلك التقى عون النائب سجيع عطية الذي نقل عن الرئيس قوله حول قانون الفجوة المالية إن «مشروع القانون بات في المجلس النيابي، ولكم الحق في تعديله، وتحقيق انسجامه مع أموال المودعين وتعبهم في السنوات الماضية».

وفي موضوع الانتخابات النيابية المقبلة، نقل عطية عن عون تأكيده أن «الانتخابات ستتم في موعدها، وقد أوعز إلى السلطة التنفيذية لتقوم بمهامها»، وأضاف: «علماً أن لديّ وجهة نظر بأن الأمور لا تزال صعبة سواء في الجنوب أو غيره، وهناك احتمال بتأجيل تقني أو أكثر قليلاً، وهذا خاضع للنقاش في المجلس النيابي».

وزير الدفاع والسفير الأميركي

وكانت عملية حصرية السلاح وانتشار الجيش في الجنوب محوراً أساسياً في اللقاء بين وزير الدفاع ميشال منسى والسفير الأميركي لدى لبنان ميشال عيسى الذي أكد التزام بلاده بمواصلة دعم الدولة اللبنانية ومؤسساتها، لا سيّما المؤسسة العسكرية.

بدوره، شكر منسى الولايات المتحدة الأميركية على دعمها المتواصل للبنان والجيش اللبناني، كما جرى عرض للأوضاع في جنوب لبنان في ظل عمليّة انتشار الجيش اللبناني. وأكّد منسى في هذا الإطار أهمية دور لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية في دعم الاستقرار وتعزيز التنسيق، بما يسهم في تمكين الجيش اللبناني من أداء مهامه.


سكان يلملمون آثار الدمار غداة أعمال عنف في اللاذقية غرب سوريا

انتشار قوات الأمن السورية بعد اندلاع اشتباكات خلال احتجاجات في مدينة اللاذقية (إ.ب.أ)
انتشار قوات الأمن السورية بعد اندلاع اشتباكات خلال احتجاجات في مدينة اللاذقية (إ.ب.أ)
TT

سكان يلملمون آثار الدمار غداة أعمال عنف في اللاذقية غرب سوريا

انتشار قوات الأمن السورية بعد اندلاع اشتباكات خلال احتجاجات في مدينة اللاذقية (إ.ب.أ)
انتشار قوات الأمن السورية بعد اندلاع اشتباكات خلال احتجاجات في مدينة اللاذقية (إ.ب.أ)

يلملم سكان حي تقطنه غالبية من العلويين في اللاذقية غرب سوريا، شظايا الزجاج المتناثرة أمام واجهات محلاتهم المحطمة، بينما يتفقد آخرون سيارات أحرقت خلال أعمال عنف ليلية فاقمت مخاوفهم.

ومع عودة الحركة تدريجياً إلى المدينة الساحلية، خيَّم هدوء حذر على شوارعها، الثلاثاء، في حين فرضت السلطات حظر تجوّل ليلياً بداية من الخامسة عصراً وحتى صباح الأربعاء، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

يتفقّد الطبيب علي حسن (66 عاماً) سيارته التي حطّمتها مجموعة من الأشخاص اقتحموا حي الرمل الشمالي خلال الليل. ويقول الطبيب: «هاجموا الجميع، ودخلوا المحلات وكسروها، ولم يتركوا سيارة إلا خربوها». ويضيف: «نحن إخوة، ويجب ألا يفرقنا أحد... أناشد الجميع أن يعودوا لرشدهم».

في مدينة اللاذقية، انتشر عناصر الأمن والجيش بكثافة، بينما عادت حركة النقل متباطئة إلى الشوارع، وفتح التجار محلاتهم، وتوجه الطلاب إلى جامعاتهم في فترة تشهد امتحانات.

جاءت هجمات، الاثنين، غداة مقتل 3 أشخاص على الأقل جراء إطلاق نار في أثناء تظاهرات شارك فيها الآلاف في محافظة اللاذقية دعت إليها مرجعية علوية، احتجاجاً على انفجار استهدف مسجد الإمام علي بن أبي طالب في حي وادي الدهب في مدينة حمص.

وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن اثنين منهم قُتلا برصاص قوات الأمن.

في الوقت نفسه، قالت السلطات إن قوات الأمن عزّزت انتشارها في عدد من أحياء اللاذقية، بينما أعرب المتحدّث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا عن رفض السلطات «المطلق لأي أعمال تخريبية أو اعتداءات تمس كرامة المواطنين أو ممتلكاتهم». وأضاف أن السلطات سوف تتخذ «الإجراءات القانونية اللازمة» بحقّ مرتكبيها.

«تكسير وشتم»

يروي إياد (40 عاماً) أن سكان حي الرمال الشمالي، حيث يملك مطعماً، عاشوا ليلة من الرعب. ويقول بينما يتفقّد مطعمه: «عند الساعة الثامنة والنصف أمس، جاء علينا أشخاص يحملون سكاكين كبيرة، نحو أربعين أو خمسين شخصاً، وبدأوا بتكسير سيارات ومحلات وشتم العلويين».

ويضيف: «سيارتي تكسر زجاجها، وخرّبت إطاراتها، حالها كحال كل السيارات في الشارع»، مشيراً إلى أن قوات الأمن التي لم تتدخل في البداية، انتشرت بعد ذلك، و«منعت أي أحد من الدخول».

وتروي ربة المنزل انتصار عبود (60 عاماً) أن المهاجمين «كانوا يشتموننا ويشتمون العلويين»، مطالبة رئيس الجمهورية أحمد الشرع بأن «يفرض حواجز على مدخل الحي كي يحمينا، ويحمي أرزاقنا».

منذ الإطاحة بحكم بشار الأسد، يتعرض أبناء الطائفة العلوية التي يتحدر منها لهجمات متكررةّ، آخرها الهجوم على المسجد في حيّ علوي في حمص، الأسبوع الماضي، والذي أدى إلى مقتل 8 أشخاص وتبنّته جماعة تسمي نفسها «سرايا أنصار السنة».

وشهدت البلاد موجات من العنف الدموي على خلفيات طائفية في الساحل السوري معقل الطائفة، وفي السويداء ذات الغالبية الدرزية، عزّزت مخاوف الأقليات التي كان الأسد يقدم نفسه حامياً لها.

وقالت لجنة تحقيق وطنية إن ما لا يقل عن 1426 علوياً قُتلوا في أعمال العنف في مارس (آذار)، بينما قدر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عدد القتلى بأكثر من 1700.

ومن حي الرمل الشمالي، تقول منال (62 عاماً)، وهي صاحبة متجر اكتفت بذكر اسمها الأول خوفاً على سلامتها: «نتمنى أن تكون هذه الحادثة آخر حادثة في هذا البلد». وتضيف: «نحن كلنا إخوة ودم واحد... نحن كنا متفائلين، لكن هذه الحوادث الفردية جعلت تفاؤلنا يتراجع».


أدلة جديدة تعزز فرضية خطف «الموساد» الضابط اللبناني المتقاعد أحمد شكر

الضابط المتقاعد من «الأمن العام اللبناني» أحمد شكر الذي خُطف من شرق لبنان (أرشيف العائلة - الشرق الأوسط)
الضابط المتقاعد من «الأمن العام اللبناني» أحمد شكر الذي خُطف من شرق لبنان (أرشيف العائلة - الشرق الأوسط)
TT

أدلة جديدة تعزز فرضية خطف «الموساد» الضابط اللبناني المتقاعد أحمد شكر

الضابط المتقاعد من «الأمن العام اللبناني» أحمد شكر الذي خُطف من شرق لبنان (أرشيف العائلة - الشرق الأوسط)
الضابط المتقاعد من «الأمن العام اللبناني» أحمد شكر الذي خُطف من شرق لبنان (أرشيف العائلة - الشرق الأوسط)

يوماً بعد يوم، تتعزز الأدلة المستقاة من التحقيقات الأمنية والقضائية التي ترجّح تورط جهاز الموساد الإسرائيلي في عملية استدراج وخطف النقيب في الأمن العام اللبناني المتقاعد أحمد شكر، الذي فُقد أثره قبل نحو أسبوعين في ظروف غامضة. ومع تقدم التحقيقات التي تقودها شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، تتكشف معطيات نوعية تضع القضية في خانة العمليات الاستخباراتية المنظمة.

تجاوز مرحلة الشبهات الأولية

ولم تفضِ عمليات البحث عن أي أثر للنقيب شكر على الأراضي اللبنانية أقلّه حتى الآن، وقال مصدر قضائي لبناني بارز لـ«الشرق الأوسط»: «كل الأدلة والمعطيات التي تم جمعها حتى الآن ترجّح الفرضية الأمنية لاختطاف شكر»، مؤكداً، لـ«الشرق الأوسط»، أن التحقيقات «تجاوزت مرحلة الشبهات الأولية، ودخلت في تحليل معمق لمسار الاستدراج، وحركة الاتصالات، والوقائع الميدانية التي سبقت لحظة الاختفاء وتلتها»، علماً أن المعلومات تشير إلى أن عملية اختطافه ترتبط بالاشتباه بعلاقته بملف اختفاء الطيار الإسرائيلي رون آراد في جنوب لبنان عام 1986.

أبرز الخيوط

أبرز الخيوط التي عززت هذه الفرضية، وفق تعبير المصدر القضائي، تمثل في «رصد دقيق لحركة الاتصالات الداخلية والخارجية التي جرت مع شكر خلال الساعات والأيام التي سبقت استدراجه إلى منطقة الكرك القريبة من مدينة زحلة في البقاع، حيث اختفى هناك في ظروف لا تزال قيد التحقيق»، مشيراً إلى أن «المعطيات أظهرت نمطاً غير اعتيادي، يوحي بوجود تنسيق محكم وعابر للحدود».

عبد السلام شكر شقيق المخطوف أحمد شكر يتحدث لـ«الشرق الأوسط» من بلدة النبي شيت (الشرق الأوسط)

وشكر هو من عائلة الرجل الثاني في «حزب الله» فؤاد شكر الذي سبق أن اغتالته إسرائيل في 30 يوليو (تموز) 2024 في غارة جوية على مبنى في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت.

لكن كان عبد السلام، شقيق حسن، رفض ربط العائلة بنسب إلى فؤاد شكر، بالقول: «لم يكن أحد من أبناء البلدة يعرف فؤاد شكر أصلاً... منذ مطلع الثمانينات خرج من البلدة ولم يعد إليها، وكان بعيداً عن أقربائه»، مشدداً على أن شقيقه، ومنذ تقاعده من الخدمة العسكرية، «لم يخرج خارج البقاع. التزم بيته، ويلعب الورق مع أصدقائه ليلاً».

تخطيط مسبق ومحكم

وفي تطور بالغ الدلالة، كشف المصدر عن دليل وُصف بـ«المهم» تمثّل في تسجيلات كاميرات المراقبة، مضيفاً أن «كاميرات المراقبة التقطت صورة سيارة في منطقة الكرك، في التوقيت الذي جرى فيه استدراج شكر واختفاؤه، والسيارة نفسها شوهدت في الليلة ذاتها متجهة من بيروت إلى طريق مطار بيروت الدولي، وكانت تقلّ شخصاً سويدياً يُشتبه في مشاركته المباشرة بعملية الاستدراج والخطف».

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ تحققت الأجهزة الأمنية من مسار الرحلة التي غادر عبرها الشخص السويدي الأراضي اللبنانية، وأوضح المصدر القضائي أن الرجل «سافر إلى الخارج بعد ساعات قليلة من الحادثة، وبات لدى المحققين المعلومات الكافية عن الرحلة التي غادر عبرها ووجهته، وهذا مؤشر إضافي على وجود تخطيط مسبق ومحكم، يتجاوز قدرة شبكات محلية تقليدية».

معطى جديد

ويبدو أن عملية اختطاف أحمد شكر باتت واحداً من أخطر الملفات الأمنية في لبنان، لما تحمله من أبعاد استخباراتية وأسئلة كبرى حول الاختراقات الأمنية، وحدود المواجهة الخفية بين لبنان وإسرائيل. وبالتوازي، برز معطى جديد أعاد تسليط الضوء على اسم اللبناني ع. م. المقيم في كنشاسا، والذي سبق له التواصل مع شكر، وطلب منه مساعدة أشخاص قال إنهم يرغبون في شراء عقار في منطقة البقاع، وكان هذا التواصل وسيلة أساسية للاستدراج، حيث عاد م. من الخارج وسلّم نفسه للأجهزة الأمنية.

وتضاربت الروايات حول سبب عودة م. إلى بيروت، بعد أن كان قد صدر بحقه بلاغ بحث وتحرٍّ للاشتباه بدور محتمل له في القضية. ففي حين ترددت معلومات عن «تعرضه لضغوط من الجالية اللبنانية في الخارج لدفعه إلى العودة وتسليم نفسه»، أوضحت مصادر مواكبة للتحقيق أن م. قدّم رواية مختلفة تماماً. وأكدت هذه المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الأخير أعلن أنه «وقع أيضاً ضحية المجموعة نفسها التي أوقعت بأحمد شكر وخطفته، وأنه حضر إلى لبنان بملء إرادته بهدف تبرئة نفسه ووضع ما لديه من معطيات بتصرف الأجهزة الأمنية».

وفق المعلومات الأمنية، وصل م. مساء الأحد إلى بيروت، حيث خضع لتحقيق أولي لدى جهاز الأمن العام، قبل أن يسلّمه الأخير إلى شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، بإشارة من النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار، الذي يشرف شخصياً على مجريات التحقيق نظراً لحساسية القضية وتشعباتها.

انتهاء التحقيق خلال أيام

وأكدت المصادر أن التحقيق الأولي مع م. «يُفترض أن يُستكمل خلال مهلة أقصاها ثلاثة أيام، على أن يُعلن بعدها عن النتائج التي خلصت إليها التحقيقات، وما إذا كانت روايته ستتطابق مع المعطيات التقنية والأدلة المتوافرة لدى الأجهزة».

الطيار الإسرائيلي رون آراد الذي فُقد عام 1986 في جنوب لبنان (سلاح الجو الإسرائيلي)

وبعدما كانت قد كشفت مصادر «الشرق الأوسط» أن الضابط المفقود هو شقيق حسن شكر الذي كان مقاتلاً ضمن المجموعة التي شاركت في أسر الطيار الإسرائيلي رون آراد إثر إسقاط طائرته في جنوب لبنان في 16 أكتوبر (تشرين الأول) 1986، قال شقيقه: «حسن دخل الخدمة العسكرية في 1979، ما يعني أنه كان (ابن دولة) حين اختفى آراد في عام 1986... ومن المعروف أن ابن الدولة لا يتعاطى الأحزاب».