القاهرة تبدأ مشاورات مع الفصائل... و«التهدئة» و«دعم غزة» على الطاولة

تنطلق بـ«الجهاد» و«حماس» وتشمل لاحقاً أطرافاً أخرى

غارة إسرائيلية على غزة في 12 مايو الماضي (رويترز)
غارة إسرائيلية على غزة في 12 مايو الماضي (رويترز)
TT

القاهرة تبدأ مشاورات مع الفصائل... و«التهدئة» و«دعم غزة» على الطاولة

غارة إسرائيلية على غزة في 12 مايو الماضي (رويترز)
غارة إسرائيلية على غزة في 12 مايو الماضي (رويترز)

تستعدّ القاهرة لاستقبال عدد من قادة الفصائل الفلسطينية، خلال الأيام المقبلة، لإجراء مشاورات مع مسؤولين أمنيين مصريين؛ بهدف تثبيت التهدئة في قطاع غزة، في حين تحدثت مصادر ومراقبون مصريون وفلسطينيون عن «جدول أعمال واسع ومتعدد البنود» لمشاورات الفصائل في القاهرة، لكنها جميعاً تتركز على الجهود المصرية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني، على المستويين الأمني والاقتصادي.

وقال مصدر مصري مطّلع، لـ«الشرق الأوسط»، اشترط عدم نشر هويته، إن وفداً كبيراً من حركة «الجهاد الإسلامي» وصل إلى القاهرة، الخميس؛ لبدء المشاورات، وأن الوفد، برئاسة زياد نخالة، القادم من خارج القطاع، ليترأس وفدها، في حين سيصل وفد حركة «حماس»، برئاسة إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي للحركة، خلال ساعات.

كان المكتب الإعلامي لحركة «الجهاد» قد صرح، في بيان، أن وفداً من الحركة يضم أعضاء في المكتب السياسي، وعدداً من القيادات، غادر، ظهر الخميس، إلى القاهرة، من دون تقديم تفاصيل إضافية.

وأكد المصدر المصري أن القاهرة ستركز، في هذه المشاورات، على الملف الأمني، وأنها تسعى إلى تأكيد أن «التهدئة الراهنة غير مستقرة»، وأن اندلاع مواجهات مسلَّحة «يمكن أن يحدث في أي وقت، في ضوء تركيبة الحكومة الإسرائيلية الحالية».

وتأتي جولة المشاورات الحالية لفصائل قطاع غزة، بعد يومين فقط من اختتام رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية زيارة رسمية إلى القاهرة استمرت 3 أيام، على رأس وفد وزاري ضم 9 وزراء، التقى فيها نظيره المصري مصطفى مدبولي وعدداً من المسؤولين المصريين، وجرى بحث تعزيز العلاقات الثنائية.

وأوضح المصدر أن المشاورات، التي تُجريها القاهرة، بدأت، بالفعل، خلال زيارة أشتية، الذي يشغل منصب عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، حيث التقى مسؤولين أمنيين بارزين في مصر، وجرى بحث جهود مصر للحفاظ على التهدئة في الأراضي المحتلّة، والاتصالات التي تُجريها القاهرة مع مختلف الأطراف لمواجهة انزلاق الأوضاع إلى مواجهات مفتوحة في قطاع غزة، كما جرى التطرق إلى مجموعة من الأفكار المرتبطة بتحقيق التوافق الوطني الفلسطيني، وسبل تخفيف معاناة المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وتوقَّع المصدر أن تشمل المشاورات عدداً أكبر من الفصائل الفلسطينية، خلال الآونة المقبلة، حيث من المنتظر أن توجّه الدعوة كذلك إلى «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» (القيادة العامة)، و«الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين».

وكانت مصر قد استضافت، في فبراير (شباط) الماضي، جولة موسَّعة من المشاورات شاركت فيها قيادات حركتي «حماس»، و«الجهاد»، وركّزت على ضبط الأمن في قطاع غزة، وعدم انسياق الفصائل الفلسطينية وراء الاستفزازات الإسرائيلية.

واعتبر الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، أن حضور وفد كبير من حركة «الجهاد» للتشاور مع المسؤولين المصريين «يعكس جدّية الطرح المصري، والثقة، من جانب الحركة، بما تقدمه مصر لدعم صمود الشعب الفلسطيني».

وشدَّد فهمي، في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، على أن نجاح القاهرة في وقف الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة في كل مرة نشب فيها الصراع، «يعزز ثقة الفصائل الفلسطينية في أن القاهرة هي الطرف الوحيد في الإقليم القادر على توفير مظلة الأمان للمواطنين الفلسطينيين، وخاصة في قطاع غزة، في ظل ممارسات غير مسؤولة من حكومة متشددة لا تتجاوب مع الجهود الإقليمية والدولية، وتلجأ إلى التصعيد المستمر».

ولفت إلى أن جانباً من الجهود، التي ستبذلها القاهرة، خلال المشاورات الحالية، يتعلق بتقريب وجهات النظر بين حركتي «الجهاد» و«حماس»، خصوصاً في ظل بعض الانتقادات التي خرجت من جانب عناصر في «الجهاد» لعدم مشاركة «حماس» في المواجهتين الأخيرتين ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي.

واستبعد فهمي أن تتطرق المشاورات الحالية إلى ملف المصالحة الفلسطينية، أو ملف صفقات بشأن تبادل الأسرى، معتبراً أن هذين الملفّين «يتطلبان توفير أجواء من الثقة، سواء بين الأطراف الفلسطينية أو بين السلطات الإسرائيلية»، وهو «ما لا يتوافر حالياً»، على حد تعبيره.

وحول دلالة استضافة القاهرة مشاورات الفصائل، بعد يومين من زيارة لرئيس الوزراء الفلسطيني، اعتبر فهمي ذلك «رسالة بليغة» من القاهرة تؤكد انفتاحها على مختلف الأطراف الفلسطينية؛ من السلطة والفصائل، وأن دعمها للقضية الفلسطينية يشمل جميع الأطراف، كما اعتبر الأمر رسالة لأطراف إقليمية لم يُسمِّها، لكنه وصفها بأنها «تريد العبث في الملف الفلسطيني»، وتؤكد قدرة مصر على التواصل، واحتواء جميع الأطراف الفلسطينية دون تفرقة.

وقال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، القيادي بحركة «فتح»، إن جولة المشاورات الجديدة للفصائل الفلسطينية في القاهرة «ربما تحمل ما هو أبعد من الملف الأمني».

وأوضح الرقب، لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك أفكاراً بدأت تطفو على السطح حول وجود طرح بتشكيل حكومة (تكنوقراط) فلسطينية مؤقتة لمدة عام، تتولى الإشراف على إجراء الانتخابات الفلسطينية البرلمانية والرئاسية في الضفة وقطاع غزة، وأن الأمر يحظى بدعم إقليمي، ويمكن، في حال بلورته، التوافق على آليات إجرائية لتنفيذه على الأرض، بحيث تتولى الحكومة اتخاذ كل الترتيبات لإجراء الانتخابات، وإزالة مظاهر الانقسام، وبعدها يمكن الانطلاق نحو استكمال بقية إجراءات المصالحة الوطنية».

يُذكَر أن مصر توسطت للتوصل إلى وقف إطلاق نار في قطاع غزة، في 12 مايو (أيار) الماضي، بعد عدة أيام من المواجهات بين حركة «الجهاد» وجيش الاحتلال الإسرائيلي، عقب اغتيال الأخير 5 من قادة الحركة. ونصّ الاتفاق على «الالتزام بوقف إطلاق النار، الذي يشمل وقف استهداف المدنيين وهدم البيوت، ووقف استهداف الأفراد».


مقالات ذات صلة

مقتل 4 وإصابة 6 جراء غارات إسرائيلية على غزة

المشرق العربي المباني المدمرة في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle

مقتل 4 وإصابة 6 جراء غارات إسرائيلية على غزة

أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة مقتل 4 أشخاص وإصابة 6 آخرين جراء استهداف الجيش الإسرائيلي لمناطق متعددة بالقطاع الأحد

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي شاحنة مساعدات متجهة إلى قطاع غزة عند معبر كرم أبو سالم (رويترز) play-circle

إسرائيل تعلِّق دخول المساعدات إلى غزة... و«حماس» تندِّد بـ«ابتزاز رخيص»

أعلنت إسرائيل، الأحد، تعليق دخول السلع والإمدادات إلى قطاع غزة، محذرة من «عواقب أخرى» على حركة «حماس» إذا لم تقبل بمقترح تمديد مؤقت للهدنة في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي مبانٍ مدمرة في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة نتيجة الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» (رويترز) play-circle

تقرير: محادثات القاهرة حول غزة وصلت إلى طريق مسدود

أفادت صحيفة «جيروزاليم بوست»، اليوم السبت، بأن المحادثات بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في القاهرة بين إسرائيل وحركة «حماس» وصلت إلى طريق مسدود.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي لقطة من الفيديو الذي نشرته «كتائب القسام»

«حماس» تنشر فيديو جديداً لرهائن إسرائيليين محتجَزين في غزة

نشرت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، اليوم السبت، مقطع فيديو قالت إنه لرهائن إسرائيليين محتجَزين في قطاع غزة، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية»

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطيني يسير بين أنقاض المباني في خان يونس بجنوب قطاع غزة وسط وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة «حماس» (رويترز) play-circle

«حماس» تؤكد حرصها على استكمال مراحل اتفاق وقف النار

قالت «حماس»، السبت، إنها مستعدة للتعاون مع أي مبادرة من شأنها التصدي لمحاولات تهجير الشعب الفلسطيني من غزة وإعادة إعمار القطاع من دون المساس بالحقوق الفلسطينية.

«الشرق الأوسط» (غزة)

إسرائيل تعلِّق دخول المساعدات إلى غزة... و«حماس» تندِّد بـ«ابتزاز رخيص»

شاحنة مساعدات متجهة إلى قطاع غزة عند معبر كرم أبو سالم (رويترز)
شاحنة مساعدات متجهة إلى قطاع غزة عند معبر كرم أبو سالم (رويترز)
TT

إسرائيل تعلِّق دخول المساعدات إلى غزة... و«حماس» تندِّد بـ«ابتزاز رخيص»

شاحنة مساعدات متجهة إلى قطاع غزة عند معبر كرم أبو سالم (رويترز)
شاحنة مساعدات متجهة إلى قطاع غزة عند معبر كرم أبو سالم (رويترز)

أعلنت إسرائيل، الأحد، تعليق دخول السلع والإمدادات إلى قطاع غزة، محذرة من «عواقب أخرى» على حركة «حماس» إذا لم تقبل بمقترح تمديد مؤقت للهدنة في قطاع غزة، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو: «قرر رئيس الوزراء بدءاً من صباح اليوم (الأحد)، تعليق دخول السلع والإمدادات إلى قطاع غزة».

وأضاف البيان: «إسرائيل لن تقبل بوقف إطلاق النار من دون إطلاق سراح رهائننا. إذا استمرت (حماس) في رفضها، فستكون هناك عواقب أخرى».

بدورها، قالت «حماس» إن قرار نتنياهو وقف دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة «ابتزاز رخيص»، و«جريمة حرب، وانقلاب سافر» على اتفاق وقف إطلاق النار بالقطاع.

كما حثت الحركة الوسطاء على الضغط على إسرائيل لوقف الإجراءات العقابية على قطاع غزة. وقالت إن نتنياهو يطلق «ادعاءات مضللة (ضد حماس) لا أساس لها، ومحاولة فاشلة للتغطية على انتهاكاته اليومية والمنهجية للاتفاق».

وقال سامي أبو زهري، القيادي الكبير في «حماس»، لوكالة «رويترز»: «هذا القرار يعقد الأمور ويؤثر على مسار التفاوض و(حماس) لا تستجيب للضغوط».

وفي وقت لاحق، شدد الناطق باسم «حماس»، حازم قاسم، على أن إسرائيل «تتحمل مسؤولية» مصير الرهائن المحتجزين في غزة بعد قرارها تعليق دخول المساعدات إلى القطاع المحاصر. وقال في بيان: «الاحتلال يتحمل مسؤولية عواقب قراره على أهالي القطاع ومصير أسراه».

«خطوة بالاتجاه الصحيح»

وأشار وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، إلى أن «حماس» رفضت إطار وقف إطلاق النار، وهذا هو «السبب الذي جعلنا غير قادرين على المضي قدماً في الوقت الحالي»، مضيفاً: «أوفينا بكل التزاماتنا حتى اليوم الأخير».

وأوضح ساعر أن التزام إسرائيل بإدخال البضائع لغزة كان «للمرحلة الأولى» فقط، و«المرحلة الأولى انتهت». وقال إن الأميركيين «يتفهمون موقفنا» بشأن قرار وقف دخول المساعدات للقطاع. وأضاف: «مستعدون للمرحلة الثانية» من الاتفاق، لكن «ليس بالمجان».

بدوره، أكد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أن قرار بلاده تعليق دخول المساعدات إلى غزة «خطوة بالاتجاه الصحيح».

وقال في بيان مقتضب عبر حسابه على «تلغرام»: «القرار الذي اتخذناه بوقف كامل لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة حتى تدمير (حماس) أو استسلامها الكامل وإعادة جميع مختطفينا هو خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح».

وأضاف: «يجب فتح هذه الأبواب (أبواب جهنم) بأسرع ما يمكن وبشكل قاسٍ ضد العدو الوحشي، حتى النصر الكامل. بقينا في الحكومة لضمان ذلك».

خطة ويتكوف

وأصرَّت «حماس»، الأحد، على انطلاق المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار التي من شأنها وضع حد للحرب في قطاع غزة، بعد انتهاء مرحلته الأولى، السبت، إلا أن إسرائيل أعربت عن موافقتها على اقتراح أميركي بتمديد الهدنة الحالية حتى منتصف أبريل (نيسان) المقبل، في ظل عدم التوصل إلى اتفاق في المفاوضات.

وأعلن مكتب نتنياهو في بيان أصدره بعد منتصف الليل (22:00 بتوقيت غرينيتش، السبت)، أن «إسرائيل تعتمد خطة المبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف لوقف إطلاق نار مؤقت خلال شهر رمضان» الذي ينتهي في نهاية مارس (آذار)، وخلال عيد الفصح اليهودي الذي سيُحتفل به في منتصف أبريل.

وأضاف أن إسرائيل مستعدة للبدء «فوراً» في مفاوضات حول «تفاصيل خطة ويتكوف» مع «حماس».

وتعليقاً على الموقف الإسرائيلي، قال القيادي في «حماس» محمود مرداوي، في بيان تلقته «وكالة الصحافة الفرنسية»: «البيان الأخير لمكتب نتنياهو هو تأكيد واضح على أن الاحتلال يتنصل بشكل متكرر من الاتفاقات التي وقَّع عليها».

وأضاف: «الطريق الوحيد لاستقرار المنطقة وعودة الأسرى هو استكمال تنفيذ الاتفاق... بدءاً من تنفيذ المرحلة الثانية التي تضمن المفاوضات على وقف إطلاق النار الدائم والانسحاب الشامل وإعادة الإعمار، ومن ثم إطلاق سراح الأسرى في إطار صفقة متفق عليها... هذا ما نصر عليه، ولن نتراجع عنه».

وبموجب خطة ويتكوف، يُفرج عن «نصف الرهائن، الأحياء والأموات» في اليوم الأول من دخولها حيز التنفيذ، على أن تُطلق بقية الرهائن (الأحياء أو الأموات) «في نهاية المطاف، إذا تم التوصل إلى اتفاق بشأن وقف دائم لإطلاق النار»؛ حسب مكتب نتنياهو.

وقال مكتب نتنياهو إن ويتكوف عرض هذا المقترح بعدما خلُص إلى استحالة التوفيق بين مواقف «حماس» وإسرائيل على الفور، وإن ثمة حاجة إلى مزيد من الوقت لإتمام المحادثات بشأن وقف دائم لإطلاق النار.