لجنة في البرلمان العراقي تحرج «إدارة الدولة»

أجرت تعديلات على الموازنة أغضبت «الديمقراطي الكردستاني»

صورة نشرها حساب البرلمان العراقي من اجتماع اللجنة المالية الأحد (تلغرام)
صورة نشرها حساب البرلمان العراقي من اجتماع اللجنة المالية الأحد (تلغرام)
TT

لجنة في البرلمان العراقي تحرج «إدارة الدولة»

صورة نشرها حساب البرلمان العراقي من اجتماع اللجنة المالية الأحد (تلغرام)
صورة نشرها حساب البرلمان العراقي من اجتماع اللجنة المالية الأحد (تلغرام)

يواصل في العراق قادة قوى «الإطار التنسيقي» الشيعي مرة وائتلاف «إدارة الدولة» (الائتلاف الداعم للحكومة الذي يضم شيعة وسنة وأكراداً) مرة أخرى، عقد مزيد من الاجتماعات لتلافي الخلل الذي أحدثته سلسلة التعديلات التي أجرتها اللجنة المالية البرلمانية على بعض فقرات الموازنة المالية لعام 2023. وبينما كان رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي قد أعلن الخميس الماضي أن السبت الماضي هو الموعد الذي سيجري خلاله التصويت على الموازنة، فإن الجلسة التي كانت مقررة لم تعقد، وتأجلت حتى إشعار آخر، طبقاً لبيان أصدره النائب الثاني لرئيس البرلمان شاخوان عبد الله، وهو قيادي في «الحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني.

الأسباب التي أدت إلى تأجيل جلسة التصويت هي إعلان «الحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني رفضه تلك التعديلات التي طالت فقرتين بالموازنة تتعلقان بآلية بيع النفط من قبل الإقليم وكيفية تسديد أقيامه (قيمته) إلى الحكومة الاتحادية والبنك الذي تقرر أن تودع فيه أموال مبيعات النفط. وبينما كان الاتفاق الذي جرى إبرامه في وقت لاحق بين رئيس الوزراء الاتحادي محمد شياع السوداني ورئيس حكومة إقليم كردستان نجيرفان بارزاني يتضمن الطريقة التي سوف يجري من خلالها تصدير النفط المستخرج من الإقليم وكيفية تسليم الأموال الخاصة بتلك المبيعات إلى بغداد، فإن اللجنة المالية أحدثت تعديلات عدها «الحزب الديمقراطي الكردستاني» بمثابة خروج على المبادئ التي حكمت الاتفاق السياسي الذي بموجبه جرى تشكيل ائتلاف «إدارة الدولة».

البيانات التي صدرت عن قادة «الحزب الديمقراطي» وحكومة الإقليم والنائب الثاني الكردي لرئيس البرلمان بينت أن هناك شرخاً حدث بين أطراف في اللجنة المالية وبين طرف كردي مهم هو «الحزب الديمقراطي الكردستاني» الذي يعد أحد الأركان الرئيسية التي تشكل منها ائتلاف إدارة الدولة. ومع أن اللافت في الأمر هو تصويت «الاتحاد الوطني الكردستاني»، غريم «الحزب الديمقراطي» في الإقليم.

وبعد أن كان الحزبان الكرديان شريكين على مدى سنوات طويلة، فإن هذا الشرخ بينهما ساعد أعضاء اللجنة المالية، الذين تبنوا التعديلات، على المضي قدماً في إجراءاتهم رغم الاعتراضات حتى من قوى سياسية كبيرة، لا سيما من القيادات الشيعية. وفي هذا السياق، واصلت قوى «الإطار التنسيقي» اجتماعاتها للخروج من هذا المأزق الذي تسببت به تلك التعديلات، وذلك لجهة عدم التراجع الكلي عنها حتى لا يبدو «الإطار التنسيقي» رهيناً لما يصدر عن «الحزب الديمقراطي» من مواقف، لا سيما أن الحزب الرئيسي الآخر في الإقليم (الاتحاد الوطني) صوّت على تلك التعديلات، الأمر الذي يعني أن رفض «الديمقراطي الكردستاني» رفض حزبي أكثر من كونه رفضاً تسانده فيه القوى الكردية الأخرى.
 

لكن في مقابل ذلك، فإن قوى «الإطار التنسيقي» لا تريد المجازفة كثيراً برفض موقف «الحزب الديمقراطي الكردستاني» لكي لا تترتب على ذلك مشكلات قد تتضاعف إلى الحد الذي يؤدي فيه إلى تصدع «ائتلاف إدارة الدولة». وطبقاً لمصادر متطابقة، فإنه حتى مع تصويت اللجنة المالية على تعديل تلك الفقرات فإنه جرى الاتفاق على تجميد التعديلات وتأجيل اجتماعات اللجنة المالية البرلمانية بعد أن خرج الأمر عن حدود عمل البرلمان ولجانه لينتقل إلى الاتفاقات السياسية.

 

سلسلة اجتماعات

وفي هذا السياق فإن ائتلاف «إدارة الدولة»، الذي يضم قوى الإطار التنسيقي الشيعي والحزبين الكرديين (الديمقراطي والوطني) وتحالف السيادة السني، سوف يبدأ من الاثنين سلسلة اجتماعات بهدف حسم الخلاف الذي تسببت به اللجنة المالية البرلمانية بسبب تبني قسم من أعضائها مسألة التعديلات التي أغضبت البارزاني، وأحرجت حلفاءه من القادة الشيعة. ومع أنه لا توجد معطيات تشير إلى إمكانية المضي في التصويت على الموازنة بالأغلبية (باستثناء الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني) فإنه في مقابل ذلك لا يوجد ما يؤكد أن قيادة ائتلاف إدارة الدولة يمكن أن تذهب تماماً باتجاه القبول بكل ما يريده «الحزب الديمقراطي الكردستاني». ولان التوافقات هي في النهاية سيدة المواقف كلها في العراق فإن التوصل إلى حلول وسط هو المخرج الأكثر ترجيحاً خلال الأيام القليلة القادمة على الرغم من تأخر الموازنة كثيراً، وهو أمر بات محرجاً لكل الأطراف وأولها الحكومة التي تريد المضي في تنفيذ التزاماتها حيال المشاريع الموعودة.   


مقالات ذات صلة

سجال بين الحلبوسي وكردستان على مدافع أميركية لـ«البيشمركة»

المشرق العربي محمد الحلبوسي مترئساً إحدى جلسات البرلمان العراقي (رويترز)

سجال بين الحلبوسي وكردستان على مدافع أميركية لـ«البيشمركة»

أعاد رئيس البرلمان السابق وحزب «تقدم» محمد الحلبوسي، التذكير بموقفه الرافض لتسليح قوات «البيشمركة» الكردية بمدافع قصيرة المدى.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي عراقيون يحتجون في بغداد ضد قانون يسمح بتزويج القاصرات في 6 أغسطس الماضي (إ.ب.أ)

العراق: رفض سني لربط العفو العام بتعديل قانون الأحوال الشخصية

عقد البرلمان العراقي جلسة الاثنين وسط محاولات للمساومة بين تمرير مشروع قانون الأحوال الشخصية ومشروع قانون العفو العام.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي قادة الكتل السياسية خلال أحد اجتماعات البرلمان العراقي (إعلام المجلس)

معارضة واسعة لتشريع قد يحجب المعلومات عن العراقيين

تبدي منظمات حقوقية غير حكومية، محلية ودولية، قلقاً بالغاً من إقرار البرلمان العراقي مشروع قانون «حق الحصول على المعلومة»، بعد قراءته مرتين حتى أغسطس (آب) الماضي

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي 
«الإطار التنسيقي» حذر من «الانهيار» بعد أزمتَي «سرقة القرن» و«التنصت» (إكس)

المالكي يضغط لإقالة السوداني بعد اعترافات «قضية التنصت»

علمت «الشرق الأوسط» تفاصيل مجريات اجتماع لـ«الإطار التنسيقي» العراقي عُقد في 26 أغسطس (آب) الماضي، وتضمن عرض محضر قضائي عن «شبكة التنصت»، انتهى بطرح نوري.

المشرق العربي مقتدى الصدر يخطب في النجف يوم 19 أكتوبر 2023 (رويترز)

هل يربح الصدر من أزمتي «التنصت» و«سرقة القرن»؟

رجح مراقبون أن يكون زعيم التيار الصدري «أكبر رابح» من الأزمات السياسية التي تعصف بالحكومة والتحالف الشيعي الحاكم في العراق.

حمزة مصطفى (بغداد)

مع ارتفاع أعداد النازحين... مطعم خيري في بيروت يكافح لمواكبة زيادة الطلب

متطوعون في منظمة «نيشن ستيشن» غير الربحية يقومون بإعداد وجبات طعام لتوزيعها (رويترز)
متطوعون في منظمة «نيشن ستيشن» غير الربحية يقومون بإعداد وجبات طعام لتوزيعها (رويترز)
TT

مع ارتفاع أعداد النازحين... مطعم خيري في بيروت يكافح لمواكبة زيادة الطلب

متطوعون في منظمة «نيشن ستيشن» غير الربحية يقومون بإعداد وجبات طعام لتوزيعها (رويترز)
متطوعون في منظمة «نيشن ستيشن» غير الربحية يقومون بإعداد وجبات طعام لتوزيعها (رويترز)

في مطبخ خيري بالعاصمة اللبنانية بيروت، ينخرط متطوعون بلا كلل في ملء عبوات للوجبات بالأرز والخضراوات بينما يقلب آخرون قدوراً ضخمة لطهي الطعام في محاولة لمواكبة زيادة ضخمة في الطلب من نازحين يفرون من الضربات الإسرائيلية.

وتقول جوزفين أبو عبدو، وهي طاهية وأحد مؤسسي «نيشن ستيشن» أو «محطة البلد»، إن هذا المطبخ الخيري يقدم 700 وجبة في اليوم، ويعمل بأقصى طاقته، لكنها علمت بعد ذلك أن هناك حاجة إلى ألف وجبة، بحسب «رويترز».

متطوعون يقطّعون الخضار لإعداد وجبات طعام في المطبخ الخيري في بيروت (رويترز)

تصف ما يمرون به بينما يسارع فريق المتطوعين من مختلف الأعمار ومن شتى أنحاء لبنان من حولها، في تعبئة الغذاء، وتضيف: «الصعوبات هي أننا لا نلحق، ونحس كأننا نقطة ببحر».

وتأسست «محطة البلد» لمساعدة المتضررين من انفجار مرفأ بيروت المروع الذي وقع في 2020، والفريق الذي كان مؤلفاً من خمسة أفراد فحسب، نما سريعاً ليصبح مكوناً من مائة بمرور الوقت.

يقدم المطعم بعض الأطباق اللبنانية التقليدية مثل الكوسة المحشوة بالأرز واللحم والبرغل والطماطم، بالإضافة إلى حساء الخضار وسلطة الملفوف.

جوزفين أبو عبدو من مؤسسي المطبخ الخيري تعد وجبات مع المتطوعين لتوزيعها على النازحين (رويترز)

وعندما اشتدت الضربات الإسرائيلية على لبنان يوم الاثنين مما اضطر نحو 40 ألفاً للنزوح إلى ملاجئ في غضون أيام، بدأ المتطوعون في طهي وتوزيع كميات إضافية من الطعام، دون أي تمويل إضافي، على الأماكن التي تؤوي نازحين، في استجابة طارئة للتطورات الأحدث.

وأوضحت جوزفين أننا «أول ما بدأنا، لم يكن لدينا تمويل. لبّينا فقط من العوائد التي نحصل عليها بالعادة؛ لأننا لسنا فقط مطبخاً اجتماعياً، بل نبيع أكلاً للناس المحتاجة. عملنا من المدخرات الصغيرة التي كانت لدينا أول 3 أيام، ولاحقاً كثير من الناس قدموا التبرعات».

وأضافت: «الآن التبرعات تغطينا يومين أو ثلاثة، ولنرى كل يوم بيومه».

وقتلت الهجمات الإسرائيلية أكثر من 600 شخص في لبنان منذ يوم الاثنين، مع تفاقم الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» المدعوم من إيران، إلى أسوأ مراحله منذ أكثر من 18 عاماً.

ويطلق «حزب الله» صواريخ على إسرائيل منذ ما يقرب من عام لدعم حليفته حركة «حماس» التي تقاتل إسرائيل في قطاع غزة.

متطوعون في منظمة «نيشن ستيشن» غير الربحية يرتبون وجبات الطعام التي سيتم توزيعها على للنازحين (رويترز)

ونزح عشرات الآلاف على جانبي الحدود بين إسرائيل ولبنان من منازلهم، وأعلنت إسرائيل أن عودة سكان المناطق الشمالية إلى ديارهم هي أحد أهدافها من الحرب.

وقالت مي عياش، وهي طاهية محترفة متطوعة في المطعم الخيري: «كلنا نحاول بأقصى طاقتنا لنشكل فارقاً ولو ضئيلاً للمساعدة. هذا أقل ما يمكن أن نقدمه، وللأسف اعتدنا على تلك الأوضاع».