العراق يعلن عن مشروع «طريق التنمية» للربط البري بين دول الخليج وتركيا

 السوداني شدد على فرصة واعدة لالتقاء المصالح والتاريخ والثقافات

السوداني لدى تدشين أعمال مؤتمر «طريق التنمية» في بغداد اليوم (رئاسة الوزراء العراقية)
السوداني لدى تدشين أعمال مؤتمر «طريق التنمية» في بغداد اليوم (رئاسة الوزراء العراقية)
TT

العراق يعلن عن مشروع «طريق التنمية» للربط البري بين دول الخليج وتركيا

السوداني لدى تدشين أعمال مؤتمر «طريق التنمية» في بغداد اليوم (رئاسة الوزراء العراقية)
السوداني لدى تدشين أعمال مؤتمر «طريق التنمية» في بغداد اليوم (رئاسة الوزراء العراقية)

أعلن العراق خلال مؤتمر جمع مسؤولين من دول مجاورة في بغداد السبت، عن مشروع خطّ بري وخط للسكك الحديدية يصل الخليج بالحدود التركية، يطمح العراق عبره إلى التحول خطاً أساسياً لنقل البضائع بين الشرق الأوسط وأوروبا. وقال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إنه سيكون ركيزة للاقتصاد المستدام غير النفطي وعقدة ارتباط تخدم جيران العراق والمنطقة.

وانطلقت اليوم السبت أعمال مؤتمر «طريق التنمية»، الذي تستضيفه بغداد ويحضره وزراء نقل معظم الدول الخليجية، إضافة إلى وزراء دول جوار العراق (تركيا، سوريا، الأردن، إيران).

وتقول الحكومة العراقية إن الطريق المزمع بناؤها ستنطلق من ميناء الفاو في محافظة البصرة (جنوباً) وتعبر 10 محافظات عراقية لتربط العراق بتركيا شمالاً وصولاً إلى الدول الأوروبية، ويفترض أن تنجز الطريق الممتدة لـ1200 متر بحلول عام 2028.

حقائق

ماذا نعرف عن تطوير ميناء الفاو؟

  • نسب الإنجاز التي تحققت في ميناء الفاو بلغت أكثر من 50%.
  • الطاقة الاستيعابية للميناء تصل إلى 99 مليون طن سنوياً، بتكلفة تصل إلى 4.6 مليار يورو.
  • يجرى إنشاء الميناء على مرحلتين، الأولى تنتهي عام 2028، والثانية في عام 2038.

وقال السوداني الراعي للمؤتمر في كلمة ألقاها، إنه «أسس له (المؤتمر) عبر تفاهماتٍ بناءة مع قادة وزعماء البلدان الشقيقة والصديقة لنا»، مضيفاً أن «طريق التنمية شريانٌ اقتصادي، وفرصةٌ واعدة لالتقاء المصالح والتاريخ والثقافات، بهذا المشروع الواعد، سينطلقُ العراق نحو شراكة اقتصادية معكم، تجعل بلداننا مصدّرة للصناعات الحديثة والبضائع».

ورأى السوداني أن «طريق التنمية بما يحمله من منصّات للعمل، وقيمة مضافة للنواتج القومية والمحلية، ورافعات اقتصادية، هو خطةٌ طموح ومدروسة لتغيير الواقع نحو بنية اقتصادية متينة، ونرى في هذا المشروع ركيزة للاقتصاد المستدام غير النفطي، وعقدة ارتباطٍ تخدم جيران العراق والمنطقة».

وأكد أن «ميناء الفاو الكبير، قطع شوطاً كبيراً نحو الإتمام، وسيكون بوابة لهذا الحراك الاقتصادي المهم، وسوف تتكامل مع الميناء المدن الحضرية، التي سنؤسس بجوارها مدينة صناعية ذكية هي الأحدث في المنطقة والعالم، وستحاكي التطور التكنولوجيَّ الحاليَّ والمتوقع للسنوات الخمسين المقبلة».

ووفق السوداني فإن بلاده وخلال سعيها لإنشاء الطريق المزمع بناؤها «ستعتمد على الممرّات متعددة الوسائط، وأكثر من (1200) كم من السكك الحديدية، وتشغيلها البيني المشترك، والطرق السريعة، وستيسّر سكك الحديد والطرق السريعة عملية نقل البضائع، والوظائف التي ستخلقها هذه المشاريع ستكون بصمةً إيجابيةً تنقل شعوب المنطقة إلى مرحلة من التكامل والاستقرار ومواجهة للتحدّيات».

تفاؤل كبير

ويسود التفاؤل الكبير حديث السوداني ومستشاريه حول تنفيذ طريق التنمية، ويقولون إنها ستوفر أكثر من 100 ألف فرصة عمل، وتحقق نحو 4 مليارات دولار سنوياً للبلاد وبتكلفة إنجاز نهائية تقدر بنحو 17 مليار دولار، كما أنها ستسهم في خفض معدل وقت مرور البضائع من الخليج وآسيا إلى أوربا وبالعكس من 30 يوماً إلى 15 يوماً فقط.

ويؤكدون أن نسبة إنجاز المشروع وصلت إلى نحو 40 في المائة بالنظر لنقطة انطلاقه من ميناء الفاو الجنوبي الذي تنفذ أعماله منذ نحو سنتين شركة «دايو» الكورية.

وأورد بيان للجنة النقل والاقتصاد في مجلس النواب نقلته وكالة الأنباء العراقية أن المشروع سيكون «استثمارياً للدول المشاركة وكل دولة بإمكانها إنجاز جزء من المشروع»، مشيراً إلى أنه «من المؤمل أن ينجز المشروع ويكتمل خلال 3 - 5 سنوات»، مضيفاً أن «آلية الاستثمار سوف تناقش بعد عقد المؤتمر مع الدول المشاركة».

ولا يعرف على وجه التحديد ما إذا كان العراق سيتحمل تكلفة المشروع الإجمالية أم أن دولاً أخرى ستسهم في ذلك.

وكان السوداني قد قال خلال زيارته إلى تركيا في مارس (آذار) الماضي، إنه تحدث مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن أن «مشروع طريق التنمية والقناة الجافة هو ليس للعراق وتركيا، بل للمنطقة والعالم، يربط الشرق بالغرب، فهو الممر العالمي لنقل البضائع والطاقة».

وبدوره، قال المتحدث باسم مجلس الوزراء باسم العوادي، أمس السبت، إن «10 دول شاركت في مؤتمر طريق التنمية، 6 منها جيران العراق، وبحضور جميع دول الخليج، باستثناء الأشقاء في البحرين إذ قدموا اعتذاراً في اللحظات الأخيرة لأسباب فنية».

وأضاف في تصريحات لوكالة الأنباء الرسمية، أن «المؤتمر جاء لعرض فكرة المشروع وتعريف الدول به ووضع المخططات، ثم بعد ذلك يترك الخيار لكل الدول أن تناقش الموضوع».

وأشار العوادي إلى أن «الخط الاستراتيجي الأساسي سيكون طريق السكة الحديدية بمعدل 1175 كم، بالإضافة إلى الطريق البرية بمعدل 1190 كم، لهما مساران مختلفان في الجنوب، لكن يلتقيان في شمال محافظة كربلاء المقدسة، ويسيران جنباً إلى جنب لحين وصولهما إلى فيشخابور».

وكشف عن أن «مهمة هذه الطريق هي نقل البضائع بمختلف أنواعها من أوروبا إلى تركيا عبر العراق وإلى الخليج، وأيضاً السلع الخليجية والموارد الخليجية تنقل من الخليج عبر العراق ثم تركيا وأوروبا».

في مقابل ذلك، يرى بعض المراقبين المحليين أن حكومة السوداني «تسعى لبث روح الأمل في حياة مواطنيها الذين لا يثقون كثيراً بالوعود الحكومية، حتى لو لم تكن قادرة حقاً على تنفيذ هذا المشروع الطموح».

ويتحدث آخرون عن أن «تجربة البلاد خلال العقدين الأخيرين بالنسبة لتنفيذ المشاريع الكبيرة غير مطمئنة، لجهة التلكؤ وسوء الإدارة والفساد في إنجاز المشاريع».

"ترابط" 

وأعربت معظم الدول المشاركة عن دعمها للمشروع وقال أكد ممثل الوفد التركي علي رضا غوناي، أن أنقرة شريك رئيسي في طريق التنمية.

وقال غوناي في كلمته خلال المؤتمر: "نحن شريك رئيسي في طريق التنمية الذي يعد مكسباً للجميع، ان المسؤولية تكمن في إزالة الحواجز للتجارة بين العراق وتركيا، وطريق التنمية من شأنه أن يزيد الترابط بين دول المنطقة".

من جانبه، قال وزير النقل السعودي صالح الجاسر، خلال مؤتمر صحافي إن "المملكة حريصة على تعزيز العلاقات المشتركة مع العراق، وخلال اليومين الماضيين شهدا انعقاد مجلس التنسيقي العراقي – السعودي وبمشاركة عدد من الوزراء".

وزير النقل السعودي صالح الجاسر خلال مشاركته في مؤتمر بغداد اليوم (رئاسة الوزراء العراقية)

وأضاف أن "منفذ جميمة- عرعر شهد تصاعدا في حركة نقل البضائع والمسافرين، وان التجارة بين البلدين وصلت الى أكثر من مليار دولار خلال العام الماضي".

وتابع أنه "خلال الاسابيع مر عبر المنفذ حوالي 6 آلاف معتمر يوميا عبر منفذ جميمة- عرعر والمنفذ مهيئ لاستقبال 70 ألف حاج".

بدوره، قال وكيل وزير النقل الإيراني أفندي زاده وفق تصريحات نقلتها وكالة الأنباء العراقية إن "دور السكك الحديد مهم جداً، وهذا المشروع الجديد في العراق سيكون له دور ممتاز في نقل البضائع".

 نقص في "الانسيابية"

وهناك أعمال قائمة حالياً لتأهيل ميناء الفاو في أقصى جنوب العراق والمجاور لدول الخليج والذي سيكون محطة أساسية لتسلم البضائع قبل نقلها براً.

وتعدّ منطقة الخليج منطقة نقل بحري مهمة لا سيما في مجال نقل الموارد النفطية التي تستخرجها دول المنطقة.
وتساءل المستشار في اقتصاديات النقل الدولي زياد الهاشمي في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية عن مدى جدوى هذا المشروع الذي اعتبر أنه يفتقر إلى «الانسيابية».

وثمة مشاريع عالمية أخرى تضع في صلب أهدافها التحول شرياناً أساسياً في النقل العالمي، مثل «طريق الحرير الجديد» الذي أعلنه في عام 2013 الرئيس الصيني شي جينبينغ.

وسمي هذا المشروع رسمياً مشروع «الحزام والطريق» ويضمّ 130 دولةً، ويهدف إلى تطوير البنى التحتية البرية والبحرية من أجل تحقيق ربط أفضل بين الصين (آسيا) وأوروبا وأفريقيا.


مقالات ذات صلة

ترمب يعيد تشكيل خريطة التجارة العالمية... والرسوم تتصدّر المشهد في 2026

الاقتصاد دونالد ترمب يغادر المنصة بعد إلقاء كلمته في مركز فعاليات روكي ماونت بمدينة روكي ماونت في كارولاينا الشمالية 19 ديسمبر 2025 (أ.ب)

ترمب يعيد تشكيل خريطة التجارة العالمية... والرسوم تتصدّر المشهد في 2026

أدت عودة الرئيس دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في 2025 إلى سنة صاخبة للتجارة العالمية، مع موجات من الرسوم الجمركية على شركاء الولايات المتحدة التجاريين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد البرلمان التركي وافق على مشروع موزانة العام 2026 في خلسة عاصفة (الموقع الرسمي للبرلمان)

برلمان تركيا يقرّ مشروع موازنة 2026 مع توقعات بتراجع كبير للتضخم

توقعت الحكومة التركية انخفاض معدل التضخم السنوي خلال عام 2026 إلى ما دون الـ20 في المائة وإعادته إلى خانة الآحاد في عام 2027.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي يرحب بنظيره النيوزيلندي كريستوفر لوكسون في نيودلهي - 17 مارس 2025 (أ.ب)

تحت ضغط الرسوم... نيودلهي تعزز شراكاتها باتفاق تجاري شامل مع نيوزيلندا

أعلنت الهند ونيوزيلندا يوم الاثنين عن التوصل إلى اتفاقية تجارة حرة، في خطوة تهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية ودعم النمو في ظل تزايد حالة عدم اليقين.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد سيارات شحن تنتظر تفريغها في حاويات بأحد المواني المصرية (رويترز)

بأكثر من 55 مليار دولار... مصر تستهدف زيادة الصادرات السلعية 20 % العام المقبل

تستهدف مصر زيادة صادراتها السلعية 20 في المائة على أساس سنوي، لتتجاوز 55 مليار دولار خلال عام 2026.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد موظفون يعملون في بورصة المكسيك (رويترز)

الأسواق الناشئة تسجل عوائد قوية في 2025 وتستعد لمواصلة الصعود

تحدّت الأسواق الناشئة الرسوم الجمركية، والحروب التجارية، واضطرابات الاقتصاد العالمي، محققةً عوائد مزدوجة الرقم في 2025.

«الشرق الأوسط» (لندن )

تقرير: أميركا وحلفاؤها يجددون مساعيهم لعقد مؤتمر حول إعادة إعمار غزة

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

تقرير: أميركا وحلفاؤها يجددون مساعيهم لعقد مؤتمر حول إعادة إعمار غزة

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

ذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء، نقلاً عن مصادر مطلعة، اليوم الاثنين، أن الولايات المتحدة وحلفاءها يجددون مساعيهم لعقد مؤتمر حول إعادة إعمار قطاع غزة، في ظل سعي إدارة الرئيس دونالد ترمب لإعطاء زخم جديد لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس».

وقالت المصادر إنه جرت دراسة واشنطن كمكان محتمل للمؤتمر الذي قد يُعقد مطلع الشهر المقبل على أقرب تقدير، وأن مصر من بين عدة مواقع أخرى قيد الدراسة.

وأضاف مصدر أن المؤتمر لن يُعقد على الأرجح إلا بعد أن يُكمل المسؤولون تشكيل «مجلس السلام» بقيادة ترمب، والمقرر أن يشرف على الحكومة الانتقالية، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بين إسرائيل و«حماس» في أكتوبر.

ترمب يعرض النسخة التي وقَّع عليها لاتفاق غزة في شرم الشيخ (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأشارت «بلومبرغ» إلى أن المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف التقى مسؤولين من مصر وتركيا وقطر في فلوريدا خلال عطلة نهاية الأسبوع لبحث تنفيذ وقف إطلاق النار.

وأضافت أن المؤتمر جزء من جهد أوسع نطاقاً للحفاظ على زخم خطة السلام التي وضعها الرئيس الأميركي والمؤلفة من 20 بنداً، والتي قُسّمت إلى مرحلتين، تهدف الأولى إلى وقف القتال وتأمين إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، أما المرحلة الثانية، والأكثر صعوبة، فتتمثل في الانتقال إلى إدارة طويلة الأمد لغزة، مع نزع سلاح «حماس» وتشكيل قوة دولية لتحقيق الاستقرار.

وذكرت «بلومبرغ» أن مسؤولين أميركيين أقروا بصعوبة المرحلة الثانية، إذ يواجه مجلس السلام العديد من التساؤلات، بدءاً من تحديد أعضائه، كما لم يتم بعد إنشاء قوة الاستقرار الدولية، في حين أن أصعب مهام المرحلة الثانية ربما تكون نزع سلاح «حماس».


واشنطن تتدخل لتهدئة الاشتباكات بين «قسد» والأمن السوري

أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)
أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)
TT

واشنطن تتدخل لتهدئة الاشتباكات بين «قسد» والأمن السوري

أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)
أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)

أفادت مصادر في واشنطن للشرق الأوسط، بأن المبعوث الأميركي توم برّاك وقائد القيادة المركزية الأميركية براد كوبر، يجريان اتصالات لتهدئة الاشتباكات التي اندلعت مجدداً، الاثنين، بين «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) والجيش السوري في حيي الشيخ مقصود والأشرفية عند مدخل حلب الشمالي، بهدف منع تصعيد تستفيد منه «داعش»، وتستفيد منه قوى إقليمية معادية.

واندلعت الاشتباكات بعد استهداف قناصة قوات (قسد) للمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية في انتهاك لاتفاقيات وقف إطلاق النار المبرمة بين الجانبين حيث يقاوم الأكراد المدعومون من الولايات المتحدة خطط الاندماج في الحكومة الانتقالية في دمشق خوفاً من فقدان الحكم الذاتي شمال شرقي سوريا.

ويخيم شبح التدخلات الإيرانية على هذه الاشتباكات التي تستهدف تقويض سيطرة الحكومة السورية الجديدة، حيث كشفت تقارير استخباراتية أميركية، أن إيران تقوم بتكثيف جهودها للحفاظ على تدفق الأسلحة إلى سوريا وإلى ميليشياتها في المنطقة، والتكيف مع الإجراءات التي اتخذتها دمشق لتفكيك الطرق غير المشروعة لتهريب الأسلحة.

كما أشارت عدة تقارير إلى قيام «قسد» بتعزيز علاقاتها مع «حزب الله» في لبنان، وعقدت اجتماعاً سرياً في بيروت مع ممثلين من «حزب الله» برئاسة عمار الموسوي بهدف تقييم التحديات الأمنية في سوريا وسط الخلافات بين «قسد» وحكومة أحمد الشرع مع تجدد الاشتباكات العسكرية بين الجانبين.

دبلوماسيون عاينوا نفقاً لـ«حزب الله» حيّده الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني خلال جولة برفقة الجيش اللبناني بجنوب لبنان (مديرية التوجيه)

3 ممرات للتهريب

قال تقرير بمعهد دراسات الحرب (isw) إن إيران تعيد إحياء طرق التهريب، ومساعدة تنظيم «داعش» لشن هجمات داخلية لتقويض ثقة الولايات المتحدة بالشريك السوري، محذراً من تصاعد صراعات بالوكالة وانتشار شبكات التهريب في ظل حالة عدم الاستقرار التي تمر بها سوريا خلال المرحلة الانتقالية.

وكشفت التقارير أن تهريب الأسلحة الإيرانية إلى سوريا يتخذ مزيجاً من المسارات التقليدية وأخرى جديدة، لكن الطرق البرية والشاحنات تظل هي الأساسية في المسارات التي تتخذها طهران لتهريب الأسلحة عبر 3 ممرات أساسية، الأول من بغداد إلى دمشق عبر الرمادي والبوكمال ودير الزور وتدمر، والثاني من طهران عبر البصرة وبغداد والتنف إلى دمشق، أما الأقل نشاطاً فهو الطريق الثالث من إيران عبر الموصل والحسكة إلى اللاذقية؛ ما يسهل نقلها لاحقاً إلى «حزب الله» في لبنان. وتولي إيران أهمية كبيرة لشمال شرقي سوريا الذي تسيطر عليه «قوات سوريا الديمقراطية».

ضبط صواريخ من نوع «سام - 7» معدة للتهريب خارج البلاد في البوكمال شرق سوريا (سانا)

وكشفت التقارير أن الشحنات تشمل عبوات ناسفة وقذائف «هاون» وألغاماً مضادة للدبابات ومتفجرات بلاستيكية وصواريخ مضادة للطائرات وأنظمة دفاع جوي وقاذفات قنابل يدوية وطائرات من دون طيار. وتسربت تقارير عن شبكة أنفاق تحت الأرض بالقرب من الحدود السورية العراقية في البوكمال يرجح أن «الحرس الثوري» الإيراني أنشأها منذ عام 2018، وكان يستخدمها لنقل الأسلحة عبر سوريا إلى «حزب الله».

وتشير التقارير إلى أن الحكومة السورية الجديدة لا تملك قدرات واضحة لفرض السيطرة على جميع أراضيها، وأنها تحتاج إلى سنوات؛ كي تتمكن من ضبط الحدود، ومنع التهريب عبر أراضيها.

إحباط المحاولات

تجتهد السلطات السورية في التصدي لمحاولات التهريب الإيرانية، وفي ديسمبر (كانون الأول) الحالي، أشادت القيادة المركزية الأميركية بالقيادة في دمشق، لاعتراضها شحنات متجهة إلى «حزب الله».

الخبير بشؤون الشرق الأوسط عطا محمد تبريز، ذكر أنه «لا توجد تقارير موثقة حول تصرفات إيران، لكن وسائل إعلام مختلفة نشرت تقارير حول جهود طهران لإعادة بناء قوات موالية لها في سوريا»، مضيفاً، أنها «تحاول التعاون مع القوات المعارضة لحكومة الشرع، وتضخيم أصواتها»، مؤكداً أنه لا إمكانية لقبول نفوذ إيران مرة أخرى في سوريا.

مراسم إعادة جثامين الجنود الأميركيين الذين قُتلوا في هجوم لتنظيم «داعش» في (أ.ب)

ويقول مايكل نايتس، الباحث الأول بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إنه على الرغم من أن انهيار نظام بشار الأسد أمر مشجع، فإن هذا لا يعني أن إيران، الداعم السابق لنظام الأسد، ستتخلى ببساطة عن استخدام سوريا لإعادة تشكيل «حزب الله» في لبنان.

ويشير نايتس إلى أنه مع رفع العقوبات عن سوريا، من المفترض أن تشهد تدفقاً من المركبات والأموال والمساعدات الإنسانية ومواد إعادة الإعمار والسلع الاستهلاكية، ومعظمها يتم عبر النقل بالشاحنات من الدول المجاورة. ويمكن لإيران بسهولة استخدام هذا التدفق لإعادة إمداد أذرعها في سوريا والعراق ولبنان بالسلاح.

ويحذر نايتس من أن إيران ليس لديها أي تردد في إبرام ترتيبات تكتيكية مع الجماعات الجهادية السنية - مثلما حدث في الماضي مع تنظيم «القاعدة» و«طالبان» - وقد تتبنى هذا التكتيك في سوريا مع تنظيم «داعش».


ائتلاف السوداني يطرح «مبادرة شاملة» لحسم ملف رئاسة وزراء العراق

جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
TT

ائتلاف السوداني يطرح «مبادرة شاملة» لحسم ملف رئاسة وزراء العراق

جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)

أعلن ائتلاف «الإعمار والتنمية»، الذي يقوده رئيس الوزراء بحكومة تصريف الأعمال محمد شياع السوداني، الاثنين، أنه بصدد طرح «مبادرة سياسية شاملة» لحسم منصب رئاسة الوزراء وإنهاء حالة الانسداد.

وذكر إعلام «تيار الفراتين»، الذي يتزعمه السوداني، في بيان، أن الأخير ترأس اجتماعاً دورياً للائتلاف في مكتبه، خُصص لمناقشة التطورات المتسارعة في المشهد السياسي، ومراجعة نتائج الحوارات المكثفة التي أجراها الائتلاف مع القوى السياسية والوطنية خلال المرحلة الماضية، فضلاً عن تثبيت ملامح رؤيته لإدارة الدولة في الاستحقاق المقبل.

وأشار البيان إلى أن ائتلاف «الإعمار» يعمل على «بلورة مبادرة سياسية متكاملة» تهدف إلى كسر حالة الانسداد السياسي، وإنهاء المراوحة التي عطّلت حسم ملف رئاسة مجلس الوزراء، من خلال طرح معالجات «واقعية» تستند إلى التوافق الوطني والاستحقاق الدستوري.

وأكد أن المبادرة تمثل خطوة سياسية مسؤولة لإعادة تحريك العملية السياسية ووضعها على مسارها الصحيح، مشيراً إلى أن تفاصيلها ستُطرح أمام قوى «الإطار التنسيقي» في اجتماعه المرتقب، بما يفتح الباب أمام تفاهمات سياسية جادة تفضي إلى تشكيل حكومة مستقرة وقادرة على إدارة المرحلة المقبلة.

وشدد البيان على أن المبادرة «تنطلق من قناعة راسخة لدى قيادة (تيار الفراتين) وائتلاف (الإعمار والتنمية) بضرورة حسم الخيارات السياسية بعيداً عن التسويف، والعمل على تشكيل حكومة قوية وفاعلة تعبّر عن تطلعات الشارع العراقي، وتضع أولويات الإصلاح والاستقرار السياسي والاقتصادي في صدارة برنامجها الحكومي».

إلى ذلك، قال العضو في ائتلاف «الإعمار والتنمية»، قصي محبوبة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المبادرة ستكون عبارة عن شروط الائتلاف لاختيار رئيس الوزراء».

ولم يدلِ محبوبة بتفاصيل أخرى حول المبادرة، مكتفياً بالقول إن «تفاصيلها ستُعلن كاملة في اجتماع قوى (الإطار) المتوقع مساء اليوم (الاثنين)».

ويرجّح مصدر مسؤول في قوى «الإطار التنسيقي» أن تتمحور مبادرة السوداني حول «اختيار شخصية أخرى من داخل ائتلاف (الإعمار والتنمية) لشغل منصب رئاسة الوزراء، بالنظر إلى الممانعة التي تبديها بعض أطراف (الإطار) حيال تولّي السوداني ولاية ثانية».

ولا يستبعد المصدر، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «تتضمّن مبادرة السوداني آلية اختيار رئيس الوزراء الجديد، سواء عبر انتخابات داخلية بين الشخصيات المتنافسة داخل (الإطار)، أو من خلال اتفاق أغلبية قادة (الإطار)».

وأضاف المصدر أنه «من غير المتوقع أن يقبل قادة (الإطار) بأي شروط يطرحها تحالف السوداني؛ فهم لا يمانعون تقديم شخصية أخرى غيره للمنصب، لكن من دون إلزام أو شرط بقبولها لشغل المنصب».

ويؤكد المصدر أن رئيس ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي «لا يزال متمسّكاً بترشيحه لمنصب رئيس الوزراء، ويرفض تولّي السوداني المنصب لولاية ثانية، في مقابل وجود بعض القيادات الداعمة لبقاء السوداني، لكن وفق شروط جديدة تضمن توازنَ المصالح بين أطراف (الإطار التنسيقي) كافة».

وكان «الإطار التنسيقي» قد دعا، الأسبوع الماضي، إلى عقد جلسة مجلس النواب وانتخاب هيئة رئاسته، بعد إخفاقه في التوافق على اختيار مرشح لرئاسة الوزراء.

ويتوقع أغلب المراقبين استمرار حالة عدم الاتفاق على اسم محدد لرئاسة الحكومة، خصوصاً مع الفسحة الزمنية التي تفصل القوى السياسية عن مواعيد انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان، ثم انتخاب رئيس الجمهورية الذي سيكلّف الكتلة الكبرى بتقديم مرشحها لرئاسة الوزراء، وهي إجراءات تمتد لمدّة تصل إلى ثلاثة أشهر كحدٍّ أعلى وفق التوقيتات الدستورية.

وكان رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد قد حدّد، الأسبوع الماضي، يوم 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي موعداً لعقد الجلسة الأولى للبرلمان الجديد، والتي يُفترض أن يجري خلالها انتخاب رئيس المجلس ونائبَيه.