الأردن يعيد شاباً إسرائيلياً هرب إليه تفادياً للحرب

أصيب بصدمة نفسية بعد سقوط صاروخ فلسطيني عام 2021

الشاب شالوم (الثالث من اليمين) ومعه والدته وبقية أفراد العائلة والجنود الإسرائيليون الذين استقبلوه على الحدود (تصوير الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي)
الشاب شالوم (الثالث من اليمين) ومعه والدته وبقية أفراد العائلة والجنود الإسرائيليون الذين استقبلوه على الحدود (تصوير الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي)
TT
20

الأردن يعيد شاباً إسرائيلياً هرب إليه تفادياً للحرب

الشاب شالوم (الثالث من اليمين) ومعه والدته وبقية أفراد العائلة والجنود الإسرائيليون الذين استقبلوه على الحدود (تصوير الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي)
الشاب شالوم (الثالث من اليمين) ومعه والدته وبقية أفراد العائلة والجنود الإسرائيليون الذين استقبلوه على الحدود (تصوير الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي)

أعادت السلطات الأردنية شاباً إسرائيلياً، كان قد هرب من بلدته وتوجه إلى عمان هرباً من حرب الصواريخ مع قطاع غزة، وغاب عن ذويه سنتين كاملتين، قبل أن يعثر عليه مواطنون أشفقوا عليه بسبب تدهور حالته النفسية والجسدية ونقلوه إلى مستشفى.

والشاب اليهودي شالوم روتبان (27 عاماً)، هو من بلدة كريات ملآخي الواقعة في محيط قطاع غزة. عندما كان طفلاً في الحادية عشرة من عمره، أصيب بصدمة نفسية شديدة، إذ سقط صاروخ فلسطيني قرب مسكنه وشاهد 3 من جيرانه يموتون أمام ناظريه. ففي حينه نفذت إسرائيل العملية الحربية «الجرف الصامد»، على غزة، وخلال 50 يوماً من القتال المتواصل قتل 2203 فلسطينيين و75 إسرائيليين. ورافقته هذه الصدمة منذ ذلك الوقت. وفي شهر مايو (أيار) من سنة 2021، خلال عملية حربية إسرائيلية أخرى، تدهورت حالة الشاب من جديد. فعندما كانت تطلق صفارات الإنذار، لتحذير السكان من صواريخ قادمة، كانت تصيبه حالة الفزع من جديد. وقد اختفت آثاره من ذلك الحين وباءت جهود عائلته للعثور عليه بالفشل.

وتبين لاحقاً أن الشاب روتبان هرب إلى الأردن، في مرحلة معينة. وشوهد قبل أسابيع عدة وهو ينام في الشارع في أحد أحياء عمان. فأشفق عليه مواطنون أردنيون ونقلوه إلى مستشفى للأمراض النفسية. ولم يكن يحمل أي وثائق ثبوتية. وحاول الطاقم الطبي استدراجه للكلام، لكنه لا يجيد العربية. فدخل الشك عند إحدى الممرضات بأنه إسرائيلي. عندها توجه الطبيب المسؤول إلى الشاب كامل ديب الطلقات، وهو عربي من فلسطينيي 48 يدرس الطب في الأردن ويتطوع في المستشفى، طالباً مساعدته.

يروي الشاب كامل ديب الطلقات بقية القصة: «توجه إليّ مدير القسم وأخبرني بقصة شالوم وطلب مني أن أحاول التكلم معه بالعبرية لفحص ما إذا كان إسرائيلياً. وعندما تكلمت معه بلغته، انفرجت أساريره قليلاً، لكنه لم يتفوه بكلمة وبدا خائفاً جداً. فتناولت ورقة وكتبت عليها بعض الكلمات بالعبرية فأخذ القلم وكتب هو أيضاً. وهكذا عرفت اسمه وأيقنا أنه من إسرائيل فطلبت منه أن يكتب رقم هاتف يحفظه، فكتب. فاتصلت على الفور وإذا به رقم هاتف والدته. فأكدت لي اسمه. وطلبت أن ترى صورته. وعندها أجرينا مكالمة مصورة فانفجر بالبكاء وقال لها إنه مشتاق إليها ويحبها. وهكذا تدحرجت الأمور لإعادته إليها».

وقالت والدته في إسرائيل إن العثور على ابنها الغائب من سنتين هو عجيبة إلهية. وأضافت: «لا يمكن وصف شعوري. أنا أرتجف تأثراً من الحكاية كلها. من كل من التقيناه في هذه القضية، يهوداً وعرباً».

ووجهت الشكر للشاب العربي وللمواطنين الأردنيين الذين عثروا عليه ونقلوه سالماً إلى المشفى وإلى الطاقم الطبي الأمين وإلى السلطات الإسرائيلية التي وقفت إلى جانبها والسلطات الأردنية التي بذلت كل جهد ممكن لتسهيل إعادته. وأكدت أنها سافرت إلى الأردن (فجر الخميس) لاصطحابه إلى البلاد، حتى يمضي عطلة عيد نزول التوراة (الجمعة) وسط العائلة.

واختتمت والدته، قائلة: «ليتنا نعرف كيف نتخلص من ويلات الحرب ونكثر من الحالات الإنسانية بيننا وبين العرب».


مقالات ذات صلة

«حماس»: قرار إدارة ترمب برفع الحصانة عن «الأونروا» انحياز لإسرائيل

المشرق العربي فلسطينيون يمرون أمام مبنى مدمر تابع لـ«الأونروا» في مدينة غزة (د.ب.أ) play-circle 00:50

«حماس»: قرار إدارة ترمب برفع الحصانة عن «الأونروا» انحياز لإسرائيل

أدانت حركة «حماس»، السبت، قرار وزارة العدل الأميركية رفع الحصانة القانونية عن وكالة «الأونروا»، ووصفته بأنه يجسد انحياز إدارة الرئيس دونالد ترمب لإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (غزة)
خاص دخان يتصاعد جراء القصف الإسرائيلي على مبنى في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)

خاص مصادر «حماس» تكشف لـ«الشرق الأوسط» عرضاً جديداً من الوسطاء لهدنة غزة

كشفت مصادر من حركة «حماس» عن تفاصيل ما عرضه الوسطاء على الحركة، خلال اجتماعات عُقدت في القاهرة، اليوم (السبت)، وبدأت منذ يومين في الدوحة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فتاة تضع قدراً على رأسها بينما ينتظر فلسطينيون الحصول على طعام من مطبخ خيري في شمال قطاع غزة (رويترز) play-circle

«الأونروا»: إسرائيل تصنع «مجاعة ذات دوافع سياسية» في غزة

أدانت وكالة «الأونروا»، الجمعة، استمرار إسرائيل في منع وصول المساعدات إلى غزة منذ أكثر من 7 أسابيع، ووصفته بأنه «مجاعة من صنع الإنسان ذات دوافع سياسية».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي دبابات إسرائيلية بقطاع غزة (رويترز)

الجيش الإسرائيلي ينشر فيديو استهداف «خلية من حماس» في غزة

نشر الجيش الإسرائيلي، الجمعة، لقطات فيديو تُظهر غارة جوية على ما وصفها بأنها خلية تابعة لحركة «حماس» الفلسطينية، أطلقت قذيفة على قواته في مدينة غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان لدى لقائه الوزير جان نويل بارو في الرياض الجمعة («الخارجية» السعودية)

السعودية وفرنسا تناقشان تحضيرات «مؤتمر حل الدولتين»

ناقش الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو، الجهود المبذولة لـ«مؤتمر تسوية القضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين».

«الشرق الأوسط» (الرياض)

معارك «كسر عظم» وتصفية حسابات تسبق الانتخابات العراقية

موظف بمفوضية الانتخابات العراقية يحمل صندوقاً لفرز أصوات الاقتراع المحلي في ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
موظف بمفوضية الانتخابات العراقية يحمل صندوقاً لفرز أصوات الاقتراع المحلي في ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
TT
20

معارك «كسر عظم» وتصفية حسابات تسبق الانتخابات العراقية

موظف بمفوضية الانتخابات العراقية يحمل صندوقاً لفرز أصوات الاقتراع المحلي في ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
موظف بمفوضية الانتخابات العراقية يحمل صندوقاً لفرز أصوات الاقتراع المحلي في ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)

على الرغم من طول المدة التي تفصل القوى السياسية العراقية عن الموعد القانوني لإجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، فإن معارك «كسر العظم» وتصفية الحسابات بين الخصوم بدأت من الآن.

وانتشر كثير من الفيديوهات ذات «الطابع التسقيطي»، (إسقاط الخصوم سياسياً وأخلاقياً)، ضد بعض الشخصيات، آخرها الفيديو الذي انتشر ليل السبت ضد زعيم حزب «السيادة» عضو «ائتلاف إدارة الدولة» خميس الخنجر، ويتضمن كلاماً ينطوي على إساءات بحق من باتوا يُسمون «شيعة السلطة».

وهذا الأمر سبقته تصريحات وتغريدات وفيديوهات ضد شخصيات وقوى سياسية أخرى، شملت تقريباً كل المشاركين في الانتخابات المقبلة، أو الذين ينوون المشاركة فيها، سواء من خلال قوائم مفردة، ومن هم ضمن تحالفات.

ويطغى الطابع المذهبي والمناطقي على جو التحالفات بين مختلف القوى السياسية؛ أكان في مناطق تعد مناطق نفوذ تقليدية لهم، أم تلك التي تمثل مساحات متداخلة بين هذا الطرف وذاك، أم في مناطق متنازع عليها إما عرقياً (بين العرب والأكراد) طبقاً لـ«المادة140» من الدستور العراقي التي لم تطبق حتى الآن بسبب الخلافات السياسية، وإما مذهبياً (بين السنة والشيعة). ويحاول بعض القوى السياسية، لا سيما من جماعة حملة السلاح من الفصائل، التمدد إليها بذرائع مختلفة، مثل المحافظة على المراقد الدينية الشيعية التي تقع في مناطق ذات أغلبية سنية (مثل سامراء التي تضم مرقدَي الإمامَين العسكريين)، وتحت ذرائع تمدد الإرهابيين إليها، وهي المناطق الممتدة عبر الشريط الحدودي بين محافظتَي نينوى والأنبار.

الأكراد ومعادلة التوازن

وتبدو الأحزاب الكردية، رغم شدة الخلافات بينها، خصوصاً التقليدية منها، لا سيما «الحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني، و«الاتحاد الوطني الكردستاني» بزعامة بافل طالباني، خارج معادلة «التسقيط» و«كسر العظم» بينها. وعدد من المحافظات ذات الغالبية الكردية، مثل كركوك، لا يزال متنازعاً عليه بين العرب والأكراد والتركمان. وكذلك الأمر في مناطق ذات وجود مختلط مع أغلبية عربية مثل نينوى. فالأكراد في هذه المناطق يمثلون نوعاً من التوازن المفقود في الجزء العربي من العراق المتنازع عليه سياسياً ومذهبياً بين الشيعة والسنة.

ففي كركوك مثلاً، بدأ العرب الذين ينتمون إلى تكتلات سنية بارزة، مثل حزب «تقدم» بزعامة محمد الحلبوسي، و«السيادة» بزعامة خميس الخنجر، حراكاً من أجل توحيد صفوفهم؛ لكي يحصلوا خلال الانتخابات المقبلة على أكبر عدد من المقاعد التي لا يمكنهم الحصول عليها إذا بقوا في حال من التنافر والتنازع.

محمد الحلبوسي (رويترز)
محمد الحلبوسي (رويترز)

وفي هذا السياق، دعا عضو البرلمان العراقي، وصفي العاصي، عرب كركوك إلى الدخول في «حوار شامل»؛ بهدف تشكيل قائمة انتخابية موحدة. وقال العاصي إن مبادرته «تأتي استجابة لمطلب الشارع العربي في كركوك، الذي لطالما نادى بضرورة وحدة الصف وخوض الانتخابات بقائمة واحدة»، لافتاً إلى أنه في كل انتخابات كان يدعو إلى «دخول العرب بقائمة واحدة»، والآن يعلن «الاستعداد للتنازل عن أي موقع شخصي في سبيل هذه الوحدة».

وأضاف العاصي: «لا أضع أي شروط، ولا أطالب بتسلسل متقدم، ولا أسعى إلى رئاسة القائمة، أو الحصول على أي مكاسب سياسية. المهم أن نجتمع نحن العرب تحت قائمة واحدة تخدم مصلحة أهلنا». وأشار إلى أن «توحيد العرب ضمن قائمة واحدة سيسهم في تحقيق نتائج قوية وغير متوقعة»، مؤكداً أن «الالتفاف حول مشروع واحد سيمكّن العرب من الحصول على أعلى نسبة من الأصوات والمقاعد في مجلس المحافظة».

الخنجر في دائرة الاتهام

ووسط صراع سُنّي ـ سني محتدم؛ من أجل السيطرة في الانتخابات المقبلة على أكبر عدد من المقاعد للفوز برئاسة البرلمان، ظهر تسجيل مسرب يضع الخنجر في دائرة الاتهام. وظاهرة «تسقيط» الخصوم ليست حكراً على حزب دون آخر، والخنجر يتنافس سنياً مع «تقدم» بزعامة الحلبوسي. وعلى صعيد الفوز بمنصب رئيس البرلمان، فإنه يتعين الحصول على أغلبية واضحة لأي حزب سني داخل المناطق السنية. فمنصب رئاسة البرلمان من حصة العرب السُّنة ضمن المعادلة الطائفية في البلاد على صعيد تقاسم المناصب السيادية العليا، ويمكن الحصول على موقع رئاسة الجمهورية في حال حدث تبادل بين الكرد والعرب السُّنة على صعيد منصبَي رئاستَي الجمهورية والبرلمان، بينما يحتكر الشيعة منصب رئاسة الوزراء.

رئيس حزب «السيادة» العراقي خميس الخنجر (إكس)
رئيس حزب «السيادة» العراقي خميس الخنجر (إكس)

ومع البداية القوية للحراك السياسي بغرض التهيؤ للانتخابات البرلمانية المقبلة، ظهر ما يقال إنه تسريب صوتي للخنجر يهاجم فيه الشيعة بقوة.

وسارع حزب «السيادة» إلى نفي الفيديو، قائلاً في بيان إن «التسريبات ملفقة ومزورة بشكل كامل»، مشيراً إلى أن «الحزب سيباشر إقامة دعوى قضائية ضد القناة ومقدم البرنامج بتهمة التشهير وتشويه سمعة رئيس التحالف».

وأضاف أن «حزب (السيادة) يؤمن بالقضاء سبيلاً لحماية الحقوق ورد الاعتبار»، داعياً جهاز الأمن الوطني إلى «متابعة صاحب الرقم الذي زُعم أن التسجيل الصوتي ورد من خلاله والتحقيق في عائديته».

من جهته، طالب عضو اللجنة القانونية النيابية، محمد الخفاجي، الأحد، بتحريك شكوى واتخاذ الإجراءات اللازمة، على خلفية التسجيل المنسوب إلى الخنجر، عادّاً أنه تضمن «إساءة واضحة للشعب العراقي والتحريض ضدهم، إلى جانب الإساءة لمؤسسات الدولة، بما فيها القضاء».