لبنان أمام إصدار تشريعات جديدة لمكافحة تهريب الكبتاغون 

لأن قانون العقوبات يدرجها في خانة «المنشطات» لا المخدرات  

كميات كبيرة من حبات الكبتاغون صودرت في 1 مارس عند معبر القائم على الحدود العراقية مع سوريا (أ.ف.ب)
كميات كبيرة من حبات الكبتاغون صودرت في 1 مارس عند معبر القائم على الحدود العراقية مع سوريا (أ.ف.ب)
TT

لبنان أمام إصدار تشريعات جديدة لمكافحة تهريب الكبتاغون 

كميات كبيرة من حبات الكبتاغون صودرت في 1 مارس عند معبر القائم على الحدود العراقية مع سوريا (أ.ف.ب)
كميات كبيرة من حبات الكبتاغون صودرت في 1 مارس عند معبر القائم على الحدود العراقية مع سوريا (أ.ف.ب)

في أول خطوة غير مسبوقة يراد منها تشديد الإجراءات لمنع تهريب المخدرات والممنوعات عبر المرافئ والمعابر اللبنانية إلى الخارج، وتحديداً إلى الدول العربية، تدرس حكومة تصريف الأعمال إصدار تشريعات جديدة يراد منها إدراج «الكبتاغون» على لائحة الممنوعات، كون أن التشريعات المعمول بها حالياً تصنّفها في خانة المنشطات، ولا تسري عليها المواد الواردة في قانون العقوبات الخاصة بتهريب المخدرات، وهذا ما تبين في الاجتماع الوزاري القضائي الأمني الذي ترأسه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وخُصص لمكافحة تهريب الممنوعات من لبنان إلى الخارج.

وكان قد شارك في اجتماع «اللجنة المشتركة لمكافحة تهريب المواد المخدرة» وزراء؛ العدل هنري خوري، والدفاع الوطني موريس سليم، والمالية يوسف خليل، والداخلية والبلديات القاضي بسام المولوي، والأشغال العامة والنقل علي حمية، والزراعة عباس الحاج حسن، والأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، والمدير العام للأمن العام بالإنابة العميد إلياس البيسري، والمدير العام للجمارك بالإنابة العميد ريمون خوري، والأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى اللواء محمد مصطفى، وممثل قائد الجيش العميد حسن جوني، ونائب المدير العام لأمن الدولة العميد حسن شقير، وقائد جهاز أمن المطار العميد فادي كفوري.

صورة أرشيفية للرئيس نجيب ميقاتي مترئساً اجتماعاً وزارياً - أمنياً في السراي (دالاتي ونهرا)

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر وزارية أن الاجتماع الموسع جاء في ضوء ارتفاع منسوب الشكاوى العربية من استمرار تهريب «الكبتاغون» إلى الدول العربية عبر الأراضي اللبنانية، وكان وراء تصدّع علاقات لبنان بعدد من الدول، على رأسها المملكة العربية السعودية، برغم أن الأجهزة الأمنية ومعها الجمارك تمكنت من ضبط عشرات عمليات التهريب ومصادرة الملايين من حبات «الكبتاغون»، وتوقيف عدد لا بأس به من المهربين، وتدمير معامل تصنيعها، وإن كانت لا تؤمّن الكمية المطلوبة للتهريب، فيستعاض عند ذلك بتهريبها من سوريا إلى لبنان لإيصالها إلى الخارج.

وأكدت المصادر أن القوى الأمنية والعسكرية تمكنت من تدمير العدد الأكبر من المعامل المصنّعة لـ«الكبتاغون». وكشفت أن المعامل التي تنتج كميات كبيرة منها موجودة ضمن المناطق الحدودية المتداخلة بين لبنان وسوريا، وتحديداً في البقعة السورية منها.

حبات كبتاغون صودرت في 1 مارس (آذار) عند معبر القائم على الحدود العراقية مع سوريا (أ.ف.ب)

ولفتت المصادر نفسها إلى أن المجتمعين استمعوا إلى مداخلة القاضي مكية، الذي أكد «أننا في حاجة إلى إصدار تشريعات جديدة للتشدُّد في مكافحة المخدرات والممنوعات ومنع تهريبها إلى الخارج، لأن التشريعات الحالية تعتبر الكبتاغون من المنشطات ولا ينطبق على تصنيعها وتهريبها المواد القانونية التي ينص عليها قانون العقوبات الخاص بمكافحة المخدرات ومنع تهريبها».

وشدد القاضي مكية، بحسب المصادر نفسها، على أن «هناك ضرورة لإعادة النظر في المواد الخاصة بالعقوبات المفروضة على تهريب المخدرات والممنوعات، وصولاً إلى تعديلها بما يسمح بالتشدُّد في مكافحة المخدرات، سواء أكانت تلك الخاصة بترويجها أم تصنيعها».

وأيد المجتمعون كل ما أورده القاضي مكية، وتعهدوا، كما وعد الرئيس ميقاتي، «بضرورة إصدار تشريعات جديدة، تشمل الكبتاغون بالمخدرات والممنوعات».

وفي هذا السياق، سأل الوزير حمية، كما علمت «الشرق الأوسط»: «من أين يؤتى بهذه الكميات الكبيرة من الكبتاغون إلى لبنان؟ وهل من معامل في لبنان تكفي لتصنيعها وتهريبها إلى الخارج؟ خصوصاً أن القوى الأمنية والعسكرية والجمارك تمكنت من مصادرة الملايين من حبات الكبتاغون».

توقيف مطلوبين وضبط معمل لـ«الكبتاغون» في بلدة بريتال (مديرية التوجيه في الجيش اللبناني)

وكان الجواب، بحسب المصادر الوزارية: «أن هذه الكميات تهرب إلى لبنان، ومنه إلى الخارج، إضافة إلى تهريبها من سوريا، وهذا ما دفع عدداً من الوزراء للمطالبة بإدراج تهريب الكبتاغون على جدول أعمال اللقاءات الوزارية التي يمكن أن تُعقد في دمشق، على هامش البحث في عودة النازحين السوريين إلى بلداتهم وقراهم، لأن للبلدين مصلحة في تجفيف منابع تصنيعها وتدمير المصانع المنتجة لها، ولا سيما أن كبرى المصانع موجودة في الداخل السوري».

وتقرر التشدد في مكافحة تهريب كل أشكال الممنوعات، من خلال التنسيق بين القوى الأمنية والجمارك، أو عبر استخدام أجهزة متطورة للكشف على البضائع التي تصدر من لبنان إلى الخارج، وبالأخص إلى الدول العربية. إضافة إلى تشديد الرقابة على طول الحدود اللبنانية - السورية والمعابر الشرعية بين البلدين، والأخرى غير الشرعية المنتشرة في أكثر من منطقة حدودية.

ويأتي التشدد في منع تهريب المخدرات والممنوعات عبر الأراضي اللبنانية، لتأمين إيصال البضائع اللبنانية عبر الترانزيت إلى الكويت والعراق، خصوصاً أن هناك حاجة لحمايتها. وعدم لجوء البعض ممن لا يريدون مصلحة لبنان، إلى الدخول من خلالها لتهريب الممنوعات، يؤدي إلى فرض الحظر على المنتوجات اللبنانية من منتوجات زراعية وصناعية وغذائية، إلى الأسواق العربية، ومنها السوق العراقية.

صورة خاصة بـ«الشرق الأوسط» لضبط شحنات كبتاغون عبر الحدود السورية مع شرق الأردن

وأكدت المصادر أن العراق، وهو يعد من أكبر المستوردين من لبنان، أبدى استعداده لتقديم كل التسهيلات لدخول المنتوجات اللبنانية إلى أسواقه، وهذا يستدعي من الحكومة التشدد لتوفير الحماية لتصديرها، ومراقبتها بشدة ودقة.

ويبقى السؤال؛ هل يجرؤ لبنان الرسمي على مكاشفة المسؤولين السوريين بالحقائق المقرونة بالأدلة والقرائن بأن الكميات الكبيرة من الكبتاغون تُهرّب من سوريا إلى لبنان؟ وكيف سترد دمشق على طلب لبنان للتعاون بمكافحة تهريب «الكبتاغون» إلى أراضيه، ومن خلاله إلى بعض الدول العربية الشقيقة؟


مقالات ذات صلة

السجن 13 عاماً لأميركي في روسيا بتهمة الاتجار بالمخدرات

الولايات المتحدة​ الأميركي مايكل ترافيس ليك داخل قفص المتهمين في أثناء جلسة النطق بالحكم في محكمة مقاطعة خاموفنيتشيسكي الروسية (أ.ف.ب)

السجن 13 عاماً لأميركي في روسيا بتهمة الاتجار بالمخدرات

أصدرت محكمة روسية في موسكو، الخميس، حكماً بالسجن 13 عاماً على الأميركي مايكل ترافيس ليك، بعد اتهامه بالاتجار بالمخدرات.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية أفراد من البحرية المكسيكية في بوكا ديل ريو بولاية فيراكروز بالمكسيك في 25 يونيو 2024 (أ.ف.ب)

العثور على 19 جثة في شاحنة بولاية مكسيكية مضطربة

قال مكتب مدعٍ عام محلي بالمكسيك في بيان إن مسؤولي الأمن عثروا على 19 جثة لرجال في صندوق شاحنة بولاية تشياباس جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (مكسيكو)
المشرق العربي سوق الهال للخضراوات بدمشق (أرشيفية - سانا)

تجار يتحدثون عن عرقلة دخول شاحنات الفاكهة السورية إلى الأردن

شكّل انخفاض أسعار الفواكه والخضار الصيفية في دمشق لغزاً للسوريين الذين حرم أغلبهم من تناولها خلال الشهرين الماضيين لارتفاع أسعارها.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم تُظهر هذه الصورة غير المؤرخة التي نشرتها الجمارك الإيطالية في الأول من يوليو 2024 ضباطاً خلال مصادرتهم مخدرات كيماوية أتت من الصين (أ.ف.ب)

إيطاليا وهولندا تصادران أطناناً من مواد لتصنيع المخدّرات آتية من الصين

صودر في إيطاليا وهولندا أكثر من سبعة أطنان من المكونات الكيميائية التي تُستخدم لإنتاج عشرات الملايين من حبوب «إم دي إم أيه»، كعقار إكستاسي، آتية من الصين.

«الشرق الأوسط» (روما)
الولايات المتحدة​ يقف محامي الدفاع ريناتو ستابيلي ليدافع عن رئيس هندوراس السابق في المحكمة الفيدرالية في حي مانهاتن بمدينة نيويورك (رويترز)

بعد إدانته بتهريب الكوكايين إلى أميركا... السجن 45 عاماً لرئيس هندوراس السابق

قضت محكمة في نيويورك، أمس (الأربعاء)، بسجن رئيس هندوراس السابق خوان أورلاندو هرنانديز 45 عاماً بعد إدانته بتهريب مئات الأطنان من الكوكايين إلى الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

جعجع يتهم «الممانعة» بتعطيل انتخابات الرئاسة اللبنانية

جعجع يتوسط البطريرك الراعي والنائب ستريدا جعجع في أثناء إلقاء كلمته (موقع القوات اللبنانية)
جعجع يتوسط البطريرك الراعي والنائب ستريدا جعجع في أثناء إلقاء كلمته (موقع القوات اللبنانية)
TT

جعجع يتهم «الممانعة» بتعطيل انتخابات الرئاسة اللبنانية

جعجع يتوسط البطريرك الراعي والنائب ستريدا جعجع في أثناء إلقاء كلمته (موقع القوات اللبنانية)
جعجع يتوسط البطريرك الراعي والنائب ستريدا جعجع في أثناء إلقاء كلمته (موقع القوات اللبنانية)

أكد البطريرك الماروني بشارة الراعي أنّ لبنان «لا يمكن أن يستمرّ من دون رئيس للجمهوريّة»، بينما اتهم رئيس حزب «القوّات اللبنانيّة» سمير جعجع «محور الممانعة»، الذي يضم «حزب الله» وحلفاءه، بتعطيل الانتخابات الرئاسية في لبنان «عن سابق تصوّر وتصميم».

ويعاني لبنان من شغور في سدة رئاسة الجمهورية منذ انتهاء ولاية الرئيس اللبناني السابق ميشال عون في 31 أكتوبر (تشرين الأول) 2022، ولم تنجح المبادرات الداخلية في إنهاء الشغور، كما لم تتوقف مساعي ممثلي الدول الخمس (الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر) لمحاولة تذليل العقبات التي تحول دون توافق القوى السياسية على التوصل إلى آلية تنهي معضلة الشغور.

وكرر الراعي دعوته، في عظة، الأحد، ببلدة عنايا (شمال لبنان)، إلى انتخاب رئيس للجمهورية، مؤكداً أن «لبنان لا يمكن أن يستمرّ من دون رئيس للجمهوريّة، بل يجب على كلّ معنيّ الخروج من حساباته الخاصّة ومن رأيه وموقفه المتحجّر، والالتفاف معاً حول انتخاب الرئيس، رحمة بالوطن وشعبه ومؤسّساته الدستوريّة».

وكان الراعي قد شارك في بلدة بشري (شمال لبنان) في عشاء أقامه جعجع الذي أكد رفضه التام للهجوم على البطريرك. وقال: «نود التأكيد أننا نرفض ونشجب أي شكل من أشكال الهجوم الذي تعرضت له، وأنا لن نقبل بما حصل تحت أي ظرف».

ووصف جعجع انتخابات رئاسة الجمهورية بأنها «أكبر المهازل» التي يعيشها لبنان، ووجَّه انتقادات حادة لجماعة «الممانعة» لتعطيلهم الجلسات الانتخابية. وأشار إلى أنهم «يريدون الحوار قبل الانتخابات، في حين أننا نريد الانتخابات قبل الحوار، وهذه المسألة برمّتها هي مجرد رأي وليست قاعدة دستورية».

ورأى جعجع أن «محور الممانعة مستعدون للكذب في كل شيء. يدّعون أن المسيحيين غير متفقين على مرشح واحد، في حين أنه خلال الجلسة الشهيرة في 14 يونيو (حزيران) 2023 كان المسيحيون متفقين على مرشح واحد هو جهاد أزعور»، مؤكداً أن المسيحيين ما زالوا مستمرين في تقاطعهم على هذا المرشّح.

وتابع: «يقولون إن الأمور بحاجة إلى حوار، ولكن هذا ليس صحيحاً. منذ بداية الاستحقاق الرئاسي إلى الآن، حصلت آلاف الحوارات بين الكتل النيابية، وهذه مجرد ذريعة لتغطية تعطيل الانتخابات».

وأضاف: «يجب علينا من الآن فصاعداً أن نحدد الفاعلين الحقيقيين لا أن نعمد إلى تجهيل الفاعل؛ لأن عدم التحديد يشجع الفعلة على الاستمرار في فعلتهم. لذلك أقولها جهاراً، إن محور الممانعة، وعن سابق تصوّر وتصميم، يعطل الانتخابات الرئاسية لسببين: الأول هو عدم قدرته على تأمين أغلبية لمرشحه، والثاني هو انتظار مجريات الأحداث في المنطقة لمعرفة كيفية التصرف في الداخل، على أساس أن لبنان يأتي في المرتبة 17 في سلم أولوياتهم، فكل ما يحدث في المنطقة هو الأهم بالنسبة لهم، ولبنان يأتي بعد ذلك».

وتطرّق جعجع إلى الوضع الحالي في الجنوب اللبناني، مؤكداً أن الهدف الحقيقي للقتال «ليس دعم غزّة وإنما بقاء (حزب الله) وإيران ضمن المعادلة الإقليمية». وتابع: «المؤسف أن (حزب الله) ارتضى أن يلعب هذا الدور، في الوقت الذي يجب فيه على إيران أن تتولى مسؤولية الحرب مباشرةً إذا ما كانت تريد البقاء ضمن المعادلة الإقليميّة بدلاً من استخدام لبنان وسيلة لتحقيق أهدافها».