مذكرة توقيف فرنسية بحق حاكم مصرف لبنان المركزي

سلامة اتهم القضاء الفرنسي بـ«خرق القوانين»

حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة (رويترز)
حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة (رويترز)
TT

مذكرة توقيف فرنسية بحق حاكم مصرف لبنان المركزي

حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة (رويترز)
حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة (رويترز)

أصدرت القاضية الفرنسية المكلفة التحقيق في أموال وممتلكات حاكم مصرف لبنان المركزي في أوروبا، القاضية أود بوريزي، مذكرة توقيف دولية بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، يوم الثلاثاء، وفق ما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية، وذلك بعد أن تغيب عن جلسة استجوابه، فيما قال محاموه إن تغيّب سلامة يعود إلى عدم تبليغه بوجوب المثول أمام القضاء الفرنسي وفق الأصول.

ويشتبه المحققون الفرنسيون في أن سلامة راكم أصولا عقارية ومصرفية عبر مخطط مالي احتيالي معقّد، وإساءة استخدامه لأموال عامة لبنانية على نطاق واسع. وكان يُرجّح أن يؤدي مثوله أمام القاضية أود بوريزي الثلاثاء إلى توجيه اتّهامات إليه. وقال مصدر قضائي لبنان لـ«الشرق الأوسط» إن لبنان لن يسلم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للقضاء الفرنسي، مضيفاً أن لبنان «لم يتبلغ رسمياً بالمذكرة، ولا يمكن له أن يتعامل مع هذا الواقع الذي فرضته القاضية بوريزي إلا عند تسلمه نسخة من مذكرة التوقيف الغيابية التي ستعمم على الإنتربول عبر النشرة الحمراء».

وقال المصدر: «لبنان عندما يتسلم النسخة عن مذكرة التوقيف، سيطلب من القضاء الفرنسي تسليمه الملف الذي يتضمن الأدلة والمستندات التي ارتكزت عليها القاضية بوريزي لإصدار مذكرة التوقيف»، وأكد المصدر أنه «إذا ثبت أن الجرائم المدعى عليه بموجبها في باريس جدية وقوية، فعندها سيقوم القضاء اللبناني بمحاكمته في لبنان، بوصفه صاحب الصلاحية لمحاكمة أي مواطن حتى لو ارتكب الجرم خارج الأراضي اللبنانية، خصوصاً أن القضاء اللبناني لا يسمح بتسليم مواطن إلى دولة أجنبية، حتى لو كان حائزاً على جنسية هذه الدولة».

جنود يحرسون مقر مصرف لبنان المركزي في مارس الماضي (أ.ف.ب)

مصادر في باريس

بيد أن مصادر معنية بالملف في باريس عبّرت عن «أسفها» لطريقة تعاون القضاء اللبناني في هذه القضية، وهي تعتبر أن عذر عدم تبليغ سلامة باستدعائه للمثول أمام قاضية التحقيق في باريس «لا يستقيم ويشكل نوعاً من التذاكي السخيف، إذ كيف يمكن أن يصدق أحد أن الأمن اللبناني عجز عن تبليغ سلامة، وكيف اكتفى بمحاولة تبليغه في مبنى مصرف لبنان فقط، ولم يحاول ذلك في منزله مثلا». وتضيف هذه المصادر أن «العملية مكشوفة لأن الصحافة اللبنانية أوردت تدارس الفريق القانوني لسلامة لهذه الحجة، حتى لا يستجيب لاستدعاء القاضية الفرنسية».

ويستند القضاء اللبناني إلى سوابق في هذا الملف، بينها طلب باريس تسليم المدير السابق لشركة «رينو» كارلوس غصن بعد هروبه من طوكيو إلى لبنان، ويحمل غصن الجنسيتين اللبنانية والفرنسية، كما استند إلى سابقة عدم تسليم زياد تقي الدين الذي اتهم الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي بتلقي أموال لحملته الرئاسية لعام 2007 من الزعيم الليبي معمر القذافي، ويحمل أيضاً الجنسيتين اللبنانية والفرنسية.

وقال المصدر القضائي اللبناني: «لبنان رفض في وقت سابق تسليم تقي الدين وغصن، باعتباره صاحب الصلاحية المكانية والمعنوية لمحاكمة مواطنيه على الأراضي اللبنانية». ويجري التحقيق مع سلامة ومساعدته وشقيقه رجا في لبنان وخمس دول أوروبية على الأقل للاشتباه في استيلائهم على أكثر من 300 مليون دولار من البنك المركزي، وينكر الشقيقان ارتكاب أي مخالفة.

قرار مسبق

وأكد أحد وكلاء سلامة لـ«الشرق الأوسط» في بيروت أنه تلقى معلومات عبر الوكيل الفرنسي لسلامة في باريس، بأن الأخير تلقى معلومات مفادها بأن القاضية الفرنسية بوريزي اتخذت قراراً مسبقاً بتوقيف سلامة، وجهّزت العدة بشكل مسبق لإعداد مذكرة التوقيف.

وقال المصدر إن القرار الذي اتخذه القضاء الفرنسي الثلاثاء «يعتبر متسرعاً، خصوصاً أنه جاء في اليوم الذي حددت فيه الجلسة دون أن تستقصي القاضية الفرنسية أسباب عدم تبلُّغ سلامة موعد جلسته في باريس».

وقال مصدر قضائي آخر مواكب لقضية سلامة إنه وفق القانون «من المفترض أن تبلغ القاضية سلامة مرة أخرى قبل إصدار مذكرة التوقيف». وأضاف «لا يمكن اتخاذ القرار دون إعادة تبليغه»، مؤكداً أن «أي إجراء يُتخذ دون تبليغه رسمياً، سيتعارض مع المعايير القضائية والقانونية التي ترعى سلامة التحقيق وحُسن سير العدالة».

وأصدر سلامة بياناً رأى فيه أن قرار بوريزي «يُشّكل خرقاً لأبسط القوانين، كون القاضية لم تراعِ المهل القانونية المنصوص عليها في القانون الفرنسي، بالرغم من تبلغها وتيقنها من ذلك»، مشيراً إلى أنه سيطعن بهذا القرار «الذي يشّكل مخالفة واضحة للقوانين».

وإذ اتهم القاضية بتجاهل القانون، قال إنها «تجاهلت تطبيق اتّفاقية الأمم المتّحدة لعام 2003، والإجراءات المعترف بها دولياً، التي تستند إليها هي بالذات في إطار المساعدة القضائية الدولية». واتهم التحقيق الفرنسي بـ«ضرب مبدأ جوهري يتعلق بسرية التحقيقات، كونه أصبح واضحاً من المقالات الصحافية، أن الوكالات الصحافية تحصل دون قيد على وثائق التحقيق السرية، كما تأخذ علماً مسبقاً بنيات المحققين والقضاة».

وقال في البيان إن «التحقيقات الفرنسية تعاكس مبدأ قرينة البراءة في تعاملها، وفي تطبيقها الانتقائي للنصوص والقوانين». كما اتهم بوريزي بأنها «أخذت قرارها بناءً على أفكار مسبقة دون إعطاء أي قيمة للمستندات الواضحة المبرزة لها، وهذا ما يتضح أيضا بتشنجها الذي وصل أخيراً إلى حد عدم التقيد بالأصول المفروضة في القوانين الفرنسية وفي المعاهدات الدولية».

محتجون أمام بنك لبنان والمهجر للمطالبة بحقوق المودعين 9 مايو (رويترز)

دفوع شكلية

ويفترض أن يمثل سلامة يوم الأربعاء أمام القاضي شربل أبو سمرا، حيث سيكون للإجراء الفرنسي وقعه في الأوساط اللبنانية والقضائية. واستبق وكلاء الدفاع عن سلامة وشقيقه رجا ومساعدته ماريان الحويك هذا الإجراء بتقديم دفوع شكلية أمام النيابة العامة التمييزية أحيلت إلى القاضي أبو سمرا، طلبوا فيها إرجاء المساعدة القضائية الأوروبية؛ لكونها تتعارض مع التحقيقات الجارية في لبنان. ولفتوا إلى أن «التحقيقات الأوروبية المتعلقة بملف مصرف لبنان، لا تراعي مبدأ وأهداف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد».

وألمحت الدفوع إلى الضغوط التي مارستها القاضية الفرنسية على رياض سلامة خلال جلسة استماعه في بيروت، وسأل مقدمو الدفوع «هل يحقّ للقاضي الناظر بالملفّ (بوريزي) أن يصدر أحكاماً مسبقة والإفصاح عن الإجراءات التي سيتخذها؟ وهل يعقل أن يهدد القاضي المذكور المستمع إليه (سلامة) بإصدار مذكرة توقيف في الملف العالق أمامه في فرنسا، ليعممها على الإنتربول ويمنعه من دخول فرنسا؟». وقد لاحظوا أن «التهديد إلى قمته عندما صرحت القاضية بأنها ستمنعه (سلامة) من زيارة أولاده في فرنسا».

وطلب مقدمو الدفوع «نقل جميع إجراءات الملاحقة بجميع الجرائم الأصيلة، وتركيزها في لبنان أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا»، كما شددوا على ضرورة أن «يطلب أبو سمرا من القضاة الأوروبيين تعليق تحقيقاتهم المتعلقة بالجرائم الأصلية المزعومة في ملف شركة (فوري) وغيرها بشكل نهائي».

وفي باريس، أشار بيار أوليفييه سور، محامي سلامة إلى حجة قانونية إضافية، وهي أن التبليغ أرسل قبل أقل من عشرة أيام من موعد الاستجواب المقرر «الأمر الذي يعني أن النصوص القانونية لم تُحترم، وبالتالي أصبحت دعوى المثول عديمة». وكان أمام القاضية، وفق النصوص الفرنسية أحد حلين: إما دعوته مجدداً للمثول وإما إصدار مذكرة توقيف، وقد اختارت الحل الثاني.

يذكر أن الدعوى القضائية المقدمة ضد سلامة في فرنسا تعود لشهر يوليو (تموز) عام 2021. ويسعى الأخير لرفع التجميد الذي فرض على أصول يمتلكها في فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ، وتبلغ حوالي 120 مليون يورو، إضافة إلى شقق وممتلكات أخرى. وسبق لسلامة أن استجوبته القاضية الفرنسية في بيروت وأبلغته، وقتها، شفهيا باستدعائه للمثول أمامها في باريس، وأنها ستعمد إلى توجيه اتهامات رسمية له.

يضاف إلى ما سبق أن اتهامات رسمية وجهت لشخصين على علاقة بسلامة: الأولى هي مواطنة أوكرانية اسمها أنا ك.، وله منها ابنة. ويظن القضاء أنها واجهة يحتمي وراءها سلامة. والثاني الوزير اللبناني السابق مروان خير الدين ورئيس بنك الموارد الذي يظن القضاء بشأنه أنه «سهّل» أو «غطى» عمليات الاحتيال المالية لحاكم البنك المركزي.

ومن جانبه، قال المحامي ويليام بوردون وكيل الجمعية المسماة «شيربا» التي هي في أساس الدعوى ضد سلامة إن الأخير «سيتم توقيفه راهناً أو لاحقاً».


مقالات ذات صلة

غارة إسرائيلية تستهدف ساحل جبل لبنان الجنوبي

المشرق العربي حطام سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة العديسة الحدودية مع إسرائيل بجنوب لبنان وأسفرت عن سقوط قتيل (أ.ف.ب)

غارة إسرائيلية تستهدف ساحل جبل لبنان الجنوبي

استهدفت غارة جوية إسرائيلية، مساء الثلاثاء، شاحنة صغيرة على ساحل جبل لبنان الجنوبي، في تصعيد لافت بمداه الجغرافي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي دبلوماسيون عاينوا نفقاً لـ«حزب الله» حيّده الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني خلال جولة برفقة الجيش اللنباني بجنوب لبنان (مديرية التوجيه)

زيارة الدبلوماسيين لجنوب لبنان... دعم دولي للمسار الدبلوماسي ولإجراءات الجيش

تابع رئيس الجمهورية اللبنانية جوزيف عون، الثلاثاء، التحضيرات للاجتماع المقرر عقده بباريس للبحث في حاجات الجيش.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي وزير الاقتصاد اللبناني السابق أمين سلام (الشرق الأوسط)

تأخّر المحاكمات يُطلق سراح وزير الاقتصاد اللبناني السابق

أطلق القضاء اللبناني سراح وزير الاقتصاد والتجارة السابق أمين سلام، بعد مضيّ ستة أشهر على توقيفه بتهمة «اختلاس أموال عامة وصرف نفوذ وتبييض أموال».

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي رئيس البرلمان نبيه بري (رئاسة البرلمان)

لبنان: جعجع يتهم بري بالاستخفاف برأي 65 نائباً

اتهم رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، بالاستخفاف برأي 65 نائباً وبأنه تخطاهم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي سفير المملكة العربية السعودية لدى بيروت وليد بخاري خلال مشاركته في الجولة إلى الجنوب (قيادة الجيش)

جولة لسفراء في جنوب لبنان ومعاينة ميدانية لخطة حصرية السلاح

نظمت قيادة الجيش جولة ميدانية لعدد من السفراء والقائمين بأعمال السفارات والملحقين العسكريين للاطّلاع على تطبيق المرحلة الأولى من خطة الجيش.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

غارة إسرائيلية تستهدف ساحل جبل لبنان الجنوبي

حطام سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة العديسة الحدودية مع إسرائيل بجنوب لبنان وأسفرت عن سقوط قتيل (أ.ف.ب)
حطام سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة العديسة الحدودية مع إسرائيل بجنوب لبنان وأسفرت عن سقوط قتيل (أ.ف.ب)
TT

غارة إسرائيلية تستهدف ساحل جبل لبنان الجنوبي

حطام سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة العديسة الحدودية مع إسرائيل بجنوب لبنان وأسفرت عن سقوط قتيل (أ.ف.ب)
حطام سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة العديسة الحدودية مع إسرائيل بجنوب لبنان وأسفرت عن سقوط قتيل (أ.ف.ب)

استهدفت غارة جوية إسرائيلية، مساء الثلاثاء، شاحنة صغيرة على ساحل جبل لبنان الجنوبي، في تصعيد لافت بمداه الجغرافي، بعد استئناف إسرائيل ملاحقاتها عناصر من «حزب الله» منذ يوم الأحد، بعد تعليق تلك الملاحقات لأسبوعين تزامنت من توسعة المفاوضات مع لبنان إلى مفاوضات مدنية.

وجاءت الغارة بالتزامن مع سلسلة انتهاكات لاتفاق وقف إطلاق النار، شملت الجنوب اللبناني والحدود البرية والبحرية، وفي وقت أعلن فيه الجيش الإسرائيلي أرقاماً مرتفعة عن حصيلة عملياته منذ بدء تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.

وأفادت معلومات ميدانية بأن المسيّرة الإسرائيلية استهدفت آلية على طريق سبلين - جدرا الواقع على ساحل الشوف في جبل لبنان الجنوبي، ما أدى إلى سقوط قتيل وجرحى. وعلى الأثر، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه «هاجم عنصراً ثانياً من (حزب الله)»، بعد استهداف شخص آخر في المنطقة الحدودية صباحاً.

غارة على العديسة

وكانت مسيّرة إسرائيلية قد شنّت غارة استهدفت سيارة من نوع «رابيد» بين بلدتيْ مركبا وعديسة الحدوديتين مع إسرائيل في جنوب لبنان. وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية مقتل شخص في الغارة التي وقعت في بلدة العديسة، قضاء مرجعيون.

وعقب الغارة، قال الجيش الإسرائيلي إنه «استهدف عنصراً من (حزب الله) في جنوب لبنان»، وعَدَّ أن «وجود عناصر الحزب جنوباً يشكّل انتهاكاً لاتفاق وقف إطلاق النار».

توغّل بري

ولم يقتصر التصعيد على الغارات الجوية، إذ أُفيد بتوغّل قوة إسرائيلية إلى بلدة الضهيرة الحدودية، حيث دخلت لمسافة تُقدَّر بنحو 600 متر شمال الخط الأزرق. وأفادت وسائل إعلام محلية بأن القوة المتوغلة نفّذت عملية ميدانية تمثّلت في نقل صناديق ذخيرة مفخخة ووضعها في حي الساري داخل البلدة، قبل أن تنسحب.

وتشهد البلدة عودة متقطعة للأهالي الذين يتوجهون إليها بشكل دوري، رغم تعرّضهم شِبه اليومي لإطلاق نار وقنابل صوتية من جانب القوات الإسرائيلية. وعلى الفور، حضرت وحدة الهندسة في الجيش اللبناني إلى المكان، وكشفت على الصناديق المفخخة قبل أن تقوم بتفجيرها؛ منعاً لوقوع إصابات في صفوف المدنيين.

انتهاكات بحرية

وفي امتداد للتصعيد، أطلق زورق حربي إسرائيلي، ليلاً، رشقات نارية باتجاه المياه الإقليمية اللبنانية قبالة شاطئ الناقورة، بالتزامن مع إطلاق قنابل مضيئة في أجواء المنطقة نفسها، في خطوة أعادت التوتر إلى الواجهة البحرية الجنوبية، رغم سَريان وقف إطلاق النار.

420 قتيلاً

وفي ظل التطورات الميدانية، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل 420 مسلَّحاً منذ بدء تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان في نوفمبر 2024. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن نحو 40 مسلّحاً قُتلوا في جنوب لبنان منذ مطلع شهر أكتوبر (تشرين الأول)، زاعماً أن المستهدفين «شاركوا في إعادة تأهيل بنى تحتية عسكرية وتهريب وسائل قتالية لـ(حزب الله)». وزعم الجيش الإسرائيلي أن «(حزب الله) انتهك اتفاق وقف إطلاق النار أكثر من 1900 مرة منذ دخوله حيز التنفيذ».


دمشق: متابعة أمنية مكثفة للوضع في تدمر بعد هجوم «داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (وزارة الداخلية)
TT

دمشق: متابعة أمنية مكثفة للوضع في تدمر بعد هجوم «داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (وزارة الداخلية)

تابع وزير الداخلية السوري أنس خطّاب مع قائد «أمن البادية» وعدد من المسؤولين الامنيين، الوضع في تدمر عقب الهجوم الذي أوى بحياة جنديين ومترجم مدني، أميركيين، وشدد على «معالجة أي ثغرات في الأداء و تفعيل الجاهزية و الاستجابة لمواجهة تنظيم داعش»، وذلك مع تسجيل تزايد في الهجمات التي تستهدف قوى الأمن في الأيام الأخيرة... فيما أعلنت «الداخلية»، القبض على مجموعة، قالت إنها «متورطة في اعتداء على أمن الطرق والجمارك».

وأفادت وزارة الداخلية في بيان، بأن اجتماع خطاب، مع المسؤولين الأمنيين «كان بهدف الاطلاع على الوضع في المنطقة عقب الحادث الأخير في مدينة تدمر، وتقييم المخاطر القائمة لضمان استقرار المنطقة وحماية المواطنين».

وزير الداخلية السوري خلال الاجتماع الأمني (وزارة الداخلية)

ووقع الحادث في تدمر يوم السبت الماضي في أثناء اجتماع ضم مسؤولين من قادة الأمن في البادية، مع وفد من «قوات التحالف الدولي» لبحث آليات مكافحة تنظيم «داعش».

وفي الاجتماع الأمني الموسع، شدد وزير الداخلية السوري، «على تعزيز الجاهزية والتنسيق لمواجهة داعش بعد هجوم تدمر، واستعرض نتائج التحقيقات التي أجراها الفريق المكلف بمتابعة مجرياته، وناقش التوصيات الرامية إلى تعزيز كفاءة الوحدات الأمنية، ومعالجة أي ثغرات في الأداء»، مؤكداً على «التنسيق التام فيما بينها، و تفعيل الجاهزية الميدانية للفرق المختصة لضمان سرعة الاستجابة».

ونفذت القوى الأمنية، الأحد، عملية نوعية في مدينة تدمر، في ظلّ تزايد ملحوظ لهجمات «داعش» على عناصر ودوريات الأمن السوري خلال الأيام الأخيرة. وأعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا، الثلاثاء، استهداف مجموعة قال إنها «متورطة في الاعتداء على دورية لأمن الطرق والجمارك». وأكد القبض على أفرادها.

وكان تنظيم «داعش»، أعلن الاثنين، تبنيه لهجوم وقع الأحد، وأسفر عن مقتل أربعة من عناصر الأمن في منطقة معرة النعمان بريف إدلب. وقال التنظيم الإرهابي في بيان، إنه نفذ الهجوم على عناصر الأمن التابعين للحكومة بالأسلحة الرشاشة، وإن «مقاتليه عادوا سالمين».

جانب من الاجتماع الأمني الخاص بتدمر (وزارة الداخلية)

ويعد هذا هو الهجوم الثاني من نوعه خلال أقل من أسبوعين، حيث تعرضت دورية جمارك لكمين في 4 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، أسفر عن مقتل عنصرين وإصابة اثنين آخرين في ريف حلب، وفق ما أعلنته «الهيئة العامة للمنافذ والجمارك السورية».

في سياق آخر انفجرت قنبلة في سيارة تابعة لوزارة الدفاع في مدينة البوكمال في دير الزور الثلاثاء، دون إصابات في حين عملت سيارات الدفاع المدني على إطفاء الحريق وفق ما قالته وسائل الإعلام الرسمي، فيما أفاد موقع «فرات بوست» المحلي، بأن السيارة كانت محملة بالذخيرة وحصل الانفجار في أثناء توقفها خلف «جامع المصطفى» وأعقب الانفجار اندلاع حريق من دون تسجيل إصابات.


تأخّر المحاكمات يُطلق سراح وزير الاقتصاد اللبناني السابق

وزير الاقتصاد اللبناني السابق أمين سلام (الشرق الأوسط)
وزير الاقتصاد اللبناني السابق أمين سلام (الشرق الأوسط)
TT

تأخّر المحاكمات يُطلق سراح وزير الاقتصاد اللبناني السابق

وزير الاقتصاد اللبناني السابق أمين سلام (الشرق الأوسط)
وزير الاقتصاد اللبناني السابق أمين سلام (الشرق الأوسط)

أطلق القضاء اللبناني سراح وزير الاقتصاد والتجارة السابق أمين سلام، بعد مضيّ ستة أشهر على توقيفه بتهمة «اختلاس أموال عامة وصرف نفوذ وتبييض أموال وابتزاز شركات التأمين لقاء تجديد عقودها».

ووافقت الهيئة الاتهامية في بيروت، برئاسة القاضي كمال نصار وعضوية المستشارين القاضيين رولان الشرتوني والقاضية ماري كريستين عيد، على إخلاء سبيل سلام لقاء كفالة مالية مرتفعة قدرها تسعة مليارات ليرة لبنانية (ما يعادل 100 ألف دولار) ومنعه من السفر.

وجاء القرار بعد استئناف وكيل سلام المحامي سامر الحاج، على قرار قاضي التحقيق في بيروت رولا عثمان، التي كانت قد رفضت إخلاء السبيل وأبقته موقوفاً.

وزير الاقتصاد اللبناني السابق أمين سلام (الشرق الأوسط)

وخضع سلام لاستجواب أولي مطلع شهر يونيو (حزيران) الماضي، أمام النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار الذي تركه رهن التحقيق، وما لبث الأخير أن كلف فرع التحقيق في شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي باستدعاء سلام في 11 يونيو واستجوابه مجدداً، وفي نهاية التحقيق أمر الحجار بتوقيفه، وأحاله على النيابة العامة المالية التي ادعت عليه في 16 يونيو، بتهم «الاختلاس وهدر المال العام والتزوير واستعمال المزور، وابتزاز وتقاضي رشى والإثراء غير المشروع ومخالفة القوانين». وأودعت الملف دائرة قاضي التحقيق الأول الذي استجوبه وأصدر مذكرة توقيف وجاهية بحقّه.

قرار إجرائي

ورغم أن سلام متهم بجرائم جنائية، فإن تأخير السير في محاكمته حمل الهيئة الاتهامية على إطلاق سراحه، غير أن القرار لا يعني البراءة أو انتفاء الشبهات، بل يرجع إلى أسباب إجرائية وقانونية بحتة، وفق ما أوضح مصدر قضائي.

وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن إخلاء سبيل سلام «جاء بعد انقضاء مهلة الستة أشهر للتوقيف الاحتياطي، وهي المهلة القصوى التي يفرضها القانون في مثل هذه القضايا، ما لم يصدر حكم قضائي بحقه».

وأشار إلى أن استمرار التوقيف بعد انتهاء هذه المهلة «يشكّل مخالفة قانونية تفرض على المحكمة رفعها تلقائياً، مهما بلغت خطورة التهم الموجهة إلى الموقوف، ما لم يعلل المرجع المسؤول عن التوقيف سبب المضي باحتجاز المتهم أو المشتبه به». واعتبر المصدر أن ستة أشهر من التوقيف «تُعد مدة كافية في هذه المرحلة، على أن يُحال سلام لاحقاً إلى المحاكمة أمام محكمة الجنايات بعد صدور القرار الظني عن قاضي التحقيق الذي يضع يده على الملفّ».

جدل التوقيف الاحتياطي

وفي خطوة أعادت إلى الواجهة الجدل المزمن حول التوقيف الاحتياطي وحدوده القانونية، وقدرة القضاء على الموازنة بين مقتضيات المحاسبة وضمان الحقوق الأساسية للموقوفين، شدد المصدر القضائي على أنه «من واجب القضاء إحقاق الحق، لكنه أيضاً من واجبه رفع الظلم عندما يلحق بالموقوف أياً كان»، في إشارة إلى أن التوقيف الاحتياطي ليس عقوبة بحد ذاته، بل إجراء استثنائي يفترض ألا يتحول إلى وسيلة ضغط أو انتقام.

مغادرة السجن

وفور صدور قرار إخلاء السبيل، سارع وكيل سلام المحامي سامر الحاج، إلى تسديد قيمة الكفالة المالية، كما جرى تنفيذ قرار منعه من السفر لدى المديرية العامة للأمن العام. وانتقل الحاج بعدها إلى سجن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، حيث تم إخراج سلام، الذي غادر السجن وعاد إلى منزله بعد نصف عام من التوقيف.

ويأتي هذا التطور في وقت تتعرض فيه السلطة القضائية لضغوط سياسية وشعبية متزايدة، وسط مطالبات بتسريع المحاكمات، جراء البطء في الإجراءات القضائية، وبعد ساعات على صدور بيان عالي اللهجة عن مجلس القضاء الأعلى، ردّ فيه على الحملات التي تطول القضاء عبر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، والتي تنتقد بشدّة عمل السلطة القضائية وواقع قصور العدل، وتأكيد المجلس على سعيه الدؤوب لتحسين ظروف العمل القضائي وتعزيز فعاليته.