الفلسطينيون تذكّروا يوم «النكبة» في ظل اقتحامات واعتقالاتhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/4329261-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D9%88%D9%86-%D8%AA%D8%B0%D9%83%D9%91%D8%B1%D9%88%D8%A7-%D9%8A%D9%88%D9%85-%C2%AB%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%83%D8%A8%D8%A9%C2%BB-%D9%81%D9%8A-%D8%B8%D9%84-%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D8%A7%D8%B9%D8%AA%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA
الفلسطينيون تذكّروا يوم «النكبة» في ظل اقتحامات واعتقالات
صورة من الأعلى لوسط رام الله في الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة (رويترز)
مر يوم الفلسطينيين في الذكرى الـ75 للنكبة، كالمعتاد، في أجواء اقتحامات إسرائيلية ومواجهات وقتل واعتقالات، في ظل استمرار للمأساة، ووقفات ومطالبات برفع الظلم التاريخي الذي لم ينسه من عايشه، ولا حتى أولادهم وأحفادهم الذين ورثوا عن آبائهم مفاتيح بيوتهم في القرى والبلدات المهجرة عام 1948، ورفعوها عالياً (الاثنين)، في تأكيد على عدم تنازلهم عن حقهم في العودة.
وقتل الجيش الإسرائيلي، الاثنين، في مواجهات اندلعت في مخيم «عسكر» للاجئين في نابلس شمال الضفة الغربية، الشاب صالح صبرا (22 عاماً) بعد إصابته برصاص في صدره خلال اقتحام للمخيم، واعتقل آخرين.
كما اقتحم الجيش حي المساكن الشعبية في نابلس ودارت هناك اشتباكات عنيفة، كما اقتحم مخيم طولكرم وطوباس ورام الله والخليل، واعتقل فلسطينيين، في حملة واسعة سقطت خلالها طائرة استطلاع إسرائيلية في المخيم.
وجاءت الهجمات الإسرائيلية في الضفة، في اليوم الذي أحيا فيه الفلسطينيون الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة بمشاركة الأمم المتحدة، لأول مرة.
ودوت (الاثنين) صفارات الإنذار لمدة 75 ثانية عند الساعة الواحدة ظهراً، بعد قليل من رفع الأذان في المساجد، وإطلاق أجراس الكنائس، إيذاناً ببدء فعاليات إحياء الذكرى الـ75 للنكبة.
وبعد أن توقفت الحركة 75 ثانية، بعدد سنوات النكبة، انطلقت مسيرات ومهرجانات ووقفات في معظم المدن والمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
في رام الله، تجمهر الفلسطينيون عند ضريح الزعيم الراحل ياسر عرفات، ثم توجهوا في مسيرة مركزية إلى وسط المدينة، وهم يحملون الأعلام الفلسطينية وأعلاماً سوداء، ويرفعون مفاتيح بيوتهم القديمة، مذكّرين العالم بحقهم في العودة إليها.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد أشتية، إن النكبة تمثل «أكبر مذبحة ومظلمة، وأكبر عملية سرقة وانتزاع للملكيات والممتلكات»، داعياً إلى «صحوة الضمير العالمي، والبدء برفع الظلم التاريخي الذي ألحقته الحركة الصهيونية والنظام الدولي بالشعب الفلسطيني».
أشتية قال أيضاً، إن النكبة «جريمة ممتدة على مدار 75 عاماً، ولا يزال شعبنا يدفع من دمه ولحمه الحي فاتورة العدوان». وإن الذكرى، تثبت أن شعبنا حي، «وحتى وإن مات الكبار، فإن الصغار لا ينسَون».
وخاطب رئيس الوزراء الفلسطيني العالم، بالقول: «ما ضاع حق وراءه مطالب، وإن لكل فلسطيني الحق في المطالبة بالتحقق من ممتلكاته، ورفع الدعاوى أمام المحاكم الدولية لاستعادة حقوقهم مع استمرار نضالنا لإحقاق الحق الجماعي لشعبنا حيثما كان».
ودعا الدول والحكومات والهيئات والمحاكم الدولية، إلى وقف استثناء «إسرائيل» من نفاذ القانون الدولي والإنساني، وإخضاعها للمساءلة والمحاسبة.
في غزة، تظاهر المئات من الفلسطينيين أمام مقر الأمم المتحدة، ورفعوا علَم فلسطين ولافتات تؤكد على حق الفلسطينيين بأرضهم، وأن حق العودة لا يسقط بالتقادم مهما مرت السنوات.
وقال عضو المكتب السياسي لجبهة «النضال الشعبي»، محمود الزق، إن «النكبات فعلاً تتوالى على الشعب الفلسطيني، والشعور بأننا وحدنا، ورغم ذلك فإن الشعب الفلسطيني لن ينكسر».
وانطلقت الفعاليات في الضفة حيث رفع الفلسطينيون أسماء قراهم التي هُجّروا منها، إضافة إلى فعاليات أخرى نظمها الفلسطينيون في الشتات، تحت شعار «النكبة جريمة مستمرة والعودة حق».
ونظمت الأمانة العامة في جامعة الدول العربية، ندوة رفيعة المستوى حول النكبة، بمشاركة الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، وحضور المندوبين الدائمين بجامعة الدول العربية ممثلي البعثات الدبلوماسية العربية والدولية لدى مصر. كما نُظم معرض صور لرحلة اللجوء الفلسطينية، وعُرض فيلم وثائقي عن النكبة.
وجرت في الأيام الأخيرة، التحضيرات على قدم وساق لتنظيم حدث رفيع المستوى في قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة. ولأول مرة منذ عام 1948، تحيي الأمم المتحدة ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني بفعالية رسمية، في مقر الهيئة الدولية في نيويورك. يلقي رئيس دولة فلسطين محمود عباس، الاثنين، خطاباً في الفعالية الرسمية التي تنظمها الأمم المتحدة بمقرها في نيويورك، إحياءً للذكرى الـ75 لنكبة الشعب الفلسطيني، وذلك لأول مرة منذ عام 1948.
وإلى جانب الفعالية الرسمية، يقام حدث تذكاري خاص وحفل موسيقي في قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، من الساعة 6 حتى 8 مساءً (بتوقيت نيويورك)، ويهدف هذا الحدث إلى خلق تجربة غنية حول نكبة الشعب الفلسطيني، من خلال صور ومقاطع فيديو وشهادات، وحفلين موسيقيين؛ الأول للفنانة الفلسطينية سناء موسى، والآخر لنسيم الأطرش، عازف «التشيلو» والملحن الذي رُشح لجائزة «غرامي»، برفقة «أوركسترا نيويورك العربية».
وتمت دعوة أعضاء الأمم المتحدة ومراقبيها لحضور الحدثين، إضافة إلى المنظمات الحكومية الدولية، ومنظمات المجتمع المدني، وكذلك الجمهور، على الرغم من ضغوطات إسرائيلية حتى الساعات الأخيرة لمقاطعة الحدث.
ودعا سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان، جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لمقاطعة الحدث الذي وصفه بـ«المخزي». وبعث إردان برسالة شخصية إلى ممثل كل دولة، كتب فيها: «إن الفكرة القائلة إن منظمة دولية يمكن أن تشير إلى تأسيس إحدى الدول الأعضاء فيها، على أنها كارثة، هي فكرة مروعة ومثيرة للاشمئزاز».
وأضاف: «هذا الحدث هو محاولة فاضحة لتشويه التاريخ، متجاهلاً حقيقة أن أولئك الذين يصورون أنفسهم على أنهم ضحايا (النكبة)، هم في الواقع المعتدون الذين بدأوا حرباً خماسية ضد دولة إسرائيل المنشأة حديثاً». وشدد على أن «هذا التزوير المرعب يجب ألا يتم التغاضي عنه بأي طريقة أو شكل أو صورة».
لأكثر من عشر سنوات، ظلت الأوساط الثقافية والإعلامية السعودية والعربية تتداول قرب صدور مذكرات رجل الدولة السعودي الشيخ جميل الحجيلان. «الشرق الأوسط» تنفرد بها.
قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن أطماع إسرائيل لا تقف عند غزة أو الأراضي الفلسطينية المحتلة لكنها ستمتد إلى منطقة الأناضول.
سعيد عبد الرازق (أنقرة)
جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمانhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/5084403-%D8%AC%D8%AF%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%AF%D9%86-%D9%8A%D8%B9%D9%88%D8%AF-%D9%85%D9%86-%D8%A8%D9%88%D8%A7%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86
الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)
يتعامل الأردن مع تحديات أمنية وسياسية خطِرة على حدوده الشمالية مع سوريا، والشرقية مع العراق، والغربية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي. ومع التحدّي الأخير يتعامل الأردن بحذر شديد مع مخطّطات الحكومة اليمينية المتطرفة في تل أبيب، ودعوات تهجير الفلسطينيين التي عدّتها عمّان «إعلان حرب عليها»، لتتعاظم هواجس داخلية تفرض نفسها على صنّاع القرار بقوة.
ومع بدء الدورة الأولى من عمر مجلس النواب العشرين الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في ظل وجود كتلة معارضة «حرجة» تملك 31 مقعداً قابلة للزيادة تمثلها كتلة «جبهة العمل الإسلامي»، الذراع الحزبية لجماعة الإخوان المسلمين غير المرخّصة في البلاد.
قياس شرعية الانتخابات
بدأت القصة الجديدة بين السلطة الأردنية والحركة الإسلامية من قياس «شرعية» الانتخابات الأخيرة، بعد مشاركة نواب الحركة حصولهم على قرابة نصف مليون صوت على مستوى البلاد كافة، من أصل نحو مليون و600 ألف مقترع شاركوا في الانتخابات، إلى جانب حصدهم أيضاً مقاعد مُخصّصة للمرأة والشركس والشيشان في عدد من الدوائر المحلية، على مستوى المحافظات.
وباعتراف الحزب المعارض بنزاهة الانتخابات، تكون المعايير التي سعى الإسلاميون إلى تكريسها مرتبطة فقط بعدد المقاعد التي يحصلون عليها، مستندين إلى سيطرتهم على وعي الرأي العام، من خلال امتلاكهم منابر دينية وإعلامية غير متوافرة لخصومهم.
كانت ثمة تحذيرات جاءت على ألسنة شخصيات سياسية وازنة وخبرات قانونية، من أن قانون الانتخاب الذي توافقت عليه لجنة ملكية، ومنح صوتين للناخب أحدهما لدائرته المحلية والآخر للدائرة العامة المخصصة مقاعدها الـ41 للأحزاب، أبرزها أن الصوت الثاني سيكون «صوتاً مجانياً» مُعطىً لمرشحي الحركة الإسلامية، لكن هذه التحذيرات قوبلت بالسخرية.
كان «عرّابو» القانون يسخرون من التحذيرات، وسط ثقة مُفرطة بأنفسهم، بينما سعى «طباخو» القانون إلى تشكيل أحزاب سياسية قيل إنها ستنافس الحركة الإسلامية، بل ستقلّص عدد مقاعدهم. لكن الحقيقة جاءت بعكس توقعات استطلاعات الرأي السرّية، بل إن تلك التوقعات جاءت بمبالغات لا صلة لها بالواقع.
استناداً إلى ما سبق، ونتيجة لمراجعات مراكز قرار و«جرد الحسابات»، أُقيل ضباط كبار في جهاز الاستخبارات العامة، وسياسياً أعيد تموضُع شخصيات في مواقع متقدمة في الديوان الملكي، وتحييد آخرين، مع إلزام الحكومة الجديدة بتدوير الزوايا الاقتصادية الحادة في موازنة العام المقبل، واختصار تصريحاتها بالشأن السياسي. ومن المتوقع أن تطال التغييرات مواقع متقدِّمة، أمنية وسياسية قبل نهاية العام.
وحسب مخضرمين سياسيين، كان من السهل الطعن بدستورية قانون الانتخاب النافذ، خصوصاً في ظل التعارض الواضح في نصوص احتساب درجة الحسم (العتبة) التي جاءت نتيجتها بمضاعفة عدد مقاعد الحركة الإسلامية على الأقل.
وقد استند هؤلاء إلى نصّين متعارضين في حسابات الفوز والخسارة في الانتخابات، ثم إنه رغم التحذيرات أدّى الإصرار على الخطأ لنتائج غير متوقعة، وسقوط استطلاعات الرأي المسكوت عنها، والتي «أُجريت بطرق غير علمية»، كما وصفها مطّلعون تحدثت معهم «الشرق الأوسط».
خطاب العرش... بين السطور
في الثامن عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي انطلقت أعمال الدورة العادية من عُمر مجلس النواب العشرين، بعد إلقاء العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خطاب العرش. وحمل الخطاب بين سطوره «مفاتيح» لسياسة الأردن، في ظل تحوّلات كبيرة، لعل أهمها إدارة العلاقات الأردنية مع الحليف الأميركي بعد فوز دونالد ترمب بفترة رئاسية جديدة، والمفاجآت التي قد تحملها سياساته، عطفاً على سياساته وقراراته في دورته السابقة، ومدى الحرج الذي قد يتسبّب به الرجل في لقاءاته الرسمية وتصرفاته الشخصية.
لم يأخذ الكلام الملكي المساحة اللازمة من التحليل وقراءة ما بين السطور، واكتفى المحللون بإبراز فقرات من الخطاب تتعلق بالشأن الداخلي، إثر قول الملك إن مستقبل بلاده «لن يكون خاضعاً لسياسات لا تلبّي مصالحه أو تخرج عن مبادئه»، واصفاً الأردن بـ«الدولة الراسخة الهوية، التي لا تغامر في مستقبلها».
ولم يتطرّق المحلّلون إلى سقوط عبارة «حل الدولتين» من الخطاب والاكتفاء بالإشارة إلى «السلام العادل والمشرّف هو السبيل لرفع الظلم التاريخي عن الأشقاء الفلسطينيين»، مع تمسّك الأردن بأولوية إعادة «كامل الحقوق لأصحابها ومنح الأمن للجميع، رغم كل العقبات وتطرّف الذين لا يؤمنون بالسلام».
قراءة في سلوك «الإسلاميين»
بعد الرسائل الملكية تلك، دخل النواب في منافسة محمومة على مقاعد الرئاسة وانتخاب أعضاء المكتب الدائم للمجلس. وجاءت النتيجة حاسمة لصالح الرئيس الأسبق أحمد الصفدي الذي نافسه النائب صالح العرموطي (الإسلامي)، الآتي محمولاً على أكتاف أعلى الأصوات على مستوى الدوائر المحلية.
أراد «الإسلاميون» في المجلس إيصال «مظلوميتهم» إلى الشارع، فبعد إعلان خمس كتل حزبية تحالفها في انتخابات الرئاسة والمكتب الدائم، كانت منافسة كتلة حزب «جبهة العمل الإسلامي» غير مُجدية؛ نظراً لقرارهم بعزل أنفسهم عن أي تحالفات حتى مع المستقلين من أعضاء المجلس، ولم ينجحوا إلا في استقطاب 6 نواب من خارج كتلتهم (الـ31 نائباً)، على الرغم من وجود 23 نائباً مستقلاً، مع توزّع 115 من النواب على 12 حزباً فازوا بمقاعد بعد تجاوز درجة الحسم في الانتخابات النيابية الأخيرة.
هؤلاء، بالإضافة إلى حزب «جبهة العمل الإسلامي»، جاؤوا على التوالي: حزب «الميثاق»، و«إرادة»، و«الوطني الإسلامي»، و«تقدّم»، و«الاتحاد»، و«الأرض المباركة»، وحزب «عزم»، وحزب «العمل»، وحزب «العمال»، و«المدني الديمقراطي»، وحزب «نماء».
ويُدرك الإسلاميون صعوبة التحالف، وكانوا قد ضيّعوا فرصة قدّمها قبل انتخابات الرئاسة وقتها المرشح الصفدي؛ إذ ضمن لهم مقعدين في المكتب الدائم هما مقعد النائب الثاني للرئيس، وأحد مقعدي المساعدين للرئيس، ورئاسة بعض اللجان. غير أنهم آثروا الانعزال ورفض التفاوض، فكانت فكرتهم المركزية - كما وصفها مقربون منهم في حوارات مع «الشرق الأوسط» - أنهم يريدون «إيصال رسائل» تُفيد بتعرّضهم لحصار ومحاربة من قبل الأحزاب الرسمية، وبذلك يحصدون المزيد من الشعبية أمام الشارع الأردني، وهذا ما حصل فعلاً.
وبالفعل، تابع الإسلاميون خطتهم في انتخابات الرئاسة والمكتب الدائم، وسعوا للترشح عن مقعدي النائب الأول والثاني للرئيس. وبعد استعراضات تحت القبة، انسحب مرشحو الحركة في رسالة أرادوا منها التذكير بقدرتهم على المشاغبة في مواجهة توزيع المواقع القيادية في المجلس.
إلا أن ما استقرت عليه خطة المواجهة معهم تحت القبة سيحرمهم أيضاً فرص الفوز برئاسة اللجان النيابية الدائمة، وعلى رأس هذه اللجان: المالية، فلسطين، التوجيه الوطني، الاقتصاد والاستثمار، الشؤون الخارجية، والحريات العامة، وفق مصادر تحدثت إلى «الشرق الأوسط».
مواجهة مرتقبة
يُدرك صنّاع القرار في الأردن اليوم مدى خطورة وجود كتلة «حرجة» بحجم كتلة «جبهة العمل الإسلامي» تحت قبة المجلس، لا سيما أنه عُرف عنهم التزامهم في حضور الجلسات التشريعية، وبراعتهم في اختيار مداخلاتهم في الجلسات الرقابية، في ظل احتكارهم لعبة النصاب في التصويت على قرارات المجلس.
ثم إن للإسلاميين صدقيتهم في الإعلام المحلي، وهم الذين استخدموا التواصل الاجتماعي بفاعلية في إيصال صوتهم. ولذا فهم يستخدمون لعبة شحن الشارع بمظلوميتهم وكشفهم عن خفايا التصويت على القرارات في المجلس.
وبرأي متابعين، فإن الحصيلة الشعبية لحزب «جبهة العمل الإسلامي» قابلة للارتفاع في ظل ضعف حجة من يواجههم في العمل العام.
لكن ما غاب عن حسابات المطبخ السياسي لـ«جبهة العمل الإسلامي» (وحاضنته الأم جماعة الإخوان المسلمين غير المرخصة)، أنهم قد يكونون الأداة الأهم في التحذير من مخاطر أمن واستقرار المملكة في ظل استمرار نشاطهم السياسي الذي يعرف استخدام الشارع وعاطفته في الاشتباك مع مؤسسات الدولة؛ إذ بمجرد وجود الإسلاميين في المجالس المنتخبة سيوزّع رسائل إلى عدة جهات، أهمّها تحكم اليمين الإسلامي في دولة عُرفت بالاعتدال... وهذا قد يقلب الطاولة على أحلام الحركة في السيطرة والسلطة.
بداية مُقلقة لعلاقة متوترة
أمام السلطتين التشريعية والتنفيذية حزمة استحقاقات صعبة. وستكون البداية بـ«حفلة» البيان الوزاري وبدء «ماراثون» مناقشة النواب لمضامينه، وهنا سيستغل نواب الحركة الإسلامية المنبر البرلماني لشن هجمات على الحكومة، وتشويه صورتها، منتصرين بذلك أمام الشارع بعد حجبهم الثقة.
وبعد طيّ صفحة الثقة المضمونة للحكومة، سيدخل استحقاق مشروع قانون الموازنة والوحدات المستقلة لسنة 2025. وتكراراً سيصعد نواب الحركة إلى المنبر ليضاعفوا حصّتهم في الشارع، ولن تنتهي الدورة البرلمانية العادية قبل أن يكون لـ«جبهة العمل الإسلامي» الحصّة الأكبر من معركة الرأي العام.
في المقابل، ما يمكن أن تشهده الدورة الحالية في ملف ساخن قد يعيد المشهد لما قبل عام 2011، هو القرار المُرتقب في حل نقابة المعلمين مطلع ربيع العام المقبل. هذا الملف قد يعيد «تسخين» المشهد المحلي على «صفيح» قضية المعلمين وعودتهم إلى الحراك. وللعلم، كان آخر نقيب للمعلمين قبل قرار قضائي جمّد أعمال النقابة وأغلق أبوابها، نائب جاء عن قائمة الحزب الإخواني التي ترشحت على مقاعد الدائرة الحزبية العامة.
نقاط ضعف الحكومة وقوتها
مرتكز القوة لحكومة جعفر حسّان التي أقسمت اليمين مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، هو شخصية رئيسها. فحسّان يتمتع بصفات الاستقامة والنزاهة، ورفض الاستجابة للضغوط من مختلف القوى والجهات، وقدرته على العمل تحت الضغط بعيداً عن الأضواء. لكن إذا كانت هذه الصفات تصلح لمهمة من نوع إدارة مكتب الملك الخاص، فإنها قد لا تكون مطلوبة تماماً في شخصية رئيس الحكومة.
وحسّان أدار مكتب الملك في حقبتين مختلفتين، وفي عودته للمرة الثانية خلال السنوات الخمس الماضية استطاع الرجل الانفتاح على الآراء، مستفيداً من تنوع ناصحيه ومحبيه، إلا أن مزايا الرئيس نفسه لا تنسحب بالضرورة على بقية فريقه الحكومي؛ إذ بين اختياراته الوزارية مَن قد يدخل الحكومة كاملة في أزمات متعددة.
وأيضاً، بين وزراء حسّان أشخاص لم يسبق لهم تجربة العمل العام، ناهيك بأن ضمن فريقه طامحين في موقع حسّان نفسه، وبينهم من سبق له العمل البرلماني، بل عُرف عن هؤلاء قدرتهم على استفزاز مجالس النواب ومحاولة التذاكي على التشريعات، قبل كشف الأخطاء التي ارتكبت، ومنها أخطاء قانوني الانتخاب والأحزاب.
في هذا السياق، يحقّ عُرفاً لرئيس الوزراء إجراء أول تعديل وزاري على فريقه الحكومي مباشرةً بعد نيل الحكومة الثقة من مجلس النواب، مع توفير مظلة مشاورات «شكلية» لصالح فرص توزير شخصيات من أحزاب لها أذرع نيابية في المجلس الذي بدأت أعماله رسمياً منذ 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.