أكراد العراق يراقبون من كثب الانتخابات التركية

إردوغان في تجمع انتخابي بإسطنبول في 7 مايو (د.ب.أ)
إردوغان في تجمع انتخابي بإسطنبول في 7 مايو (د.ب.أ)
TT

أكراد العراق يراقبون من كثب الانتخابات التركية

إردوغان في تجمع انتخابي بإسطنبول في 7 مايو (د.ب.أ)
إردوغان في تجمع انتخابي بإسطنبول في 7 مايو (د.ب.أ)

يراقب أكراد العراق من كثب الانتخابات الرئاسية التركية، ويتطلّع الإقليم المتمتع بحكم ذاتي في شمال العراق والمتضرر من الصراع بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني، إلى تهدئة، لكنه يتمسّك أيضاً بالحفاظ على شراكة استراتيجية مع أنقرة.

رسمياً، لم يعلّق قادة الإقليم على التنافس المحتدم بين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ومنافسه كمال كليتشدار أوغلو المدعوم من تحالف من ستة أحزاب، الذي سيحسم في 14 مايو (أيار).

لكن المحلّل السياسي العراقي الكردي عادل بكوان يلفت إلى أنه في «وسائل الإعلام وفي المجال السياسي، الجميع منشغلون للغاية في الانتخابات التركية»، مذكراً بالدور الجيوسياسي «الأساسي» الذي تلعبه أنقرة في المنطقة.

على المستوى الأمني أولاً، يشكّل الصراع بين الجيش التركي ومقاتلي حزب العمال الكردستاني الذي امتدّ منذ سنوات طويلة إلى أراضي الإقليم العراقي، أحد أبرز التحديات.

وتنفّذ القوات التركية بانتظام ضربات جوية وعمليات برية ضد عشرات المواقع العسكرية في الإقليم لحزب العمال الكردستاني الذي تصنّفه أنقرة والغرب منظمة «إرهابية».

ويضيف بكوان، مدير المركز الفرنسي لأبحاث العراق، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «نتيجة هذه الانتخابات ستؤثر بشكل مباشر على اتجاه هذه الحرب على الأراضي الكردية في العراق».

وفي حال انتصار المعارضة، فهو لا يستبعد «إمكانية حصول تهدئة»، بعد أن مدّ كليتشدار أوغلو يده للأقلية الكردية.

وفي إشارة إلى التعطش لـ«الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي» في الشرق الأوسط، يعتقد الباحث في الشؤون التركية بوتان تحسين أنه حتى في حال فوز إردوغان، «ستكون تركيا بحاجة إلى مبادرة لتطبيع الأوضاع مع جيرانها، خصوصاً مع كردستان» العراق.

ويرى أن «مستقبل العملية الديمقراطية في تركيا مرهون بالتحالف مع الأكراد وإنصاف حقوقهم».

ويعتبر الباحث كذلك أن المعارضة التركية «تراهن على التهدئة وتريد فتح صفحة جديدة» مع الأكراد.

وخلال عقدين من الزمن، تحوّلت تركيا خلال فترة حكم إردوغان إلى قوة إقليمية أساسية في المنطقة، تتفاوض مع موسكو بشأن الحرب في سوريا، وتتحدّى واشنطن والأوروبيين.

باستثناء بيانات تدين انتهاك السيادة العراقية والعواقب المترتبة على ذلك بالنسبة للمدنيين، لم تصعّد حكومة إقليم كردستان لهجتها قطّ ضد جارتها التي تظلّ قبل كل شيء شريكاً اقتصادياً استراتيجياً.

وهناك ثلاثة معابر حدودية برية بين الإقليم وتركيا، افتتح آخرها وهو معبر زيت الحدودي، في 10 مايو.

ولسنوات عديدة، اعتمد إقليم كردستان العراق على تركيا في تصدير نحو 450 ألف برميل من النفط يومياً، دون موافقة الحكومة المركزية في بغداد.

وفي حين توقّف التصدير في مارس (آذار) بسبب نزاع قانوني بين أنقرة وبغداد، يفترض أن يستأنف في نهاية المطاف، بمجرد تسوية قضايا فنية ومالية بين الطرفين.

ويقول بكوان: «من الواضح أن من يحكم في أنقرة سيكون له تأثير في هذه القضية».

ويحذّر الباحث من أن الانتخابات قد تكون نقطة تحوّل بالنسبة لكردستان، إذ بنى القادة في أربيل علاقة شخصية مع إردوغان الذي أصبح «حليفاً مهماً للغاية».

ويوضح: «بمجرد أن يتغيّر الرئيس، ستتغيّر مجمل العلاقات بين أربيل وأنقرة».

ويضيف: «عندها ينبغي إعادة تكوين العلاقة والرابط مع شخص لا تعرفه»، مشيراً إلى أن «العالم الدبلوماسي يكره المجهول».

وفي انعكاس للعلاقات الجيدة التي تربط الإقليم بأنقرة، منعت سلطات مطار أربيل الأحد النائب التركي من حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد حسن أوزغونيش من دخول الإقليم وأعادته إلى بلاده، مبرّرة ذلك بأنه جاء «بناء على طلب الأجهزة الأمنية الاتحادية» في بغداد.

في أواخر أبريل (نيسان)، دعا حزب الشعوب الديمقراطي، وهو ثالث أكبر أحزاب تركيا، حلفاءه إلى التصويت لكمال كليتشدار أوغلو.

وفي حين لم يقدّم تحالف المعارضة رؤية لكيفية حلّ القضية الكردية، إلا أن كليتشدار أوغلو اتهم في مقطع فيديو قصير نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي منافسه إردوغان بـ«إلحاق وصمة» بملايين الأكراد عبر ربطهم بالإرهاب.

وأكّد كليتشدار أوغلو أنّه في حال انتخابه سيفرج على الفور عن صلاح الدين ديميرتاش، الرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطي المسجون منذ 2016 بتهمة «الدعاية الإرهابية».

وعلى الرغم من أن كليتشدار أوغلو يتمتع بأسبقية حقيقية بين الأكراد، لكن الحذر يسود كردستان العراق، ممزوجاً بشعور من التضامن القومي، فأكراد العراق يحلمون كذلك بحلّ لـ«القضية الكردية» في تركيا، حيث يسجن زعماء المعارضة وتعاني الأقلية من التمييز.

في مقهى مام خليل في وسط أربيل الذي يعود تاريخ تأسيسه إلى عام 1952، يتمنّى نزار سلطان (60 عاماً) وهو موظف حكومي في جامعة صلاح الدين في أربيل «أن تجلس الحكومة التركية المقبلة والأكراد على طاولة حوار».

ويضيف: «في المرّات السابقة كلها، استخدموا الأكراد للوصول إلى غاياتهم للأسف ثم يقومون بعدها بتهميش الأكراد والتحايل عليهم».

بعدما أدلى بصوته في القنصلية التركية في أربيل، قال المواطن الكردي التركي قدري شمزينو (60 عاماً) لوكالة الصحافة الفرنسية، مرتدياً الزي الكردي التقليدي: «نحن لا نطلب شيئاً إضافياً للشعب الكردي».

وأضاف، وهو واحد من 3834 مواطناً تركياً مقيمين في كردستان العراق: «نريد المساواة مع المواطنين الأتراك في الحقوق وأن نعيش بكرامة على هذه الأرض لأننا أيضاً أبناؤها».

ودعا سيروان نجم (50 عاماً) من مكتبته في وسط أربيل، الأكراد في تركيا إلى التصويت «للمرشح الذي سيعالج القضية الكردية بشكل دبلوماسي».

وشدّد على أن «المشكلات الكردية يجب أن توضع على طاولة الحوار وأن يتم حلها والاعتراف بحقوقهم الأساسية».


مقالات ذات صلة

ياواش يعلن للمرة الأولى استعداده للترشّح لرئاسة تركيا في 2028

شؤون إقليمية رئيس بلدية العاصمة التركية أنقرة منصور ياواش (من حسابه على «إكس»)

ياواش يعلن للمرة الأولى استعداده للترشّح لرئاسة تركيا في 2028

تُظهر استطلاعات الرأي التي أُجريت منذ الانتهاء من الانتخابات المحلية في مارس الماضي تفوّق ياواش بوصفه مرشحاً للرئاسة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة: )
شؤون إقليمية زيارة إردوغان لحزب «الشعب الجمهوري» ولقاء أوزيل للمرة الثالثة أحدثا جدلاً (الرئاسة التركية) 

إردوغان يلتقي زعيم المعارضة للمرة الثالثة في شمال قبرص

يعقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لقاءً ثالثاً مع زعيم المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغو أوزيل في شمال قبرص.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا إردوغان ملوحاً لنواب حزبه بالبرلمان الأربعاء عقب انتهاء خطاب تحدث فيه عن محاولة انقلاب ضده وطالبهم بالحرص على دعم إصدار الدستور الجديد (الرئاسة التركية)

إردوغان يتهم حركة غولن بتدبير محاولة انقلاب جديدة ضده

دعا إردوغان أعضاء حكومته ونواب حزبه إلى عدم التفريط أو التراجع بشأن وضع دستور مدني ديمقراطي جديد للبلاد.

سعيد عبد الرازق (انقرة)
شؤون إقليمية الرئيس رجب طيب إردوغان ورئيس «حزب الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل خلال لقائهما الجمعة الماضي (إ.ب.أ)

حديث إردوغان عن «انفراجة سياسية» هل هو مناورة جديدة للبقاء في السلطة؟

فجّر حديث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن «انفراجة سياسية» تحتاج إليها تركيا جدلاً واسعاً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان يحيي أنصاره بعد الإدلاء بصوته في إسطنبول في 31 مارس الماضي (رويترز)

تركيا: استطلاع رأي يصدم «العدالة والتنمية» بعد هزيمة الانتخابات

كشف استطلاع للرأي عقب الانتخابات، التي أجريت في 31 مارس (آذار) الماضي، عن أن الأتراك لا يثقون بالحزب الحاكم لحل مشاكلهم.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

صور عفوية لبشار الأسد في سوريا تكشف عن وجه آخر

شخص يحمل ألبوم صور للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد عُثر عليه في أحد المقرات السكنية في دمشق (أ.ب)
شخص يحمل ألبوم صور للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد عُثر عليه في أحد المقرات السكنية في دمشق (أ.ب)
TT

صور عفوية لبشار الأسد في سوريا تكشف عن وجه آخر

شخص يحمل ألبوم صور للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد عُثر عليه في أحد المقرات السكنية في دمشق (أ.ب)
شخص يحمل ألبوم صور للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد عُثر عليه في أحد المقرات السكنية في دمشق (أ.ب)

أثار ظهور صور شخصية للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد عُثر عليها في مقاره، سخرية بين السوريين وانتقدوا صورة الأسد العامة التي صممت بعناية.

قدمت الصور العفوية، التي يُقال إنها عثر عليها في قصور الأسد في تلال دمشق وحلب، تبايناً صارخاً مع الصورة اللامعة التي قدمها بشار الأسد ووالده حافظ خلال قيادتهما لسوريا على مدى نصف قرن.

بالنسبة للعديد من السوريين الذين عانوا من السجن والنزوح والاضطهاد تحت حكم الأسد، تعدُّ الصور بمثابة عرض وفرصة للتنفيس، وحتى للضحك، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس».

صورة متداولة لبشار الأسد عثر عليها في أحد مقرات إقامته

تظهر إحدى الصور والد بشار الأسد، حافظ، وهو يرتدي ملابسه الداخلية، متخذاً وضعية تشبه لاعبي كمال الأجسام. وتظهر صور أخرى بشار الأسد وهو يستعرض عضلاته أو جالساً على دراجة نارية بملابسه الداخلية، وينظر بلا مبالاة في مطبخ وهو يرتدي الملابس الداخلية وقميصاً بلا أكمام.

صورة متداولة للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد وهو يتخذ وضعية تشبه لاعبي كمال الأجسام عثر عليها في أحد مقرات إقامته

في الصور، يمكن للسوريين رؤية طبيب العيون بشار وليس الرئيس. في واحدة من الصور، يضع بشار الشاب خاتماً في إصبع زوجته. وفي ثالثة، يبدو أنه يلتقط سيلفي.