«خريطة طريق» لتطبيع العلاقات السورية - التركية

أجواء إيجابية سادت في «الرباعي» بموسكو... وتوافق على تواصل الاتصالات

وزراء خارجية روسيا وتركيا وسوريا وإيران قبيل اجتماعهم في موسكو اليوم (أ.ف.ب)
وزراء خارجية روسيا وتركيا وسوريا وإيران قبيل اجتماعهم في موسكو اليوم (أ.ف.ب)
TT

«خريطة طريق» لتطبيع العلاقات السورية - التركية

وزراء خارجية روسيا وتركيا وسوريا وإيران قبيل اجتماعهم في موسكو اليوم (أ.ف.ب)
وزراء خارجية روسيا وتركيا وسوريا وإيران قبيل اجتماعهم في موسكو اليوم (أ.ف.ب)

وضعت نتائج اجتماع وزراء خارجية روسيا وسوريا وتركيا وإيران في موسكو، الأربعاء، ملف تطبيع العلاقات بين موسكو وأنقرة على مسار التنفيذ العملي، في خطوة شكلت نجاحاً للدبلوماسية الروسية، وعكست إصراراً على تجاوز النقاط الخلافية التي عرقلت خلال الأشهر الماضية دفع المبادرة الروسية.

وعلى الرغم من أن الأطراف استبقت اللقاء الوزاري بتكرار مواقفها السابقة، لكن الاتفاق على إطلاق «خريطة طريق» لاستكمال «تطبيع العلاقات في كل المجالات» شكل نقلة نوعية في كسر حاجز فقدان الثقة والانتقال نحو توسيع الاتصالات بين دمشق وأنقرة.

وجرى الاجتماع الرباعي خلف أبواب مغلقة، وتخللته محادثات ثنائية بين الوفود الحاضرة، بعد تأجيل موعده لمرات عدة، ويعد نقطة انطلاق مهمة، وفقاً لمصادر دبلوماسية روسية، أشادت بـ«نجاح الدبلوماسية الروسية في وضع المسار على سكة التنفيذ رغم العقبات التي اعترضت طريقه».

وزادت أن أهمية اللقاء لا تقتصر على النتائج «الإيجابية» التي أسفر عنها، بل تتعدى ذلك إلى إطلاق دفعة قوية لتنشيط الاتصالات على مختلف المستويات بين دمشق وأنقرة، مع إشارة إلى أن هذا يعد أول لقاء مباشر بين وزيري الخارجية السوري والتركي.

وأعربت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، عن ارتياح لمسار المحادثات، ووصفت جولة الحوار بأنها كانت «إيجابية وبناءة»، وقالت إن الأطراف اتفقت على «متابعة الاتصالات رفيعة المستوى».

ووفقاً لبيان الخارجية، فقد «ناقش الوزراء المجتمعون بشكل موضوعي وصريح كل جوانب ملف استئناف العلاقات السورية التركية في مختلف المجالات».

وزاد أن المشاركين «أكدوا مجدداً الالتزام بسيادة سوريا ووحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية استناداً إلى قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 والبيانات الرسمية لصيغة أستانا».

كما تم التأكيد على محاربة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره. وجدد المشاركون المطالبة بزيادة المساعدة الدولية لسوريا، بما في ذلك لصالح العودة الطوعية والآمنة والكريمة للسوريين إلى وطنهم وإعادة الإعمار بعد الصراع.

وفي الشق العملي المتعلق بتنشيط الاتصالات خلال المرحلة المقبلة ودفع مسار التطبيع، قال بيان الخارجية إن الوزراء المجتمعين اتفقوا على تكليف نواب الوزراء بإعداد «خريطة طريق» للنهوض بالعلاقات بين تركيا وسوريا، بالتنسيق مع عمل وزارات الدفاع والأجهزة الخاصة في سوريا وتركيا وروسيا وإيران.

وقالت وكالة الأنباء السورية، إن البيان الختامي لاجتماع وزراء خارجية سوريا وروسيا وتركيا وإيران في موسكو، اليوم الأربعاء، اتفق على تكليف نواب وزراء الخارجية بإعداد «خارطة طريق» لتطوير العلاقات بين سوريا وتركيا.

وذكر البيان أنه تم التأكيد أيضاً على سيادة سوريا وسلامتها الإقليمية، وكذلك المطالبة بزيادة المساعدات الدولية لإعادة إعمار سوريا، والمساعدة في عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم.

وفي وقت سابق اليوم، قال وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إن هناك فرصة سانحة للعمل المشترك مع أنقرة، لكنه أكد أن إنهاء الوجود العسكري «غير الشرعي» في سوريا، بما في ذلك الوجود التركي، هدف أساسي لبلاده.

وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف شدد في مستهل اللقاء على أهمية التوصل إلى نتائج ملموسة للاجتماع.

وأشار الوزير إلى الأهمية الخاصة التي توليها موسكو لإعادة الروابط اللوجيستية بين دمشق وأنقرة، ودعا الحاضرين إلى دعم مبادرة موسكو لوضع «خريطة طريق لتطبيع العلاقات».

وقال لافروف: «قد تتمثل أفضل نتيجة لاجتماعنا اليوم في التوصل إلى اتفاق على توجيه الخبراء بإعداد مسودة خريطة طريق للتطبيع السوري التركي بحلول موعد الاجتماع الوزاري المقبل، على أن يتم رفعها بعد ذلك إلى رؤساء دولنا».

وأوضح أنه «يجب أن تتيح خريطة الطريق هذه تحديد مواقف سوريا وتركيا بوضوح، بشأن القضايا ذات الأولوية بالنسبة لهما، مما يعني حل مشكلة استعادة سيطرة الحكومة السورية على جميع أراضي البلاد، وضمان الأمن الموثوق به للحدود المشتركة بطول 950 كيلومتراً مع تركيا، ومنع وقوع هجمات عبر الحدود وتسلل إرهابيين».

وحذر لافروف من أنه «حسب معلوماتنا، فقد بدأ الأميركيون في تشكيل ما يسمى بـ(جيش سوريا الحرة) في محيط الرقة السورية، بمشاركة ممثلين عن العشائر العربية المحلية ومسلحي (داعش) ومنظمات إرهابية أخرى، وذلك بهدف واضح هو استخدام هؤلاء المسلحين ضد السلطات الشرعية في سوريا لزعزعة الاستقرار في البلاد»، مضيفاً أن هذه القضية بحثها وزراء دفاع الدول الأربع خلال الاجتماع الذي جرى في موسكو الشهر الماضي.

وشدد الوزير الروسي على أن تسهيل العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى وطنهم يشكل أولوية بالنسبة لروسيا وسوريا وتركيا وإيران.

ورأى أن إطلاق عملية التطبيع السوري التركي استناداً إلى «صيغة أستانا» يؤثر إيجاباً، ليس في الوضع حول سوريا فحسب، بل في الأجواء العامة في منطقة الشرق الأوسط ككل.

انطلاق الاجتماع

وكانت أعمال اجتماع وزراء خارجية سوريا وروسيا وتركيا وإيران انطلقت صباح الأربعاء، وسط آمال على نجاح اللقاء في تحقيق توافق يدفع نحو ترتيب عقد قمة رباعية خلال الفترة المقبلة. وأظهرت تصريحات سبقت الاجتماع حرص الأطراف على تأكيد المواقف السابقة.

وافتتح لافروف الجلسة التمهيدية للاجتماع بتأكيد أن الجهد الرباعي ينطلق من النتائج التي جرى تحقيقها، خلال اجتماعات وزراء الدفاع، ورؤساء الأجهزة الأمنية في البلدان الأربعة، التي عُقدت في موسكو، خلال أبريل (نيسان) الماضي. وأكد مواقف بلاده حيال الملفات المطروحة.

وشدد لافروف على أهمية دفع مسار التقارب بين دمشق وأنقرة، وقال إن الملفات المطروحة يجب أن تعكس مصالح كل الأطراف، وخصوصاً سوريا وتركيا، فضلاً عن تعزيز مسار مكافحة الإرهاب، وضمان المتطلبات الأمنية لكل الأطراف.

وأشار لافروف إلى أهمية وضع الشروط المناسبة لعودة اللاجئين، وتسوية الملفات العالقة. وتطرّق إلى الوجود الأميركي في سوريا، مشدداً على أهمية إنهاء الوجود العسكري غير الشرعي على الأراضي السورية. واستغلّ لافروف المناسبة لتأكيد ترحيب بلاده بخطوات تطبيع العلاقات بين دمشق والعواصم العربية، ورحَّب بقرار رفع تجميد مشاركة سوريا في اجتماعات جامعة الدول العربية.

وبعد انطلاق الجلسة العامة للاجتماع الوزاري، يُنتظر أن تعقد الأطراف اجتماعات ثنائية؛ تمهيداً للجلسة الوزارية الموسَّعة. وتجري اللقاءات خلف أبواب مغلقة، وسط توقعات بأن تسفر عن توافقات مهمة، بعدما أكدت موسكو، في الاتصالات التمهيدية، أهمية دفع مسار التقارب، وإنجاح المبادرة الروسية.

عبداللهيان

وأظهرت التصريحات الأولية للوفود حرص الأطراف على تأكيد المواقف السابقة، وأعرب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان عن أمله بأن يرسل اجتماع موسكو الرباعي رسالة قوية مفادها أن تركيا وسوريا تركزان على إيجاد حل سياسي، مع التوافق على انسحاب القوات العسكرية الأجنبية، وتوفير عودة آمنة للاجئين.

وقال عبداللهيان، لدى وصوله إلى موسكو فجر الأربعاء، إنه «في العام الماضي، نشأت ظروف صعبة جداً في المنطقة، وازداد احتمال نشوب صراع عسكري في المناطق العسكرية في سوريا، من جانب تركيا، وبُذلت جهود دبلوماسية كثيرة لمنع نشوب حرب وصراع جديد في المنطقة، وعلى الحدود المشتركة بين تركيا وسوريا». ورأى أن اجتماع موسكو يُعدّ استكمالاً لـ«جهود إيران والجهود المشتركة لإيران وروسيا، التي انطلقت، في اجتماع قادة عملية أستانا في طهران، الذي استضافه الرئيس الإيراني، وإحدى نتائجه هي التركيز على إيجاد حل سياسي».

وزاد الوزير الإيراني: «نأمل بأن توصِّل الخطوات التي جرى اتخاذها حتى الآن، والاجتماعات التي عُقدت في موسكو على مستوى وزراء الدفاع، وكبار الخبراء، والاجتماع الرباعي، اليوم، في موسكو، رسالة قوية مفادها أن تركيا وسوريا تركزان على حل سياسي، وانسحاب القوات العسكرية، وانسحاب قوات الاحتلال الأميركي من المناطق الشمالية من سوريا، وفي الوقت نفسه، ينبغي توفير العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى مناطقهم في أسرع وقت ممكن».

جانب من الاجتماع الرباعي اليوم (أ.ف.ب)

وشدد عبداللهيان، في تغريدة عبر «تويتر»، على أن «الدبلوماسية الديناميكية والمتعددة الأوجه لإيران يمكن أن ترسم أفق نهاية التحديات الأساسية للمنطقة بأكملها، من خلال استكمال عملية التقارب».

سوريا: الانسحاب الأجنبي

واستبَقت دمشق اللقاء بتأكيد شروطها السابقة حول ضرورة التوافق على انسحاب كامل للقوات التركية، ووقف دعم فصائل المعارضة السورية، التي تعتبرها السلطات السورية إرهابية، في حين تعلِّق الأطراف آمالاً على نجاح اللقاء الوزاري في تحقيق توافق يدفع ترتيبات عقد قمة رباعية تضع مسار التطبيع على سكة التنفيذ.

من جهتها، أعلنت «الخارجية» السورية أن الوفد السوري في الاجتماع الرباعي، وعلى رأسه وزير الخارجية فيصل المقداد، سوف يسعى إلى تأكيد «ضرورة إنهاء الاحتلال التركي للأراضي السورية، وانسحاب كل القوات الأجنبية غير الشرعية منها، إضافة إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية السورية، وعدم دعم الإرهاب».

وقالت «الخارجية» السورية، في بيانها، إن الوفد السوري يضم، بالإضافة إلى الوزير، كلاً من: أيمن سوسان معاون وزير الخارجية والمغتربين، وبشار الجعفري سفير سوريا في موسكو، وجمال نجيب مدير مكتب وزير الخارجية، والمستشار إيهاب حامد. وينتظر أن يعقد الوفد لقاءات ثنائية مع الوفدين الروسي والإيراني.

وقالت الوزارة، في بيانها، إن وفد دمشق «سيؤكد ضرورة إنهاء الاحتلال التركي للأراضي السورية، وانسحاب كل القوات الأجنبية غير الشرعية منها، إضافة إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية السورية، وعدم دعم الإرهاب».

تركيا: ضرورة التعاون

أعلنت تركيا أن الاجتماع الرباعي للتطبيع مع سوريا أكد ثوابتها الثلاثة في عملية تطبيع العلاقات مع سوريا.

وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، في تغريدة على حسابه في «تويتر» إن الاجتماع الرباعي، الذي ضم إلى جانبه وزراء خارجية روسيا وسوريا وإيران، أكد ضرورة التعاون في مكافحة الإرهاب، وتوفير البنية التحتية لعودة اللاجئين، ودفع العملية السياسية، ووحدة أراضي سوريا.

وكان جاويش أوغلو صرح عشية الاجتماع بأن بلاده تهدف إلى تحقيق الاستقرار والسلام الدائمين في سوريا، وضمان عودة السوريين إلى بلادهم، والتعاون في مكافحة التنظيمات الإرهابية، في إشارة إلى وحدات «حماية الشعب» الكردية، التي تعد أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تعدها أنقرة امتداداً لحزب «العمال الكردستاني» في سوريا.

وكشف وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، عشية اجتماع موسكو، عن اتفاق على إنشاء مركز تنسيق عسكري في سوريا، بمشاركة تركيا وروسيا وسوريا وإيران.

وزير الدفاع التركي خلوص أكار

وقال: «إننا طرحنا، خلال اجتماع وزراء دفاع ورؤساء أجهزة الاستخبارات في الدول الأربع الذي عقد في موسكو في 25 أبريل (نيسان) الماضي، ضرورة العمل معاً لمكافحة الإرهاب، واتفقنا في هذا الإطار على إنشاء مركز تنسيق على الأراضي السورية».

وشدد أكار على أن «تركيا لن تتسامح مع أي تدفق إضافي للاجئين». وقال: «لهذا السبب من المهم بالنسبة لنا أن نكون في سوريا، نحن نعمل بشكل مكثف لتطبيع الحياة في المناطق التي طهرناها في شمال سوريا... الإرهابيون يستخدمون مقدرات سوريا ويغتصبون حقوق المواطنين».

وبدوره، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن نظام الرئيس بشار الأسد غير قادر حتى الآن على حماية المناطق الحدودية مع بلاده أو تأمين عودة اللاجئين.

ولفت إلى أن النظام السوري يرغب أيضاً في عودة اللاجئين إلى بلدهم، لكن ذلك يتطلب توفير الأمن لهم وتلبية احتياجاتهم، و«النظام غير قادر على ذلك حالياً بالقدر الكافي».


مقالات ذات صلة

«تسخين» إيراني - أميركي شرق سوريا وغارات روسية مكثفة على مواقع «داعش»

المشرق العربي حقل «كونكو» للغاز الذي استهدفته ميليشيات تابعة لإيران (موقع دير الزور 24)

«تسخين» إيراني - أميركي شرق سوريا وغارات روسية مكثفة على مواقع «داعش»

بعد أقل من يومين على تحذيرات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للرئيس السوري بشار الأسد من اتجاه الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط نحو التصعيد، شنَّت قوات التحالف…

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)

إيطاليا تعين سفيراً لدى سوريا

أعلن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، الجمعة، أن بلاده قررت تعيين سفير لدى سوريا «لتسليط الضوء» عليها.

«الشرق الأوسط» (روما)
شؤون إقليمية جانب من هجوم مسيّرات الجيش السوري على النقطة العسكرية التركية في النيرب شرق إدلب (إكس)

تصعيد بين القوات السورية والتركية على وقع «التطبيع»

شهدت محاور حلب وإدلب الواقعة ضمن منطقة خفض التصعيد في شمال غربي سوريا توتراً شديداً واستهدافات متبادلة بين الجيش السوري والقوات التركية والفصائل الموالية لها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استقبل الرئيس بشار الأسد بالكرملين الأربعاء في زيارة غير معلنة سابقاً (أ.ف.ب)

بوتين يُحذر الأسد من اتجاه التوتر في الشرق الأوسط نحو التوسع

قالت وسائل إعلام رسمية في دمشق، صباح الخميس، إن الرئيس الأسد قام بـ«زيارة عمل» إلى روسيا، والتقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وبحث معه «مجمل جوانب العلاقات».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
خاص الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف متحدثاً إلى الصحافيين (موقع الكرملين)

خاص دبلوماسي روسي لـ«الشرق الأوسط»: قمة الأسد - إردوغان قبل نهاية العام

مصدر روسي: الطرفان السوري والتركي غير مستعدين لتطبيع العلاقات، لكن الحديث يدور «عن حاجة ملحة وضرورية لبدء اتصالات تركية - سورية لتسوية قضايا مهمة جداً للطرفين.

رائد جبر (موسكو)

«تسخين» إيراني - أميركي شرق سوريا وغارات روسية مكثفة على مواقع «داعش»

حقل «كونكو» للغاز الذي استهدفته ميليشيات تابعة لإيران (موقع دير الزور 24)
حقل «كونكو» للغاز الذي استهدفته ميليشيات تابعة لإيران (موقع دير الزور 24)
TT

«تسخين» إيراني - أميركي شرق سوريا وغارات روسية مكثفة على مواقع «داعش»

حقل «كونكو» للغاز الذي استهدفته ميليشيات تابعة لإيران (موقع دير الزور 24)
حقل «كونكو» للغاز الذي استهدفته ميليشيات تابعة لإيران (موقع دير الزور 24)

بعد أقل من يومين على تحذيرات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للرئيس السوري بشار الأسد من اتجاه الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط نحو التصعيد، شنَّت قوات التحالف الدولي غارات جوية على مواقع ميليشيات رديفة للقوات الحكومية السورية تابعة لإيران في شرق سوريا، ليل الجمعة - السبت، وذلك رداً على استهداف قاعدة التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في حقل غاز «كونيكو» بريف دير الزور، فيما أفادت مصادر إعلامية السبت بقيام طائرة استطلاع وتجسس أميركية بمسح جوي في المنطقة الجنوبية والعاصمة دمشق وريفها وحمص حتى الساحل السوري ولبنان، كما شهدت الحدود السورية - العراقية، شمال شرقي محافظة الحسكة، تحليقاً مكثفاً لطائرات التحالف الدولي.

بالتوازي، شنَّت قوات الجو الروسية غارات مكثفة على مواقع لتنظيم «داعش» في بادية تدمر والسخنة في ريف حمص الشرقي، وفق ما ذكره «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، يوم السبت، لافتاً إلى أن هذه الغارات جاءت بعد فترة من تسجيل تراجع ملحوظ في الغارات الروسية على مواقع تنظيم «داعش»، قياساً إلى أكثر من 100 غارة جوية نفذتها على مواقع «داعش»، في بادية حماة وحمص ودير الزور والرقة، خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي.

وترافقت الغارات الجوية الروسية المكثفة السبت مع حملة التمشيط التي تقوم بها القوات الحكومية بدعم من سلاح الجو الروسي من بادية حماة الشرقية، وصولاً إلى بادية الرقة الغربية، وبادية تدمر والسخنة وجبالها في ريف حمص الشرقي وتلال البشري وكباجب والتبني ومعدان، جنوب دير الزور، وفق ما ذكرته مصادر محلية قالت إن غارات السبت تركزت على منطقة السخنة، وصولاً إلى كباجب وجبال البشري الممتدة على طول البادية، وترافقت مع تحليق طائرات استطلاع روسية.

وكان الرئيس الروسي قد حذر من أن «الوضع يزداد توتراً في الشرق الأوسط»، خلال استقباله الرئيس السوري، يوم الأربعاء الماضي، في موسكو، معتبراً «المباحثات مع الأسد فرصة لبحث كل التطورات والسيناريوهات المحتملة»، وفق ما نقلته «وكالة الأنباء السورية (سانا)»، لافتة إلى أن الرئيس الأسد رد بأنّ كلاً من سوريا وروسيا «مرّ بتحديات صعبة واستطاعا تجاوزها دائماً»

وتوقعت المصادر ارتفاع درجة التسخين الإيراني - الأميركي شرق سوريا، حيث مراكز وجودهما الأقوى في سوريا والمنطقة، بهدف تعزيز كل منهما مواقعه، ولفتت إلى وجود مخاوف من استغلال تنظيم «داعش» التوتر الحاصل للعودة إلى نشاطه شرق سوريا، وربما هذا ما دفع الجانب الروسي إلى تكثيف غاراته على مواقع التنظيم بالتعاون مع القوات الحكومية، وفق المصادر التي رأت أن احتمال عودة نشاط «داعش» إلى سوريا والعراق سيخلط الأوراق ويدفع الأوضاع نحو المزيد من التعقيد.

مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، رامي عبد الرحمن، قال إن الميليشيات الرديفة للقوات الحكومية السورية التي تتبع إيران تلقت أوامر بالتصعيد ضد القاعدة الأميركية في حقل كونيكو للغاز «بعينها»، وقد تم استهدافها يوم الجمعة بـعشرة صواريخ، ويوم الخميس بثلاثة.

وردَّت قوات التحالف على تلك الضربات السبت دون إيقاع خسائر بشرية، واعتبر عبد الرحمن تبادل الضربات الإيرانية - الأميركية «رسائل متبادلة بين الطرفين».

من جانبه، أفاد موقع «صوت العاصمة» بقيام طائرة استطلاع وتجسس أميركية من طراز RQ - 4B Global Hawk بمسح جوي استمر لأكثر من 21 ساعة متواصلة. وبحسب الموقع «تركز المسح في المنطقة الجنوبية والعاصمة دمشق وريفها وحمص حتى الساحل السوري ولبنان»، دون ذكر تفاصيل أخرى أو مصدر المعلومة، فيما قال موقع «الخابور» إن تحليقاً مكثفاً لطائرات التحالف الدولي جرى السبت على الحدود السورية - العراقية شمال شرقي الحسكة.