الحوثيون يغلقون معاهد علمية لإجبار الطلبة على التوجه للمعسكرات الصيفية

وزير يمني: الميليشيات تسعى لخلق جيل جديد من الإرهابيين

أطفال يمنيون يحملون الأسلحة في تجمع للحوثيين (أ.ف.ب)
أطفال يمنيون يحملون الأسلحة في تجمع للحوثيين (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يغلقون معاهد علمية لإجبار الطلبة على التوجه للمعسكرات الصيفية

أطفال يمنيون يحملون الأسلحة في تجمع للحوثيين (أ.ف.ب)
أطفال يمنيون يحملون الأسلحة في تجمع للحوثيين (أ.ف.ب)

في سياق مساعي الميليشيات الحوثية في اليمن لإنجاح حملة التجنيد السنوية في أوساط الأطفال من خلال معسكراتها الصيفية، أمرت بإغلاق المعاهد العلمية والمهنية والفنية في محافظة الحديدة، خلال فترة العطلة الصيفية، وسط تحذير حكومي من أن الجماعة تسعى لخلق جيل جديد من الإرهابيين العقائديين.

في هذا السياق تداول ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي وثيقة صادرة عن القيادي الحوثي حسن الأهدل المعين بمنصب مدير التعليم الفني والتدريب المهني بالحديدة، يحض فيها مديري مراكز التعليم والتدريب الأهلية بوقف جميع الإعلانات الترويجية لأي برامج أو أنشطة علمية، والاكتفاء بحشد الطلبة للالتحاق بالمعسكرات الصيفية. ولم يستغرب الناشطون اليمنيون من إقدام الجماعة الحوثية على منع المعاهد والمراكز الفنية والمهنية والعلمية في الحديدة، إذ يضاف ذلك، وفقهم، إلى سلسلة التعسفات التي طاولت على مدى سنوات الانقلاب عشرات المراكز والمعاهد ومنظمات المجتمع المدني. وتوقعوا أن يتوسع الاستهداف الانقلابي بحق المعاهد العلمية إلى بقية المحافظات.

 

تعليمات غير قانونية

في سياق ذلك، كشف مدير معهد لتعليم اللغات وعلوم الحاسوب بالحديدة عن نزول ميداني لمشرفين حوثيين مسلحين استهدفوا معهده ومراكز علمية وتأهيلية أخرى بذات المحافظة، تنفيذا للتعليمات غير القانونية الصادرة من كبار قادة الجماعة. وقال مدير المعهد، الذي طلب عدم ذكر اسمه في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن عناصر الميليشيات طلبت منه فور وصولها المعهد وقف جميع البرامج والحصص التعليمية التي كان خصصها للطلاب والطالبات القادمين بغرض تلقي التعليم في مجال اللغات والحاسوب.

وأكد أن الميليشيات باشرت بطرد الطلبة والعاملين في المعهد، وإغلاقه بصورة مؤقتة حتى تنتهي فترة العطلة الصيفية، كاشفا عن تهديده من قبل العناصر الحوثية بإغلاق المعهد بصورة نهائية، وإجباره على دفع غرامات مالية مضاعفة حال عدم التزامه بتلك التعليمات.

أطفال يمنيون يتلقون التعبئة الفكرية في مسجد خاضع للحوثيين (إعلام حوثي)

استياء الطلاب

وعبّر أربعة من طلبة المعهد عن استيائهم من تلك الممارسات التي انتهجها أتباع الميليشيات بحق مدير وموظفي المعهد، وقالوا إن «حوثيين طالبوهم ونحو 22 طالباً وطالبة آخرين بسرعة مغادرة المعهد، وعدم الحضور إليه في اليوم التالي لمواصلة تلقي التعليم». وتسعى الجماعة الانقلابية في كل إجازة صيفية إلى حشد آلاف الطلبة إلى معسكرات لتلقي أفكارها الطائفية، فضلا على تدريب المئات على استخدام الأسلحة، كما أنها تقوم بتسخير جميع أجهزة الدولة وإيراداتها من أجل تفخيخ مستقبل الأجيال في مناطق سطوتها، وتعبئتهم بأفكار مؤسس الجماعة حسين الحوثي عبر تلك المعسكرات. وشرعت الجماعة قبل أكثر من أسبوع في تنفيذ عملية حشد واسعة في أوساط شريحة الأطفال والمراهقين من طلبة المدارس إلى مراكز صيفية تتوزع في عدد من مديريات العاصمة صنعاء والمناطق الأخرى الخاضعة لسيطرتها. وتوقع القيادي الحوثي عبد الله الرازحي رئيس لجنة الأنشطة والدورات الصيفية في فعالية التدشين ارتفاع عدد الطلبة الملتحقين بالدورات الصيفية لهذا العام إلى مليون و500 ألف طالب وطالبة، تستوعبهم ما يقارب تسعة آلاف و100 مدرسة مفتوحة ومغلقة، ويعمل فيها 20 ألف عامل ومدير ومدرس.

وكانت منظمات حقوقية محلية حذرت قبل أيام من خطورة هذه المراكز على سلامة الأطفال، ودعت أولياء الأمور إلى الحفاظ على أبنائهم، وعدم إلحاقهم بتلك المعسكرات الصيفية للجماعة. ووفق بيان صادر عنها، وثقت منظمة «ميون لحقوق الإنسان» خلال العام الماضي وقوع عمليات تجنيد ممنهجة للأطفال وأنشطة شبه عسكرية وأخرى طائفية؛ إلى جانب توثيق تعرض عدد منهم لاعتداءات جسدية وجنسية، مطالبة الآباء بعدم تسليم أطفالهم فريسة للانتهاكات، لا سيما في المراكز المغلقة.

 

تحذير حكومي

على وقع سلوك الحوثيين في استهداف الطلبة واستقطابهم، أطلقت الحكومة اليمنية تحذيراتها لأولياء الأمور، من خطر هذه المعسكرات والمراكز، حيث اتهم وزير الإعلام معمر الإرياني الجماعة بالسعي إلى خلق جيل جديد من الإرهابيين. وقال الإرياني في بيان رسمي إن «إعلان ميليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران، تنظيم معسكرات لاستدراج وتجنيد مئات الآلاف من الأطفال في المناطق الخاضعة لسيطرتها، تحت غطاء المراكز الصيفية، يكشف موقفها الحقيقي من جهود التهدئة، ووقف الحرب وإحلال السلام في اليمن، ومساعيها لخلق جيل من الإرهابيين لا يمثل خطراً على اليمن فحسب، بل يشكل قنبلة موقوتة تهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي».

وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية معمر الإرياني (سبأ)

 

«إعلان ميليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران، تنظيم معسكرات لاستدراج وتجنيد مئات الآلاف من الأطفال في المناطق الخاضعة لسيطرتها، تحت غطاء المراكز الصيفية، يكشف موقفها الحقيقي من جهود التهدئة، ووقف الحرب وإحلال السلام في اليمن"

وزير الإعلام معمر الإرياني

وأوضح الوزير اليمني أن تخطيط ميليشيا الحوثي لاستهداف مئات الآلاف من الأطفال من خلال المراكز الصيفية، وغسل عقولهم بالأفكار الإرهابية المتطرفة وتعبئتهم بشعارات الموت والكراهية، يؤكد استغلالها جهود إحلال السلام لكسب الوقت وتجنيد مزيد من المقاتلين في صفوفها، خصوصا فئة الأطفال، ليكونوا وقودا لمعاركها المقبلة. وأضاف أن الميليشيات «تواصل تسخير مؤسسات الدولة الواقعة ضمن سيطرتها، بما فيها المؤسسة التعليمية، وتوظيف حالة اللاحرب واللاسلم القائمة لمزيد من التغلغل وتكريس سيطرتها في مناطق وجودها، وفرض أفكارها على المجتمع بالقوة والإكراه، واستهداف الهوية الوطنية والعربية، وتفكيك السلم الأهلي والنسيج الاجتماعي، ونسف فرص العيش المشترك بين اليمنيين». الوزير اليمني، حذر الآباء والأمهات والقبائل في العاصمة المختطفة صنعاء ومناطق سيطرة الميليشيا الحوثية، من الزج بأبنائهم في هذه المراكز المشبوهة، وأخذ العظة والعبرة من عشرات الآلاف من الضحايا الأطفال الذين استدرجتهم الميليشيا وزجت بهم في محارق مفتوحة وإعادتهم لأهاليهم في نعوش أو بإعاقات دائمة، مشيرا إلى مئات حالات القتل التي نفذها حوثيون عائدون من دورات ثقافية ومن جبهات القتال بحق أقاربهم، نتيجة التعبئة الخاطئة.

وطالب الإرياني المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوثين الأممي والأميركي، بعدم الوقوف موقف المتفرج إزاء هذه الممارسات الحوثية، التي تتعارض مع متطلبات التهدئة، وخطوات بناء الثقة، والقيام بواجباتهم القانونية والإنسانية والأخلاقية في وقف أكبر عمليات لتجنيد الأطفال في تاريخ البشرية. على حد قوله.


مقالات ذات صلة

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

العالم العربي انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

أشهر عدد من المنظمات المحلية، بالشراكة مع منظمات أممية ودولية، شبكة لحماية الحريات الصحافية في اليمن التي تتعرّض لانتهاكات عديدة يتصدّر الحوثيون قائمة مرتكبيها.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

يواجه الآلاف من مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خطر الموت بسبب إهمال الرعاية الطبية وسط اتهامات للجماعة الحوثية بنهب الأدوية والمعونات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)

عائدون إلى بعلبك يخططون للإقامة في الخيام فوق ركام منازلهم

عائدون إلى بعلبك يخططون للإقامة في الخيام فوق ركام منازلهم
TT

عائدون إلى بعلبك يخططون للإقامة في الخيام فوق ركام منازلهم

عائدون إلى بعلبك يخططون للإقامة في الخيام فوق ركام منازلهم

لم تُخفِ العائلات العائدة إلى منازلها من بلدة دير الأحمر وقراها فرحتها بإعلان دخول قرار وقف إطلاق النار حيز التنفيذ. جمعت تلك العائلات أغراضها على عجل، وحزمت أمتعتها داخل السيارات وعلى أسطحها؛ وذلك «لأن رحلة النزوح متعبة... وآن لنا الخروج من كابوس الموت».

وأُجبرت مئات العائلات على النزوح من منازلها، حين بدأ القصف المكثف يستهدف بعلبك (شرق لبنان) والقرى المحيطة بها. لم يجدوا ملاذاً غير القرى المسيحية والسنية في البقاع الشمالي. فتحت تلك المنازل أبوابها للنازحين، بمعزل عن الخلافات السياسية، ويبدو النازحون العائدون اليوم ممتنين لتلك الاستضافة.

وكان سكان منازل الضيافة أول العائدين... «لا نريد أن نكون عبئاً إضافياً على مستضيفينا»... يقول سليمان، أحد النازحين العائدين، إن العائلات الموجودة في مراكز الإيواء بدأت جمع حاجياتها لتأمين رحلة العودة تدريجياً؛ «أما نحن، فقد عدنا باكراً. تركنا بعضاً من حاجياتنا في منازل الضيافة في شليفا، على أمل أن نعود في وقت لاحق لنستكمل جمع ما تبقى لنا من حاجيات وأغراض لنأتي بها إلى بعلبك، ولنقدم الشكر لمستضيفينا».

وشهدت طريق دير الأحمر، منذ ساعات الصباح الأولى، زحمة عائدين بسيارات محملة بالفرش والأطفال. لا يكترث هؤلاء لأحوال المنازل، فالأولوية بالنسبة إليهم هي العودة. يقول محمد: «عدت إلى بيتي ووجدته مدمراً. كنت نازحاً إلى اليمونة. الآن سأنصب خيمة فوق ركام منزلي وأسكن فيها فوق الركام رغم الطقس البارد».

ومثل محمد كثيرون يخططون للأمر نفسه... يؤكدون أنهم لن يبقوا في رحلة النزوح، وأنهم ينوون الإقامة لدى جيرانهم أو أقربائهم قرب منازلهم المدمرة، كما يتحدثون عن نية لنصب الخيام فوق الركام للإقامة فيها.

وكانت دير الأحمر قد استضافت النازحين من دون أي عقود إيجار في منازلها، أما مراكز الإيواء، فاستضافت 12 ألف نازح، ولجأ إلى القاع على الحدود اللبنانية - السورية نحو 1100 نازح، وإلى راس بعلبك 1900 سكنوا في المنازل، بينما سكن 1800 آخرون في مراكز الإيواء.

أما في عرسال، فقد سكن 25 ألف شخص في مراكز الإيواء والمنازل، بينما لجأ 20 ألفاً آخرون إلى بلدتَي الجديدة والفاكهة.

ومن طرابلس، بدأ المتحدرون من البقاع الشمالي العودة إلى قراهم. لم يُخفِ الثلاثيني محمد الفيتروني، العامل على خط بعلبك - بيروت لنقل الركاب، فرحته مع سريان وقف إطلاق النار. فقد عادت عائلتاه الصغيرة والكبيرة من طرابلس، عاصمة الشمال اللبناني، التي لجأت إليها العائلات مع توسعة الحرب في 23 سبتمبر (أيلول) الماضي.

يقول محمد: «جمعت زوجتي بعض أواني وأغراض المنزل وما استطاعت حمله، منذ لحظة إعلان سريان وقف إطلاق النار»، لافتاً إلى أن «أول شيء هو أن أتوجه بالشكر لأهالي القبة ومن استضافوني في منزل يؤوي عائلتي المؤلفة من 8 أفراد. لا شيء يضاهي الأمان وراحة البال، فكل أموال الدنيا لا تساوي شيئاً أمام الأمان».

يخطط محمد ليجتمع بعائلته التي لم يرها منذ 4 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ويضيف: «انطلقت عائلتي باتجاه البقاع، وهي في طريق عودتها إلى المنزل في بعلبك، وستكون الفرحة الكبرى عندما أجتمع بأقاربي وأولادي الذين لم أرهم منذ أكثر من شهر».

ويقول محمد إنه أُجبِرَ على النزوح من مدينة بعلبك «بعدما سوي منزل جيراننا بالأرض، مما دفع بي إلى البحث عن مكان آمن أحمي فيه عائلتي من البرد والصقيع، فاستأجرت منزلاً متواضعاً في القبة بـ300 دولار لشهر واحد».