تحذير خليجي من تصاعد المواجهات ودعوة إلى تفعيل الوساطة

محللون لـ«الشرق الأوسط»: دول «المجلس» تتمسك بإدانة أي عدوان

مضادات جوية في سماء طهران (رويترز)
مضادات جوية في سماء طهران (رويترز)
TT

تحذير خليجي من تصاعد المواجهات ودعوة إلى تفعيل الوساطة

مضادات جوية في سماء طهران (رويترز)
مضادات جوية في سماء طهران (رويترز)

قال محللون خليجيون إن التصعيد في المواجهة الإسرائيلية – الإيرانية، ينذر بتهديدات أمنية واقتصادية جسيمة قد تزعزع استقرار المنطقة، مشددين على أهمية تفعيل قنوات الوساطة والتحرك الدبلوماسي لتفادي الانزلاق نحو مواجهة أوسع.

مضادات جوية في سماء طهران (رويترز)

وعلى الرغم من تمسّك دول الخليج بموقف مبدئي راسخ يدين أي عدوان مهما كان مصدره، وفقاً لما أكده المحللون لـ«الشرق الأوسط»، فإنها تبقى معرضة لاضطرابات محتملة في صادرات النفط عبر مضيق هرمز، فضلاً عن تهديدات مباشرة تشمل هجمات صاروخية أو عمليات تنفذها جماعات مدعومة من إيران.

وتَوسَّع نطاق الصراع العنيف بين إيران وإسرائيل؛ إذ لم يهدأ تبادل إطلاق الصواريخ وشن الضربات الجوية، غداة تنفيذ إسرائيل هجوماً جوياً كاسحاً على عدوها اللدود، أسفر عن مقتل قادة عسكريين وعلماء، وقصف مواقع نووية، في محاولة لمنع إيران من صنع سلاح نووي.

دمار ناجم عن سقوط صاروخ باليستي إيراني على مبانٍ سكنية في ريشون ليتسيون قرب تل أبيب (إ.ب.أ)

وحذّر المحللون بأن استهداف مفاعل بوشهر النووي - في حال وقوعه - قد يؤدي إلى تسرّب إشعاعي كارثي يلوّث مياه الخليج العربي؛ مما يشكّل تهديداً مباشراً لمحطات تحلية المياه التي تعتمد عليها دول الخليج مصدراً رئيسياً للمياه.

وأكد «مجلس التعاون الخليجي» عدم رصد أي مؤشرات إشعاعية غير طبيعية في أي من دول الخليج حتى اللحظة، مشيراً إلى أن المؤشرات البيئية والإشعاعية لا تزال ضمن المستويات الآمنة والمسموح بها فنياً.

مخاطر المواجهة

ويرى الدكتور عبد العزيز بن صقر، رئيس «مركز الخليج للأبحاث»، أن عامل الجغرافيا والترابط الاستراتيجي للدول الخليجية مع إيران يضعها في موقف حساس من الصراع. وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «أهم عامل هو تجنب توريط دول الخليج في عمليات المواجهة العسكرية القائمة وتعريض سيادتها وأراضيها ومجتمعاتها للتهديدات التي ستزعزع أمنها واستقرارها».

د. عبد العزيز بن صقر رئيس «مركز الخليج للأبحاث»... (الشرق الأوسط)

وأضاف: «التهديدات الأمنية تقف على رأس المخاطر المحتملة، وهناك التأثيرات على اقتصادات دول الخليج (...)، وكذلك مخاطر ارتفاع وتيرة اللجوء والهجرة غير النظامية من إيران إذا استمر الصراع، وأخيراً، مخاطر الفوضى الأمنية والسياسية إذا تطور الصراع إلى زعزعة استقرار النظام الإيراني القائم».

من جانبه، يعتقد الدكتور هشام الغنّام، الخبير في «مركز مالكوم كير كارنيغي»، أن «دول الخليج تواجه مخاطر الانجرار إلى الصراع المتفاقم بين إسرائيل وإيران؛ بسبب قربها الجغرافي واستضافة بعضها قواعد عسكرية أميركية قد تستهدفها إيران إذا تصاعدت التوترات».

ولفت الغنّام في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المواجهة «قد تؤدي أيضاً إلى اضطرابات محتملة في صادرات النفط عبر مضيق هرمز إلى التأثير على اقتصاداتها، والهجمات الصاروخية المباشرة، أو هجمات الوكلاء من الجماعات المدعومة من إيران».

منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية تعترض الصواريخ فوق تل أبيب (أ.ب)

وأشار الدكتور الغنام، الذي يشغل أيضاً منصب المشرف العام على «برنامج الأمن الوطني» في «جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية»، إلى أن «قصف مفاعل بوشهر النووي لو حدث، فقد يتسبب في تسرب إشعاعي كارثي يلوث مياه الخليج العربي؛ مما يهدد تحلية المياه التي تعتمد عليها دول الخليج (...) ويفاقم التوترات السياسية في المنطقة ويزيدها تعقيداً».

إلى ذلك، يقول المحلل الاستراتيجي الدكتور ظافر العجمي إن تصاعد المواجهة بين إيران وإسرائيل يهدد أمن الخليج مباشرة، مشيراً إلى أن «إيران قد تلجأ إلى استهداف منشآت الطاقة والبنى التحتية في الدول الخليجية».

وأضاف: «كذلك سيؤدي الأمر إلى ارتفاع أسعار النفط واضطراب إمداداته؛ نتيجة أي تصعيد عسكري؛ مما سيؤثر سلباً على اقتصادات الخليج والعالم، وإمكانية استغلال الجماعات الموالية لإيران التوترات لتنفيذ عمليات داخل بعض دول الخليج؛ مما يهدد الاستقرار الداخلي».

تعامل دول الخليج مع المواجهة

ويؤكد الدكتور عبد العزيز بن صقر أن «الموقف الخليجي يأتي على أرض صلبة من المبادئ التي تدين العدوان من أي طرف». وقال: «أهم مبدأ جرى تبنيه من قبل دول الخليج في ملف الصراع الإيراني - الإسرائيلي - الأميركي هو الحياد وعدم التورط في الصراع... والمحافظة على علاقات متوازنة بجميع أطراف الصراع، والتشبث بقواعد القانون الدولي والشرعية الدولية. دول الخليج رفضت السلوك الإيراني في تجاوز قواعد القانون الدولي، ودعت إيران وبشكل مستمر إلى الالتزام بسياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، والتخلي عن سياسة التوسع وفرض الهيمنة الإقليمية، والالتزام ببنود معاهدة عدم الانتشار النووي وتحريم تطوير وامتلاك أسلحة الدمار الشامل».

ويواصل بن صقر: «على الجانب الآخر، رفضت (دول الخليج) ممارسات إسرائيل في فرض الهيمنة، وتبني سياسة عدوانية في استخدام القوة غير الشرعية، وارتكاب العدوان في سياستها الإقليمية، وتجاوز قواعد القانون الدولي والشرعية الدولية، كما أن الموقف الخليجي تجاه السياسة الأميركية أصبح واضحاً، وهو معارضة المواقف والسياسة الأميركية التي تتعارض مع القانون الدولي والشرعية الدولية».

ويعتقد الدكتور ظافر العجمي أن «على دول الخليج التمسك بسياسة (الحياد الإيجابي)، وتفعيل قنوات الوساطة والدبلوماسية، مع تعزيز علاقاتها الدولية لضمان الدعم في حال التصعيد، إلى جانب رفع الجاهزية الدفاعية والأمنية، وتكثيف التنسيق مع الحلفاء الدوليين لحماية المنشآت الحيوية، ودعم جهود التهدئة الإقليمية والدعوة إلى حلول سياسية تمنع توسع الصراع».

د. ظافر العجمي الكاتب والمحلل الاستراتيجي (الشرق الأوسط)

بدوره، يرى الدكتور هشام الغنّام أنْ «تُعزز دولُ الخليج الدبلوماسيةَ الإقليمية لتهدئة التوترات، وأن تحث الأطراف على ضبط النفس، والمضي قدماً في تعزيز القدرات الدفاعية، بما في ذلك أنظمة الدفاع الصاروخي، وهو أمر حيوي وضروري لمواجهة أي رد فعل إيراني محتمل»، على حد وصفه.

د. هشام الغنّام الخبير في «مركز مالكوم كير كارنيغي»... (الشرق الأوسط)

وأضاف الغنّام: «كما أن الإسراع في تنويع مسارات تصدير الطاقة لتخفيف مخاطر اضطرابات مضيق هرمز أمر ضروري (...) والحفاظ على موقف علني محايد، مع دعم جهود التهدئة سراً وعلناً؛ للموازنة بين الضغوط المحلية والدولية. والتنسيق مع الولايات المتحدة والصين، ومن كثب، لا بد منه الآن».


مقالات ذات صلة

خالد بن سلمان وعراقجي يبحثان تطورات الأوضاع في المنطقة

الخليج خالد بن سلمان وعراقجي يبحثان تطورات الأوضاع في المنطقة

خالد بن سلمان وعراقجي يبحثان تطورات الأوضاع في المنطقة

بحث الأمير خالد بن سلمان، وزير الدفاع السعودي، مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، تطورات الأوضاع في المنطقة والجهود المبذولة حيالها

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج جلسة مجلس الوزراء برئاسة الأمير محمد بن سلمان في جدة الثلاثاء (واس)

السعودية تتبنَّى يوماً عالمياً للوقاية من الغرق

تبنَّى مجلس الوزراء السعودي خلال جلسته برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يوماً عالمياً للوقاية من الغرق في 25 يوليو من كل عام.

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في جدة الثلاثاء (واس)

ولي العهد السعودي ووزير الخارجية الإيراني يبحثان المستجدات الإقليمية

بحث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، مستجدات الأوضاع الإقليمية والجهود المبذولة تجاهها.

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج الأمير محمد بن سلمان لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء في جدة الثلاثاء (واس)

السعودية تقرّ نظاماً محدثاً لتملُّك غير السعوديين للعقار

وافق مجلس الوزراء السعودي على النظام المُحدَّث لتملُّك غير السعوديين للعقار، الذي سيكون نافذاً مطلع العام المقبل 2026.

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج الأمير محمد بن سلمان مترئساً جلسة مجلس الوزراء في جدة الثلاثاء (واس)

«الوزراء» السعودي يناقش جهود تعزيز معدلات نمو الاقتصاد العالمي

ناقش مجلس الوزراء السعودي، الثلاثاء، جهود المملكة وإسهاماتها على المستوى الدولي لدعم العمل متعدد الأطراف وتعزيز معدلات نمو الاقتصاد العالمي.

«الشرق الأوسط» (جدة)

خالد بن سلمان وعراقجي يبحثان تطورات الأوضاع في المنطقة

خالد بن سلمان وعراقجي يبحثان تطورات الأوضاع في المنطقة
TT

خالد بن سلمان وعراقجي يبحثان تطورات الأوضاع في المنطقة

خالد بن سلمان وعراقجي يبحثان تطورات الأوضاع في المنطقة

التقى الأمير خالد بن سلمان، وزير الدفاع السعودي، وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي.

وبحث الأمير خالد بن سلمان، مع عباس عراقجي، تطورات الأوضاع في المنطقة والجهود المبذولة حيالها.

وقال وزير الدفاع السعودي عبر منصة «إكس»: «التقيت معالي وزير الخارجية الإيراني الدكتور عباس عراقجي. استعرضنا العلاقات الثنائية وأوجه التعاون بين بلدينا، وبحثنا تطورات الأوضاع في المنطقة والجهود المبذولة حيالها؛ بما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، وناقشنا عددًا من القضايا والمسائل ذات الاهتمام المشترك».