محادثات أميركية - روسية في الرياض تحضيراً لقمة ترمب - بوتين

تعويل على «الحياد الإيجابي» السعودي في إنجاح اللقاءات استعداداً لقمة ترمب - بوتين

TT

محادثات أميركية - روسية في الرياض تحضيراً لقمة ترمب - بوتين

الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترمب يتصافحان في بداية اجتماع بفنلندا عام 2018 (أ.ب)
الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترمب يتصافحان في بداية اجتماع بفنلندا عام 2018 (أ.ب)

تواصلت في العاصمة السعودية الرياض، الاثنين، التحضيرات للمحادثات الأميركية - الروسية المزمع عقدها، الثلاثاء. ويفترض، في هذا الصدد، وصول وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ومساعد الرئيس فلاديمير بوتين، يوري أوشاكو، للمشاركة في المحادثات، حسبما أعلن الكرملين.

وكان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو قد وصل أيضاً إلى الرياض، في أول زيارة له منذ توليه المنصب، في إطار جولته الإقليمية التي استهلها بإسرائيل. انضم روبيو وفقاً لتقارير إعلامية إلى المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، ومستشار الأمن القومي، مايك والتز، ومن المنتظر أن يلتقي المسؤولون الأميركيون بولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان.

وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان يلتقي نظيره الأميركي ماركو روبيو في الرياض الاثنين (أ.ف.ب)

وكان وزيرا الخارجية الأميركي والروسي قد أجريا مباحثات هاتفية، السبت، في متابعة للاتصال الهاتفي الذي جمع الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين، الأسبوع الماضي. ونقلت مواقع إخبارية عن مصادر أن مسؤولين بارزين من الولايات المتحدة وروسيا سيلتقون في السعودية، الثلاثاء.

وأفاد موقع «أكسيوس» الإخباري بأن المحادثات الأميركية - الروسية في الرياض ستبحث سبل إنهاء الحرب الأوكرانية - الروسية، والإعداد لقمة بين الرئيسين الأميركي والروسي. وسيضم الوفد الأميركي كلاً من الوزير روبيو ووالتز وويتكوف، حسب الموقع نفسه.

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الرياض في ديسمبر 2023 (واس)

من جهتها، تحدثت وزارة الخارجية السعودية، في بيان، عن الاتصال الذي جمع الرئيسين الأميركي والروسي، وإمكانية عقد قمة بينهما في السعودية، معربة عن ترحيبها بذلك، ومؤكدة استمرارها في بذل جهودها لتحقيق سلام دائم منذ بدء الحرب في أوكرانيا، حيث أبدى الأمير محمد بن سلمان، خلال اتصاله في 3 مارس (آذار) 2022 بكل من الرئيس الروسي والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، استعداد الرياض لبذل مساعيها الحميدة للوصول إلى حل سياسي يفضي إلى سلام دائم.

وأشار مراقبون إلى دلالة اختيار السعودية مكاناً لهذه المباحثات المفصلية، مؤكدين الدور الاستراتيجي السعودي الذي تصاعد مؤخراً لجهة التأثير على المشهد العالمي وحل الصراعات الدولية.

وذكر المحلل السياسي هاني الجمل أن استضافة الرياض لهذه المباحثات التمهيدية لقمة الرئيسين ترمب وبوتين تشير إلى مكانة السعودية وثقلها الاستراتيجي، ضمن إطار العلاقات مع روسيا من جهة ومع الولايات المتحدة من جهة أخرى. وأضاف الجمل خلال اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أن الرياض يمكنها أن تلعب، من خلال العلاقة الاستراتيجية مع روسيا على قاعدة 2+2، وبحكم العلاقة «الكلاسيكية» مع واشنطن، دوراً في تحقيق نتيجة إيجابية في المحادثات الأميركية - الروسية.

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في لقاء سابق مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب عام 2017 (أ.ب)

أما المحلّل السياسي منيف الحربي فركز، في حديث له مع «الشرق الأوسط»، على العلاقات السعودية - الأميركية التي من شأنها أن تدعم موقف السعودية خلال احتضانها لهذه المباحثات، ورأى أن هناك 10 ملفات تاريخية يتعاون فيها الجانبان، من السياسة والاستثمار إلى الطاقة والدفاع، مروراً بالأمن والاستخبارات والصحة والثقافة والعلوم، وبالتالي ليس هناك مسار واحد في هذه العلاقات. وأفادت بأن العلاقات بين الجانبين ليست مرهونة بهوية من يحكم الولايات المتحدة.

وأشار الحربي بوضوح إلى عدد من المعطيات التي أفضت إلى الاتفاق على عقد المباحثات في الرياض، معتبراً أن العلاقة الشخصية القوية بين الأمير محمد بن سلمان، والرئيسين ترمب وبوتين لها تأثير أساسي بفضل تمتُّعها بالثقة والصداقة.

علاوةً على ذلك، يَبرز معطى «الحياد الإيجابي» الذي تتبناه السعودية، وساهم بالنتيجة في ترسيخ علاقاتها مع الولايات المتحدة الأميركية وروسيا. وفسّر الحربي ذلك بأنه ناجم عن «علاقة وثيقة مع الغرب والشرق لا تتضمّن اصطفافاً وتبتعد عن سياسة المحاور بين الجانبين».

وشدّد على أن الحياد الإيجابي لا يعني الانعزال، وإنما «الانخراط الإيجابي مع الأطراف كافة». وساق مثالاً على ذلك بالمشاورات السياسية التي أجراها الأمير محمد بن سلمان، مع كل من الرئيسين الروسي والأوكراني في يوم واحد خلال شهر مارس (آذار)، بالإضافة إلى الدور الجوهري الذي لعبته الرياض في «أكبر عملية تبادل للسجناء منذ نهاية الحرب الباردة في أغسطس (آب) الماضي بإطلاق 24 مسجوناً بين موسكو والغرب».

وكنموذج على قدرة الرياض على جمع الأطراف كافة، نوّه الحربي بأن الرياض هي العاصمة الوحيدة التي نجحت في استضافة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن في يوليو (تموز) 2022، ثم الرئيس الصيني شي جينبينغ في ديسمبر (كانون الأول) 2022، فالرئيس الروسي بوتين في ديسمبر، بالإضافة إلى الدور الذي لعبته الرياض في قمة «مجموعة العشرين»، التي لعبت دوراً أساسياً لإنقاذ الاقتصاد العالمي وتمهيد الطريق لخروجه من أزمته بفعل «كوفيد-19». ونتيجة لتلك الأسباب، شدّد الحربي على أن «السعودية بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط تمثل قوة لا يمكن الاستغناء عنها».

من جانبه، يميل الكاتب والإعلامي إبراهيم ريحان إلى أن ابتعاد السعودية عن «الاستقطابات التقليدية» هو ما يجعلها من بين مجموعة قليلة من القوى الإقليمية القادرة على التأثير دولياً وخارج محيطها. أما عن كيفية ذلك، فلا يجد ريحان أفضل من الإشارة إلى اعتراف غير مسبوق من القوتين العظميين في العالم، بكون الرياض منصة موثوقة للحوار.

وتابع أنه بالنتيجة، فإن وجود مثل هذا الدور في المنطقة، يُعطي الرياض، في المدى المنظور والبعيد، نقاطاً إضافية على صعيد تأثيرها الإقليمي في ملفات المنطقة الشائكة. ولم ينسَ ريحان التأكيد على أن الأزمة متعلقة بإطفاء حرائق في العالم، وهو ما يكشف تصاعد النفوذ السعودي أمنياً واقتصادياً، وليس سياسياً فقط.

يُذكر أنه وسط التطوّرات الجارية، أعلنت الرئاسة الأوكرانية، الاثنين، أن الرئيس فولوديمير زيلينسكي سيزور السعودية، الأربعاء. وكشف الناطق باسم الرئيس الأوكراني، سيرغي نيكيفوروف، أن الأول سيزور السعودية مع زوجته كجزء من زيارة رسمية «مخطط لها منذ فترة طويلة»، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».


مقالات ذات صلة

أوروبا تبحث «المرحلة العملياتية» لوقف النار في أوكرانيا

أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يشارك في المؤتمر الافتراضي مع قادة الدول الداعمة لأوكرانيا أمس (أ.ف.ب)

أوروبا تبحث «المرحلة العملياتية» لوقف النار في أوكرانيا

تستعدّ دول أوروبية وغربية لبحث خطط ضمان وقف إطلاق النار في أوكرانيا، باجتماع يعقده قادة عسكريون في لندن الخميس.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث إلى ستيف ويتكوف (أ.ب)

ترمب: الاجتماعات بين ويتكوف وممثلين من روسيا «كانت مثمرة جداً»

أعلن الرئيس الأميركي، السبت، أن مبعوثه ستيف ويتكوف أجرى اجتماعات «مثمرة جداً» مع الروس «سارت بسرعة وكفاءة»، ويبدو أن مؤشراتها «جيدة جداً».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ جانب من لقاء عاصف جمع ترمب بزيلينسكي في البيت الأبيض 28 فبراير (د.ب.أ) play-circle

ترمب «واثق» من موافقة بوتين على مقترح وقف إطلاق النار

تزداد التساؤلات عن البدائل التي يمكن أن يلجأ إليها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إذا لم ينجح في إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بقبول مقترح وقف إطلاق النار.

إيلي يوسف (واشنطن)
شمال افريقيا مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

مصر تؤكد دعمها الحلول السلمية لإنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية

حسب «الخارجية المصرية»، شاركت القاهرة في المبادرات العربية والأفريقية ومبادرة أصدقاء السلام، وتعرب عن دعمها لكل مبادرة تهدف لإنهاء الأزمة الروسية - الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مشاركته عبر الفيديو في قمة بشأن أوكرانيا (أ.ف.ب) play-circle

ماكرون يدعو إلى ممارسة «ضغط واضح» على روسيا

دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى ممارسة «ضغط واضح» على روسيا؛ لأنها «لا تعطي انطباعاً أنها تريد السلام بصدق».

«الشرق الأوسط» (باريس)

ولي العهد السعودي يبحث مع رئيسة وزراء إيطاليا مستجدات الأحداث الإقليمية والدولية

ولي العهد السعودي يبحث مع رئيسة وزراء إيطاليا مستجدات الأحداث الإقليمية والدولية
TT

ولي العهد السعودي يبحث مع رئيسة وزراء إيطاليا مستجدات الأحداث الإقليمية والدولية

ولي العهد السعودي يبحث مع رئيسة وزراء إيطاليا مستجدات الأحداث الإقليمية والدولية

تلقى الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، اتصالًا هاتفيًا من رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني.

وجرى خلال الاتصال، بحث مستجدات الأحداث وتبادل وجهات النظر بشأن عدد من القضايا الإقليمية والدولية، والجهود المبذولة بشأنها لتحقيق الأمن والاستقرار.