بيان «الفجر» السعودي... رفض مباشر لتصفية القضية الفلسطينية

السلطة عدَّته «شجاعة»... ومراقبون رأوا فيه تأكيداً على «دور الرياض التاريخي»

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لدى استقباله في وقت سابق الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالرياض (واس)
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لدى استقباله في وقت سابق الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالرياض (واس)
TT
20

بيان «الفجر» السعودي... رفض مباشر لتصفية القضية الفلسطينية

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لدى استقباله في وقت سابق الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالرياض (واس)
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لدى استقباله في وقت سابق الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالرياض (واس)

شدّد بيان الخارجية السعودية الصادر فجر الأربعاء، على ثبات الموقف السعودي تجاه قضية فلسطين، مؤكداً أن «موقف المملكة من قيام الدولة الفلسطينية راسخ وثابت لا يتزعزع»، مذكراً أن الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، أكد هذا الموقف «بشكل واضح وصريح لا يحتمل التأويل بأي حال من الأحوال»، ومشدداً على أن «السعودية لن تقيم علاقات مع إسرائيل دون إقامة دولة فلسطينية»، وأن موقف الرياض في هذا الصدد «ثابت لا يتزعزع وليس محل تفاوض أو مزايدات».

وأكّد البيان السعودي على ما سبق أن أعلنته السعودية «من رفضها القاطع المساس بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، سواء من خلال سياسات الاستيطان الإسرائيلي، أو ضم الأراضي الفلسطينية، أو السعي لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه. وأن واجب المجتمع الدولي اليوم هو العمل على رفع المعاناة الإنسانية القاسية التي يرزح تحت وطأتها الشعب الفلسطيني الذي سيظل متمسكاً بأرضه، ولن يتزحزح عنها»، مشيراً إلى أن «هذا الموقف الثابت ليس محل تفاوض أو مزايدات، وأن السلام الدائم والعادل لا يمكن تحقيقه دون حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية»، ولفت أخيراً إلى أن «هذا ما سبق إيضاحه للإدارة الأميركية السابقة والإدارة الحالية».

تثمين فلسطيني

ولقي البيان السعودي الذي جاء بعد قرابة 60 دقيقة من تصريحات لافتة للرئيس الأميركي دونالد ترمب، خلال مؤتمر صحافي، الثلاثاء، في البيت الأبيض مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، إشادةً من السلطة الفلسطينية.

ورحّب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في بيان، بـ«المواقف الأخوية الصادقة التي تصدر تباعاً عن قيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة الرافضة الاستيطان والضم والتهجير، ومتمسكةً بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة»، مثمّناً في الوقت ذاته «المواقف السعودية الشجاعة والمشرِّفة، إلى جانب الدعم الكبير الذي تقدمه السعودية للشعب الفلسطيني، وآخره المساعدات الإنسانية المستمرة لقطاع غزة، إضافة إلى الدعم المتواصل للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية، وتأسيس التحالف الدولي لحشد الاعتراف بدولة فلسطين، وعقد المؤتمر الدولي للسلام في يونيو (حزيران) المقبل».

من جانبه، قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حسين الشيخ: «نثمِّن عالياً الموقف الثابت والراسخ والتاريخي للمملكة العربية السعودية من حقوق الشعب الفلسطيني، وأن حل الدولتين وفق القانون الدولي هو ضمانة الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة».

ضمان الحق

وأشار الكاتب والمحلّل السياسي منيف الحربي إلى أن «العرب والمسلمين وجميع أصحاب الضمائر الحية، سيسجِّلون للسعودية ثبات مواقفها ومبادئها تجاه القضية الفلسطينية، منذ لقاء الملك عبد العزيز مع الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت قبل 80 عاماً، وتأكيد ولي العهد في خطابيه أمام مجلس الشورى وخلال رئاسته القمة العربية - الإسلامية المُشتركة، وأنها لم تتأخر، ولن، عن الرد على أي محاولات للمساس بالحق الفلسطيني أو التأثير عليه بأي شكل من الأشكال»، عادَّاً أن الرياض تمتلك رصيداً دينياً وعروبياً وسياسياً وأخلاقياً وإنسانياً ضخماً تضمن من خلاله الحق الفلسطيني، وضمان الحق الفلسطيني يكون «بإقامة دولته».

فرصة الاعتراف بالدولة الفلسطينية

ورأى الحربي أن «أمام جميع دول العالم المُحبة للسلام اليوم فرصة للحاق بركب الجهد الدؤوب الذي تقوده المملكة بإشراف مُباشر من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للاعتراف بدولة فلسطين». وأكّد على «أهمية حشد المجتمع الدولي لدعم حقوق الشعب الفلسطيني الذي عبَّرت عنه قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتبار فلسطين مؤهلة للعضوية الكاملة للأمم المتحدة»، ولفت إلى أن السعودية صاحبة القرار السيادي والمستقل «وضعت الحق الفلسطيني وحقوق الفلسطينيين أولوية قصوى لديها» وأن أي جهد يبذل من القوى الدولية أو الإقليمية للسلام بين الرياض وتل أبيب يجب أن يمر عبر بوابة إقامة الدولة الفلسطينية، ووصف الحربي ما عدا ذلك بأنه «جهد ضائع لن يفضي إلى تحقيق السلام الثنائي ومن ثم السلام العادل والشامل للمنطقة».

وحذّر الحربي من أن استخدام القوة العسكرية والاغتيالات وضم الأراضي بالقوة والتهجير القسري وانتهاك سيادة الدول لن يحقّق لها الأمن والاستقرار، وإنما يتحقّق عبر معادلة السلام السعودية التي ترتكز على إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وأردف أن ما دون ذلك سوف يجعل دوّامة الصراع ودائرة الحروب المتتالية تتواصل.

رسالة «الرد المباشر»

المحلل السياسي نضال السبع، من جانبه، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الموقف السعودي المبدئي هو موقف أخلاقي وتاريخي، ويستدعي في الوقت ذاته موقفاً عربياً وإسلامياً عبر اجتماع لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، ولا يجب أن تكون السعودية وحدها من تقف للتصدّي لهذا الموقف»، مضيفاً أن «سرعة الرد السعودي عبر بيانها الفوري الرافض تصفية القضية الفلسطينية أرسل رسالة صارمة تؤكد على سيادة واستقلالية القرار السعودي، وأن تحقيق السلام الدائم والعادل لن يكون دون حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية»، كما يبعث رسالة أخرى مُباشرة بأن هذا الملف «ليس محل تفاوض ولا تنازلات ولا مُزايدات، وأن السعوديين يقفون مع الحق الفلسطيني في وجه أي محاولات تسعى لتصفية هذا الحق أو إجهاضه».

السبع شدّد على ثقة فلسطينية حقيقية في أن تصدّي الرياض لهذا الموقف «بحزم لا يلين» سيمنع أي محاولات للمساس بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة سواء من خلال سياسات الاستيطان الإسرائيلي أو ضم الأراضي الفلسطينية أو السعي لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه.


مقالات ذات صلة

مقتل ما لا يقل عن 13 في هجمات إسرائيلية على قطاع غزة

المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد قصف إسرائيلي على بيت لاهيا في شمال قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle 00:40

مقتل ما لا يقل عن 13 في هجمات إسرائيلية على قطاع غزة

أفادت وسائل إعلام فلسطينية، في ساعة مبكرة من يوم الثلاثاء، بمقتل ما لا يقل عن 13 في هجمات إسرائيلية على مناطق مختلفة في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج إجلاء سكان مخيمَي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية بغزة في وقت سابق (إ.ب.أ)

السعودية تدين إنشاء إسرائيل وكالة لتهجير الفلسطينيين من غزة

أدانت السعودية إعلان سلطات الاحتلال الإسرائيلي إنشاء وكالة لتهجير الفلسطينيين من غزّة، والمصادقة على فصل 13 حياً استيطانياً غير قانوني بالضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي أداء صلاة الجنازة على فلسطينيين قتلوا بقصف إسرائيلي استهدف مجمع ناصر الطبي في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز) play-circle

مقترح مصري جديد لاستعادة وقف إطلاق النار في غزة

قال مسؤولون إن مصر قدمت مقترحاً جديداً لمحاولة استئناف وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصافح وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (أرشيفية - صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»)

روبيو ونتنياهو يناقشان العمليات العسكرية ضد الحوثيين والحرب في غزة

قالت «الخارجية» الأميركية، الأحد، إن وزير الخارجية ورئيس الوزراء الإسرائيلي ناقشا في اتصال هاتفي العمليات العسكرية الأميركية ضد الحوثيين والحرب في غزة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي فلسطينيون ينزحون من رفح إلى خان يونس بسبب تجدد العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle

إسرائيل تنشئ إدارة للمغادرة «الطوعية» لفلسطينيي قطاع غزة

أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية، الأحد، إنشاء إدارة خاصة مهمتها السماح للفلسطينيين بمغادرة قطاع غزة «طوعاً»، في قرار نددت به منظمة إسرائيلية غير حكومية.

«الشرق الأوسط» (غزة)

«محادثات الرياض» تركز على وقف جزئي للنار في أوكرانيا

محادثات بين الوفدين الأميركي والروسي في «قصر الدرعية» بالرياض يوم 18 فبراير الماضي (رويترز)
محادثات بين الوفدين الأميركي والروسي في «قصر الدرعية» بالرياض يوم 18 فبراير الماضي (رويترز)
TT
20

«محادثات الرياض» تركز على وقف جزئي للنار في أوكرانيا

محادثات بين الوفدين الأميركي والروسي في «قصر الدرعية» بالرياض يوم 18 فبراير الماضي (رويترز)
محادثات بين الوفدين الأميركي والروسي في «قصر الدرعية» بالرياض يوم 18 فبراير الماضي (رويترز)

ركزت المحادثات التي استضافتها العاصمة السعودية الرياض، في جولتها الثالثة، أمس، على بحث وقف جزئي للنار في البحر الأسود وحماية منشآت الطاقة والبنية التحتية الحيوية في أوكرانيا، ومصير الأطفال الأوكرانيين الذين تم نقلهم إلى روسيا.

وعُقد لقاءان منفصلان أحدهما بين الوفدين الأميركي والروسي، والثاني بين الوفدين الأميركي والأوكراني، في فندق الريتز كارلتون. وأفادت وكالات أنباء روسية ليلاً بأن المحادثات بين المسؤولين الأميركيين والروس استمرت لأكثر من 12 ساعة، وبأن بياناً مشتركاً سيصدر اليوم (الثلاثاء).

من جهته، أعلن وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف، الذي ترأس وفد بلاده، أن المحادثات كانت «مثمرة ومركّزة». وأضاف: «أثرنا نقاطاً رئيسية بينها الطاقة»، مشيراً إلى أن كييف تسعى لتحقيق هدفها المتمثل في «سلام عادل ومستدام».

بدوره، أكد ألكساندر لونوف، عضو مجلس حقوق الإنسان الروسي، لـ«الشرق الأوسط»، أن السعودية شريك استراتيجي وصديق عزيز لروسيا، مشدداً على أن إسهام المملكة في العمليات الدولية كبير. وقال إن المملكة تعدّ مركزاً للسياسة العالمية، حيث يُقرر مصير ملايين الأشخاص.

في سياق متصل، قال الرئيس دونالد ترمب، خلال كلمة له في البيت الأبيض، أمس، إنه وقع أمراً لزيادة إنتاج بلاده من المعادن المهمة جداً وسيبرم «قريباً جداً» اتفاقاً مع أوكرانيا بشأن المعادن النادرة.