السعودية تواصل العناية بمصابي «الإجهاد الحراري» في الحج

قدمت العناية إلى 141 ألف «مخالف»

انتقال الأمراض المعدية والتزاحم هما أهم المخاطر الصحية المحتملة في موسم الحج (تصوير: بشير صالح)
انتقال الأمراض المعدية والتزاحم هما أهم المخاطر الصحية المحتملة في موسم الحج (تصوير: بشير صالح)
TT
20

السعودية تواصل العناية بمصابي «الإجهاد الحراري» في الحج

انتقال الأمراض المعدية والتزاحم هما أهم المخاطر الصحية المحتملة في موسم الحج (تصوير: بشير صالح)
انتقال الأمراض المعدية والتزاحم هما أهم المخاطر الصحية المحتملة في موسم الحج (تصوير: بشير صالح)

تواصل السعودية تقديم العلاج لأعداد من الحجاج، النظاميين والمخالفين، المصابين بالإجهاد الحراري، بسبب ارتفاع درجات الحرارة التي تسببت بوفاة نحو 1300 حاج، معظمهم من الحجاج المخالفين.

ورغم التحذيرات السعودية المستمرة قبل بداية موسم الحج من ضرورة الحج النظامي، والالتزام بالنصائح والتوجيهات الطبيّة لمواجهة العديد من التأثيرات، بالذات المرتبطة بارتفاع درجة الحرارة والإجهاد الحراري جرّاءها، فإن المنظومة الصحية السعودية «تعاملت مع أعداد كبيرة من المتأثرين بالإجهاد الحراري هذا العام، بعضهم لا يزال يتلقى الرعاية حتى الآن»، وفق ما أعلن وزير الصحة فهد الجلاجل.

وكشف الجلاجل أن عدد الوفيات بلغ نحو 1301 حاج، 83 في المائة منهم من غير المصرح لهم بالحج، وذلك نتيجة المشي لمسافات طويلة تحت أشعة الشمس، بلا مأوى ولا راحة، بينهم عدد من كبار السن ومصابون بأمراض مزمنة. وكشف أيضاً أن 141 ألفاً من الحجّاج غير المصرّح لهم تلقوا الخدمة العلاجية التخصّصية المجانية أثناء موسم الحج هذا العام، من أصل أكثر من 465 ألف خدمة علاجية تخصصية.

ورغم الأعداد الكبيرة للحجاج هذا العام التي تجاوزت 1.8 مليون حاج، والتحديات المتعلقة بارتفاع درجات الحرارة، وخلو الموسم من الأمراض المنقولة، فإن السعودية تجاوزت التحدي ونجحت في تنظيم موسم الحج، وأعلن الجلاجل نجاح الخطط الصحية لموسم حج هذا العام، وخلوه من أي تفشّيات أو تهديدات على الصحة العامة، رغم الأعداد الكبيرة للحجاج هذا العام التي فاقت 1.8 مليون، والتحديات المتعلقة بارتفاع درجات الحرارة.

وحذّر علي الشهري، استشاري الأمراض المعدية ورئيس قسم مكافحة العدوى بمستشفى القوات المسلحة بخميس مشيط، لـ«الشرق الأوسط»، أن الذهاب بطريقة غير نظامية ومن دون تصريح أو أخذ اللقاحات المطلوبة «مغامرة خطيرة قد تؤدي إلى خسارة الشخص لنفسه أو للحجاج الآخرين».

«فاعلية التدابير الوقائية»

وأشارت دراسة حديثة أُجريت بقيادة مركز الأبحاث والابتكار بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، إلى فاعلية التدابير الوقائية التي تنفذها السعودية في الحد من المخاطر الصحية المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة على صحة الحجاج خلال أدائهم المناسك، فعلى الرغم من ارتفاع درجات الحرارة في مكة المكرمة بمعدل 0.4 درجة مئوية لكل عقد، شهدت حالات ضربة الشمس انخفاضاً بنسبة 74.6 في المائة، وانخفاض معدل الوفيات بنسبة 47.6 في المائة، وذلك بفضل التدابير الوقائية المتبعة، ما أسهم في تعزيز تجربة الحاج، وتوفير بيئة صحية وآمنة لأداء المناسك.

جهود سعودية بُذلت للتعامل مع ارتفاع درجات الحرارة (واس)
جهود سعودية بُذلت للتعامل مع ارتفاع درجات الحرارة (واس)

وتهدف الدراسة التي نُشرت مطلع العام الحالي في مجلة «طب السفر» العلمية (Journal of Travel Medicine) إلى بحث العلاقة بين زيادة درجات الحرارة المحيطة خلال موسم الحج ومعدلات الإصابة بالمخاطر الصحية المرتبطة بها على مدى الأربعين عاماً الماضية، وفاعلية التدابير الوقائية في التخفيف من انعكاساتها على صحة الحجيج، من خلال تحليل سجلات أربعة عقود من بيانات الأرصاد الجوية، ومعدلات الإصابة بضربة الشمس، والإرهاق الحراري أثناء موسم الحج في مكة المكرمة.

التعرّض للحرارة سبب رئيس للإجهاد

في هذا السياق، يقول محمد المنيسي، أستاذ الجهاز الهضمي والكبد في القصر العيني بالقاهرة، إن السبب الرئيسي في الدخول في حالة الإجهاد الحراري هو التعرض بشكل كثيف للحرارة والافتقار للرطوبة، مضيفاً أن جسم الإنسان يتأقلم على درجة الحرارة التي يعيش فيها، إذ إن سكان البلاد الحارة لديهم قدرة على التأقلم مع الحرارة أكثر من سكان البلاد الباردة.

ويضيف المنيسي لـ«الشرق الأوسط»، أن الإجهاد الحراري قد يحدث في حالة عدم التعرض لأشعة الشمس، لكن في حالة زيادة درجة الحرارة وزيادة الرطوبة، مردفاً أن أهم أعراض الإجهاد الحراري هي الإغماء وارتفاع درجات الحرارة، وقد تصل أحياناً إلى الفشل الكلوي، وربما النزيف.

وأشارت توصيات طبية إلى ضرورة تجنيب كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، مثل السكري وأمراض الكلى والقلب، وضغط الدم، وبعض أمراض الاكتئاب، أشعة الشمس، حسب المنيسي، إذ إنهم الفئات الأكثر عرضة للإجهاد الحراري.

خطر الأمراض المعدية والتزاحم

وكشفت دراسة صادرة عن جامعة الملك عبد العزيز في جدة أن أهم المخاطر الصحية المحتملة في موسم الحج تتمثل في انتقال الأمراض المعدية إلى حشود الحج الضخمة، بالإضافة إلى الأمراض غير المعدية المحمولة مع الحجّاج، فضلاً عن احتمالات وقوع حوادث التدافع والتزاحم للحشود التي تحدث خلال مواسم الحج.

وأضافت الدراسة أن حشود الحج تحمل مخاطر محتملة لأمراض الصحة العامة وتفشي المرض، حيث يرتفع خطر الإصابة بالأمراض المعدية مع زيادة كثافة الحشد وزيادة التوسع في أحداث الحشد مكانيّاً وزمانيّاً، كما هو في حشد الحج، ويصاب أغلب الحجاج تقريباً بعدوى في الجهاز التنفسي أثناء الحج، وهو ما يعرف بسعال الحج أو الإنفلونزا «A H1N1» والإنفلونزا B، فضلاً عن مخاطر العدوى من الأمراض المنقولة دوليّاً.

ويضاف إلى ذلك الإصابات الرضخية الناجمة عن التدافع والتزاحم والحرائق، وتلك الحوادث دائماً لا يمكن التنبّؤ بحدوثها بسبب الطبيعة المفاجئة وغير المتوقعة لحوادث الإصابات الجماعية، ومن ثم فهي تشكّل تحدّيّات كبيرة للخدمات الصحية.


مقالات ذات صلة

أكثر من 122 مليون زائر للحرمين الشريفين في رمضان

الخليج الهيئة استخدمت تقنية متطوّرة لرصد أعداد المصلّين والمُعتمرين (واس)

أكثر من 122 مليون زائر للحرمين الشريفين في رمضان

بلغ عدد زوار الحرمين الشريفين خلال رمضان الحالي 122,286,712 معتمراً وزائراً، وسط منظومة من الخدمات المتكاملة التي قُدّمت لهم لتوفير سُبل الراحة.

«الشرق الأوسط» (مكة المكرمة)
يوميات الشرق ميدان «المصليات» في المدينة المنورة (واس)

ميدان «المصليات» معلم تاريخي يقصده أهالي وزوّار المدينة المنورة

يعدّ ميدان «المصليات» الواقع في الجهة الجنوبية الغربية من المسجد النبوي، أحد الأماكن التاريخية بالمدينة المنورة، وكان يصلي فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الخليج يمكن التسجيل عبر المسار الإلكتروني أو تطبيق «نُسك» (وزارة الحج)

السعودية: بدء تسجيل الرغبات لحجاج الداخل إلكترونياً

فتحت وزارة الحج والعمرة السعودية، الجمعة، باب التسجيل لحجاج الداخل من المواطنين والمقيمين في البلاد الراغبين في تأدية شعيرة الحج لموسم هذا العام.

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق مسجد قباء وهو أول مسجد بُني في الإسلام (هيئة تطوير المدينة)

مشروع «درب الهجرة»... تجربة استثنائية عبر 5 مواقع مرَّ بها الرسول عليه السلام

شهدت المدينة المنوّرة نقلة نوعية وضعتها على قائمة أفضل 100 وُجهة سياحية عالمياً لعام 2024، وفق تقرير صادر عن «يورومونيتور إنترناشونال»...

سعيد الأبيض (جدة)
يوميات الشرق «جمعية خدمات الحجاج والمعتمرين» قصة إنسانية ومبادرات مبتكرة (الشرق الأوسط)

كرم السعوديين… من التقاليد العريقة إلى خدمة ضيوف الرحمن

في الشمال السعودي، وعلى مقربة من المنافذ الحدودية التي تستقبل القادمين براً من دول الجوار، تنبض «جمعية خدمات الحجاج والمعتمرين» بروح العطاء

أسماء الغابري (جدة)

السعودية تُدين اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي للمسجد الأقصى

وزير الأمن القومي الإسرائيلي في المسجد الأقصى (أرشيفية - رويترز)
وزير الأمن القومي الإسرائيلي في المسجد الأقصى (أرشيفية - رويترز)
TT
20

السعودية تُدين اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي للمسجد الأقصى

وزير الأمن القومي الإسرائيلي في المسجد الأقصى (أرشيفية - رويترز)
وزير الأمن القومي الإسرائيلي في المسجد الأقصى (أرشيفية - رويترز)

أدانت السعودية، الأربعاء، بأشد العبارات اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، للمسجد الأقصى، بحماية من شرطة الاحتلال، وإخراج المصلين منه، مجددةً استنكارها استمرار الاعتداءات الإسرائيلية السافرة على حرمة المسجد الأقصى.

وأعربت السعودية عبر وزارة خارجيتها عن إدانتها استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي عيادة تابعة لوكالة غوث وتشغيل الفلسطينيين (أونروا)، في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، مستنكرةً مواصلة قوات الاحتلال الإسرائيلية استهداف المنظمات الأممية والإغاثية والعاملين فيها.

وقالت: «المملكة إذ تدين هذه الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة للقانون الدولي والقانون الإنساني، لَتؤكد رفضها القاطع لكل ما من شأنه المساس بالوضع التاريخي والقانوني للقدس ومقدساتها».

وأكدت السعودية ضرورة حماية المنظمات الأممية والإغاثية والعاملين فيها، مهيبةً بالمجتمع الدولي ضرورة وضع حد لآلة الحرب الإسرائيلية التي لا تراعي أي قيم إنسانية ولا قوانين أو أعراف دولية.

وجددت السعودية تحذيرها من أن فشل المجتمع الدولي في ردع مثل هذه الانتهاكات الخطيرة والمستمرة سيقلل من فرص تحقيق السلام المنشود، ويسهم في تراجع مصداقية وشرعية القانون الدولي، وينعكس سلباً على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.