لطالما عُرف عن العرب إكرامهم للضيف ووضعه في أعلى مراتب الاحترام، وهي القيم التي ما زالت حيةً ونابضة في وجدان الشعب السعودي. هذا الكرم لا يتجلى فقط في المناسبات العائلية أو استقبال الأصدقاء، بل يمتد ليصل ذروته مع ضيوف الرحمن، الحجاج والمعتمرين، الذين يجدون في المملكة وطناً ثانياً يفتح أبوابه وقلبه لهم.
في الشمال السعودي، وعلى مقربة من المنافذ الحدودية التي تستقبل القادمين براً من دول الجوار، تنبض «جمعية خدمات الحجاج والمعتمرين» التي تأسست بجهود نخبة من متطوعين ومشرفين متخصصين، أخذوا على عاتقهم مسؤولية استقبال الحجاج والمعتمرين وتوفير بيئة آمنة ومريحة لهم في مستهل رحلتهم إلى الأماكن المقدسة.
فروع الجمعية تتمركز في المنافذ الحدودية مثل منفذي «جديدة عرعر» و«الحديثة»، وهما البوابتان الرئيستان لاستقبال الحجاج القادمين براً من دول الجوار مثل العراق، الأردن، فلسطين، وسوريا. وبالقرب من هذه المنافذ، أنشأت الجمعية مدينة متكاملة للحجاج، تضم مستشفى ميدانياً، ومناطق للراحة والاستجمام، وخدمات غذائية، وإرشادات شاملة لتسهيل رحلتهم الإيمانية.
في حديثه له مع «الشرق الأوسط»، قال رئيس مجلس إدارة الجمعية، بدر الشمري «نحن الواجهة الأولى للحجاج والمعتمرين القادمين من الشمال، ونحرص على تقديم تجربة استثنائية لهم وهدفنا أن يشعر الحاج بالأمان والراحة، وأن نوفر له كل ما يحتاجه من خدمات طبية وغذائية».
ولم يقتصر دور الجمعية على تقديم الخدمات الأساسية، بل تميزت بإطلاق مبادرات مبتكرة لمواجهة التحديات. من أبرز تلك المبادرات، مشروع الورشة المتنقلة لإصلاح الحافلات المتعطلة على الطريق بين المنافذ الحدودية والمدينة المنورة. والتي تكون على أهبة الاستعداد للتحرك وتقديم الدعم الفني مباشرة بعد تلقي البلاغ، مما يساهم في تسهيل حركة الحجاج وتقليل التأخير.
ومن لحظة وصول الحجاج والمعتمرين إلى موقع الجمعية، يبدأ فريق العمل بتقديم الرعاية المتكاملة بالتعاون مع الإدارات الحكومية المحلية، وضمان انسيابية الخدمات على مدار الساعة.
وفي حال التعرض لمشكلات صحية بين الضيوف، يفحص المريض فوراً في المستشفى الميداني، وفي الحالات التي تتطلب رعاية متقدمة، يتم تحويله إلى المستشفيات العامة بالمنطقة.
إحدى القصص التي توثق العمل الإنساني للجمعية هي قصة حاج مسن أصيب بأزمة صحية وتم نقله إلى المركز الصحي بمرافقة فريق الجمعية.
وبعد تلقي العلاج الأولي في المستشفى الميداني، تم نقله بالإسعاف إلى المستشفى العام. وبعدما تماثل للشفاء استفسر عن طريقة تسديد فاتورة الخدمات الصحية التي تلقاها، ولكنه أبدى دهشته عندما علم بأن جميع الخدمات التي حصل عليها هي مجانية بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.
في هذه اللحظة المؤثرة اغرورقت عيناه بالدموع، وقال لفريق الجمعية: «لم أتوقع أن أتلقى مثل هذه الرعاية والخدمات المتكاملة. لقد كان كل شيء منظماً، والعاملون كانوا حريصين فعلاً على راحتنا أسأل الله أن يحفظ هذه البلاد وأهلها، وأن يبعد عنها المغرضين والحاقدين».
الشمري أوضح خلال لقاء جرى في المعرض المصاحب لمؤتمر الحج والعمرة في نسخته الرابعة، والمقام في مدينة جدة، والذي خُصص جزء كبير من فعالياته لاستعراض جهود الجمعيات الخيرية في خدمة الحجاج والمعتمرين أن رسالة الجمعية تتجاوز تقديم الخدمات اليومية.
وأضاف أن «عملنا رسالة سامية تهدف إلى تقديم الدعم الكامل لضيوف الرحمن وتمكينهم من أداء مناسكهم بكل يسر وسهولة. وهذا شرف عظيم نحمله بكل فخر».