أمير الكويت يحل مجلس الأمة بسبب الإساءة للذات الأميرية

خبير لـ«الشرق الأوسط»: الحلّ دستوري وسيتبعه مرسوم بتنظيم انتخابات خلال شهرين

جانب من جلسة سابقة لمجلس الأمة الكويتي (كونا)
جانب من جلسة سابقة لمجلس الأمة الكويتي (كونا)
TT

أمير الكويت يحل مجلس الأمة بسبب الإساءة للذات الأميرية

جانب من جلسة سابقة لمجلس الأمة الكويتي (كونا)
جانب من جلسة سابقة لمجلس الأمة الكويتي (كونا)

أصدر أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، مساء الخميس مرسوماً بحلّ مجلس الأمة «البرلمان»، وهو ما كان متوقعاً بعد أن تفجرّت أول أزمة سياسية في وجه العهد الجديد، برفض النواب شطب مداخلة نائب تضمنت عبارات يعتقد أنها تمس بالذات الأميرية.

وقال المرسوم الأميري إن حلّ البرلمان جاء «بسبب ما بدر من مجلس الأمة من تجاوز للثوابت الدستورية في إبراز الاحترام الواجب للمقام السامي، وتعمد استخدام العبارات الماسة غير المنضبطة».

وجاء في نصّ المرسوم الذي رفعته الحكومة وصدر باسم أمير البلاد، أن حلّ المجلس جاء: «بعد الاطلاع على الدستور وعلى المادة 107 منه، وبناء على ما بدر من مجلس الأمة من تجاوز للثوابت الدستورية في إبراز الاحترام الواجب للمقام السامي وتعمد استخدام العبارات الماسة غير المنضبطة، وبناء على عرض رئيس مجلس الوزراء، وبعد موافقة مجلس الوزراء».

من جانبه، أوضح الخبير الدستوري الكويتي الدكتور محمد الفيلي لـ«الشرق الأوسط» أن حلّ مجلس الأمة وفق المرسوم الأميري «يُعتبر حلاً دستورياً لأنه موافق لشروط المادة 107 من الدستور».

وأضاف أن مرسوم الحلّ هذا «مسببٌ والأسباب ماديا موجودة»، أما بشأن تحديد موعد لانتخابات جديدة فقال الفيلي: «مرسوم الدعوة يصدر في وقت لاحق، ويكفي أن المرسوم أشار للدستور، والدستور يوجب تنظيم انتخابات خلال شهرين بعد الحل».

وبرزت الأزمة السياسية بين الحكومة والبرلمان، وأدت إلى رفض الحكومة حضور جلسة مجلس الأمة الأربعاء الماضي، مما أدى لتعليق الجلسة، والأزمة هي الأولى التي يشهدها العهد الجديد، بسبب رفض أغلبية النواب شطب ما يعتقد أنها إساءة ضمنية صدرت من النائب عبد الكريم الكندري أثناء مناقشة الردّ على الخطاب الأميري.

قرار حل مجلس الأمة هو الأول في عهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح (كونا)

فبعد مطالبة رئيس المجلس أحمد السعدون بشطب مداخلة النائب عبد الكريم الكندري، من «مضبطة» المجلس، صوت أغلبية النواب (44 صوتاً) بعدم شطب مداخلة الكندري. وفسّر المطالبون بالشطب المداخلة بأنها تتضمن مسّاً بالذات الأميرية، وهو ما يخالف الدستور.

ورداً على حلّ مجلس الأمة غرّد النائب سعود العصفور قائلاً: «كان من الواضح لنا منذ البداية أنها (حكومة حل) لا (حكومة تعاون)... اجتهدنا من أجل أن نبر بقسمنا وبالمسؤولية العظيمة التي وكلنا بها الشعب الكويتي».

وأضاف العصفور عبر منصة (إكس): «سعينا لتقديم عمل برلماني محترم وجاد يستحقه هذا الشعب. سنستمر في عملنا الداعم للإصلاح وللحريات سواء داخل المجلس أو خارجه. لعل في الأمر خيرة».

وهذه هي أول حالة حلّ لمجلس الأمة منذ تسلم أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد مقاليد السلطة في 16 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وكذلك هي الأولى في حكومة الشيخ محمد صباح السالم الصباح.

يُذكر أنه صدر، في 4 يناير (كانون الثاني) الحالي، أمرٌ أميري بتعيين الشيخ الدكتور محمد صباح السالم الصباح رئيساً لمجلس الوزراء، في حين صدر في 17 من الشهر نفسه، المرسوم الأميري بتشكيل الوزارة الجديدة التي تضم 13 وزيراً وأدّوا اليمين الدستورية أمام الأمير في اليوم نفسه.

وكان الأمير الشيخ مشعل الأحمد في أول خطاب له بعد أدائه اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة، يوم 20 ديسمبر الماضي، قد شنّ هجوماً شديداً على الحكومة و«مجلس الأمة»، متهماً إياهما بالتواطؤ في الإضرار بمصالح البلاد.

ومما قاله الشيخ مشعل الأحمد، الذي تَسلّم الحُكم خَلفاً لأخيه الأمير الراحل، الشيخ نواف الأحمد الصباح، في خطابه أمام البرلمان: «إن الحكومة والمجلس توافقا على الإضرار بمصالح الكويت، وما حصل في تعيينات المناصب القيادية دليل على عدم الإنصاف»، ومن ثم أشار إلى «ما حصل من تغيير للهوية الكويتية، وملف العفو وتداعياته، والتسابق لإقرار قانون رد الاعتبار، كأنها صفقة تبادل مصالح بينهما».

12 حالة حلّ للمجلس

ومنذ أول تشكيل لمجلس الأمة في العام 1963 بعد الاستقلال وإعلان الدستور، تعرض مجلس الأمة لنحو 12 حالة حلّ، إما بمرسوم أميري أو بقرارات قضائية، منها حالتا حلّ غير دستوري (1976 و1986) حيث تمّ حل المجلس بشكل غير دستوري، وتوقف العمل ببعض مواد الدستور.

وشهد برلمان عام 1975 أولى حالات حل مجلس الأمة (حلاً غير دستوري) بعد أن أصدر أمير البلاد الراحل الشيخ صباح السالم في 29 أغسطس (آب) عام 1976 مرسوماً أميرياً بإيقاف العمل ببعض مواد الدستور، نتيجة خلاف بين الحكومة ومجلس الأمة وتبادل الاتهامات بين الطرفين. وتوقفت الحياة البرلمانية في الكويت نحو 4 سنوات، حيث جرت الانتخابات التالية في 23 فبراير (شباط) 1981.

وجاء الحل الثاني لمجلس 1985 «حلاً غير دستوري»، إذ افتتح المجلس أعماله في 9 مارس (آذار) 1985، وتمّ حله في 3 يوليو (تموز) 1986، وأصدر أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد مرسوماً أميرياً بإيقاف العمل ببعض مواد الدستور، بسبب المواجهات التي حدثت بين المجلس والحكومة بسبب أزمة المناخ، وشهدت فترة توقف الحياة البرلمانية احتلال العراق للكويت في 1990.

الحل الثالث شهده مجلس 1999 في عهد الشيخ جابر الأحمد بسبب استجواب وزير العدل وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد الكليب من قبل النائب عباس الخضاري عن الأخطاء في طباعة المصحف الشريف.

وتمّ حلّ البرلمان للمرة الرابعة في مجلس 2003 في عهد الشيخ صباح الأحمد بسبب ما عرف بأزمة الدوائر، وجاء الحلّ الخامس في مجلس 2006 بتوقيع الشيخ صباح الأحمد بسبب قضايا التجنيس ومصروفات ديوان رئيس الوزراء.

وجاء الحلّ السادس لمجلس 2008 بعد 290 يوماً من عمله (افتتح أعماله في الأول من يونيو/ حزيران 2008 وتمّ حله في 18 مارس 2009)، في عهد الشيخ صباح الأحمد.

والمرة السابعة لحالات الحلّ كانت لمجلس 2009. وشهد مجلس 2009 حلاً للمرة الثانية، (الحلّ الثامن) حيث قضت المحكمة الدستورية، في 20 يونيو 2012 ببطلان مجلس فبراير 2012، وذلك نتيجة لخطأ إجرائي في مرسوم حل مجلس 2009، وعليه قضت ببطلان المجلس الجديد، وهو 2012، وإبطال عملية الانتخابات التي جرت في 2 فبراير 2012 بجميع الدوائر.

الحلّ التاسع شهده مجلس 2013 حيث قام الشيخ صباح الأحمد بحلّ مجلس 2013 دستورياً في 16 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2016.

وشهد مجلس 2020 حالة الحلّ العاشر في تاريخ الحياة النيابية، وهي أول حالة حل في عهد الشيخ نواف الأحمد، وتم حله مرة أخرى في نهاية أبريل (نيسان) 2023 لتصبح الحالة الـ(11) الحلّ مجلس الأمة.

وبصدور المرسوم الأميري مساء الخميس يصبح حلّ مجلس الأمة هو الحالة الـ(12) والأولى في عهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح.


مقالات ذات صلة

«تصفيات المونديال»: الكويت تحبط الأردن بالتعادل

رياضة عربية منتخب الأردن اكتفى بالتعادل مع الكويت (الاتحاد الأردني)

«تصفيات المونديال»: الكويت تحبط الأردن بالتعادل

فرّط منتخب الأردن في تقدمه بهدف رائع ليزن النعيمات، بعدما سجل محمد دحام في الشوط الثاني ليتعادل 1 - 1 مع مضيفه الكويت.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
رياضة عربية عبد الرحمن المطيري وزير الرياضة والشباب الكويتي (كونا)

وزير الشباب الكويتي لـ«الشرق الأوسط»: جاهزون لاستضافة كأس الخليج

أكد عبد الرحمن المطيري، وزير الرياضة والشباب الكويتي، استفادة بلاده بشكل كبير من التجارب السابقة في تنظيم المباريات، وذلك خلال مواجهة الكويت وكوريا الجنوبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الخليج الشيخ مبارك حمود الجابر الصباح

مبارك حمود الصباح رئيساً للحرس الوطني في الكويت

وافق مجلس الوزراء الكويتي في اجتماعه الأسبوعي، اليوم (الثلاثاء)، على مشروع مرسوم بتعيين الشيخ مبارك حمود الجابر الصباح، رئيساً للحرس الوطني.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان

محمد بن زايد يبدأ زيارة دولة إلى الكويت غداً

أعلنت دولة الإمارات أن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس البلاد، يبدأ غداً الأحد زيارة دولة إلى الكويت.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
الخليج قرار اللجنة العليا لتحقيق الجنسية بسحب الجنسية الكويتية من 930 حالة هو أكبر إجراء من نوعه منذ بدء عملها مارس الماضي (كونا)

رقم قياسي لسحب الجنسية الكويتية... 930 حالة في يوم واحد

في أكبر إجراء من نوعه، قررت اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية سحب وفقد الجنسية من 930 حالة، تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

تأكيد سعودي على التكامل الأمني الخليجي

وزراء الداخلية بدول الخليج ناقشوا خلال اجتماعهم في قطر تعزيز مسيرة التعاون الأمني المشترك (واس)
وزراء الداخلية بدول الخليج ناقشوا خلال اجتماعهم في قطر تعزيز مسيرة التعاون الأمني المشترك (واس)
TT

تأكيد سعودي على التكامل الأمني الخليجي

وزراء الداخلية بدول الخليج ناقشوا خلال اجتماعهم في قطر تعزيز مسيرة التعاون الأمني المشترك (واس)
وزراء الداخلية بدول الخليج ناقشوا خلال اجتماعهم في قطر تعزيز مسيرة التعاون الأمني المشترك (واس)

أكد الأمير عبد العزيز بن سعود وزير الداخلية السعودي، الأربعاء، موقف بلاده الراسخ في تعزيز التواصل والتنسيق والتكامل بين دول الخليج، خصوصاً في الشأن الأمني من أجل صون الحاضر الزاهر لدول الخليج وحماية مقدراتها وتنميتها من أجل مستقبل مشرق، وذلك خلال الاجتماع الـ41 لوزراء الداخلية بدول مجلس التعاون الخليجي في قطر.

وناقش وزراء الداخلية خلال الاجتماع الذي عقد برئاسة الشيخ خليفة بن حمد وزير الداخلية القطري (رئيس الدورة الحالية)، الموضوعات المدرجة على جدول الأعمال، التي من شأنها الإسهام في تعزيز مسيرة التعاون الأمني المشترك بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

الأمير عبد العزيز بن سعود خلال مشاركته في الاجتماع الـ41 لوزراء الداخلية بدول الخليج في قطر (واس)

وأشار وزير الداخلية السعودي في كلمة خلال الاجتماع، إلى مواجهة الأجهزة الأمنية تحديات تتمثل في أنماط الجريمة المستجدة، خصوصاً المرتبطة بإساءة استخدام التقنية، وتطور أساليب تهريب وترويج المخدرات، وظهور أنواع متعددة من الجريمة المنظمة العابرة للحدود، ومنها تهريب وصناعة الأسلحة عبر تقنيات متقدمة أصبحت سهلة الاقتناء من قبل التنظيمات الإجرامية، التي ستساهم في انتشار الجريمة والتهديدات الإرهابية والتطرف في ظل عدم الاستقرار الذي تمر به الكثير من الدول، لافتاً إلى أهمية حشد الجهود المشتركة، والسعي إلى تطوير الخطط والاستراتيجيات وبناء القدرات لمواجهة ذلك.

وأوضح وزير الداخلية السعودي أن الاجتماع بما يصدر عنه من نتائج «يعزز العمل الأمني الخليجي المشترك، ويساهم في التعامل بنجاح مع المستجدات والتحديات التي تواجه الأجهزة الأمنية، بما يحقق التوجهات الحكيمة لقادة دول المجلس وتطلعات شعوبنا، ويرسخ منظومة الأمن والاستقرار، ويعزز فرص التنمية والازدهار، وأن يكلل أعمال الاجتماع بالنجاح».

وقال الأمير عبد العزيز بن سعود عبر حسابه الرسمي على منصة «إكس» إنه بتوجيه من القيادة السعودية أكد خلال الاجتماع موقف بلاده في «تعزيز التواصل والتنسيق والتكامل بين دولنا وخصوصاً في الشأن الأمني؛ لصون حاضرنا الزاهر، وحماية مقدراتنا وتنميتنا من أجل مستقبل مشرق».