«وثيقة جدة» خريطة طريق لتمكين المرأة في المجتمعات الإسلامية

الجلسة الختامية لمؤتمر «المرأة في الإسلام» بمشاركة رئيس الوفد السعودي والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي ورئيسة الوفد الموريتاني (وكالة يونا)
الجلسة الختامية لمؤتمر «المرأة في الإسلام» بمشاركة رئيس الوفد السعودي والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي ورئيسة الوفد الموريتاني (وكالة يونا)
TT

«وثيقة جدة» خريطة طريق لتمكين المرأة في المجتمعات الإسلامية

الجلسة الختامية لمؤتمر «المرأة في الإسلام» بمشاركة رئيس الوفد السعودي والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي ورئيسة الوفد الموريتاني (وكالة يونا)
الجلسة الختامية لمؤتمر «المرأة في الإسلام» بمشاركة رئيس الوفد السعودي والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي ورئيسة الوفد الموريتاني (وكالة يونا)

خرج مؤتمر المرأة في الإسلام الذي أقيم برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، بجدة (غرب السعودية) والمقام على مدار 3 أيام تحت شعار «المرأة بين المكانة والتمكين»، بتوصيات تمثل توافقاً حول الحقوق الريادية التي منحها الإسلام للمرأة والمكانة التي تحظى بها في الإسلام، تم تضمينها في وثيقة بعنوان «وثيقة جدة للمرأة في الإسلام»، التي ستكون مرجعية قانونية وتشريعية وفكرية تسهم في تحقيق التمكين للمرأة في الدول الإسلامية.

وأشادت رئيسة وفد موريتانيا وممثلة وزيرة العمل الاجتماعي والطفولة والأسرة العالية بنت سيدي يعرف، بنتائج المؤتمر، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «النتائج كانت جيدة ونتطلع ونأمل أن تطبق على الواقع وتأخذها الدول الإسلامية في الحسبان لكي تتقدم المرأة وتشارك في تنمية البلاد، ويكون حضورها أكبر في المجتمعات الإسلامية والعربية».

وبحسب الأمين العام المساعد للشؤون الإنسانية والاجتماعية والأسرة بمنظمة التعاون الإسلامي السفير طارق بخيت، فإن الهدف الأساسي من إقامة مؤتمر المرأة في الإسلام الذي استضافته المملكة تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، هو تصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام والمرأة، وإبراز دور الإسلام في حفظ حقوق الإنسان والمرأة منذ القدم.

وشارك وفد من علماء الدين الإسلامي من حكومة «طالبان» في مؤتمر المرأة في الإسلام، وعلق السفير طارق بخيت على مشاركتهم بقوله إن «الدعوة وجّهت لكل الدول المنضوية تحت منظمة التعاون الإسلامي وعلمائها، وحكومة أفغانستان جزء من العالم الإسلامي، كما أن حضورهم مهم كون المرأة في أفغانستان تواجه تحديات، لذلك وجود عدد من علمائهم يشكل فرصة للاستماع لمختلف الآراء التي قدمت في هذا المؤتمر عن أوضاع المرأة في العالم الإسلامي».

وبيّن بخيت لـ«الشرق الأوسط» أن عدداً كبيراً من علماء الدين شاركوا بأوراق بحثية، وتم اختيار الموضوعات بعناية تامة، في ظل وجود الكثير من التحديات التي تواجه المرأة في العالم الإسلامي، وتشويه جهات معينة للدين الإسلامي وانتقاص حقوقها، وكان لا بد من إعادة النظر في هذه التحديات، وهو ما طرحته الوثيقة الختامية الصادرة عن المؤتمر للتأكيد على حقوق المرأة الأساسية، وإعادة النظر في بعض القوانين والتشريعات كي تستطيع الدول الأعضاء تمكين المرأة بصورة أكبر في العالم الإسلامي كي تمارس دورها الطبيعي في تنمية المجتمعات الإسلامية.

وأوضح بخيت أن الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي مكلف بمتابعة التوصيات الواردة في وثيقة جدة، بحيث تصبح الوثيقة مرجعية، ومتاحة لكل المنظمات الدولية والإقليمية للاستناد إليها عند الحديث عن حقوق المرأة في الإسلام، وهو ما سيجعل منظمة التعاون تستفيد منها في كل تحركاتها على المستويين الإقليمي والدولي، وتنظيم مؤتمرات في الإطار ذاته.

وخلال المؤتمر، ثمّن المشاركون المُناقشات الفاعلة والثرية التي أكدت على تميز الإسلام في مجال حقوق المرأة المسلمة تأصيلاً وتطبيقاً، الذي من شأنه تصحيح سوء الفهم لدى البعض لحقوق المرأة ومكانتها في الإسلام، والرد على الشبهات والمغالطات المثارة التي تدعي أن الدين الإسلامي ينتقص من مكانة المرأة ومن حقوقها، مؤكدين ضرورة زيادة الوعي والتثقيف لدى المجتمع بحقوق المرأة وضمان حصولها وممارسة حقها الكامل في التعليم والعمل وتوفير الحماية الشاملة لها ضدَّ الممارسات والعادات والتقاليد البالية التي تعرضها للظُلم، وأهمية تعزيز مشاركتها في صنع القرار في مختلف المجالات وعلى جميع المستويات.

وأكد المشاركون ضرورة سنّ القوانين واتخاذ الإجراءات الردعية للقضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة، داعين إلى تنظيم الندوات والدراسات والمؤتمرات التي تهدف إلى إبراز مكانة المرأة، وبيان حقوقها وواجباتها في الإسلام، ومعالجة سائر الإشكالات والعقبات التي قد تحول دون تمكين البنين والبنات من التعليم والتعلم وضمان المساواة بين المرأة والرجل في الحصول على التعليم والرعاية الصحية، وأهمية تضمين المقررات والمناهج الدراسية لمختلف المراحل التعليميَّة مكانة المرأة في الإسلام، مع بيان الأحكام والحقوق التي قرَّرها لها الإسلام.

ودعا المشاركون إلى معالجة التفاوتات بين الجنسين في العديد من القطاعات ومن ضمنها النشاط الاقتصادي وريادة الأعمال والعمل على خلق بيئة مساوية في فرص العمل وضمان وصول المرأة على قدم المساواة إلى الموارد الاقتصادية، بوصف ذلك وسيلة لزيادة النهوض بالمرأة وتمكينها، وتكثيف الجهود للقضاء على عبء الفقر الواقع على المرأة في العديد من الدول الأعضاء وضمان تحقيق المساواة في وصول النساء، بمَن فيهن نساء المناطق الريفية، إلى الموارد الإنتاجية والخدمات العامة.

وحثّ المشاركون على مزيد من التنسيق والتعاون بين منظمة التعاون الإسلامي ودولها الأعضاء والأجهزة والمؤسسات ذات الصلة لمتابعة وتنفيذ خطة منظمة التعاون الإسلامي للنهوض بالمرأة (أباو) وأهمية عقد مؤتمرات وندوات سنوية ودورية لمتابعة الجهود المبذولة في إطار تجاوب الدول الإسلامية مع المبادرات والقرارات الصادرة عن مؤتمرات منظمة التعاون الإسلامي وأجهزتها ومؤسساتها، كقرارات وتوصيات منظمة تنمية المرأة ومجمع الفقه الإسلامي الدولي ومنظمة العالم الإسلامي للتربية والثقافة والعلوم (الإيسسكو) فيما يخصُّ مكانة المرأة وحقوقها في الإسلام.

وأكد المشاركون أهمية دعم وتمكين المرأة الفلسطينية وتعزيز مقومات صمودها، والتعاون والتنسيق في مختلف المجالات لبناء قدراتها وتقديم الخدمات والمساعدات لها، داخل الأرض الفلسطينية المحتلة، وكذلك في مخيمات اللاجئين داخل الدول العربية المضيفة، والعمل على مواءمة التشريعات والسياسات التي تسهم في النهوض بها وحماية حقوقها، داعين إلى توفير جميع أشكال الدعم المادي والنفسي والرعاية الاجتماعية للمرأة الفلسطينية كونها الفئة الأكثر تضرراً من العدوان الإسرائيلي، من خلال البرامج الاقتصادية والرعاية الاجتماعية والنفسية، ومناصرة الشعب الفلسطيني في نضاله العادل من أجل إنهاء الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، وتمكينه من استعادة حقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال والعودة وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) لعام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.


مقالات ذات صلة

رائحة الأمهات تُعزّز قدرة الرضّع على تمييز الوجوه

يوميات الشرق رائحة الأم تُهدّئ الرضّع (جامعة بروك)

رائحة الأمهات تُعزّز قدرة الرضّع على تمييز الوجوه

كشفت دراسة فرنسية عن استعانة الرضّع برائحة أمهاتهم لتعزيز قدرتهم على إدراك الوجوه وتمييزها من حولهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة دنيا سمير غانم في لقطة من فيلم «روكي الغلابة» (إنستغرام)

البطولة النسائية تسجل بصمة في أفلام موسم الصيف بمصر

سجلت البطولة النسائية بصمة في أفلام موسم الصيف بمصر، ومن أبرز الفنانات اللاتي يقمن بأدوار البطولة الفنانة المصرية دنيا سمير غانم.

داليا ماهر (القاهرة )
صحتك سلس البول الإجهادي يشير إلى فقدان التحكُّم في المثانة (جامعة يوتا)

دواء جديد لعلاج السلس البولي لدى النساء

أفادت دراسة يابانية بأنّ دواء تجريبياً أظهر فاعلية وأماناً في علاج النساء المصابات بالسلس البولي الإجهادي. ماذا في التفاصيل؟

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية الإصلاحي مير حسين موسوي وزوجته زهرا رهنورد (إكس)

جامعة إيرانية تفصل ابنة زعيم الإصلاحيين وتوقفها عن العمل

فصلت جامعة إيرانية نجلة زعيم التيار الإصلاحي، مير حسين موسوي، ومنعتها من مزاولة التدريس نهائياً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق يطرح الفيلم الأردني «انشالله ولد» مجموعة من القضايا الاجتماعية والقانونية المرتبطة بالمرأة العربية (صور المخرج)

«انشالله ولد»... عندما تضع السينما الأردنيّة المرأة في عين العدسة وتتبنّى قضاياها

«انشالله ولد»... أمنية بسيطة تخبئ بين حروفها أسئلة عميقة مرتبطة بأحوال المرأة العربية. بصدق وبلا مواربة، يطرح الفيلم الأردني «انشالله ولد» مجموعة من تلك الأسئلة

كريستين حبيب (عمّان)

السعودية تؤكد على التعاون السلمي لتحقيق الأمن العالمي

السفير عبد المحسن بن خثيلة يتحدث خلال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (البعثة السعودية بجنيف)
السفير عبد المحسن بن خثيلة يتحدث خلال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (البعثة السعودية بجنيف)
TT

السعودية تؤكد على التعاون السلمي لتحقيق الأمن العالمي

السفير عبد المحسن بن خثيلة يتحدث خلال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (البعثة السعودية بجنيف)
السفير عبد المحسن بن خثيلة يتحدث خلال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (البعثة السعودية بجنيف)

أكدت السعودية على التعاون الدولي السلمي كوسيلة لتحقيق الازدهار والاستقرار والأمن العالمي، مشددة على أهمية معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وضرورة تنفيذها بشكل كامل لتحقيق عالم خالٍ منها.

جاء ذلك في بيان ألقاه السفير عبد المحسن بن خثيلة، المندوب السعودي الدائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بجنيف خلال أعمال اللجنة التحضيرية الثانية لـ«مؤتمر مراجعة معاهدة عدم الانتشار»، حيث دعا بن خثيلة إلى بذل جهود دولية أكثر فاعلية لتحقيق أهداف هذه المعاهدة وعالميتها، حاثاً الدول غير الأطراف على الانضمام إليها، وإخضاع جميع منشآتها النووية للضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وشدد على ضرورة وفاء الدول المسلحة نووياً بالتزاماتها بموجب المادة السادسة من المعاهدة، وأن الطريقة الوحيدة لضمان عدم استخدام تلك الأسلحة هي القضاء التام عليها، والحفاظ على التوازن بين الركائز الثلاث للمعاهدة، ومصداقيتها في تحقيق أهدافها، منوهاً بدعم السعودية للوكالة؛ لدورها الحاسم في التحقق من الطبيعة السلمية للبرامج النووية.

جانب من مشاركة السفير عبد المحسن بن خثيلة في افتتاح أعمال المؤتمر (البعثة السعودية بجنيف)

وأكد بن خثيلة الحق في الاستخدام السلمي للتكنولوجيا النووية بموجب المادة الرابعة من المعاهدة، مع الالتزام بأعلى معايير الشفافية والموثوقية في سياستها الوطنية ذات الصلة وأهمية التنمية الاقتصادية، داعياً جميع الأطراف للتعاون من أجل تعزيز الاستخدام السلمي لصالح التنمية والرفاه العالميين.

وبيّن أن المسؤولية عن جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية تقع على عاتق المجتمع الدولي، خاصة مقدمي قرار عام 1995 بشأن المنطقة.

وأدان السفير السعودي التصريحات التحريضية والتهديدات التي أطلقها مؤخراً أحد أعضاء الحكومة الإسرائيلية بشأن استخدام تلك الأسلحة ضد الفلسطينيين، عادّها انتهاكاً للقانون الدولي، وتهديداً للسلم والأمن العالميين.

ودعا إلى تكثيف التعاون بين الأطراف في المعاهدة لتحقيق نتائج إيجابية في «مؤتمر المراجعة» المقبل لعام 2026، بهدف تحقيق عالم آمن وخالٍ من الأسلحة النووية.